خطط "مصطفى مشهور" وحيل "الإخوان" الدفاعية وقت المحن

الجمعة 13/فبراير/2015 - 10:11 ص
طباعة خطط مصطفى مشهور وحيل
 
خطط مصطفى مشهور وحيل
قسَم الإخوان المسلمون الأزمات والمحن "الابتلاء" بتعبير الإخوان- التي مر بها التنظيم إلى أربعة مراحل: 
الأولى: هي اغتيال المؤسس الأول للجماعة "حسن البنا" عام 1949، والثانية: هي إعدام بعض قياداتهم، واعتقال آلاف منهم، عام 1954، في صدامهم مع نظام الرئيس جمال عبد الناصر، بعد حادث المنشية ومحاولة اغتياله، والثالثة: هي اعتقال مئات وإعدام بعض القيادات، وعلى رأسهم سيد قطب، عامي 1965 و1966 بعد تشكيلهم تنظيماً سرياً، أما الرابعة: فهي بعد 30 يونيه وعزل الرئيس الإخواني محمد مرسي عن الحك، ويبقي السؤال كيف يخرج التنظيم من كل محنة وابتلاء ليعود مجددا نظرة سريعة في كتاب (طريق الدعوة بين الاصالة والانحراف) للمرشد مصطفي مشهور يكشف لنا عن طريقة تفكير الجماعة في الفترة الحالية وكيف تعالج وترمم نفسها نفسيًا وتنظيميًا باستخدام مجموعة من الخطط التي نفضحها في هذا التقرير.

المِحَن سنة:

المِحَن سنة:
يقول مصطفي مشهور المحن سنة الله في الدعوات كما هو معلوم وهي جزء اساسي من طريق الدعوة وجعلها الله ليتحقق من ورائها خير للدعوة والدعاة ويقدم مشهور 13 وصية لتفادى الأخطاء أثناء المحن وهي: 
أولا : من الخطأ أن يظن البعض أن المحن ليست أمرًا طبيعيًا على طريق الدعوة أو انها نتيجة اخطاء وقعت فيها قيادة الجماعة ثم ينتشر هذا الفهم الخاطئ فيحدث بلبلة مما يضر بالسير على الطريق – أي أنه ينزه قيادات الجماعة من الخطأ – ويؤكد أن التعرض للمحن هو الدليل على أن الجماعة تسلك سبيل اصحاب الدعوات !!
ثانيا: أن تحدث المحن اهتزازا في الثقة بالطريق بأن يقال لو أننا على الحق لنصرنا الله وهو منطق فرعون مع موسى عليه السلام؟
ثالثا: ومن الانحراف أن يظن البعض أنه كان من الممكن تفادي المحن بشيء من الحكمة أو السياسية أو ما يسمونه الدبلوماسية، وهذا أيضا فهم منحرف خاطئ، إذ لن يتوقف الأعداء عن حربهم لأصحاب الدعوة إلا إذا تخلوا عنها. 
رابعا:  اللجوء إلى تأييد الظالم وإعلان التخلص والتبرؤ من الجماعة ومهاجمتها كوسيلة للإعفاء من الإيذاء والسجن والتعذيب، فالأصل أن نصبر ونتحمل الأذى ونثبت ولا نتخلى أو نتنكر للطريق والجماعة، ولا نستجيب لما يطلبه الظالمون. 
خامسا: أن تؤدي المحن إلى القعود في الطريق وعدم مواصلة السير والثبات لذلك جعل الإمام البنا الثبات من أركان البيعة العشرة. 
سادسا: يحدث أن يضعف أثناء المحن بعض من كانوا في مواقع مسئولية قبل المحن فيظن البعض ان ذلك دليل على سوء اختيار القيادات وان الامور تسير بلا دقة او بمجاملات وهذا فهم خاطئ غير صحيح، فإن قدرتنا كبشر لا تمكننا من أن نعرف أن فلانا اذا تعرض لمحنة سيثبت او لا يثبت ولكن يحدث الاجتهاد عند الاختيار بما يظهر والقلوب والغيب عند الله. 
سابعا: من الانحراف أو الخطأ أن نعطل حكمة الله من المحن وهي التمحيص وتمييز الرجال!
ثامنا: كذلك من الانحراف ألا نعذر من لم يتحمل الأذى لشدته وبدا منه ضعف دون ان يتحول او ينقلب على عقبيه، فلا يصح ان يوصد الباب في وجهه او يحال بينه وبين العمل للدعوة. 
تاسعا: ومن الانحراف عن الأصل إزاء المحن أن يصبح همنا هو كيف يوقف الإيذاء والتعذيب عن الافراد باي صورة ولو على حساب الدعوة والعمل الاسلامي كان نذل انفسنا لاحد من الظالمين او نبرم اتفاقات فيها تنازل عن شيء من اصول الدعوة.
عاشرا: هناك فاهم خاطئ يقع فيه البعض بأن يظنوا أن المحن ضربات قاصمة أو قاضية أو مقعدة أو هدم لكل ما تم بناؤه بما يثبط الهمم، إذ لا يُعقل أن تكون المحن ضارة بالدعوة والدعاة وهى سنة الله في الدعوات فمن سبب المحن انتشار أفراد في أنحاء العالم ونشروا الدعوة في هذه الأنحاء. 
حادي عشر: ومن الانحراف عن الأصل التوقف عن الدعوة والحركة حتى لا نتعرض إلى أذى جديد! وهذا يؤكد أن إقرارات التوبة المزعومة ليست إلا خدعة وخروجًا عن تعليمات الجماعة. 
ثاني عشر: كذلك لا تكون المحن سببا في أن نقصر نشاطنا على الجوانب التي لا تثير الأعداء أو الحكام كالعبادة والعلم والذكر مثلا، ونترك التشريع والحكم والجهاد إلى غير ذلك مما يتخوف منه الأعداء، ولكن يمكن ترتيب الاوليات.  
ثالث عشر: أن يتطرق اليأس إلى بعض الأفراد بسبب المحن وشدتها وطولها وتضعف الثقة في الله وتأييده والثقة في المستقبل وما نأمل أن نحققه فيه من اهداف ودلنا الامام الشهيد اننا اذا راينا العقبات على الطريق نتذكر بجوارها عوامل النجاح التي لا تثبت امامها عقبة  وهى اننا ندعو بدعوة الله وان العالم كله في حاجه الى هذه الدعوة واننا بحمد الله براء من المطامع الشخصية بعيدون عن المنافع الذاتية ولانقصد الا وجه الله وخير الناس واننا نرقب تأييد الله ونصرته.

