حرب الفتاوى السلفية حول شرعية "حزب النور"
الثلاثاء 16/يونيو/2015 - 01:47 م
طباعة
في حالة أقرب ما تكون إلى الكوميديا السوداء.. أو تكون أقرب إلى ما يسمى مسرح العبث، حيث تهاجم الأحزاب الدينية حزب النور على أنه حزب "ديني"، ويدافع حزب النور بكل قوته عن هذا الاتهام، ويقر بأنه ليس حزبًا دينيًّا، ويستند إلى حكم القضاء بتبرئته من هذا الاتهام، رغم أن معظم بل الغالبية العظمى من كوادره وأعضائه من أصحاب اللحى والناشطين في حقل الدعوة السلفية، ولا يدع فرصة من الفرص في أي لقاء تليفزيوني إلا ويؤكد على أنه حزب ذات مرجعية إسلامية.
لم ينته العبث عند هذا الحد، فحينما يتقدم فريق من السلفيين بالهجوم على الحزب بأنه تخلى عن مرجعيته، وأنه ليس حزبًا دينيًّا يقوم بمهاجمة هذا الفريق- يقوم أعضاء الحزب والدعوة السلفية بمهاجمة هذا الفريق، ويؤكدون على أنهم حزب ديني وملتزم دينيًّا؛ مما يضعنا في حيرة في التعامل مع هذا الحزب؛ ما يؤكد على أن حزب النور وأعضاءه يعانون من طفولة سياسية، ولا يعلمون الكثير عن اللعبة السياسية، وشبههم البعض بالهواة في هذا المجال.
حرب شرعية تأسيس الأحزاب
عادت الحرب مجددًا للاشتعال بين السلفيين بعضهم البعض؛ بسبب مدى جواز تأسيس الأحزاب السياسية شرعًا، حيث أصدر الداعية السلفي محمد سعيد رسلان فتوى جديدة له عبر موقعه الرسمي حرم فيها تأسيس الأحزاب السياسية، وبالأخص الأحزاب ذات التوجه الإسلامي، معتبرًا الأمر تشبهًا بالشيعة والخوارج.. ولم يكتف رسلان بتحريم تأسيس الأحزاب فحسب بل حرم الالتحاق بها والانضمام إلى فعالياتها، مطالبًا المواطنين بمقاطعة هذا العمل، واختص الداعية السلفي المقيم في المنوفية في فتوى سابقة له حزب النور؛ حيث أكد أنه حزب لا يمت للسلفيين بأي صلة ولا يجوز المشاركة فيه على وجه الخصوص لمتاجرته بدينه..
في نفس الصدد، كان الشيخ محمود الرضواني- الداعية السلفي الشهير- قد أصدر فتوى هو الآخر حرم فيها المشاركة في الأحزاب السياسية، والتصويت في أي انتخابات، مهاجمًا هو الآخر حزب النور على وجه الخصوص، وحرم المشاركة فيه متهمًا إياه بأنه حزب إخواني تكفيري قطبي مُختفٍ في رداء السلفية.. وفي ضوء تلك الحرب الضروس على حزب النور والأحزاب بوجه عام، أطلق ياسر برهامي- نائب رئيس الدعوة السلفية- رجاله للتأكيد على جواز تأسيس الأحزاب والمشاركة فيها، خوفًا على القاعدة السلفية لحزب النور من الانهيار بعد الفتاوى الأخيرة التي أطلقها الثنائي الرضواني ورسلان، وفي هذا الصدد كشف الشيخ جمال متولي- القيادي بالدعوة السلفية وحزب النور- على نية السلفيين في إطلاق محاضرات شرعية في جميع المحافظات المصرية للرد على ادعاءات بعض الشيوخ المنتسبين للفكر السلفي بشأن عدم جواز تأسيس الأحزاب، مؤكدًا على أن هذه الفتوى غير صحيحة بالمرة، وأن تأسيس الأحزاب جائز شرعًا لما فيه من منفعة ومصلحة للناس.
وفي نفس إطار الجهود السلفية أيضًا للرد على علماء السلفية المدخلية مثل محمد سعيد رسلان ومحمود الرضواني، تحاول الدعوة السلفية استغلال بعض شيوخها أصحاب الشعبية الجارفة للتأكيد على وجوب المشاركة في الانتخابات البرلمانية ودعم الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية فيها إشارة لحزب النور، حيث قام الشيخ مصطفى العدوي بالتأكيد على هذا في برنامجه، وشدد على أن تأسيس الأحزاب يجوز شرعًا بشرط أن تكون مرجعيتها هي الإسلام، كما طالب المسلمين بدعم الأحزاب ذات المشروع الإسلامي- في إشارة منه لحزب النور. وعن هذا الجدل الدائر حاليًا بين السلفيين، قال الشيخ عزت صبري- الداعية الإسلامي- أن الانتماء للأحزاب وتأسيسها يجوز شرعًا الانضمام إليها، نافيًا وجود إلزام شرعي للانضمام إلى أي حزب بعينه- كما ردد البعض بشأن حزب النور.
وأضاف صبري: "الإسلام يتيح الانضمام إلى أي حزب أيًّا كان بشرط أن يكون له أجندة تخدم الوطن والمجتمع، وتعين على طاعة الله، أما ما حرمه الإسلام هو التعصب الحزبي وجعله يسبق التعصب للدين أو الوطن".