الإخوان في الأردن والانهيار من الداخل

الخميس 05/مارس/2015 - 03:43 م
طباعة الإخوان في الأردن
 
على الرغم من أن جماعة الإخوان المسلمين في الأردن حاولت منذ تأسيسها أن تكون نموذجا براجماتيا داخل المملكة الأردنية تستفيد من الدولة أكثر مما تعطيها، إلا أنها فشلت في ذلك على مستوى إدارة الصراع داخلها؛ حيث تشهد حاليا صراعا حادا بين جناحي الصقور الذي يتزعمه الدكتور همام سعيد المراقب العام للجماعة، والدكتور رحيل الغرايبة القيادي السابق والذي فجر تأسيس إطار سياسي جديد يسمى «المبادرة الأردنية للبناء» «زمزم». 
الإخوان في الأردن
الانقسام داخل الجماعة وصل ذروته بقرار الجماعة فصل قيادات المبادرة من حركة الإخوان، ومن بينهم مؤسسها ومنسقها، وعلى الرغم من أن الحكومة الأردنية شددت على عدم تدخلها في الشأن الداخلي للجماعة، من خلال تأكيد عبدالله النسور رئيس الوزراء الأردني على أن الحكومة لا شأن لها بالمشاكل بين أعضاء جماعة الإخوان المسلمين، مؤكدا أن وزارة التنمية الاجتماعية التي فصلت في الأمر حيادية وليس لها أية علاقة بالطرفين، ولا تنصر أحدهما على الآخر لأنها استدعت نفسها بالإعلان عن أنها ستمنح ترخيصا للمجموعة الجديدة صاحبة مبادرة "زمزم"، بعد موافقة مجلس الوزراء الأردني على طلب المراقب العام السابق لجماعة الإخوان المسلمين عبد المجيد ذنيبات، وقيادات من الجماعة بتصويب وضع الجماعة، لفك ارتباط إخوان الأردن عن جماعة الإخوان المسلمين في مصر، وإصدار ترخيص جديد للجماعة من قبل وزارة التنمية الاجتماعية، وأن الأموال والممتلكات العائدة للجماعة حاليا ستؤول بحكم القانون إلى الذين حصلوا على الترخيص الجديد لها، على اعتبار أن الجماعة لم تحل من الأصل، ولكن تم تصويب أوضاعها بترخيص جديد وفق سجل الجمعيات الخيرية، وأنه لو كان هناك حل للجماعة فإن أموالها ستؤول إلى صندوق حكومي خاص وفق القانون، ولكن ليس هناك حل وإنما ترخيص جديد وتصويب أوضاع، وبالتالي فالأموال والممتلكات تؤول إلى قيادة الجماعة التي حصلت على الترخيص، وحسمت مسألة النظر في الترخيص بالموافقة على طلب الهيئة السياسية الجديدة والمؤلفة من عبدالمجيد الذنيبات، وعلى الطراونة، وخليل عسكر، وممدوح المحيسن، وقاسم الطعامنه، وإرحيل الغرايبه، ونائل مصالحه، وجبر أبو الهيجاء، أمين القضاه، وعبدالله سرحان.

