هل تسير الجماعة في مصر على خطى النهضة التونسية؟

الخميس 19/مايو/2016 - 02:07 م
طباعة هل تسير الجماعة في حسام الحداد
 
بعد الكثير من الصدامات بينها وبين الدولة، من ناحية والصراعات الداخلية التي ضربت أركان الجماعة، وبعدما تبين أنه ليس هناك حلول لأزماتها الداخلية إلا بمراجعة النفس ذلك الحل الذي أتى من تونس بعدما قررت حركة النهضة التونسية التحول إلى حزب سياسي، من خلال تخليها الكامل عن النشاط الدعوي الديني، والتفرغ للنشاط السياسي فقط. 
هل تسير الجماعة في
وذلك بعدما قال رئيس الحركة راشد الغنوشي في تصريح صحفي على هامش انطلاق فعاليات الدورة الـ 46 لـ "مجلس شورى حركة النهضة": "نحن بصدد التحول إلى حزب يتفرغ للعمل السياسي، ويتخصص في الإصلاح انطلاقا من الدولة، ويترك بقية المجالات للمجتمع المدني ليعالجها، ويتعامل معها من خلال جمعياته ومنظومة الجمعيات المستقلة عن الأحزاب بما في ذلك النهضة".
وأضاف الغنوشي في حوار لموقع مراسلون أن هذا "التحول هو جزء من مسار التطور الطبيعي الذي منعته الدكتاتورية خلال العقود الأربعة الماضية وقد مثلت الثورة فرصة للحركة لاستئناف مسار التطور".
وردًّا حول العلاقة التي تجمع النهضة بتيار الإخوان في مصر وتركيا أكد الغنوشي في ذات الحوار أن حركة النهضة حركة تونسية قلبًا وقالبًا وقراراتها مستقلة وتصدر عن مؤسساتها المنتخبة ديمقراطيا، والتي تعمل في إطار القانون التونسي مستدركًا أن الحركة تشترك مع بعض التيارات الإسلامية الوسطية في بعض الأفكار، معتبرًا أن النهضة "رائدة لمدرسة تجديدية هي سليلة للمدرسة الإصلاحية التونسية في القرن التاسع عشر بزعامة خيرالدين التونسي والطاهر بن عاشور ".
كما أوضح عضو شورى الحركة، زبير الشهودي، في تصريحات صحفية، أن قرار تحول حركة النهضة إلى حزب سياسي بالمعايير التي حددها الدستور التونسي وقوانين الدولة، أمر تم حسمه وحظي بموافقة أغلبية قيادات الحركة خلال المؤتمرات المحلية والجهوية، بانتظار المصادقة عليه بشكل قانوني خلال انعقاد المؤتمر العام للحركة يومي 21 و22 مايو الجاري.
واعتبر مراقبون ومتابعون للشأن التونسي قرار الحركة خطوة إيجابية، مشيرين إلى أن خلط الأحزاب الإسلامية بين السياسة والنشاط الدعوي، يسيء لأدائها السياسي والديني في الوقت نفسه، خاصة وأن تونس تخلصت من النظام الشمولي، إضافة إلى أن الدستور يمنع الجمع بين العمل السياسي والجمعياتي.
هل تسير الجماعة في
وعلى صعيد الجماعة في مصر وفي حالة من حالات المحاكاة للجماعة في تونس والممثلة في حزب النهضة التونسي، قال جمال حشمت، عضو مجلس شورى جماعة الإخوان، إنه تأكد عزم كل الأطراف داخل الجماعة على فصل الجانب الحزبى التنافسى عن الجانب الدعوى والتربوي، وإنه سيتم الإعلان عن هذا المبدأ قريبا، مشيرًا إلى أن هناك سعياً لـ«إجراء مراجعات كبرى» لكنها تحتاج وقتا وإرادة، وتقديم الشباب.
