"من يتصدى للمشروع الإيراني في اليمن؟": متابعات الصحف العربية والأجنبية
الثلاثاء 18/نوفمبر/2025 - 11:17 ص
طباعة
إعداد: فاطمة عبدالغني
تقدم بوابة الحركات الاسلامية أبرز ما جاء في الصحف ووكالات الأنباء العربية والعالمية بخصوص الأزمة اليمنية، ومشاورات السويد، والدعم الإيراني للحوثيين، بكافة أشكال الصحفي (أخبار – تعليقات – متابعات – تحليلات– آراء) اليوم 18 نوفمبر 2025.
العين الإخبارية: «مثلث الموت».. كيف عسكر تنظيم القاعدة حدود وسط وجنوب اليمن؟
بين فترةٍ وأخرى، يعود تنظيمُ القاعدة بجزيرةِ العرب للظهور في المشهد اليمني من خلال هجماته العنيفة وتحركاته انطلاقاً من وسط وجنوب البلاد
هذه الحدودُ التي بات يُطلق عليها محلياً بـ«مثلث الموت»، تمتد بين محافظات شبوة وأبين المحررتين والبيضاء الخاضعة للحوثيين، وتعد بمثابة نقطة ارتكاز لانطلاق هجمات تنظيم القاعدة بما في ذلك الكمائن.
وبحسب مصادر أمنية تحدثت لـ«العين الإخبارية»، فإن عناصر تنظيم القاعدة يتجولون تحت الأنظار في هذا المثلث وينصبون حاجزَ تفتيشٍ أمنيّاً لا يبعد سوى أمتار قليلة عن مواقع مليشيات الحوثي المدعومة إيرانياً.
خورة
ويقع ضمن مثلث الموت هذا، طبقاً للمصادر، معسكر «امعزيفة» في بلدة خورة بمديرية مرخا السفلى الواقعة في الركن الجنوبي الغربي من شبوة، حيث يتمركز التنظيم في مناطقها النائية والوعرة ويحدها من الغرب مواقع عسكرية حوثية تتبع إدارياً البيضاء.
وتعد خورة ممراً رئيسياً يربط شمال ووسط اليمن بجنوبه عبر طريق وعر، وتبعد عن مركز محافظة شبوة «عتق» نحو 120 كيلومتراً، مما جعل مهمة تحريرها معضلة أمام القوات الأمنية والعسكرية في شبوة.
ويبلغ سكان خورة نحو 70 ألفاً ويشكون من انعدام الخدمات، مما جعل تنظيم القاعدة ينصب في حدودها المتاخمة للبيضاء حاجزاً أمنياً يرفع أعلاماً سوداء، بحسب توصيف أحد المارة في هذا الطريق.
وفي 9 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، كانت أهداف تنظيم القاعدة في «خورة» تحت وطأة الضربات الأمريكية التي استهدفت للمرة الأولى منذ سنوات مخزنَ سلاحٍ وورشةً لتصنيع العبوات للتنظيم بهدف تحجيم قدراته والحد من إمكاناته، وفقاً لمصادر تحدثت لـ«العين الإخبارية».
المصينعة
وإلى جانب خورة، هناك وجود لتنظيم القاعدة في بلدة «المصينعة» في مديرية الصعيد الواقعة أيضاً ضمن إطار محافظة شبوة، وتحدها سلسلة جبال الكور الوعرة الواصلة إلى مديرية المحفد التابعة لمحافظة أبين.
وكانت القوات الجنوبية قد قضت على أمير تنظيم القاعدة في المصينعة أبو عوّاد صالح الطوسلي، في 25 يوليو/تموز 2025، عقب الاشتباكات معه في بلدة «أرض آل غسيل» بمديرية حطيب.
ورجّح مصدر عسكري أن تكون المصينعة وجبال الكور نقطةَ انطلاقٍ للهجوم الإرهابي الواسع الذي شنه تنظيم القاعدة في 21 أكتوبر/تشرين الأول الماضي باستخدام سيارتين مفخختين و8 عناصر انتحارية على المجمع الحكومي في مديرية المحفد في أبين.
