بين دعاوى السلمية والمواجهة.. تصاعد الأزمة داخل صفوف "الإخوان"

الخميس 27/أغسطس/2015 - 07:42 م
طباعة بين دعاوى السلمية حسام الحداد
 
لم يعد يخفى على أحد الانقسام الذي تشهده جماعة الإخوان المسلمين على مستوى القيادات والخيارات منذ فترة، والجديد في الأمر هو ظهور الانقسام للعلن والفعل ورد الفعل العلني والرسمي من القيادات القديمة والجديدة، الانقسام الذي يتمحور حول شرعية القيادة القديمة والجديدة وعن أحقية من فيهما بإدارة أمور الجماعة يُخفي أسباب الانقسام الحقيقية وهي الخيار الاستراتيجي للجماعة التي تراه القيادة الشابة ليس سوى الثورة بكل وسائلها المتاحة لإسقاط النظام، بينما تراه القيادة القديمة الحفاظ على نهج الجماعة في التغيير السلمي وعدم التنازل عما تسميه "ثوابت الجماعة". حسب رؤيتهم.

بين دعاوى السلمية
تفجر الانقسام فور اعتقال الدكتور محمد وهدان أحد أبرز أعضاء لجنة الأزمة/ القيادة الجديدة وحلقة الوصل بين الطرفين والذي جاء بعد مقال نُشر للدكتور غزلان بدا أنه كان موجهًا للقيادة الجديدة انتقد فيه ما أسماه انجرار الجماعة للعنف وخطورة التخلي عن السلمية.
وقد ألقى الانقسام بظلاله على الصف الإخواني الذي مازال يعاني من آثار تلك الصدمة التي لم يتوقعها لغياب الشفافية وتداول المعلومات داخل الجماعة ليس فقط بسبب الظروف الأمنية ولكنها ثقافة ﻻ تزال غائبة عن الجماعة، فجاءت الأغلبية - تيار الشباب - مؤيدة للقيادة الجديدة باعتبارها تمثل إرادتهم في مواجهة النظام الحالي وتطوير آليات الهجوم عليه وإكمال الطريق حتى إسقاط النظام، وفريق آخر آثر اعتزال الفتنة - كما يراها - والصمت إلى أن يقضي الله أمرًا كان مفعولًا، بينما خفت صوت مؤيدي القيادة القديمة مطالبين الشباب بالتبين مما ينقل وحل الأزمة بطريقة هادئة بعيدًا عن الإعلام، كما عبّر عدد قليل عن تأييده الانسحاب من الصراع وتفادي مزيد من الخسائر.

بين دعاوى السلمية
وربما لا تجد في تاريخ الجماعة أزمة أعنف منها على المستوى التنظيمي غير تلك التي حدثت بين أعضائها عقب مقتل المؤسس الأول حسن البنا في 12 فبراير عام 1949.
الأزمة حينها كانت بين أعضاء الهيئة التأسيسية للإخوان والتي حصل بينها شقاق بسبب اختيار المرشد الذي سيخلف حسن البنا، فقد طرحت أسماء نفسها على الساحة كان أبرزها عبدالرحمن البنا شقيق البنا، وعبدالحكيم عابدين وصالح عشماوي والشيخ أحمد حسن الباقوري، حتى انتهى الأمر باختيار المستشار حسن الهضيبي والذي قيل حينها إنها بوصية من البنا قبيل مقتله، ولكن ثمة أعضاء لم يعترفوا بالهضيبي مرشدًا عامًا وكانت أزمة كادت أن تعصف بتماسك الجماعة، حتى تم احتوائها داخليًا بين الجميع.
ولأول مرة في تاريخ الجماعة يرفع شباب من جماعة الإخوان شعار «لا سمعًا ولا طاعة» في وجه قيادات مكتب الإرشاد على أرضية الخلاف حول منهج إدارة ما يسمى «الثورة ضد الانقلاب".
وقال رافضون لشعار «سلميتنا أقوى من الرصاص»، إن هذه العبارة عبارة إنشائية لن تجدى نفعًا بينما الشباب في المعتقلات يسقطون بالرصاص الحي.
بين دعاوى السلمية
واعترف عمرو فراج مؤسس شبكة «رصد» الإخوانية، الهارب إلى تركيا بأن الخلاف على «آليات إدارة الثورة» بين قيادات الجماعة والشباب الذى ينزل للتظاهر قد وصلت إلى طريق مسدود.
وسخر فراج على صفحته الشخصية على موقع «فيسبوك» من شعارات السلمية قائلًا: «لو أن سيد قطب لا يزال على قيد الحياة وسمع ما صرح به إبراهيم منير القيادي بالإخوان، من أن سلميتنا مطلقة، كان زمانه اتفصل من الجماعة وراح يشتغل في قناة «مكملين» في إسطنبول أو طلع السودان يدرس علوم وأحياء في مدارس الخرطوم".
وأكد فراج أن الخلاف يتعلق بمحورين إضافيين وهما شرعية القيادة بعد القبض على أعضاء مكتب الإرشاد، وهناك بالتوازي خلاف شخصي بين قيادات الجماعة.

