عقب تصريحات متبادلة.. "سوريا" و"حماس" طلاق نهائي

الإثنين 22/ديسمبر/2014 - 11:43 ص
طباعة عقب تصريحات متبادلة..
 
خرج الرئيس السوري بشار الأسد بتصريحات ليست جديدة منذ بدء الأزمة ببلاده، وموقف حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، مع وقوفها إلى جانب جماعة الإخوان المسلمين على الأم منذ اندلاع ما يعرف بثورات الربيع العربي.

الأسد: ليست الخيانة الأولى

الأسد: ليست الخيانة
في تصريحات صحفية له أمس، كشف الرئيس بشار الأسد عن حقيقة الأزمة الكبيرة بين الدولة السورية وحركة حماس، والتي كانت حضانة لقيادات الحركة في العاصمة دمشق قبيل انتفاضات 2011.
فقد كشف الرئيس السوري بشار الأسد في اجتماع مع رؤساء الجالية الفلسطينية في أوروبا، على هامش المؤتمر الثالث للجاليات الذي عقد في دمشق، بداية الشهر الجاري، تفاصيل التوتر الذي تعيشه علاقات سوريا بحركة حماس والقطيعة التي انتهت إليها.
وبَيّن الأسد أن حماس حاولت التوسط بين الدولة السورية والإخوان المسلمين، وأن الحكومة السورية رفضت الوساطة، مضيفا: قلت لمشعل: "أنت فلسطيني ومقاوم، وأطلب منكم بألا تتدخلوا في الشئون الداخلية لأي بلد عربي. مشكلتنا مع الإخوان شأن داخلي سوري لا تزجوا بأنفسكم به".
كاشفا النقاب عن أن السلطات السورية اعتقلت ابنة خالد مشعل وزوجها بعد اكتشاف أنهم كانوا يهربون سلاحا لتنظيمات المعارضة السورية.
ولفت الأسد إلى أن عددا من السياسيين حذروه من غدر "حماس"، وقال: "رفضنا ذلك وثبتنا على مواقفنا بالرغم من الوضع السوري الضعيف في تلك المرحلة، لقد جاءنا الناصحون والأصدقاء من كل جهة وصوب يحذروننا ويقولون لنا: لا تدمروا سوريا. أخرجوا حماس من سوريا. ومع ذلك رفضنا ذلك بإصرار وقوة وكل ذلك كان من منطلق إيماننا بالقضية الفلسطينية".
وأكد الأسد على أن جماعة الإخوان المسلمين- ومنذ ثمانين عاما- لم تُعرف إلا بالتقلب والمصلحية والغدر، قبل أن يضيف أن دمشق لم تعامل "حماس" منذ البداية على أنها جزء من هذه الجماعة. "كان الأوروبيون يأتون إلينا ويسألون عما تفعله حماس هنا، كنا نقول لهم إنها حركة مقاومة". وحدها تلك الصفة التي أكسبت "حماس احتضان سوريا ودعمها ورعايتها لها".

موقف "خداعي" لحماس

موقف خداعي لحماس
وتابع أنه ومع بداية الاحتجاجات الشعبية والأحداث في بعض المدن السورية التقيت بمشعل على رأس وفد من حماس وكان أكثر تطرفا مني، ومن القيادة السورية؛ فقد طالبنا أن نقمع وأن نصفّي هذا الحراك بكل قوة لأنه عنوان مؤامرة دولية ضد سوريا.
وقال مشعل يومها: لا تأخذكم بهم رحمة إنهم عملاء لأمريكا ولإسرائيل، مؤكدا على مواقفه بأن الدفاع عن سوريا الآن، هو دفاع عن فلسطين، وأعلن استعداده، بأن يكونوا الجنود الأوفياء لسوريا، وقت الطلب منهم ذلك.
وقال مشعل: "إن حركة حماس ومن أجل ذلك شرعت باتصالات ومراسلات مع أطراف عديدة لتوضيح هذه المؤامرة الكبيرة التي تتعرض لها سوريا"، موضحا: "نحن لم نكن واثقين أو مطمئنين لموقف حركة حماس، فعندنا من كان يحذر من دور ربما يكون معدا لهم".
وقال: "تواصلت الأحداث ويوما بعد يوم كنا نرصد تدخلات لعناصر من حركة حماس فيما يجري في سوريا واعتقلنا بعض هؤلاء، وأطلقنا سراحهم بعد أن جاء إلينا قادة من حماس يستنكرون ذلك، ويقولون لنا إنها حالات فردية، وأذكر هنا حدثا واحدا وهو أن ابنة خالد مشعل وزوجها كانا قد ضبطا بعملية نقل أسلحة مستغلين الحصانة التي كانت ممنوحة لقيادة الحركة، فقمنا باعتقالهما وأطلقنا سراحهما فيما بعد، وكنا نقول لعل وعسى".
وللحقيقة، لا بد من الإشارة هنا إلى أن حماس تمكنت، في بادئ الأمر، من خداع بعض حلفائنا الإقليميين وكانوا يثقون بها وبصدق مواقفها، وكنا نطلعهم أولا بأول على كل تدخلات وتجاوزات حماس، لكن المصيبة الكبرى أن حماس حاولت استغفال الدولة السورية، وتحت عنوان التعاون والحرص على سوريا كانوا يزودوننا بتقارير أمنية مخادعة ومضللة.
وجاء ذاك اليوم الذي أعلن فيه رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين يوسف القرضاوي تصريحاته المسيئة. "نعم طالبناهم باتخاذ موقف". بعد فترة جاءوا يقولون فيها إنهم ذهبوا إلى القرضاوي وتحدثوا معه. قلنا: إن من يريد أن يتخذ موقفا سياسيا يتخذه علنا. ما قيمة الموقف الذي يؤخذ في غرف مغلقة. فكان ما كان من قطيعة. قررت "حماس" في النهاية أن تتخلى عن المقاومة وتكون جزءاً من حركة الإخوان المسلمين. "لم تكن هذه المرة الأولى التي يغدرون فيها بنا. حصل ذلك قبلا في ٢٠٠٧ و٢٠٠٩". تاريخ من الغدر والخيانة، قبل أن يتمنى "لو يستطيع أحد ما إقناعهم بأن يعودوا حركة مقاومة مجدداً، لكنني أشك في ذلك". حماس انحازت ضد سوريا منذ اليوم الأول، لقد أخذوا خيارا.