الموقف أمام الأعداء وقوتهم:

ويستكمل مشهور خطته للمعالجة النفسية والحيل الدفاعية التي يجب أن يستخدمها الأعضاء أمام أعدائهم وقوتهم محذرا من الأمور التالية. 
استعظام قوة الأعداء بصورة ترتب الخوف أو الضعف أمامهم أو الإحجام عن مواجهتهم وايضا تهوين قوة الاعداء بصورة تدعو الى عدم الاستعداد المناسب بما يعرض قوة المؤمنين للهزيمة او القضاء عليها او الابادة فذلك يعتبر انحرافا وحذر مشهور من سوء اختيار القيادات العسكرية – في اعتراف صريح باستخدام القوة والمصطلحات الحربية وهو امر كانت الجماعة تنكره باستمرار – ( صفحة 112 ) ويكمل بان تكون من غير المختصين والاكفاء فينعكس ذلك على العمل الجهادى ويرتب هزائم وخسائر فادحة فالواجب اختيار القيادة العسكرية التي تجمع بين قوة الايمان والقدرة الفنية والكفاءة الشخصية دون مجاملات، فالقضية ونتائجها أيضا خطيرة ومن الانحرافات في هذه المواقف الفرقة والخلاف خاصة بين القيادات والارتجال وعدم وضع خطة والاستجابة للمثبطين والمنافقين والتأثر والإعجاب بالكثرة ومن الانحراف في مواجهة الاعداء والاعجاب بوفرة السلاح واغفال ان النصر من عند الله والتثاقل إلى الارض وعدم الاستجابة الى النفير العام مما يعرض المسلمين للهزيمة ومن اخطر الانحرافات الاحباط النفسي والانهزام الداخلي.

استراتيجيات بقاء الجماعة:

الكاتب ضياء رشوان
الكاتب ضياء رشوان
يقول نقيب الصحفيين الكاتب ضياء رشوان: إن الإخوان عندما يتحدثون  فيما بينهم عن كل «محنة»، فإنهم يضعون نفسهم دوماً في موضع «الضحية» التي تتكالب عليها النظم الحاكمة المستبدة والخارجة عن صحيح الإسلام، لتحظر نشاطها، وتعتقل وتعذب قياداتها وأبناءها وتعدم رموزها، فهكذا يتناقل الإخوان عبر أجيالهم كتابة وشفاهة تصوير «المحن»، ويستخدمون روايتها، لحفز أعضاء الجماعة، وتأهيلهم دوماً، وفي أي لحظة، للصدام مع أي نظام سياسي، فإذا هزموا كان تبرير «المحنة» هو الجاهز دوماً، لإقناعهم بأنهم «الضحية»، وأنهم قادرون على الاستمرار، والخروج منها كما حدث من قبل في المرات الثلاث
وتمر الجماعة بعد كل أزمة تمر بها بمراحل معينة حتى يستطيعوا إعادة بناء التنظيم مرة أخرى، تتمثل في:

الإستراتيجية الأولى: امتصاص الأزمة:

في هذه الفترة يكون التنظيم في أعلى مراحل تأهبه محاولا بكل السبل أن يمتص الأزمة؛ حتى لا تتفاقم مثلما فعل حسن البنا عقب إصدار قرار حل الجماعة ومحاولة تواصله مع الحكومة
وفي هذه المرحلة تكمن أهمية إدراك الأزمة، فإدراك المشكلة جزء كبير من الحل، وهو ما برع فيه التنظيم، باستثناء ما حدث بعد 30 يونيو، فحتى الآن لم يدرك الإخوان أن مشكلتهم تكمن في صدامهم مع الشعب المصري وليس مع السلطة أو مؤسسة الجيش؛ ولذلك فإن الجماعة لن تستطيع إعادة ترميم نفسها إلا إذا أدركت مكمن أزمتها بالضبط. 