وأضاف «حشمت» أن الخلاف الداخلى «نخبوي»، في المستويات العليا بالجماعة، وليس قواعدها، مؤكدًا وجود جهود للقضاء عليه في أقرب وقت، مستبعداً في الوقت الحالي إعلان انشقاق بالجماعة.
وشدّد عضو شورى الجماعة، المقيم خارج مصر، على أن الأزمة الحالية ليست بين تنظيم يبقى أو ينتهي أو مواجهة أو تراجع، بقدر كونه محاولة جادة وحقيقية لتطوير الجماعة، وعودتها للرأي العام بشكل أفضل، بعد أن عولجت الأخطاء، وتمت الاستفادة من الدروس السابقة في تاريخ الوطن والجماعة.
هل تسير الجماعة في
وقال الدكتور كمال حبيب، الباحث في شئون الحركات الإسلامية: "إن كلام «حشمت» صعب أن يتحقق على أرض الواقع، وإن «حشمت» وغيره من قادة الإخوان وشبابها غير قادرين على الإقبال على خطوات حاسمة في ظل سيطرة الحرس القديم على كل شىء داخل التنظيم".
وأوضح «حبيب» أن «حشمت» وعمرو دراج وغيرهما من القيادات المتفقة مع رؤى شباب الجماعة، متأثرون بتجربة النهضة في تونس التي أعلنت فصل الجانب الدعوى عن الجانب السياسى، مشيراً إلى أن فصل الجماعة عملها السياسى عن الدعوى هو أزمتها الحقيقية، لكن ذلك لن يحدث في يوم وليلة كما يعتقد «حشمت»، وأنه طالما ظل محمود عزت ومحمود حسين مسيطرين على التنظيم فلن يستطيع الشباب تحقيق مبتغاهم.
وأكد «حبيب» أن الجماعة تحتاج لمراجعات حقيقية في عديد من القضايا، ومنها موقفها من العنف، ومن المجتمع، والقوى السياسية، والأنظمة السياسية، لتعيد تقييم مواقفها من جديد وتصوب أخطاء الماضي عبر خطاب تصالحي مع الآخرين.
وشدد «حبيب» على أن القضية مطروحة داخل التنظيم وتحظى بتأييد البعض، لكن السيطرة والكلمة الأخيرة تظل بيد «عزت» الذي لن يقبل بتحركات «حشمت» ورفاقه.
هل تسير الجماعة في
وجاء تعليق سامح عيد، الباحث في شئون الجماعات الإسلامية أن تصريحات راشد الغنوشي عن تفرغ حركة النهضة للجانب السياسي وتأكيده أن الحركة تونسية قلبًا وقالبًا، يعتبر إعلانًا رسميًا لتبرؤه من الانتماء لجماعة الإخوان، كما أنه تخلّيًا عن أيدلوچياتهم السابقة، واصفًا تصريحاته بـ "الكلام الإيجابي والفيصلي".
وأضاف "عيد"، أن تجربة الإخوان في مصر كانت درسًا لهم حتى لا يرتكبوا نفس الأخطاء، مشيرًا إلى أن التجربة المصرية تسيء لسمعة التنظيم وعبء على أي نظام سياسي ينتمي للفكر الإخواني.
وأوضح أن حركة النهضة بهذه الخطوة تتخلى عن فكرة العالمية والشمولية وهم عنصرين أساسيين في الفكر الإخواني، منوهًا إلى أنهم لن يحضروا اجتماعات التنظيم العالمي فيما بعد.
وعن إمكانية تحول الإخوان للعمل السياسي فقط قال: هذه خطوة لن تحدث أبدًا لأن إخوان مصر هم التنظيم الأم، لهم كل المواقع القيادية بداخل التنظيم، وفكرة التنظيم العالمي تعطيه مساعدات ودعمًا ماليًا، كما تعطيه ثقلًا دوليًا ونفوذًا ومكانة يصعب الاحتفاظ بها في حالة قرارها بالتحول لتنظيم محلي منتمٍ بالكامل لمصر.

شارك