مع بدء تحقيقات موسعة.. الجزائر في مرمى التشيع ومخاوف من صراع مذهبي

الإثنين 27/أبريل/2015 - 02:25 م
طباعة مع بدء تحقيقات موسعة..
 
يتصاعد المد الشيعي بشكل لافت للنظر، سواء في الجزائر أو دول المغرب الغربي وشمال إفريقيا عموما، في غياب تام لاستراتيجية المواجهة، في مقابل مشروع كامل متكامل من جانب دولة إيران في نقل التشيع إلى أقصى البقاع، ضمن خطة تصدير الثورة التي انطلقت بعد نجاح الثورة الخمينية.
وأصبحت الجزائر في مرمى التخوفات من انتشار المذهب الشيعي الاثني عشري المدعوم من الجمهورية الإسلامية في إيران، فقد رصد مراقبون ورجال الأمن العديد من المدن التي ينشط فيها مروجو المذهب الشيعي بين الشباب الجزائري.
والأمن الجزائري أكثر قلقا من اتساع التمدد الشيعي في الجزائر، في ظل وجود صراعات أهلية بين وقت وآخر بين أتباع المذهب الإباضي وأتباع مذهب أهل السنة في خاصة جنوب الجزائر.

خلايا إيرانية

خلايا إيرانية
تُجري مصالح الأمن الجزائري تحقيقات معمقة حول تشكيل خلايا إيرانية تعمل على نشر المذهب الشيعي في البلاد، وترتكز التحقيقات الأمنية على ولايات كبرى مثل العاصمة الجزائرية وعنابة ووهران وباتنة وخنشلة وأم البواقي وعدد من مدن غرب وشرق البلاد.
وكشف مصدر أمني مطلع لشبكة "إرم" الإخبارية، أن "المصالح الأمنية تقوم بتحريات معمقة خشية استغلال خلايا التيار الشيعي لفعاليات تظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية 2015، خصوصا بعد العثور على مطويات ومناشير سلفية تحذر من تنامي هذا التيار الذي يحاول غزو المجتمع الجزائري، ومن ذلك ترويج مجلة "رسالة الإسلام" المتخصصة في المذهب الشيعي والتي تصدرها دار التقريب المصرية".
وانتشرت في الآونة الأخيرة كتب صغيرة ومطويات شيعية في مساجد العاصمة، تحت عنوان "أدعية طواف وسعي"، تعلم المصلين كيفية الدعاء أثناء تأدية العمرة أو الحج، والأغرب حسب محتوى الكتب التي وجدت في تلك المساجد أن جزءا منها كتب بالفارسية.
كما يتم توزيع كتب ومجلات بين الشباب والطلبة خاصة، مثل "مرآة الأنوار ومشكاة الأسرار"، "تفسير العسكري"، "مجمع البيان"، "تفسير الكاشي"، "تفسير العلوي"، "تفسير السعادة للخرساني" و"مجمع البيان".
وقد كشف ذلك حكم القضاء الجزائري، في فبراير 2014، بالسجن على مواطن مغربي تم اتهامه بتشكيل خلية لنشر المذهب الشيعي في الجزائر ودول الجوار، فضلا عن الاحتجاجات التي عمت محافظة وهران، في نوفمبر 2013؛ بسبب نشاط أحد المساجد في نشر المذهب الشيعي، كما وُجِّهت اتهامات للسفارة الإيرانية في الجزائر بسبب توزيعها كتبًا تدعو للتشيّع، صادرتها السلطات الأمنية الجزائرية عام 2012.

