من هي طالبان باكستان؟ قنبلة حدودية بين باكستان وأفغانستان
الأحد 12/أكتوبر/2025 - 05:17 م
طباعة

اندلعت في الساعات الأولى الأحد 12 أكتوبر 2025 اشتباكات بين باكستان وحركة طالبان أفغانستان الحاكمة في كابول، بعد اتهامات سلطة طالبان إسلام آباد بشن غارات على قادة طالبان باكستان في العاصمة الأفغانية.
ماذا تعرف عن طالبان باكستان؟
طالبان باكستان هي حركة مسلحة تأسست عام 2007 كمظلة لحوالي 13 جماعة إسلامية مسلحة تحت قيادة بيت الله محسود، وتضم أكثر من 40 فصيلا يغلب عليه الطابع القبلي البشتوني، وتهدف لإسقاط الحكومة الباكستانية وفرض الشريعة وفق تفسيرها المتشدد.
مع عودة طالبان إلى السلطة في أفغانستان عام 2021، كثفت الحركة هجماتها داخل باكستان، ما أدى إلى تصاعد التوتر بين البلدين وصولا إلى اشتباكات حدودية عنيفة في أكتوبر 2025 أسفرت عن سقوط عشرات القتلى من الجانبين وإغلاق المعابر الحدودية.
تعريف الحركة وأهدافها
تحريك طالبان باكستان، المعروفة اختصارا بـTTP، تشكلت في ديسمبر 2007 عندما وحدت نحو 13 جماعة مسلحة في المناطق القبلية على طول خط ديورند الحدودي مع أفغانستان.
تعد الحركة كيانا غير متجانس يضم أكثر من 40 فصيلا إسلاميا وقبليا من البشتون، وتهدف إلى إسقاط الحكومة الباكستانية وإقامة إمارة إسلامية وفق تفسيرها المتطرف للشريعة.
الحركة مستقلة تنظيميا عن طالبان أفغانستان رغم التشابه الأيديولوجي والروابط القبلية، وتركز على مواجهة الدولة الباكستانية ومؤسساتها الأمنية من خلال الهجمات المسلحة والتفجيرات الانتحارية.
الجذور والتطور التاريخي
نشأت الحركة عقب الغزو الأميركي لأفغانستان عام 2001 كرد فعل على تعاون باكستان مع الولايات المتحدة في "الحرب على الإرهاب" والعمليات العسكرية الباكستانية في المناطق القبلية لملاحقة عناصر القاعدة.
تطورت من حركة محلية إلى أكبر منظمة متشددة في باكستان خلال خمس سنوات، وأصبحت مسؤولة عن بعض أكثر الهجمات تدميرا في تاريخ باكستان، بما في ذلك استهداف الكنائس والمدارس ومحاولة اغتيال ملالا يوسفزاي عام 2012 بسبب دفاعها عن تعليم النساء.
بعد سيطرة طالبان على أفغانستان عام 2021، استعادت الحركة زخمها وكثفت هجماتها، مستفيدة من الأسلحة والمعدات التي غنمتها طالبان الأفغانية من الجيش الأفغاني السابق.
يأتي من الأنشطة غير القانونية مثل الاختطاف من أجل الفدية وتجارة الهيروين والضرائب وأموال الابتزاز من الشركات والأفراد في المناطق الخاضعة لسيطرتها.
مقتل بيت الله محسود عام 2009
في أغسطس من عام 2009، قتل زعيم حركة طالبان باكستان، بيت الله محسود، في هجوم بطائرة أمريكية دون طيار، مما أثار فراغا كبيرا في قيادة الحركة وأطلق معركة خلافة دامية داخل صفوفها. بعد مقتله، عقد مجلس شورى لحسم اختيار القائد الجديد، لكن اجتماع الشورى تحول إلى اشتباكات بين حكيم الله محسود وولي الرحمن محسود. بعض المحطات الإخبارية قالت إن حكيم الله قتل خلال المعركة، لكن وزير الداخلية رحمن مالك لم يؤكد ذلك آنذاك. ({turn0search3})
في 18 أغسطس، أعلن الأمن الباكستاني اعتقال مولوي عمر، وهو المتحدث الرسمي السابق لحركة طالبان باكستان، الذي نفى وفاة بيت الله في البداية لكنه لاحقا اعترف بأن الأخير مات، وأقر بوجود اضطرابات بين قادة الحركة بعد مقتله. ({turn0search5})
بعد ذلك، أعلن مولانا فقير محمد لمناظرة مع هيئة الإذاعة البريطانية توليه قيادة طالبان باكستان مؤقتا، مع تكليف مسلم خان متحدثا رسميا، مع التشديد أن أي قرار نهائي للقيادة يجب أن يجري بالتشاور مع مجلس القادة الذي يضم 32 عضوا. ({turn0search3})
ومع مرور السنوات، تغير أنصار وأسماء القيادة داخل الحركة. اليوم، يعرف أن نور والي محسود يتولى منصب أمير طالبان باكستان، وهو الزعيم الرابع للحركة منذ تأسيسها، وقد بقي في هذا المنصب منذ يونيو 2018 حتى الآن. ({turn0search25})
بعض القادة البارزين في حركة طالبان باكستان عبر الزمن
بيت الله محسود: الزعيم المؤسس إلى أن قتل عام 2009.