الجماعة وحماس

الجماعة وحماس
 وردت الجماعة على التدخل الحكومي في أزمتها بدعم حركة حماس أمنياً وعسكرياً، من خلال مشاركة أعضاء منها في تدريبات عسكرية في قطاع غزة، وتدريب عدد منهم على سلاح الكلاشنيكوف، وتصنيع المواد المتفجرة، وتجنيد أعضائها لعناصر من أجل تنفيذ عمليات عسكرية داخل الضفة الغربية وكيفية صنع المتفجرات والعبوات الناسفة والقنابل والصواريخ؛ مما دفع القضاء الأردني إلى إحالة 16 من الجماعة محكمة أمن الدولة الأردنية لاتهامهم بدعم حركة «حماس» أمنياً وعسكريا ليرد سعود أبو محفوظ الناطق باسم الجماعة بقوله: "الإخوان يشعرون بأن هناك خلط رسمي للأوراق، ويعلنون إعادة تصويب الجماعة واليوم يرسلون شبابنا إلى محكمة عسكرية، وأن جماعته تواجه استهدافاً رسمياً متجدداً وانقلاباً متعدداً على كل ما هو قديم".
 الخلافات بين أعضاء الجماعة تعد امتدادا لصراع داخلي على قيادة الجماعة في الأردن.. حاول عبد المجيد الذنيبات المراقب العام للجماعة السابق و49 قياديا من الجماعة حسمه بتقديم طلبا إلى الحكومة لترخيص الجماعة من جديد، وهو الأمر الذي أدى إلى خلاف مع قيادة الجماعة، وعلى رأسها المراقب العام الحالي الدكتور همام سعيد، التي قررت فصل كل الذين تقدموا بطلب ترخيص جديد والذي أكد على أنه "بعد صدور قرار الترخيص فإن القيادة الحالية للجماعة أصبحت منحلة وفاقدة للشرعية، وأنه سيتم تشكيل قيادة مؤقتة من الذين تقدموا بطلب الترخيص الجديد".
 وكشف علي أبو السكر القيادي في الجماعة عن أنه في ظل قرار الحكومة ترخيص جماعة الإخوان المسلمين أصبح لدينا هيئتان قانونيتان، واحدة اسمها جمعية الإخوان المسلمين وهي التي تم ترخيصها حديثا، وجماعة الإخوان المسلمين المرخصة منذ عام 1945، وأن هناك إدانة من قبل هيئات الإخوان لقيام مجموعة من الإخوان بالتقدم بطلب ترخيص، وأنهم اتخذوا طريقا آخر وهم الآن مفصولون من الجماعة، وأن هناك بحثا داخل الجماعة الآن حول تشكيل مكتب تنفيذي جديد توافقي، ولكن بمعزل عن المفصولين.
 جماعة الإخوان في الأردن بدأت في التخبط بإعلانها أن مجلس شورى الجماعة بحث قضية الترخيص الجديد وكيفية التعامل معه، إلا أنه لم يتوصل إلى قرار، وتم الاتفاق على إبقاء مجلس الشورى في انعقاد دائم للتوصل إلى قرار، وأن الاجتماع ناقش فكرة تشكيل مكتب تنفيذي جديد للجماعة يكون توافقيا، علاوة على اختيار مراقب عام جديد يكون أيضا توافقيا، وأن عددا من القيادات المعتدلة في الجماعة طرحت فكرة أن يستقيل المراقب العام الحالي الدكتور همام سعيد، ويتم اختيار الدكتور عبد اللطيف عربيات مراقبا عاما جديدا كمدخل للتوافق داخل الإخوان المسلمين؛ لمعالجة الخلاف القائم مع ذنيبات والقيادات التي تم فصلها قبل أسبوعين، على خلفية طلب الترخيص، وخلال الاجتماع ظهر أكثر من رأي بخصوص المراقب العام؛ إذ تمسك التيار المتشدد- وعلى رأسه المراقب العام الحالي- بعدم تغيير المراقب العام والاكتفاء بتغيير المكتب التنفيذي للجماعة، في حين طالب رموز التيار المعتدل بأن يكون هناك تغيير للمراقب العام للجماعة للحفاظ على وحدة الجماعة، والدكتور عربيات هو من الشخصيات التاريخية في جماعة الإخوان المسلمين، ويحظى بتقدير وتأييد واسعين داخل الجماعة، ومن الشخصيات المعتدلة في الحركة الإسلامية، ويحظى كذلك باحترام داخل الأوساط السياسية والرسمية الأردنية. 

سجال الإخوة

سجال الإخوة
في محاولة من الجماعة لإعادة أسلوبها البراجماتي مع الدولة الأردنية دعا المراقب العام لجماعة الإخوان همام سعيد العاهلَ الأردني الملك عبدالله الثاني إلى التدخل لوقف إجراءات "تصويب الجماعة"؛ لأن وجود الجماعة القانوني والواقعي والمجتمعي والجماهيري حاضر، وأن التهديدات بحق الجماعة مألوفة منذ زمن، وفي الوقت الحالي أرادوا بقاء ملف الإخوان على الطاولة عبر تهديد مباشر بأن يدعى عدد من الناس لتقديم تصويب للجماعة وهي ليست بحاجة له، واقتراح تشكيل لجنة قيادية عبر شخوص تقدموا بتصويب وضع الجماعة، وهو أمر لم يعتد عليه الإخوان، فأعمالهم بالشورى وقياداتهم منتخبة.
 ليرد عليه عبدالمجيد ذنيبات بأن تحركه ليس نتاج صفقة مع السلطات لتأسيس كيان بديل للإخوان يكون متوافقا مع سياسات الدولة، قائلا: "لسنا انقلابيين نحن تصحيحيون، ولقد تقدمت وإخوان لي بطلب لتصحيح وضع الجماعة القانوني بعدما تم حظرها في مصر والمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات، وباتت توصف بكونها جماعة إرهابية محظورة والذي لا يعلمه كثيرون أن جماعة الإخوان بالأردن تم تسجيلها عام 1945 على أنها فرع لجماعة الإخوان بمصر، وبما أن الفرع يتبع الأصل فقد تخوفنا من أن نواجه نفس المصير، وأن هذا التحرك جاء بعد أن رفضت القيادة الحالية فصل الجماعة عن التنظيم في مصر".
الوضع المتأزم للجماعة في الأردن يجعل مستقبلها السياسي على المحك؛ حيث إنها بذلك تكون قد حصلت على عدة تراخيص، الأول عام 1946، والثاني عام 1953، والثالث عام 2015 م وأصبح لها اسمان، هما "جمعية الإخوان المسلمين" و"جماعة الإخوان المسلمين"، وقيادة حالية شرعية بحكم القانون، وقيادة تاريخية غير شرعية باسم القانون أيضا؛ ليكون بذلك في المملكة الأردنية شخصان يحملان لقب المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين، وستكون هناك قيادتان للمكتب التنفيذي ومجلس الشورى.

شارك