ورغم تحييد القوات الجنوبية الهجوم بفاعلية آنذاك، إلا أنه دق ناقوس الخطر من تنامي قدرات تنظيم القاعدة ومحاولته التمسك بنفوذه بمحافظتي شبوة وأبين.
المعاقل السابقة في أبين
في محافظة أبين، لم تعد هناك أماكن واضحة لتمركزات تنظيم القاعدة بسبب العملية العسكرية لقوات المجلس الانتقالي والحكومة اليمنية.
لكن مصدراً محلياً أكد أن تواجد تنظيم القاعدة لا يزال على شكل خلايا، وتنتشر بقوة في مديريات ومناطق «مودية» و«جيشان» و«الوضيع» و«المحفد»، وتعتمد على طرقات جبلية للوصول إلى معاقلها السابقة مثل «وادي عومران» و«وادي رفض» شرقي المحافظة.
وتنظيم القاعدة في جزيرة العرب هو أخطر فروع القاعدة في العالم، ويقوده منذ مارس/آذار 2024 سعد بن عاطف العولقي، ووفقاً لتقارير أممية فإن «التعاون بين الحوثيين والتنظيم قد شهد تزايداً ليشمل تدريب عناصر التنظيم وتقديم العلاج الطبي لأعضائه في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، وهذا ما يشير إلى استراتيجية الحوثيين الهادفة إلى إحكام السيطرة بواسطة عقد التحالفات».
ولا يزال الاتفاق بين الحوثي وتنظيم القاعدة على وقف الأعمال العدائية وخوض حرب استنزاف ضد قوات الحكومة الشرعية ساريَ المفعول، وقد جرى بينهما تبادلٌ للأسرى في 31 مارس/آذار الماضي.
ضبط قارب يحمل 600 ألف قرص كبتاغون في اليمن
في ضربة أمنية نوعية، أعلنت الحملة الأمنية لقوات العمالقة ضبط قارب يحمل أكثر من 600 ألف قرص كبتاغون بمديرية المضاربة ورأس العارة بلحج اليمنية.
وقالت الحملة الأمنية في بيان إنها تمكنت "من ملاحقة القارب وتعقّبه لمسافة عدة أميال بحرية، قبل تنفيذ عملية تطويق سريعة ومحكمة أسفرت عن ضبط القارب وإلقاء القبض على 4 مهربين كانوا على متنه، وبحوزتهم 156 كيساً من الحبوب المخدرة تقدّر كميتها بنحو 600 ألف قرص كبتاغون".
وتأتي العملية النوعية نتيجة انتشار بحري مكثّف ويقظة عالية نفذتها القوة الأمنية ضمن خطة تهدف إلى حماية السواحل ومنع استغلالها في أعمال التهريب، لتنجح في إيقاف عملية كانت تستهدف إغراق المجتمع بكمية هائلة من السموم.
وخلال الشهور الأخيرة ضبطت السلطات اليمنية أكثر من 11 شحنة مخدرات في عدة محافظات بجانب مصنع كبتاغون متكامل تم ضبطه في المهرة، وتم ضبط 6 عناصر مرتبطين بشبكات مليشيات الحوثي.
الشرق الأوسط: إحباط مخطط حوثي لاغتيال قيادات أمنية وعسكرية في عدن ومأرب
في خضمّ تصاعد الصراع بين الأجنحة الأمنية داخل الجماعة الحوثية على خلفية الاختراق الإسرائيلي، أعلنت السلطات الأمنية اليمنية عن إحباط مخططين «إرهابيين» في كلٍّ من عدن ومأرب، كانا يستهدفان قيادات أمنية وعسكرية بارزة في المدينتين الخاضعتين لسيطرة الحكومة الشرعية.
وكشفت التحقيقات عن أن العناصر المتورطة تلقّت تدريبات مكثفة على زراعة المتفجرات وتشغيل المسيّرات في مناطق خاضعة لسيطرة الحوثيين شمال البلاد.
