على النموذج الروسي.."تدوير" كراسي الحكم بين "جول" و"أردوغان"

الخميس 08/مايو/2014 - 10:18 م
طباعة على النموذج الروسي..تدوير
 
خاص- اسطنبول

تبدل المواقع بين عبد الله غول الرئيس التركي، ورجب طيب أردوغان رئيس الوزراء التركي ورئيس حزب العدالة والتنمية ، أصبح مثار حديث الشارع التركي الآن، سواء بين عامة المواطنين أو الساسة والمعراضين، بل انتقل الأمر إلى مراكز أبحاث اقليمية ودولية أصبحت تنظر بعين الاعتبار لما يحدث في تركيا الآن، مع قرب مارثون الانتخابات الرئاسية في أغسطس المقبل.  
وكما ترصد مراكز الأبحاث والدراسات  أن حزب العدالة والتنمية بالرغم من تفوقه على خصومه بفارق كبير في الانتخابات البلدية الأخيرة، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة أن المعركة الرئاسية ستكون على نفس المسار، إذ من المنتظر أن تكون أكثر صعوبة نظرًا لاختلاف المعطيات والتي تتطلب أن يحصل أي مرشح يود الفوز على أكثر من 50% من الأصوات، وهو أمر ليس بالسهل خاصة في ظل الاستقطاب السياسي والاجتماعي الحاصل في المجتمع التركي.
هناك توقعات بترشح أردوغان إلى رئاسة الجمهورية، وترك رئاسة الحزب إلى عبد الله جول وربما منصب رئيس الوزراء ، بينما يطرح البعض سيناريو مغايرا ، من خلال بسط نفوذ أردوغان  على الساحة السياسية، ومنع وصول جول للسلطة مرة آخري عبر تصعيد وزير الخارجية الحالى أحمد داوود أوغلو ليكون رئيسا للوزراء خلفا لأردوغان، مع الوضع في الاعتبار ما يزعمه البعض من ترشح أردوغان لمنصب الرئاسة مع احتفاظه بمنصب رئيس الوزراء حتى الانتهاء من الانتخابات البرلمانية واختيار رئيس وزراء جدد .

الانتخابات الرئاسية
الانتخابات الرئاسية فى تركيا على الابواب
من جانبها تبنت عدة صحف تركية معلومات تفيد بإزاحة عدد من الشخصيات السياسية من طريق أردوغان، ومنها صحيفة "راديكال" التركية التى كشفت عن سيناريو الهدف منه انهاء مستقبل جول السياسي ومنع وصوله للسلطة، وإن حديث عبدالله جول عن أنه لن يكون موجوداً في ظل هذه الظروف، حّول الأنظار إلى مرحلة ما بعد أردوغان والمرشحين المحتملين لرئاسة الحكومة.
وتتوجه الأنظار حاليا إلى عبد الله جول  والتعرف على خطته للمرحلة المقبلة، وهل سيغادر القصر الرئاسي ويعتزل العمل السياسي كما يزعم أردوغان، ويعود لمنزله، ام يستجيب لنداء عدد من قيادات حزب العدالة والتنمية ليتزعم الحزب ويعيد ترتيب الحزب من الداخل بعد الهجوم الذى تعرض له مؤخرا في ظل الكشف عن قضايا فساد عديدة أثرت بشكل سلبي على مظهر الحكومة.

اردوغان
اردوغان
بينما كشفت صحيفة "ميليت" عن أنه لا يجوز لجول تسلم منصب رئاسة الوزراء لأنه ليس عضوا بالبرلمان بل سيكتفي بمنصب رئاسة حزب العدالة والتنمية ، ولكن من الممكن أن يتسلم جول منصب رئاسة الوزراء في الانتخابات البرلمانية القادمة عام 2015، وأن الصيغة التي يخطط لها قياديو حزب العدالة والتنمية هي استقالة نائب برلماني من حزب العدالة والتنمية بعد انتهاء ولاية جول في الرئاسة ليحل محله عن طريق التوجه لانتخابات فرعية وأن يتم وضع صندوقين أمام المواطن التركي ، الأول لرئاسة الجمهورية والثاني للانتخابات الفرعية لاختيار أردوغان رئيسا للجمهورية وجول رئيسا للوزراء دون أن يفقد جول عاما آخر.
هذا ما يدور على الساحة التركية، ولكن الطرف الأصيل في الأزمة جول، خرج عن صمته مؤخرا ، استبعد جول توليه منصب رئيس الوزراء بقوله: "نموذج بوتين-ميدفيديف في روسيا الذي يتبادل بموجبه المواقع مع رئيس الوزراء لا يناسب بلاده، في وقت يحضر حزبه الحاكم مشروع قانون جديد للنظام الانتخابي على أساس إنشاء دوائر انتخابية أصغر، يتوقع أن يسمح له بزيادة عدد نوابه في البرلمان بواقع 25 نائباً، وأريد أن أعلن أنني ليس لدي أي خطط سياسية في هذا الشأن وسط الظروف الحالية"، إلا انه عاد مجددا وأكد أن " المحادثات مع أردوغان لا تزال سارية حول هذا الشأن".
وفى دراسة حديثة أعدها أصلان الطيب نحاس، الباحث التركي المتخصص في العلوم السياسية " ما أن انتهى النقاش المحتدم في الشارع التركي بشأن الانتخابات البلدية التي أكدت موقع حزب العدالة والتنمية في المعادلة السياسية في البلاد، حتى انطلق نقاش آخر أكثر سخونة من ناحية الحسابات السياسية وأكثر تعقيدًا من ناحية الانعكاسات المرتبطة بنتائجه المفترضة، وهو النقاش حول الانتخابات الرئاسية".