آلاف الجزائريين تشيّعوا

آلاف الجزائريين تشيّعوا
لا يستطيع المراقبون تقدير عدد الشيعة في الجزائر، ولكن الصادق السلايمية أحد "الرموز الشيعية بالجزائر" يرى أن هناك 75 ألف شيعي جزائري، أما التيارات السلفية فيقدرونه شيعة الجزائر بـ 3 آلاف، فيما يرى الدكتور محمد بن بريكة، المنسق الأعلى للطريقة القادرية في الجزائر وعموم إفريقيا، في احدى محاضراته: أن الشيعة في الجزائر موجودون وهم الآن حوالي ٣٠٠ ألف شيعي جزائري.
وصنف تقرير صادر عن الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين، الجزائر في الصنف الثاني من بين الدول الإفريقية التي يستهدفها التشيع الإيراني عبر دوائر رسمية، غالبا ما تتم عبر السفارة الإيرانية أو بعض الدوائر الرسمية هناك، وجرى التأشير على الجزائر باللون الأحمر الفاتح للدلالة على تفاقم خطر التشيع في البلاد.
ويستند دعاة التشيّع في الجزائر ومنطقة المغرب العربيّ في هذا الصّدد أيضا على دعوى أخرى كاذبة خاطئة مفادها أنّ البربر احتضنوا الدّولة العبيديّة الشّيعيّة، وهي دعوى ينقضها تاريخ المنطقة الحافل بالثّورات التي لم تخمد ضدّ هذه الدّويلة منذ ظهور حقيقتها إلى انحسارها وانكسارها سنة 362هـ، ومن الدّعاوى أيضا الاستدلال على تجذّر التشيّع في المنطقة بانتشار أسماء أئمّة وأعلام أهل البيت- رضي الله عنهم- كعليّ وفاطمة والحسين وزينب، بين الجزائريين خصوصا وأهل المغرب العربيّ عموما، وهي دعوى ينقضها أنّ أهل المغرب العربيّ يتسمّون أيضا بأسماءَ لا يمكن أن يتسمّى بها الشّيعة كأبي بكر وعمر وعثمان وعائشة، وهو ما يدلّ على تمسّك أهل هذه المنطقة بعقيدة أهل السنّة في الجمع بين محبّة أهل البيت ومحبّة الصّحابة، رضي الله عنهم أجمعين.
وتعتبر الجزائر البلد السني الوحيد الذي يدرج عاشوراء في خانة أيام العطل مدفوعة الأجر، كعيدي الفطر والأضحى، والمولد النبوي الشريف، وهو الأمر الذي يعارضه أنصار التيار السلفي، ويعتبرونه انحيازا غير مبرر وخدمة مجانية لغير المذهب السني.
وشهدت الاحتفالات التي أقامها الشيعة بمدينة كربلاء العراقية بمناسبة إحياء أربعينية الإمام الحسين، السنة الماضية، مشاركة شيعة الجزائر الذين رفعوا العلم الوطني في سماء كربلاء لأول مرة منذ بداية انتشار الشيعة في بلادنا. 
وفي هذا السياق، نشر مركز الأبحاث العقائدية الشيعي، عبر موقعه الإلكتروني ضمن ركن "المستبصرون"، عدد من المداخلات لجزائريين اعتنقوا هذا المذهب، يتحدثون عما يسمونه بـ"القمع" و"المضايقات"، ويطالبون القائمين على هذا المركز بدعمهم بالكتب والمرجعيات الشيعية الدينية، وكانت أبرز المداخلات لأحد الشباب من ولاية شرقية الذي تشيع سنة 2014، كتب يقول: "اللهم صل على محمد وآل محمد، الشيعة هو المنهج الحق، ليتني تعلمته في المدرسة في صغري، ضاعت مني سنون وأنا في الظلمات، الحمد لله على التوفيق".