وقالت شرطة محافظة عدن، التي تتخذها الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً عاصمة مؤقتة، إنها أحبطت «مؤامرة إرهابية واسعة النطاق» كانت تهدف إلى زعزعة الأمن والاستقرار في المحافظة. وأوضحت أنها ألقت القبض على عناصر تنتمي إلى خلايا «منظمة» جرى تجنيدها وتدريبها في مناطق سيطرة الحوثيين لتنفيذ عمليات استهداف موجّهة ضد قيادات أمنية وعسكرية.
وحسب بيان الشرطة، أظهرت التحقيقات «تفاصيل دقيقة» لعملية استقطاب ممنهجة شملت نقل شبان من عدن إلى معسكرات سرية في منطقة الحوبان شرق تعز، حيث تلقوا دورات قتالية مكثفة استمرت لأسابيع. وشملت التدريبات استخدام الأسلحة الآلية وقذائف الـ«آر بي جي»، وصناعة العبوات الناسفة وزرعها، والتدريب على الطيران المسيّر وتقنيات المراقبة الجوية.
وأفاد المقبوض عليهم في اعترافاتهم بأن تلك الدورات لم تقتصر على التدريب العسكري، بل شملت أيضاً تعبئة فكرية «متطرفة»، تضمنت خطاباً تحريضياً يستهدف قوات الجيش والأمن في عدن. كما تم أخذ العناصر في زيارات «جهادية» إلى معقل الحوثيين في صعدة ومناطق أخرى ضمن برنامج يهدف إلى تعزيز الولاء للجماعة وتهيئتهم لتنفيذ مهام نوعية داخل المناطق المحررة.
تفجير واغتيالات
وأوضحت الشرطة في عدن أن التحقيقات كشفت عن مخطط واسع لاستهداف قيادات أمنية وعسكرية، عبر تشكيل خلايا قادرة على تنفيذ عمليات تفجير واغتيالات، ورصد تحركات مسؤولين أمنيين بارزين، خصوصاً في مديريّة دار سعد، والحزام الأمني والقوات البرية.
كما أظهرت الأدلة أن قائمة الاستهداف شملت المقدم مصلح الذرحاني، قائد شرطة دار سعد، والعميد جلال الربيعي، أركان قوات الحزام الأمني وقائد حزام عدن، والنقيب كمال الحالمي، قائد وحدة حماية الأراضي، والعميد أوسان العنشلي، أركان حرب القوات البرية، والعقيد إسماعيل طماح، مسؤول استخبارات الحزام الأمني، والملازم آدم داؤود، ضابط التحقيق في شرطة دار سعد.
وحسب الشرطة، تبيّن أن أمجد خالد فرحان، قائد لواء النقل السابق المطلوب للحكومة الشرعية، يقف وراء جزء كبير من عملية التمويل والإشراف اللوجيستي على الخلايا، بعد انتقاله إلى مناطق سيطرة الحوثيين عقب قرار عزله.
وأكدت الشرطة أن فرحان كان يوفّر رواتب شهرية ثابتة لأفراد الخلية ويغطي كامل تكاليف تنقلاتهم وإقاماتهم، عادَّة أن ذلك «يؤكد وجود تمويل خارجي ضخم ومستمر يقف خلف المخطط».
كما تتهمه الشرطة بإصدار توجيهات لعناصر الخلية عقب انتهاء تدريبهم بالعودة إلى عدن وتسليم أنفسهم للسلطات عبر وساطات، وذلك جزءاً من «عملية تمويه مدروسة» تهدف لتسهيل حركتهم مستقبلاً عند بدء تنفيذ المهام الموكلة إليهم.
وأكدت شرطة عدن أنها مستمرة في تنفيذ عمليات «نوعية» لملاحقة كل من يحاول تهديد أمن المدينة، وأنها تعمل على تفكيك الشبكات المرتبطة بالحوثيين داخل مناطق سيطرة الحكومة.
