استضافة "التوحيد والإصلاح" لـ"العريفي" تثير أزمة سياسية ومذهبية في المغرب

الأحد 11/أكتوبر/2015 - 08:25 م
طباعة استضافة  التوحيد
 
تسيطر حالة من الجدل والغضب على الشارع المغربي، عقب إعلان حركة التوحيد والإصلاح (فرع جماعة الإخوان المسلمين في المملكة المغربية)، استضافة الداعية السعودي محمد العريفي، ضمن محاضرة نهاية شهر أكتوبر الجاري، مع وجود حالة رفض قبل القوي السياسية والمدنية ووصلت الي رفض شيعة المغرب حضور الداعية السلفي الي المملكة العلوية.

دعوة الإخوان:

دعوة الإخوان:
فقد وجهت حركة التوحيد والإصلاح، دعوة الشيخ السعودي محمد العريفي، إلى إلقاء محاضرة في العاصمة الرباط نهاية الشهر الجاري، الأمر الذي أدى إلى انتقادات واسعة في وسائل التواصل الاجتماعي، حيث ندد مغاربة بهذه الاستضافة، متحدثين أن العريفي يشجع على الإرهاب.
ومن المنتظر أن يلقي العريفي نهاية الشهر الجاري محاضرة تحت عنوان "دور القرآن في بناء الإنسان" حسب ما يشير إليه إعلان المحاضرة التي تنظمها حركة التوحيد والإصلاح، فرع الرباط، وهي الحركة المقرّبة من حزب العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة، وتوصف في المغرب بأنها ذراعه الدعوي.
وعبّر العريفي عن الكثير من المواقف التي أثارت جدلًا واسعًا، خاصة منها تشجيعه على القتال في سوريا ضمن الجماعات الجهادية، وانتقاداته الكبيرة لطوائف الشيعة، غير أنه عبّر مؤخرًا عن مواقف تندّد بالكثير من هذه الجماعات، قائلًا إنهم يستخدمون نصوصًا ضعيفة أو يأولونها لأجل قتل المسلمين وذبحهم وسبي نسائهم.

رفض القوى السياسية:

