الصيام في المسيحية – رمضان القبطي (2)

الخميس 25/يونيو/2015 - 05:20 م
طباعة
 
يتشارك المصريون في هذه الأيام مسلمون ومسيحيون فرحة الصوم ۔۔ المسلمون يصومون رمضان، والمسيحيون يصومون صيام الرسل وكما للصيام مكانة خاصة عند المسلمين، باعتباره احد الأركان الأساسية للعقيدة، كذا الحال عند المسيحيين۔
سنتناول في هذه الحلقات الخاصة مفهوم الصيام ومقاصده في المسيحية، وسيلحظ القارئ اتفاق المفاهيم والغايات والمقاصد التي يهدف لها الصيام في المسيحية والإسلام وكل عام والجميع بخير۔
الحلقة الأولى:

الصوم والبهجة الحقيقية 

 تشير الوصية الخاصة بالصوم إلى نقاوة القلب أيضًا، وهو موضوع مرتبط . لأنه ينبغي لنا عند الصوم أن نحذر من تسلل حب الظهور والرغبة في مديح الناس إلينا، الأمر الذي يجعل القلب مزدوجًا، غير نقي وغير سليم فلا يستطيع أن يدرك الله.
ومتى صمتم فلا تكونوا عابسين غاضبين ثارئين كالمرائين. فإنهم يغيّرون وجوههم لكي يظهروا للناس صائمين. الحقَّ أقول لكم إنهم قد استوفوا أَجْرَهم. وأما أنت فمتى صمت فادهن رأسك واغسل وجهك. لكي لا تظهر للناس صائمًا بل لأبيك الذي في الخفاءِ. فأبوك الذي يرى في الخفاءِ يجازيك علانيةً يظهر لنا من هذه الوصايا ضرورة توجيه جهادنا نحو الفرح الداخلي، فلا نطلب جزاءًا خارجيًا كأهل العالم فنخسر البر العظيم والقوة والثبات والأمور الداخلية التي اختارها الله لنا لكي نكون مشابهين لصورة ابنه لا تكنزوا لكم كنوزًا على الأرض حيث يفسد السوس والصدأُ وحيث ينقب السارقون ويسرقون. بل اكنزوا لكم كنوزًا في السماء حيث لا يفسد سوس ولا صدأ وحيث لا ينقب سارقون ولا يسرقون. لأنهُ حيث يكون كنزك هناك يكون قلبك أيضًا.فإن كان القلب على الأرض، أي إن كان الإنسان في سلوكه يرغب في نفع أرضي، فكيف يمكنه أن يتنقى، ما دام يتمرغ في الأرض؟! أما إذا كان القلب في السماء فسيكون نقيًا، لأن كل ما في السماء هو نقي فالأشياء تتلوث بامتزاجها بما هو أردأ منها، ولو كان هذا الرديء نقيًا في ذاته. فالذهب يتلوث بامتزاجه بالفضة النقية، وفكرنا يتلوث باشتهائه الأمور الأرضية رغم نقاوة الأرض وجمال تنسيقها في ذاته.
(القديس الفيلسوف اغسطينوس- القرن الرابع)

شارك