خلية مأرب
في محافظة مأرب، أعلنت وزارة الداخلية اليمنية عبر مركزها الإعلامي إحباط مخطط «خطير» أعدَّه ما يسمى جهاز الأمن والمخابرات الحوثي، كان يستهدف قيادات أمنية وعسكرية، على رأسهم وزير الداخلية ورئيس هيئة الأركان العامة. وأكدت الأجهزة الأمنية أنها ألقت القبض على أفراد الخلية المتورطين وكشفت عن تفاصيل المخطط عقب التحقيق معهم.
وحسب البيان الأمني، فإن عناصر الخلية تلقّوا تدريبات على تصنيع العبوات الناسفة داخل مصنع سري للمتفجرات أنشأه الحوثيون في حي ذهبان شمال صنعاء، داخل تجمعات سكانية مدنية، في إطار سياسة تستخدم الأحياء السكنية غطاءً لأنشطة عسكرية حساسة.
وأفادت التحقيقات بأن الخلية كانت تعمل بإشراف مباشر من القيادي الحوثي أبو إدريس المؤيد، ومن رئيس الأركان محمد الغماري قبل مقتله في غارة إسرائيلية. وأوضح أحد عناصر الخلية أنه كان مكلّفاً تصوير معدات وسيارات عسكرية وجمع معلومات حساسة عن شخصيات مدنية وعسكرية في مديرية الوادي بمأرب، إلى جانب رفع تقارير دورية حول التحركات والاجتماعات والتعزيزات.
وأكدت أجهزة الأمن اليمنية أن إحباط هذه العملية شكّل ضربة جديدة لقدرات الحوثيين على تنفيذ هجمات نوعية داخل المناطق المحررة، وأن العمليات الاستباقية ستستمر لمنع أي نشاط معادٍ يستهدف القيادات أو البنية الأمنية والعسكرية.
محاربة المخدرات
في سياق آخر يتعلق بجهود مكافحة الجريمة، أعلنت شرطة عدن تنفيذ عملية «نوعية» في مدينة كريتر، أسفرت عن ضبط شخصين متهمين بترويج وتعاطي مواد مخدرة.
وقال العقيد نبيل عامر، مدير الشرطة، إن العملية نُفذت بعد تحرٍّ دقيق ورصد متواصل؛ إذ تم ضبط المتهمين متلبسين وبحوزتهما كميات من الحشيش وحبوب «بلاك بارين» المخدرة. وأشار إلى أن أحدهما من سكان حي القطيع والآخر من مديرية المنصورة، مؤكداً أن كليهما من أصحاب السوابق في ترويج الحبوب والحشيش.
وأوضح مدير الشرطة أن هذه العملية تأتي ضمن خطة شاملة «لاستهداف العناصر التي تعبث بأمن المجتمع وتسعى لتدمير الشباب عبر المخدرات»، مؤكداً استكمال الإجراءات القانونية وإحالتهما لإدارة مكافحة المخدرات لاستكمال التحقيقات قبل عرضهما على القضاء.
يمن فيوتشر: الحوثيون يواصلون احتجاز موظف إنساني في “أطباء بلا حدود” منذ 5 نوفمبر
أفادت مصادر إعلامية أن جماعة الحوثيين ما تزال تحتجز أحد العاملين الإنسانيين في منظمة “أطباء بلا حدود” منذ الخامس من نوفمبر/ تشرين الثاني، وذلك بعد يوم واحد من اقتحام مسلحين تابعين للجماعة مقر المنظمة في الحي السياسي بالعاصمة صنعاء.
وقال الصحفي فارس الحميري إن الجماعة اعتقلت محمد القاسمي، نائب المنسق اللوجستي في منظمة “أطباء بلا حدود” (MSF)، مشيرًا إلى أن المقر ما يزال شبه متوقف عن أداء أنشطته الإنسانية منذ حادثة الاقتحام.
وكيل وزارة الداخلية وقياديان في مقاومة الجوف لـ”يمن مونيتور”: الجيش والمقاومة قادران على مباغتة الحوثيين
أكدت قيادات يمنية بارزة في مأرب يوم (الإثنين) على استمرارية الشراكة الاستراتيجية مع المملكة العربية السعودية، مشددة في الوقت ذاته على جاهزية وقدرة الجيش الوطني والمقاومة الشعبية على صد أي تصعيد عسكري جديد من قِبل ميليشيات الحوثي المدعومة من إيران، وذلك في ظل التطورات الأمنية المتسارعة التي تشهدها الجبهات.
