مصر والسعودية والتحدي الكبير

الأربعاء 05/أغسطس/2015 - 09:48 م
طباعة
 
لم يكن حضور الأمير محمد بن سلمان ولى ولـــى الـعـهـد السعودي، ووزيــــر دفاع المملكة، احتفال الكلية الحربية بتخريج دفعة، إلا رسالة واضحة للعالم أجمع أن المملكة العربية السعودية ومـصـر هما حائط الصد للأمن القومي العربي، رسالة تعيد إلى الأذهان المرحلة الذهبية للتعاون العربي المشترك في مواجهة تحديات الأمن القومي في أكتوبر من عام 1973.
لقد كان الدرس الأكبر، من دروس أكتوبر 1973، هو تكاتف العرب- وفـى مقدمتهم مصر والسعودية- في مواجهة إسرائيل التي كانت مدعومة- آنــذاك- من أمريكا، الأمر الذي غيّر من إستراتيجيات الحرب والصراع في العالم كله، وفتح حقبة جديدة ومختلفة من الصراع بيننا وبين قوى الغرب المتسلط.
بـــدأ التخطيط الإستراتيجي للعدو- مصحوبا بالمؤامرات- ينسج خيوطه حول المنطقة، منذ ذلك التاريخ، بدءًا باستبدال الخطر الأحمر بالخطر الأخضر، ومرورا بـإقـنـاع شـعـوب الـعـالـم المتقدم بالخطر الإسلامي الذي تجب مقاومته عبر حصاره في منطقة معينة لا يبرحها، وانتهاء برسم إستراتيجيات جديدة للحرب تعتمد على تفجير العدو من الداخل.
مـن ثم بــدأت عمليات تصدير العداء الشيعي السنى، وتغذية الأطماع التوسعية للدولة الفارسية المسماة «إيـــران»، وبدأ الإيحاء بـإمـكـانـيـة قـبـول حـكـم الإسلام السياسي لمنطقة الشرق الأوسط، شريطة أن يكون معتدلا، ووضعت أول لبنة لحوار إستراتيجي مع جماعات الإخوان الإرهابية وغيرهم، وصولا إلـى اللحظة الحاسمة التي وصل فيها الإخوان إلى السلطة في أكبر دولة عربية، لتبدأ واشنطن وحلفاؤها في حصد ثـمـار أربـعـة قـــرون مـن التخطيط الإستراتيجي الدقيق الـذى يهدف لجعل انتصار أكتوبر هو الانتصار الأول والأخير للعرب على إسرائيل.
كـانـت الـخـطـة الأمريكية تـهـدف إلـى الضغط على الإخوان مستغلين ولعهم بالسلطة- أىّ سلطة- حتى ولو كانت على شبر مـن الأرض، لتنفيذ الإستراتيجية الأمريكية لتفتيت الجيوش العربية والدول العربية، وخلق حــدود جـديـدة تقوم على الرؤية العرقية، بديلة عن الرؤية الوطنية الـقـومـيـة، فينقسم الــعــراق، بـعـد تفتيت جيشه، دويلات ثلاث، كردية في الشمال وشيعية في الجنوب وسنية في الوسط.
وتنقسم سوريا- بعد استنزاف جيشها- إلى دولة علوية وأخرى سنية وثالثة مسيحية، وكذا لبنان واليمن وصولا إلى السعودية ومصر.
وكـمـا كـانـت مـصـر حـجـر الـعـثـرة الـذى تحطمت عليه أحلام إسرائيل الكبرى «من النيل حتى الفرات» عندما لقنت الجيش الذي لا يقهر، درسا لن ينساه طوال فترة بقائه في المنطقة، التي نتمنى ألا تطول فقد تحطمت أحـلام وخطط ومـؤامـرات الغرب على الصخرة المصرية في ٣٠ يونيو٢٠١٣، وكما كانت السعودية عاملا حاسما في انتصار مصر في حرب أكتوبر المجيدة، مثلت المملكة- بجانب شقيقتها الإمارات- الداعم القوى لعبور مصر الثاني نحو كسر الهيبة الغربية عبر ثـورة يونيو العظيمة.
لـكـن الـــســـؤال: هــل استسلم الــغــرب لما حـدث؟ والإجابة حتما بالنفي، فما زالت عواصمه تسعى لتركيع المنطقة والانتقام لـمـا حــدث لكرامتهم في 30 يونيو، والتي أهـدرهـا الشعب المصري عبر الإطاحة «بعرايس الماريونيت» الغربية المسماة بجماعة الإخوان، لذا فإن واجب اللحظة يحفز قيام حوار إستراتيجي عربي، يبدأ بالدولتين المحوريتين، السعودية ومصر، وتلحق به وتشارك فيه الإمارات العربية المتحدة ودول الخليج التي تدعم ثـورة 30 يونيو، أمـا في وضـع أجندة لتحقيق الوحدة العربية تبدأ باتفاقيات دفاع عربي مشترك، مــرورا بتكامل اقتصادي عربي عربي، وصولا إلى تشكيل جبهة عربية صلبة تقف بالمرصاد ضد المخططات الغربية الهادفة إلى تقسيم وتركيع المنطقة لصالح إسرائيل الكبرى، فهل نحن فاعلون قبل فوات الأوان؟.

شارك