رفض القوى السياسية:
زيارة الداعية المتشدد لاقت رفضًا كبيرًا من القوى السياسية والمدنية في المغرب، فقد نددت حركة "ضمير" المغربية، بزيارة العريفي، موجهة إنذارا لحركة التوحيد والإصلاح، المنظمة لمحاضرة العريفي، حيث قالت إنها "تضع مستضيفي العريفي أمام مسئولياتهم إزاء احتضان مثل هذه الأصوات"، في إشارة إلى الداعية الذي أدرجته ضمن التوجهات "التي لا تتورع عن تسويق الفكر الوهابي ومعارضة المطامح العميقة لشعوب المنطقة، ومنها المغرب".
وحذرت الحركة في بيان لها، مما أسمته الدعوات والمواقف التي عبر عنها الشيخ العريفي في السابق "التي تجاوزت التفسير والدعوة الدينيين إلى اتخاذ مواقف تنقص من قدر المرأة وتبرر الإرهاب، وتدعو إلى ما يعرف بجهاد النكاح وتشيد بتنظيم القاعدة"، موردة أن فكر العريفي يعارض مطمح الشعوب في "بناء مجتمعاتها على قاعدة القيم النبيلة من تضامن ومساواة وحرية وتسامح".
وأعلنت جمعية "بيت الحكمة"، رفضها لزيارة العريفي، حيث اعتبرت استدعاءه دعما مباشرا "للخطاب الديني التكفيري وللنزعات الظلامية التي يترجمها هذا الرجل في مواقفه وفتاويه التي تتناقلها العديد من المواقع الإلكترونية، والمنابر الإعلامية المرئية والمكتوبة"، داعية من أسمتها القوى الحية "للتصدي لمثل هذه المبادرات التي تسعى إلى المس بقواعد العقل وبقيم التعايش والحوار والاختلاف".
وفيما تساءلت الجمعية عن الخلفيات الحقيقية لدعوة العريفي، قالت إن استضافته في قاعة المهدي بنبركة بالرباط "ليست مسا برموز التحرير ببلادنا وبنضالات القوى الوطنية والديمقراطية فقط، بل مس بالذاكرة الوطنية والثقافية لعموم المغاربة، ومس أيضا بالإسلام المغربي الوسطي"، موردة أن "ذكرى استشهاد" المهدي بن بركة تصادف 29 أكتوبر، أي ثلاثة أيام بعد المحاضرة.
وعبر هاشتاج «#العريفي_في_المغرب»، أعرب ناشطون علمانيون ويساريون، على مواقع التواصل الاجتماعي عن رفضهم لتلك الخطوة، بحجة أن «العريفي» يشجع على الإرهاب، بينما رحب آخرون بالداعية السعودي، المعروف بتأييده لثورات الربيع العربي.
وكتب عبد الكريم القمش، وهو ناشط علماني: "لست أتفق مع الأصدقاء الذين طالبوا بمنع هذا الداعشي من الدخول إلى المغرب وإلقاء محاضرة، بل أقترح بدلا عن ذلك أن نقوم نحن معشر العلمانيين بإنزال عددي كثيف في قاعة المهدي بن بنبركة في اليوم المعلوم بشكل سلمي وقصف المنصة بتدخلاتنا وترك الإعلام يسجل والفضيحة تعم أيقونات الجهل المقدس. ما رأيكم أنا سأكون أول الذاهبين وقد قررت أن أفعلها حتى لو لم يعجبكم اقتراحي فمن يذهب معي؟"
كما كتبت سارة سوجار، وهي عضو في حزب يساري:" أظن انه واجب وطني أن تستنكر كل القوى السياسية والمدنية والثقافية استضافة حركة التوحيد والإصلاح لشيخ أقل ما يمكن أن يقال من جرائمه هو تحريضه على ممارسة العنف، والأكثر من ذلك يستضيفونه في قاعة اسمها له رمزية تاريخية في النضال من أجل السلام والديمقراطية، كما يتزامن تاريخ هذه الندوة ذكرى اختطاف المهدي بنبركة".
للمزيد عن حزب العدالة والتنمية" الذراع السياسي لحركة التوحيد والاصلاح" اضغط هنا

عريضة دولية:

عريضة دولية:
وكما اسس مغاربه حملة توقيعات على موقع "أفاز" لحملات المجتمع، تحت عنوان "إلى الدولة المغربية ... امنعوا ندوة العريفي بالمغرب" لرفع عريضة الي الجهات الرسمية في المملكة المغربية، يطالبون فيها بمنع ندوة "العريفي"، تعبيرا منهم عن رفضهم لما أسموه “استقبال الأصوات المحرضة على العنف والظلامية”، مؤكدين أن المنع جاء لتفادي "التطبيع مع ثقافة التطرف والكراهية”.
وذكرت حملة "أفاز"، أن أسباب إنشاء العريضة المترقب رفعها إلى الدولة المغربية، أن الشيخ العريفي “عُرف بمواقفه المحرضة على الفتنة والعنف والاقتتال، وأنه أصدر العديد من الفتاوى المثيرة والغريبة عن المنطق الإنساني كمنع انفراد الفتاة مع والدها، وفتوى جهاد المناكحة، وتأييده لتنظيم القاعدة”، مشددين على أن العريضة هي من أجل “حث الدولة المغربية على منع العريفي وأشباهه من دخول المغرب وشحن عقول شبابنا بالأفكار البائدة التي هو في غنى عنها”، ووصل عدد موقعي العريضة التي تم إطلاقها منذ يوم أمس السبت حوالي 400 توقيع، فيما يطمح القائمون إلى الوصول إلى 10 آلاف توقيع.