اللواء الركن محمد سالم بن عبود، وكيل أول وزارة الداخلية في الحكومة المعترف بها دولياً، أكد في تصريح خاص لـ “يمن مونيتور” أن العلاقة بين البلدين تتجاوز الإطار المؤقت.
وأوضح بن عبود أن هذه الشراكة “طويلة الأمد وليست قصيرة”، مثمناً دور الرياض المحوري، قائلاً: “كفانا دعم المملكة من خلال عاصفة الحزم التي جاءت في أحلك الظروف، لتثبيت الشرعية ودحر ميليشيات الحوثي الانقلابية وغيرها من الجماعات المسلحة التي حاولت زعزعة أمن واستقرار اليمن.”
وفيما يتعلق بالقدرات العسكرية، شدد وكيل أول الداخلية على أن “المقاومة والجيش الوطني قادرون على الرد المباغت والقوي باستمرار الدعم السعودي”، مؤكداً أن الهدف هو “الذود عن أرض الوطن وملاحقة الميليشيات الانقلابية التي عاثت فساداً في البلاد.”
من جانبه، قال الشيخ سنان العراقي، رئيس مجلس الجوف الوطني لـ”يمن مونيتور”: “العلاقة بين اليمن والسعودية تسير نحو الأفضل، من مرحلة الإغاثة إلى التنمية ومن الطارئ إلى المستدام، بما يضمن مستقبل أفضل واستقرار اليمن”.
وأضاف: “المملكة مستمرة في جهود إحلال السلام، غير أن الحوثيين يرفضون السلام، والمقاومة بلا شك قادرة على المناجزة والمباغتة والوقوف في وجه الحوثي.”
وأكد ربيش عسكر، وكيل محافظة الجوف لـ”يمن مونيتور”، قدرة المقاومة على التصدي للميليشيات في أي وقت: “المقاومة جاهزة منذ بدء الضوء على أي مواجهة، وتمتلك القدرة على الفعل الاستباقي والمناجزة ضد ميليشيات الحوثي.
واضاف: العلاقة مع السعودية تتسع آفاقها يوما بعد يوم، فهي الداعم والمحرك الرئيسي للشعب اليمني في مواجهة تصاعد حدة المواجهة مع الحوثيين، وتزداد متانة مع مرور الأيام.
تأتي هذه التصريحات القيادية في ظل توقف فعلي لمسار مفاوضات السلام التي تقودها السعودية وسلطنة عمان، حيث يشهد المشهد اليمني تصعيداً في الخطاب العسكري الحوثي، وخصوصاً بعد إعلان الحركة عن تهديدات جديدة بإعادة الحرب.
“إسكات العقول”.. استراتيجية الحوثي لتفريغ اليمن من نخبه الأكاديمية وتحويل الجامعات إلى أدوات تبعية
بين جدران السجون المخفية ووسط مخاوف مستمرة، يقبع عدد من أبرز الأكاديميين في اليمن، بينما يعيش آخرون في حالة توتر دائم، مهددين باختطافات متكررة من قبل جماعة الحوثي المسلحة.
هذا الواقع، الذي يُعدّ امتدادًا للحرب المُجرّدة بالسلاح، يتخذ الآن أشكالاً أكثر دقة وخطورة: إسكات العقول، وتدمير البنية التحتية للتعليم والبحث العلمي من الداخل.
يرصد تقرير لموقع “يمن مونيتور”، آراء نخبة من أكاديميي جامعة إقليم سبأ حول هذه الظاهرة التي تصفها منظمات حقوقية بأنها الأخطر على مستقبل التعليم والبحث العلمي في اليمن.
الأكاديميون في مرمى النار
يقول الدكتور علي الرمال نائب رئيس جامعة إقليم سبأ لشؤون الطلاب، إن استهداف الأكاديميين يرقى إلى كارثة وطنية وإنسانية خطيرة، تهدد البناء الاجتماعي والتنموي للمجتمع.