جانب من جلسات البرلمان
جانب من جلسات البرلمان التركي
شدد أصلان بقوله "بالعودة إلى الطموح الأساسي لأردوغان، فلا أحد يجهل حقيقة أنه يطمح لتولي منصب رئاسة الجمهورية التركية وفق تصور كان يقول بتعديل النظام السياسي بأكمله في البلاد ليصبح نظامًا رئاسيًا، وبذلك ينتقل أردوغان من موقعه في رئاسة الحكومة إلى موقعه الجديد في رئاسة الجمهورية، وكذلك تنتقل معه الصلاحيات التنفيذية إلى منصب رئاسة الجمهورية مما سيمكّنه حينها من أن يقود البلاد بشكل أكثر فعالية في ظل نظام رئاسي حتى العام 2024 (دورتين رئاسيتين)، لكن طموح أردوغان هذا في تحويل النظام السياسي في تركيا إلى نظام رئاسي اصطدم بعقبات عديدة خلال العام الماضي، ومع اندلاع تظاهرات تقسيم أُغلق كل الأبواب أمام طرحه للنقاش العام وإقراره، وأدى اندلاع الصراع بين حزب العدالة والتنمية ورئيس الحكومة رجب طيب أردوغان من جهة وجماعة فتح الله جولن والمعارضة التركية من جهة أخرى نهاية العام الماضي، إلى استقطاب كبير في تركيا على المستوى السياسي والاجتماعي، وبالتالي إلى تعقيد الحسابات السياسية المختلفة للحزب وكذلك لأردوغان الذي أصبح أكثر حذرًا في التعاطي مع أمور كان يعتبرها مسلّمات من قبل، ومن بينها موضوع ترشحه للرئاسة.
أشارت الدراسة إلى انه إذا ما نجح سيناريو التبادل في المواقع بين جول وأردوغان، علينا أن نأخذ بعين الاعتبار أن معضلة قانونية وعملية ستطفو على السطح ألا وهي كيفية التوفيق بين شرعية موقع رئيس الجمهورية المنتخب بأكثر من 50% من الأصوات الشعبية بشكل مباشر، وبين موقع رئيس الحكومة الذي يتمتع بصلاحيات تنفيذية واسعة خاصة أن موضوع التحول إلى النظام الرئاسي كان قد أُغلق بعد مظاهرات ميدان تقسيم العام الماضي، ومن الصعب إعادة طرحه خلال أشهر مع الاستقطاب الاجتماعي ونهاية ولاية البرلمان، إلا إذا كان الهدف إعادة مناقشته بعد الانتخابات البرلمانية عام 2015 فيمكن طرحه حينها.
وطرح أصلان في مواجهة السيناريو السابق سيناريو آخر أقل تعقيدًا من ناحية الاحتمالات وأكثر وضوحًا من ناحية المخرجات، وهو فوري وآمن ومضمون النتائج، ويقتضي استمرار رئيس الحكومة في منصبه واستمرار رئيس الجمهورية في منصبه أيضًا، إلا انه عاد مجددا وطرح سيناريو ثالث ضعيف ولكنه يبقى محتملاً ويتلخص فى الاتفاق على التوجه القادم خلال اللقاء المنتظر بينهما، وفقًا لهذا السيناريو فإن أردوغان يترشح للرئاسة ولكنه يضع رجلاً من دائرته الضيقة في رئاسة الوزراء بدلاً من جول، ما سيؤدي إلى وضع جول خارج المعادلة السياسية حتى الانتخابات البرلمانية عام 2015؛ وهو ما لا يحبذه الأخير، وهو الأمر الذي إن حصل قد يكون له تداعيات سلبية كبرى على حزب العدالة والتنمية.
القرار يبدو صعبا على جميع الأطراف، ولكن سيتم حسمه خلال مايو الجاري أو يونيو المقبل على أكثر التقديرات، من أجل التفرغ للماراثون الانتخابي، والتفرغ لحملات الهجوم التى يتعرض لها أردوغان منذ عام مضي، بدأت بمظاهرات حديقة جيزي في يونيو الماضي، وانتهاء بقضايا الفساد التى تطول حكومته منذ الكشف عنها في ديسمبر الماضي. 


شارك

موضوعات ذات صلة