غضب شيعي:

غضب شيعي:
الأمر لم يتوقف عند النشطاء السياسيين والجمعيات المدنية والحقوقية، بل أعرب ناشطون شيعة مغاربة عن رفضهم لزيارة العريفي للبلاد لدواع حقوقية بالأساس، وأخرى ترتبط بـ "ثقافة الفتنة والتكفير التي أظهرها هذا الداعية السعودي" بحسبهم، فيما عزا قيادي بالحركة رد فعل الشيعة إلى كون العريفي "عُرف بصد أباطيلهم وطعنهم في الصحابة".
وتندرج الندوة ضمن "الموسم الدعوي الجديد" لمكتب حركة التوحيد والإصلاح بالرباط، حيث تقرر استدعاء الشيخ لعريفي في إطار المؤتمر الثاني للهيئة العالمية لتدبر القرآن الكريم، الذي ينظم بشراكة مع كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة الحسن الثاني.
وذكر ناشط شيعي مغربي بارز أن منع العديد من المواطنين المغاربة من حرياتهم الفردية والجماعية، والسماح لتكفيري ـ في إشارة إلى العريفي ـ بالمحاضرة في عاصمة المغرب، "يعكس مدى التناقض الصارخ بين الخطاب والواقع العملي"، منتقدا "تحريض الشيخ على التطوع في ساحات العنف الأعمى بالشرق".
واضاف الناشط الشيعي، "قدوم العريفي اختبار لمدى التزام حركة التوحيد والإصلاح بخطاب الملك، من كون المغاربة لا يحتاجون لأحد من الخارج، كي يعلم المغاربة دينهم"، مضيفا أن "قدوم العريفي بعد الكارثة التي تسببت فيها بلاده، وتعنيف الشباب المتضامن مع الحجّاج، يعني صب للزيت على النار"، على حد تعبيره.
للمزيد عن الشيعة في المغرب، اضغط هنا

دافع إسلامي المغرب:

دافع إسلامي المغرب:
غير أن "اسلامي المغرب" دافعوا عن حضور الداعية السلفي المثير للجدل، فقد قال رئيس حركة التوحيد والإصلاح عبد الرحيم الشيخي، إن العريفي لديه أفكار إيجابية كما لديه أخرى يختلفون معه فيها، مشيرًا إلى أن الحركة منفتحة على جميع الآراء ولا تضيق بأيّ منها، وليس "لأن العريفي يحمل اجتهادات خاطئة، سيمنع من التعبير في المغرب عن اجتهاداته الإيجابية".
وتابع الشيخي لـCNN  بالعربية أن المغرب سيشهد تنظيم مؤتمر عالمي حول تدبر القرآن تشارك في تنظيمه عدة جامعات، وهو ما حذا ببعض أعضاء الحركة على دعوة العريفي للمشاركة في المؤتمر، متحدثًا أن الجامعات المنظمة معنية كذلك بسؤال حضور العريفي وليس الحركة وحدها التي قال إنها لا تتبنى أفكار وآراء العريفي.
واضاف الشيخي "دعوتنا للعريفي لا تعني إقراره على كل اجتهاداته، فأعضاؤنا مستعدون للرّد على العريفي إذا ما تبيّن أنه عبّر عن أفكار لا نوافقه عليها"، مستطردًا: "مواقفنا من القتال في سوريا معروفة، فنحن لا ندعو الشباب إلى القتال في أيّ بلد، ونرفض أن يتم الزج بهم في حروب يصبحون من خلالها أدوات لقوى معيّنة توظفهم لمآربها".
وقال رئيس فرع حركة التوحيد والإصلاح بالرباط، الدكتور محمد بولوز، في تصريحات لـ"هسبريس" "نتفهم امتعاض بعض المتشيعين ببلادنا من زيارة الشيخ العريفي، بسبب موقفه الصريح من أباطيل الشيعة، وبدعهم وطعنهم في أمهات المؤمنين، والصحابة رضي الله عن الجميع، وفضح دمويتهم، وتخريبهم للمجتمعات السنية، ووقوفهم بجانب الطغاة والمستبدين، مثل بشار الأسد، ومن على شاكلته".
للمزيد عن "اخوان المغرب" اضغط هنا

أزمة العريفي:

دخلت ازمة استضافة جماعة الاخوان المسلمين في المغرب، منعطفا جديدا مع تصاعد القوي الرافضة لحضوره الي المملكة ذات المنهج الوسطي، والتي ترفض التشدد والتصعب، وفي ظل اتهامات متلاحقة للشيخ السلفي بدعم الارهاب والتقليل من قيمة ومكانة المرأة في المجتمع، ليكون "العريفي" حلقة جديدة من حلقات الصراع بين "الإسلاميين" والقوى السياسية والجمعيات الحقوقية في المغرب.

شارك