عبيدي لدويتشه فيله: "داعش في ليبيا أيضا خطر على أوروبا"

الجمعة 05/ديسمبر/2014 - 03:11 م
طباعة حسني عبيدي حسني عبيدي
 
يشكل وجود تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في ليبيا تهديدا لأطراف عديدة. وعدم النجاح في التصدي له يزيد إمكانية تحول ليبيا إلى منطقة جذب للمزيد من الجهاديين، كما يرى الباحث السياسي حسني عبيدي مدير مركز الأبحاث والدراسات حول العالم العربي في جنيف وهو يدرس أيضا في معهد الدراسات الدولية بجامعة جنيف، في مقابلة مع دويتشه فيله.
وردت أنباء مؤخرا عن وجود معسكر تدريبي تابع لتنظيم "الدولة الإسلامية" في شرق ليبيا، فبماذا يتعلق الأمر بالضبط؟
حسني عبيدي: يتعلق الأمر هنا بمعلومات وصلتنا من مدينة درنة التي عبر سكانها الحدود إلى مصر، خاصة وأنها ليست بعيدة عن الحدود المصرية. ويقول شهود عيان محل ثقة: إن هناك مؤشرات على وجود عناصر "داعش" في المدينة، فأعلامهم ترفرف في بعض المناطق بالفعل. كما أن هناك معلومات حول قيامهم بتطبيق بعض الأحكام، علاوة على إقامة بعض المنشآت العامة التي تتشابه مع ما أقامته "داعش" في المناطق التي سيطرت عليها في العراق. والمعروف أن درنة تقع على مقربة من منطقة صحراوية بها العديد من الجبال بشكل يسمح بإقامة معسكرات تدريب بعيدة عن العيون كما سبق وفعل تنظيم "الجماعة الليبية المقاتلة". ويُعتقد أن بعض الجماعات المتطرفة استقرت في تلك المنطقة.

ممن تتشكل هذه المجموعات؟ وماذا يعني وجودها بالنسبة لليبيا؟
عبيدي: ثمة حديث يجري اليوم عن "إمارة درنة". ومن الصعب للغاية تحديد من ينتمي إليها. وعموما يمكن القول: إن كثرة الحديث عن الأمر لا يصب في مصلحة ميليشيات الإسلاميين المعروفة في ليبيا، لا سيما وأن تصور إمكانية سقوط ليبيا في أيدي جماعات الإسلاميين يزعج مصر بشدة. ومصر هنا لا تفرق بين هذه الجماعات، سواء تعلق الأمر بمجلس شورى ثوار بنغازي أو بالإخوان المسلمين. لكن يتعين هنا التفريق بين الجماعات المختلفة، فالمجموعات التي انضمت لحركة فجر ليبيا والمعتمدة على وزارتي الدفاع والداخلية ليس لديها أدنى مصلحة في الاستقرار بدرنة. كما أنها مستقرة بشكل كبير في طرابلس ومدن أخرى. وأعتقد أن هناك المزيد من الجماعات المتطرفة سواء تلك التي كانت متواجدة دوما في ليبيا أو تلك التي كان يقاتل أعضاؤها في الخارج ثم عادوا إلى ليبيا. وهناك أيضا منذ فترة صلات بين مجموعات إسلامية ليبية تقليدية وبين "داعش". لكن هذه الصلات من نوعية سياسية مختلفة تماما. فهناك روابط أيديولوجية وكذلك روابط قبلية، علاوة على أن الجماعات تتقاتل مع بعضها البعض. ولهذه الأسباب فإن المجموعات الموجودة في البرلمان أو الحكومة ليس لديها أدنى مصلحة في وجود أي ارتباط بينها وبين الجهاديين؛ لأن الجهاديين واقعون في مرمى نيران المجتمع الدولي.

 ما هي مخاطر هذه الجماعات على الدولة الليبية؟
ثمة مخاطر كبيرة. فهؤلاء لهم توجه ضد البلد الذي لم يعد به كيان للدولة، إذ يوجد الآن برلمانان وحكومتان. علاوة على كم هائل من السلاح. ليبيا أيضا لديها حدود مع مصر وتونس ويمكن للإرهابيين عبورها دون عراقيل. كما أن ليبيا لم يعد لديها جيش واحد يمكنه الدفاع عن البلد. وهناك خطورة أخرى تتمثل في أن تواجد الجهاديين يزيد من فرص جذبهم لمن لهم نفس الفكر، علاوة على الخطورة على أوروبا وهو ما يثير قلق حكومات أوروبية مثل الحكومة الفرنسية على سبيل المثال التي تتابع الأمر باهتمام بالغ.

ما هي برأيك الأسباب الفعلية التي أدت لفشل الدولة الليبية؟
التدخل الغربي الذي أدى إلى الإطاحة بالقذافي تَمَّ دون خطة سياسية مصاحبة له؛ لذا لم يقدروا على فعل شيء لمنع انقسام المجتمع الليبي، وكانت النتيجة انهيار النظام والسلطة. كما أن ليبيا تعاني من صراعات ضخمة حول النفوذ وتقسيم الموارد لا سيما النفط. وفي الوقت نفسه كانت ليبيا ضحية صراعات لأطراف أجنبية. واليوم يرى المرء بوضوح كيف أثرت الخلافات على النفوذ بين مصر وبعض دول الخليج وكذلك دول أوروبية، على الصراعات الداخلية الليبية وأدت إلى تأججها.

ما هو الشكل السياسي الذي يمكن معه قيادة ليبيا نحو المستقبل؟
يجري حاليا النظر إلى الجارة الجزائر بخصوص الوضع في ليبيا. فالجزائر لديها علاقات مع الحكومتين الليبيتين سواء مع الحكومة المعترف بها، التي لجأت إلى طبرق، أو الحكومة في طرابلس. ويمكن أن تسهم الوساطة الجزائرية في التوصل لحل وطني يجمع كافة الأطراف، وبالتالي الاتفاق على خارطة طريق وطنية من أجل إجراء انتخابات. ويمكن بهذه الطريقة أيضا إبعاد الدول الأجنبية عن التدخل في ليبيا. والليبيون يمكنهم في نهاية المطاف إيجاد حل للنزاع بأنفسهم وعزيمتهم.

شارك