بين دعاوى السلمية
وقال على خفاجي، أحد كوادر جماعة الإخوان، وأمين الشباب بحزب الحرية والعدالة المنحل بالجيزة، إن شباب الإخوان في حيرة لما يحدث مع الأزمة التي تمر بها الجماعة.
وأضاف خفاجي، في تدوينة نشرها عبر صفحته الشخصية «فيسبوك»، «الشاب في الجماعة إذا تكلم وانتقد العك الحاصل، يقال له «اقترح شيئا مفيدا أو الزم الصمت ولا تتكلم".
وتابع: وإذا ما تقدم الشاب بمقترحٍ لحل الأزمة، يتم إبلاغه «مش وقته»، حتى بدأ جزء كبير من الشباب في ترك مشاكل الجماعة، والتحدث في أشياء مالهاش لازمة، حتى الشباب الذى اعتزل الأمر لفترة والتزم الصمت لم ينج من النقد، وسؤاله «أنت فين وسايب الدنيا والعة ومريح دماغك".
وواصل خفاجي: «عندما يرجع الشاب يتكلم مرة أخرى، ولا يعجب القيادات هذا الكلام، يتم مهاجمته بـ«ما آنت كنت ساكت.. إيه اللي رجعك للكلام ده تاني».
واختتم خفاجي: «الحقيقة أنى وصلت لقناعة، أنه لا النقد ولا الكلام المفيد ولا الاعتزال نافعين ولن يأتوا بنتيجة، والحل إننا نشم مخدرات ونحاول ندمن بالراحة عشان ما نموتش".
فيما قال أنس حسن الفقي، إن أزمة الإخوان الحالية تفيد بأن الجيل القديم لن ينتج إلا نموذجًا أسوأ مما أنتجه في السابق، ونموذج القيادات الجديدة لا يعرفون الإخوان جيدا ولا يعرفون معنى كونهم إسلاميين على الحقيقة، مضيفا أن الجماعة يقودها كبار وعجزة ولا تنتظر منهم شيء.
وهاجم الناشط الإخوانى عبدالرحمن عز، قيادات الجماعة قائلا: «إننا اليوم نرى فريقًا من الإخوان لا يرى النصر إلا في الصلح والمهادنة، وترك أسباب القوة، خوفا من المواجهة وإيثارا للسلامة، متعللا بمصلحة الجماعة.

إخوان طره والصراع الدائر

إخوان طره والصراع
وتمشيا مع حالة الانقسام في صفوف الجماعة والصراع الدائر بين الاجيال الجديدة والقديمة، أعلنت مجموعة من أعضاء جماعة الإخوان المسجونين في مجمع سجون طرة موقفهم من الخلاف الدائر بين قيادات الإخوان المتنازعة في الخارج، حول المنهج الذى يسيرون عليه خلال الفترة القادمة، وما إذا كان «سلمية مطلقة» أو ما يطلقون عليه «المنهج الثوري".
ووجه الأعضاء الذى غلب عليهم العنصر الشبابي رسالتهم لقيادة الجماعة، وفى مقدمتهم نائب المرشد إبراهيم منير الذى أكد في حوار صحفي أمس الأول على أن المنهج الثوري يحتاج لإعادة دراسة، «لن يمنعنا حبنا لأشخاصكم وتقديرنا لذواتكم واعترافنا بتضحياتكم واحترامنا لسبقكم وطول أعمالكم أن نقول لكم بملء أفواهنا، لا، إذا رأينا انحرافا عن المسار»، بحسب الرسالة المسربة، وأضافوا: لأن نياتكم الحسنة وحدها لن تشفع لكم أمام التاريخ، ولن تغفر لكم أمام الأجيال القادمة التي ستضع أعمالنا جميعا في ميزان المحاسبة".
ووجهوا في رسالة أخرى لشباب الجماعة أثنوا فيها على مواقفهم ورفضوا دعوات المصالحة والتفاوض، مؤكدين على ضرورة استمرار المواجهة.
وقال أعضاء الجماعة في الرسالة: «تماسك التنظيم كان ولايزال قيمة حاكمة في الجماعات الكبرى التي استعصت على الزوال، لكن القيمة الحاكمة تظل مهما تأصلت مجرد خادم للرسالة التي من أجلها تنشأ الجماعات". 
وأضافوا «إذا عجز التنظيم في لحظة من اللحظات أن يخدم أهداف الثورة فإن القيمة تنقلب عبئا على الرسالة»، محذرين قيادات الجماعة من انفراط عقدها.
فهل تعتني قيادات الجماعة الحالية لرسائل إخوان طره، أم أنها تغض الطرف عن هذه الرسائل في مقابل المصالحة مع النظام الحالي؟ وسؤال آخر أكثر أهمية ويتلخص في: من الذي سينتصر، القيادات التاريخية التي تدعي السلمية أم الشباب الذين يصرون على المواجهة؟ ومن الممكن أن نلقي ضوء على الاحتمالية الأهم، بأن القيادات التاريخية سوف تقوم بلم الشمل قريبا والوصول الى حلول وسط، لأن هذه القيادات بيدها أوراق اللعبة المالية فهي التي تقدم التمويل اللازم لأي نشاط تقوم به الجماعة في الداخل، ومن هنا تأتي قوتها، وكما نظن ان ما يحدث ما هو الا سيناريو تقوم به الجماعة لمحاولة الوصول الى صيغة اتفاق مع النظام الحالي برئاسة السيسي.

شارك