وشدد الرمال على أهمية شريحة الأكاديميين باعتبارها مصدر إلهام وقدوة للأجيال القادمة.
وأشار في تصريح لـ “يمن مونيتور”، إلى أن الدستور والقوانين تكفل حقوق أعضاء هيئة التدريس بشكل واضح، إلا أن هذه الحقوق تتعرض اليوم لانتهاكات صارخة أمام أنظار الجميع، مما يعكس أبعاداً مأساوية في وضع الأكاديميين.
وقال الرمال إن الأخبار المتكررة عن اختطاف الأساتذة والمعلمين تثير قلقاً عميقاً، إذ أن استهداف صانعي العقول يعد استهدافاً مباشراً لمستقبل الوطن، ويحمل تبعات بالغة على التنمية والتعليم في البلاد.
حملة ممنهجة تستهدف العقل اليمني وفرض ثقافة الخضوع
ويشير الدكتور عبدالله البكري، أستاذ في جامعة إقليم سبأ، إلى أن ما يحدث في الجامعات تحت سيطرة الحوثيين ليس مجرد تجاوزات فردية، بل يأتي ضمن سياسة ممنهجة تستهدف الفكر الوطني المستقل.
وقال البكري في تصريح لـ “يمن مونيتور”، إن اختطاف الأساتذة والباحثين يعد جزءًا من مشروع يهدف إلى تجريف العقول وفرض ثقافة التبعية والخضوع، مؤكدًا أن الميليشيا تدرك أن السيطرة على الجامعات تعني السيطرة على مستقبل البلاد.
وأضاف أن المئات من الأكاديميين يعيشون تحت ضغط مستمر، ويتعرضون للتهديد والمراقبة في ظل هذه الظروف، بينما أجبر عدد كبير منهم على ترك مناصبهم أو الهروب خارج اليمن بحثًا عن بيئة آمنة للعمل والبحث العلمي.
وأكد البكري أن هذه السياسة تضع الجامعات في مهب السيطرة السياسية، مما يهدد مستقبل الأجيال المقبلة ويعكس خطورة استخدام التعليم كأداة لقمع العقل والفكر الحر.
تحويل الجامعات إلى أدوات تعبئة أيديولوجية
ويذهب الدكتور فاروق الصباري، عميد مركز اللغات بجامعة إقليم سبأ، إلى أن الوضع داخل الجامعات كارثي، موضحًا أن المحاضرات تحولت إلى مناسبات تمجيد للجماعة الحوثية وتشويه التاريخ الوطني الحقيقي.
وأضاف الصباري أن هذه السياسات أدت إلى استبعاد كل من يعارض توجهات الجماعة، حيث تعرض العشرات من الأكاديميين للاختطاف والسجن والفصل التعسفي بسبب رفضهم المشاركة في أنشطة تخدم الأهداف السياسية للمليشيا.
تهديد استقلال البحث العلمي في اليمن
من جانبه يؤكد أحد أساتذة القانون في جامعة إقليم سبأ أن ممارسات المليشيا تمثل انتهاكاً صارخاً للدستور اليمني والقوانين الدولية.
وقال الأكاديمي الذي فضل عدم ذكر أسمه إن اختطاف أساتذة الجامعات دون توجيه تهم معلنة، أو اختلاق اتهامات كما حصل مع البروفيسور حمود العودي، يعد جريمة ضد الإنسانية لا تبررها أي ذريعة.
وأضاف أن هذه الانتهاكات تخلّ بفصل الجامعات عن الضغوط السياسية، وتؤدي إلى خلق بيئة يسودها الخوف والرقابة. وأوضح أن استمرار هذه الممارسات يعيق سير البحث العلمي ويهدد الإبداع الفكري داخل المؤسسات التعليمية.
الرداعي يكشف حملة ممنهجة ضد الأكاديميين
من جانبه يكشف الدكتور عبد الخالق الرداعي، أستاذ القانون الدستوري بجامعة إقليم سبأ، عن وجود حملة ممنهجة ومتواصلة تستهدف الأكاديميين من قبل مليشيا الحوثي منذ انقلابها.