الاستراتيجية الثانية: مرحلة الانتشار:

في هذه المرحلة يسعى التنظيم إلى نشر أعضائه على أكبر عدد ممكن من القواعد، محاولاً تدارك الأزمة وإثبات قوته للضغط على النظام؛ لتقليل خسائره ومحاولة التفاوض مع إظهار أنه طرف قوي وله شعبية في الشارع، وفعلا ذلك حدث أثناء 30 يونيو وبعدها مباشرة، فالجماعة حاولت حشد أنصارها للرد على التظاهرات المناهضة لهم، ثم حشدوا أنصارهم في ميداني رابعة العدوية والنهضة، في محاولة للضغط على السلطة والإفراج عن محمد مرسي وتسليمهم السلطة مرة أخرى.

الاستراتيجية الثالثة: مرحلة إلقاء اللوم:

تتمثل هذه الاستراتيجية في الاختباء، فحينما يفقد التنظيم الأمل في العودة للوضع السابق، ينزوي التنظيم، وتبدأ مرحلة اللوم والعتاب وإلقاء كل طرف الخطأ على الطرف الآخر، هذا ما فعله البنا مع عبد الرحمن السندي قائد التنظيم الخاص بعد اغتيال النقراشي، وهذا ما يفعله ما تبقى من التنظيم الآن من إلقاء اللوم على قيادات الإخوان وعلى رأسهم بديع والشاطر.

الاستراتيجية الرابعة: الانزواء والانكفاء على بقايا التنظيم:

في هذه المرحلة يحاول التنظيم الانزواء والسير في ركب الرأي العام السائد في المجتمع، ولا يحاول التصادم نهائيا مع السلطة، بل العكس يحاول مهادنتها وإظهار التسليم بالأمر الواقع؛ حتى لا يتم القضاء على ما تبقى من التنظيم، حدث هذا بعد أزمة 1965 وبعد إعدام سيد قطب وحظر الجماعة.

التلمساني:

التلمساني
التلمساني
وفي هذه المرحلة يعمل التنظيم على بناء نفسه من الداخل، ورسم قواعده من جديد، وهو ما فعله حسن التلمساني الذي اعتبر المؤسس الثاني للجماعة، فبعد أن عصف الصدام بين عبد الناصر والجماعة بها، استطاع هو بناءها من جديد
وكان التلمساني هو أول مرشد يعمل على ترميم شرخ التنظيم، وحاول إبعاد القطبيين عن المشهد السياسي، حيث كان يطلق عليه "حكيم الجماعة" أو "صمام أمانها"
وكان هو صاحب قضية التوافق الشهيرة بين النظام والتنظيم، بعدما اتفق الرئيس الراحل أنور السادات، مع الجماعة على الإفراج عن أنصارهم وشبابهم من السجون، مقابل ضرب قوى اليسار والشيوعيين في الشارع والجامعات.

الإستراتيجية الخامسة: التصادم مرة أخرى:

بعد إعادة بناء التنظيم وعقد صفقات مع السلطة بحيث تترك لهم مساحة للتحرك فيها كما حدث في عهدي السادات ومبارك، يستغل التنظيم أي فرصة يتمرد فيها الرأي العام على النظام في أي قضية لينضم التنظيم إلى هذا التمرد حتى يظهروا بمظهر المعارضة وفي نفس الوقت يربحون كارت مع قوى المعارضة، ويحاولون ركوب الموجة ليظهروا بمظهر المحرك للأحداث ليربحوا كارت أكبر من النظام، بدلا من الوقوف عند مرحلة تلقي هبات السلطة فيبدؤون بإملاء بعض الشروط وهكذا تستمر اللعبة 
وهكذا فإن الجماعة استمرت لمدة 80 عاما بعد تلقيها ضربات كبيرة وموجعة استطاع بعدها التنظيم بناء نفسه من جديد بل والوصول إلى مراحل قوة أكبر من سابق عهده عكس مثلا تيارات اليسار التي لم تستطع إعادة بناء نفسها حيث إنها لم تتبع أي استراتيجيات وتركت نفسها للتفتيت
العرض السابق يضع أمامنا ما قد يحاول الإخوان فعله في السنوات القادمة لإعادة إحياء التنظيم، لكن قد تختلف التجربة هذه المرة؛ لأن صدامهم- هذه المرة- كان مع الشعب المصري ،الذي كشف اسلوب ونهج الجماعة، وباتت لعبة "نحن مضطهدون نحن ضحايا نحن مظلومون نحن لم نأخذ فرصة" كل ذلك كشفه المصريون، في ظل حكم المخلوع مرسي وجماعته، ومن الصعب ان تنجح "جماعة" مهما كانت قدراتها علي المناورة، في خداع شعب اما خداع انفسهم بما كتبه مصطفي مشهور لهم كمنهج في فقه الدعوة فلا علاج منه.

شارك