حكيم الله محسود: أحد أبرز المرشحين لخلافته، ووفق بعض التقارير دخل في صراع مع ولي الرحمن عقب مقتله.
ولي الرحمن محسود: قائد جناح جنوب وزيرستان، كان ينافس على القيادة.
فكير محمد: تولى قيادة مؤقتة بعد اعتقال عمر خلال صراع الخلافة.
نور والي محسود: القائد الحالي للحركة (منذ 2018).
محمد علي بالتي: المتحدث الرسمي الحالي للحركة.
هذا الصراع المؤسسي بعد مقتل بيت الله أثر كثيرا في قدرة طالبان باكستان على الحفاظ على التماسك، وفتح الباب لتجاذبات داخلية قوية بين أجنحة الحركة، مما أتاح للدولة الباكستانية والولايات المتحدة فرصا لمحاولات تفكيك الكيان المتطرف.
العلاقة المعقدة مع طالبان أفغانستان
تؤكد المصادر أن طالبان باكستان مستقلة تنظيميا عن طالبان أفغانستان، لكن البيئة الحدودية المشتركة والروابط القبلية وفرت لها ملاذات داخل أفغانستان، وهو ما تنفيه كابول رسميا.
وذكر تقرير أممي أن طالبان باكستان "تتلقى دعما لوجستيا وعملياتيا كبيرا من السلطات الفعلية" في إشارة إلى حكومة طالبان في كابول، فيما تتهم أفغانستان باكستان بدورها بدعم مجموعات "إرهابية" مثل تنظيم الدولة الإسلامية.
وصرح وزير الدفاع الباكستاني خواجة محمد آصف أن "الجهود الكثيرة لإقناع سلطات طالبان الأفغانية بالتوقف عن دعم حركة طالبان الباكستانية باءت بالفشل"، مضيفا "لن نتسامح مع هذا الأمر بعد الآن".
التصعيد الخطير في أكتوبر 2025شهد شهر أكتوبر 2025 تصعيدا خطيرا في التوترات عندما تبنت طالبان باكستان هجمات متزامنة في إقليم خيبر بختونخوا أسفرت عن مقتل 23 شخصا بينهم 20 عنصرا أمنيا و3 مدنيين.
ردت باكستان بغارات جوية على كابول وولاية باكتيكا، ما دفع طالبان الأفغانية إلى شن "عملية انتقامية" ليلية على المواقع الحدودية الباكستانية.
أعلن المتحدث باسم طالبان ذبيح الله مجاهد سيطرة قواته على 25 موقعا عسكريا باكستانيا ومقتل 58 جنديا باكستانيا وإصابة 30 آخرين، فيما قتل 9 من عناصر طالبان في المواجهات.
وأعلن الجيش الباكستاني مقتل 23 جنديا باكستانيا "وهم يدافعون عن وحدة أراضي بلدنا" و"القضاء على أكثر من 200 من عناصر طالبان وإرهابيين تابعين لها".
إغلاق الحدود والوساطة الإقليمية
أدى التصعيد إلى إغلاق المعابر الحدودية الرئيسية بين البلدين، بما في ذلك تورخم وشامان وثلاثة معابر ثانوية أخرى.
ودخلت السعودية وقطر وإيران على خط الوساطة ودعت إلى "ضبط النفس" ووقف التصعيد، ما دفع وزارة الدفاع الأفغانية لإعلان انتهاء "العملية الانتقامية" عند منتصف الليل.
و توعد رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف بـ"رد قوي وفعال" على "الاستفزازات الأفغانية"، متهما طالبان بالسماح لعناصر إرهابية باستخدام أراضيها ضد باكستان.
أرقام العنف والتأثير الأمني
كان عام 2024 الأسوأ من حيث الخسائر البشرية من جراء أعمال العنف المرتبطة بالجماعات المتشددة في باكستان منذ نحو عقد، مع مقتل أكثر من 1600 شخص، معظمهم من الجنود.
تشير التقارير إلى أن باكستان أصبحت من أكثر الدول تضررا من الإرهاب عالميا في 2025، مدفوعة بتصاعد تمرد طالبان باكستان وتوسعه من الأطراف القبلية نحو المناطق المأهولة.
المخاطر المستقبلية والسيناريوهات المحتملة
يعد الصراع الحدودي بين باكستان وأفغانستان بسبب طالبان باكستان تهديدا إقليميا جديا، خاصة مع عدم اعتراف أفغانستان بخط ديورند كحدود دولية نهائية.
استمرار هجمات الحركة داخل باكستان يبقي احتمالات الرد العسكري عبر الحدود قائمة، ما يطرح خطر الانزلاق إلى مواجهة مفتوحة بين الجارتين.
تتطلب معالجة هذا التهديد تعاونا أمنيا حدوديا قابلا للتحقق وترتيبات استخبارية مشتركة، إلى جانب معالجات تنموية تقلص بيئة التجنيد داخل المناطق القبلية الباكستانية.