من نجاة "محسود" إلى تصاعد الإرهاب.. باكستان تواجه عودة الخطر القديم

الثلاثاء 21/أكتوبر/2025 - 01:53 م
طباعة من نجاة محسود إلى محمد شعت
 

في الوقت الذي تعاني فيه باكستان وأفغانستان من أخطر قتال عبر الحدود بينهما منذ عقود، تقول إسلام آباد إن زعيم حركة طالبان باكستان نور ولي محسود يدير هجمات شبه يومية على أراضيها. وقد تم التوصل إلى وقف إطلاق نار غير مستقر يوم الأربعاء، لكن الشكوى الأساسية في باكستان لا تزال قائمة: وجود محسود وكبار مساعديه داخل أفغانستان. ففي الأسبوع الماضي، نجا محسود من غارة جوية في كابول، وظهر لاحقًا في مقطع فيديو يؤكد أنه على قيد الحياة، في محاولة لدحض تقارير وفاته، مدعيًا أنه كان داخل الأراضي الباكستانية. ولم تتبن باكستان رسميًا الغارة، التي تعد الأولى من نوعها في كابول منذ استهداف الولايات المتحدة لزعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري عام 2022.

 

في الماضي، ضربت حركة طالبان باكستان أهدافًا مدنية، مثل المساجد والأسواق، بما في ذلك مقتل أكثر من 130 طفلًا في هجوم على مدرسة في بيشاور عام 2014. أما اليوم، فإنها تسعى إلى تبرير عملياتها في إطار “دفاع قبلي” كما يصفها محسود، الذي يدمج التبرير الديني مع الخطاب القومي البشتوني، حيث إنه يدعي أنه يتحدث باسم الجماعة العرقية البشتونية التي تعيش في شمال غرب باكستان وأيضًا في أفغانستان – حيث يتألف معظم أعضاء طالبان الأفغانية من البشتون. ويضيف: “يواصل محسود جهوده لإعادة تشكيل الجماعة وتحويلها إلى حركة مسلحة تقاتل كما يزعم من أجل حقوق أبناء قبائل البشتون، سعيًا إلى نظام حكم مماثل لنظام طالبان الأفغانية”.

 

تصعيد ميداني ومخاوف إقليمية متزايدة

 

على الأرض، أحبطت قوات الأمن الباكستانية خلال الأيام الأخيرة عددًا من الهجمات الانتحارية التي خططت لها طالبان باكستان المعروفة محليًا باسم "فتنة الخوارج"، كان أبرزها محاولة اقتحام معسكر للجيش في شمال وزيرستان بسيارة مفخخة أعقبها هجوم مسلح. وتمكنت القوات من القضاء على أربعة إرهابيين دون خسائر في صفوفها. وفي عمليات متفرقة، صادرت قوات الأمن أيضًا سيارات محملة بمئات الكيلوغرامات من المتفجرات في مناطق مثل باجور، ودمرت الشحنات عبر تفجير متحكم به لتجنب وقوع خسائر بشرية، مؤكدة أن هذه المتفجرات يتم تهريبها من أفغانستان إلى باكستان ضمن البضائع غير الشرعية.

 

وفي الوقت نفسه، نفذت القوات الباكستانية عمليات استخباراتية واسعة في مناطق داتا خيل ووزيرستان وبانو، أسفرت عن مقتل عشرات المسلحين، من بينهم قيادات ميدانية بارزة مثل محبوب الملقب بمحمد، أحد قادة “فتنة الخوارج”. وتشير بيانات أمنية إلى أن إجمالي عدد المسلحين الذين قُتلوا خلال يومين بلغ 94 عنصرًا، في حين تمكن الجيش من القضاء على ما بين 45 إلى 50 مسلحًا آخرين أثناء إحباط محاولة تسلل واسعة إلى خيبر بختونخوا، استغلت فيها الحركة وقف إطلاق النار المؤقت بين باكستان وأفغانستان.

 

وتأتي هذه العمليات في ظل تصعيد واضح بين إسلام آباد وكابول، على خلفية امتناع حكومة طالبان عن التحرك ضد الجماعات الإرهابية التي تنشط من أراضيها، وسط تزايد الهجمات داخل باكستان. وفي أعقاب هجمات عبر الحدود، نفذت القوات الباكستانية ضربات دقيقة ضد مواقع رئيسية لطالبان في ولاية قندهار، ونجحت في تدمير معاقل متعددة ردًا على العدوان الأخير. وتؤكد المصادر الباكستانية أن هذه العمليات تأتي ضمن استراتيجية “الضرب الوقائي” لمنع أي تحرك مسلح داخل حدودها.

 قبل يوم واحد من هذه الضربات، وافقت باكستان وأفغانستان على وقف مؤقت لإطلاق النار لمدة 48 ساعة بناءً على طلب حكومة طالبان الأفغانية بعد أيام من الاشتباكات الحدودية، لكن التوتر ظل قائمًا، إذ تخشى باكستان من أن الهدنة ستُستغل لإعادة تموضع الجماعات المسلحة قرب الحدود. ومنذ عودة طالبان إلى السلطة، شهدت باكستان زيادة ملحوظة في الحوادث الإرهابية عبر الحدود، خصوصًا في إقليمي خيبر بختونخوا وبلوشستان. وتؤكد التقارير الأمنية أن الحدود الممتدة لنحو 2500 كيلومتر أصبحت مسرحًا مفتوحًا للتهريب ولتحركات المسلحين، في ظل ضعف السيطرة على المعابر الجبلية.

 


شارك