وقال الرداعي إن هذه الحملة تأخذ شكل اختطافات واحتجازات يومية تستهدف العلماء بغض النظر عن أعمارهم أو مكانتهم العلمية.
وأوضح الرداعي أن الدكتور حمود العودي المعتقل رغم تقدمه في السن، بالإضافة إلى الدكتور يوسف البواب وعدد من الأكاديميين الشباب، ما زالوا يقبعون في سجون الحوثيين. وأضاف أن المعتقلين يُحتجزون في ظروف غير إنسانية ومظلمة، في محاولة واضحة لإذلال النخبة العلمية والانتقام منهم بسبب تمسكهم بالعلم والحرية الفكرية.
وأشار الرداعي إلى أن المليشيا الكهنوتية تستخدم أساليب التفرقة الجينية والطائفية في انتهاكاتها، متجاوزة كل القوانين الدولية والدستور اليمني الذي يضمن المساواة بين المواطنين.
وشدد على أن استهداف المثقفين والمتعلمين من قبل الحوثيين يعكس عداءهم للعلم والحياة، مشيرا إلى أن هذه السياسة دليل على قرب زوالهم بمشيئة الله.
وأكد الرداعي أن استمرار هذه الحملة العدائية يؤكد أن الحوثيين يسعون لنشر الجهل والظلام بعد أن جعلوا من النخب العلمية هدفا مباشرا، ما يزيد من معاناة المجتمع اليمني ويعطل مسيرة التنمية والتقدم.
الحوثي مشروع لترسيخ الجهل في اليمن
في تحليل سياسي حاسم، يشدد الدكتور عبدالعزيز عيدان، الأكاديمي من كلية التربية بمحافظة الجوف، على أن جماعة الحوثي تمثل مشروعاً منهجياً ضد الحياة والتعليم في اليمن.
ويرى عيدان في تصريح لـ “يمن مونيتور”، أن استهداف التعليم يعد إحدى الوسائل الرئيسية للجماعة لترسيخ الجهل وتكريس التبعية في المناطق التي تسيطر عليها.
ويشرح عيدان أن خطوات الحوثيين تبدأ بتدمير القاعدة التعليمية عبر اختطاف المضطهدين من الأكاديميين والمعلمين والباحثين واستبدالهم بعناصر موالية للجماعة. وقال إن “جماعة الحوثي لن تقوم إلا على أنقاض الجهل، ولا يناصرها إلا الجهلاء”، مؤكداً أن كلما ارتفع مستوى التعليم، تراجع نفوذ الجماعة بشكل كبير.
وأضاف أن استهداف الأكاديميين والأستاذة والطلاب ليس مجرد اعتداء فردي، بل هو حملة ممنهجة تهدف إلى زرع الجهل والاستحواذ على المجتمع عبر تفريغ التعليم من محتواه العلمي والثقافي.
وأشار عيدان إلى حادثة اختطاف المفكر المعتدل حمود العودي، الذي كان له دور بارز في تعليم أجيال من الطلاب، مؤكداً أن هذه العمليات موجهة بشكل واضح لإضعاف الشخصيات التربوية التي تمثل خط الدفاع ضد الانقلاب والدمار.
اختطاف الأكاديميين يهدد مستقبل التعليم
وتتعرض النخبة العلمية في اليمن لحملة اختطاف واختفاء قسري مستمرة منذ عام 2015، حيث تشير مصادر أكاديمية وحقوقية إلى اختفاء أكثر من 70 أكاديمياً وباحثاً تحت سيطرة مليشيا الحوثي، بينهم رؤساء جامعات وعمداء كليات، ويظل مصير العديد منهم مجهولاً حتى اليوم.
ويعرب أساتذة جامعة إقليم سبأ عن استنكارهم لصمت المجتمع الدولي ومنظماته تجاه هذه الانتهاكات الموثقة، معتبرين هذا التجاهل تواطؤاً غير مباشر مع القمع الممنهج الذي يستهدف أبناء الفكر والعلم في اليمن.