خريطة انتشار الشيعة بالجزائر

خريطة انتشار الشيعة
ينشط التشيع في بعض الولايات والمدن الجزائرية مثل الجزائر العاصمة، باتنه، تبسة، خنشله، تيارت، سيدي بلعباس، قسطينة، سطيف، برج بوعريريج، سيدي خالد، وهران، عين الدفلى والشليف، وعين تيشمونت وتبارب.
وهناك العديد من الأسباب لتصاعد المد الشيعي بشكل لافت للنظر في الجزائر، وينتشر التشيع في ولايات الجزائر العاصمة والبليدة وعين تيموشنت، مستغانم، الوادي، قسنطينة، باتنة، خنشلة، أم البواقي، عنابة، تبسة وسكيكدة.
الاقتصاد
يُعد تعزيزُ الحضور الاقتصادي لإيران إقليميًّا أحد أهم ثوابت السياسة الإيرانية، فهناك أكثر من 15 شركة إيرانية بالجزائر وفقا لسفير الجزائري في طهران سفيان ميموني.
الثقافة
تشكل الثقافة أيضا جزءا مهما في التمدد الشيعي بالجزائر، فقد نجحت السفارة الإيرانية، خلال الاعوام الماضية، في فتح مراكز ثقافية لها في كبريات المدن الجزائرية، ترعى عن بعد وفي سرية نشاط المجموعات الشيعية، في إطار استراتيجية قديمة سنها آية الله الخميني بتصدير "الثورة الإسلامية" في عمق القارة السمراء انطلاقا من الجزائر.
وذكرت وكالة أنباء "براثا" العراقية أن "الأنشطة الثقافية، وخطاب المقاومة من أسباب تحول الجزائريين إلى المذهب الشيعي". وحسب التقرير "ترعى جمعيات وتنظيمات أهلية وثقافية هذا التبادل، وبعضها تمت تسوية وضعه القانوني والآخر يعمل دون اعتراف رسمي، وأمام أعين السلطات". 
كما تشير تقارير إعلامية إلى أن السفارة العراقية الموالية لحكومة الأحزاب الدينية في بغداد كثفت من أنشطتها ذات الصبغة الثقافية والفنية في الجزائر، عبر الاستقدام الدوري لفنانين ومثقفين من أجل تحقيق الاحتكاك اللازم، والتشجيع على التبادل وتأسيس جمعيات أهلية وثقافية تتبنى الفكر الشيعي.
المنح الدراسية 
وتشكل المنح الدراسية إلى الجامعات الإيرانية، أحد أهم أسباب انتشار التشيع في الجزائر، فحكومة خامنئي تتحمل تكاليف السفر إلى إيران، وذكرت تقارير إعلامية أن هناك إحدى الجمعيات الثقافية في الرباط سهلت سفر الطلاب الجزائريين إلى إيران.

أبرز المتشيعين

أبرز المتشيعين
ويعد المتشيع هاني إدريس، أبرز المتشيعين الجزائريين في البلاد، والذي كان له علاقات وطيدة مع مهندس شيعي من ولاية وهران، ومع شيخ شيعي في المنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية.
وهناك الصادق سلايمية، وكان ينشط في حركة الإصلاح الوطني التي كان يترأسها عبد الله جاب الله، بالإضافة إلى جمال بن عبد السلام وهو رئيس حزب سياسي حاليا، والذي كان في وفد زيارة الأسد المخترق من طرف المتشيعين، وهناك عدة فلاحي المستشار الإعلامي السابق لوزير الشئون الدينية والمدافع بشكل ما عن المتشيعين، ومحمد العامري، وهو المشرف على شبكة (شيعة الجزائر) الإلكترونية.
وتعتبر مطالب الشيعة الجزائريين، بالإضافة إلى الاعتراف الديني لا يمكن عزلها عن المطالب السياسية، فالانتخابات المحلية والتشريعية السابقة، وحتى التي قبلها شهدت محاولات منهم لاختراق بعض الأحزاب السياسية، وترشحهم في بعض القوائم، كما أن أبرز رموزهم الحالية كانت تنشط في أحزاب سياسية، وقد يكون هذا محاولة تمدد داخل الأجهزة الإدارية لتمكين المتشيعين وتسهيل نشاطهم بطرق مختلفة، وربما يسعون إلى تأسيس أحزاب سياسية في المرحلة المقبلة.

مستقبل التشيع في الجزائر

مستقبل التشيع في
أصبح الآن هناك عائلات كاملة تتبع متشيعة، وتتبع المذهب الاثني عشري، وظاهرة التشيع في تنامٍ ليس بوتيرة عالية، ولكن بصورة متعرجة وفقا للأحداث السياسية في الداخل الجزائري والعلاقات الخارجية، ولكن أكثر ما يقلق الحكومة والسلطات الأمنية بالجزائر هو أن يتم تشكيل ميليشيات شيعية على غرار ما حدث في دول عربية أخرى، وتزيد من حالة الصراع المذهبي بالبلاد مع وجود مناوشات واشتباكات من حين لآخر بين الإباضية وأهل السنة. 

شارك