تصاعد الإرهاب في شمالي موزمبيق ونيجيريا.. تصعيد دموي يهدد استقرار منطقة الساحل والبحيرات العظمى
الإثنين 13/أكتوبر/2025 - 08:40 ص
طباعة

تشهد القارة الإفريقية موجة جديدة من التصعيد الإرهابي، حيث عادت الهجمات المسلحة في شمال موزمبيق وشمال نيجيريا لتكشف عن هشاشة الوضع الأمني في مناطق غنية بالموارد الطبيعية، ومثقلة بالصراعات السياسية والاجتماعية، ما ينذر بمرحلة جديدة من التمدد العنيف للجماعات المرتبطة بتنظيم "داعش".
في شمال موزمبيق، نفذ مسلحون متشددون سلسلة هجمات متزامنة في مقاطعة كابو ديلغادو الغنية بالغاز الطبيعي، أسفرت عن مقتل ثلاثة مدنيين واختطاف أحد عشر طفلًا، بينهم سبع فتيات وأربعة فتيان وتمركز الهجوم الرئيسي في بلدة بالما، الواقعة على بعد ثلاثين كيلومترًا من الحدود التنزانية، وهي ذاتها البلدة التي كانت محورًا لهجوم واسع عام 2021 أجبر شركة توتال إنرجي الفرنسية على تجميد مشروعها العملاق للغاز المسال الذي تبلغ قيمته أكثر من 20 مليار دولار.
دلالات مقلقة
كما يحمل توقيت الهجوم الأخير دلالات مقلقة، إذ يأتي في وقت كانت تجرى فيه ترتيبات ميدانية وأمنية لاستئناف المشروع هذا العام وتشير المعلومات إلى أن نحو 12 مسلحًا اقتحموا البلدة بعد منتصف الليل، وهاجموا منازل وأكشاكًا تجارية، وأحرقوا كنيسة، في عملية سريعة ومخططة، استخدموا فيها تكتيكات ترهيب المدنيين ونهب الممتلكات قبل الانسحاب.
ورغم الدعم العسكري المقدم من القوات الرواندية لمساعدة جيش موزمبيق في استعادة السيطرة على الإقليم، فإن تصاعد الهجمات في الأسابيع الأخيرة يكشف عن ضعف البنية الاستخباراتية وصعوبة تأمين مناطق شاسعة تتخللها غابات كثيفة وقرى نائية كما أن اعتماد المسلحين على عمليات الاختطاف بات أسلوبًا لإعادة التمويل والتجنيد القسري، ما يزيد من تعقيد المشهد الإنساني في الإقليم الذي يعد من أفقر مناطق البلاد.
قدرات تكتيكية
أما في شمال نيجيريا، فقد شهدت ولاية بورنو هجومًا نوعيًا جديدًا، يعكس التطور التقني في أداء الجماعات الإرهابية المنضوية تحت "ولاية غرب إفريقيا" التابعة لتنظيم داعش الهجوم الذي استهدف قاعدة عسكرية في قرية نغامدو فجر الجمعة، تم باستخدام قذائف صاروخية وطائرات مسيرة محملة بالمتفجرات، في تطور لافت لطبيعة العمليات الإرهابية في المنطقة وأسفر الهجوم عن مقتل سبعة جنود وتدمير أربع آليات عسكرية، إضافة إلى زرع عبوات ناسفة على الطريق الرابط بين مايدوغوري وداماتورو، ما أدى إلى إغلاقه مؤقتًا لإزالة المتفجرات.
كما تدل مؤشرات الهجوم على أن التنظيم بات يمتلك قدرات تكتيكية متقدمة، تشمل التنسيق بين الهجمات البرية والمسيرات الانتحارية، مستفيدًا من الثغرات الأمنية وتضاريس الصحراء المفتوحة في شمال البلاد وتقاتل نيجيريا هذه الجماعات منذ أكثر من 16 عامًا في صراع أودى بحياة عشرات الآلاف وأدى إلى نزوح ما يقارب مليوني شخص داخل البلاد، مع امتداد العنف إلى دول الجوار في حوض بحيرة تشاد مثل النيجر وتشاد والكاميرون.
تحول استراتيجي
بينما يبدو أن المشهد في موزمبيق ونيجيريا يعبر عن مرحلة جديدة من التحول في الاستراتيجية الإرهابية في إفريقيا، حيث تجمع التنظيمات المسلحة بين الضرب في عمق المشاريع الاقتصادية الحيوية (كما في الغاز الموزمبيقي)، واستنزاف القدرات العسكرية للدول عبر هجمات نوعية ومتفرقة في مناطق نائية يصعب تأمينها.
ومما لا شك فيه أن عودة النشاط الإرهابي في هاتين الجبهتين تمثل تهديدًا مضاعفًا أمنيًا للدول، واقتصاديًا للاستثمارات الأجنبية، وإنسانيًا لملايين المدنيين الذين يجدون أنفسهم بين مطرقة الفقر وسندان العنف وتظهر هذه التطورات أن الحرب على الإرهاب في إفريقيا لا تزال بعيدة عن نهايتها، بل ربما تدخل الآن مرحلة أكثر خطورة وتعقيدًا من أي وقت مضى.