حماس تتبرأ

حماس تتبرأ
لكن قادة "حماس" لم يعجبهم صراحة الأسد وكشفه لحقيقتهم أمام الشعب العربي بشكل عام والشعب الفلسطيني بشكل خاص، فحماس اليوم خسرت كثيرا لانحيازها لتنظيمها الأم جماعة الإخوان في مصر، وأفرعه في سوريا والعراق واليمن وليبيا وغيرها من الدول، على حساب القضية الوطنية، ولكن قادة حماس خرجوا يبرئون أنفسهم وكأن شيئا لم يحدث.
وأعرب القيادي البارز في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) موسى أبو مرزوق، عن أسفه واستغرابه الشديدين من الهجوم الأخير الذي شنه الرئيس بشار الأسد على حماس ورئيس مكتبها السياسي خالد مشعل.
وقال أبو مرزوق في تصريح نشره على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك": "تلقينا بأسف واستغراب شديدين الحديث الأخير للرئيس السوري بشار الأسد غير المتوقع، خاصة في الجانب المتعلق بالهجوم على الأخ خالد مشعل بشكل غير مقبول بالمطلق، فلا أخلاق الرجل تسمح له بذلك، ولا سياسات الحركة تتحدد بهذا الشكل من الانتهازية، التي نبتعد عنها كل البعد".
ويضيف: "من باب شهادتي على تلك المرحلة ووجودي في معظم اللقاءات إن لم يكن جميعها، فقد كان الود والتفاهم والمسئولية أهم السمات التي ميزت هذه اللقاءات، وقطعاً لم تقبل الحركة أي تصرف من تصرفات أبنائها ضد الدولة السورية (إن حصل ذلك)، وفصلت الحركة من ثبت أنه عمل بأي صورة من الصور ضد النظام".
ويشير القيادي بحماس إلى أن الوساطة التي قام بها مشعل، كانت بطلب من جماعة الإخوان المسلمين في سوريا وكانت بعد موافقة الرئيس الأسد.
ومضى أبو مرزوق وهو نائب رئيس المكتب السياسي لـ"حماس"، قائلا: "شهادة لله وللتاريخ فإن مشعل في تقييمه لتلك المرحلة كان يلوم الإخوان المسلمين السوريين في عدم تجاوبهم وخلافهم مع النظام، وليس كما ذكر الرئيس".
وتابع: "بكل ثقة نؤكد أنه لم يكن هناك انحياز من كريمة مشعل وزوجها للمعارضة طوال فترة الوجود في سوريا، لافتا إلى أنه لم يتم اتهامهما بأي اتهامات كما ورد في كلمة الرئيس الأسد.

المشهد الآن

المشهد الآن
فيما يبدو أن علاقة الدولة السورية بحركة "حماس" انتهت الآن، ومن الصعب أن تعود العلاقة إلى طبيعتها في ظل تأكيد الرئيس السوري، حركة "حماس" حركة "خائنة"، معتبرا أن الأمر جديدا، «لم تكن هذه المرة الأولى التي يغدرون فيها بنا. حصل ذلك قبلا في ٢٠٠٧ و٢٠٠٩».
ويؤكد أن الحركة لم تكن حركة مقاومة بل حركة تنظيمية تخدم أهداف التنظيم الدولي لجماعة الإخوان: "لو يستطيع أحد ما إقناعهم بأن يعودوا حركة مقاومة مجدداً، لكنني أشك".
والحقائق التي اتضحت للدولة السورية تؤكد أن حركة حماس حركة لا تعمل لصالح القضية الفلسطينية بل حركة تسعى إلى خدمة أهداف التنظيم الدولي في أي مكان، وهي حقيقة أصبحت يدركها لجميع.. فهل أصبحت "سوريا" و"حماس" في حالة طلاق نهائي؟

شارك