على خلفية نشر "جنود أتراك" على أراضيه.. العراق يصعّد الأزمة وأنقرة ترفض التراجع
السبت 12/ديسمبر/2015 - 11:55 م
طباعة
تصاعدت أزمة تواجد القوات التركية في شمال العراق، بعد أن قدمت الحكومة العراقية احتجاجا رسميا بمجلس الأمن على هذه الخطوة، في الوقت الذى تظاهر فيه آلاف العراقيين معظمهم عناصر من فصائل الحشد الشعبي الشيعية للتنديد بنشر تركيا قوات في قاعدة قرب الموصل في شمال البلاد، وأحرق بعض المتظاهرين الأعلام التركية وهددوا بأعمال عنف ضد الجنود بسبب ما يعتبرونه انتهاكا لسيادة بلدهم.
وبالرغم من تزايد الانتقادات على هذه الخطوة، جدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تصريحاته بشأن إنه لن يستجيب لمطالب العراق بسحب القوات التركية من معسكر قريب من مدينة الموصل، التي يسيطر عليها تنظيم داعش.
ونتيجة تزايد الغضب الشعبي على ذلك، تجمع اليوم نحو أربعة آلاف متظاهر في ساحة التحرير بوسط بغداد وعدة آلاف آخرين في البصرة، وبينهم أعضاء في تنظيمات شيعية رفعوا لافتات كتب عليها "الموت لتركيا.. الموت لأردوغان."
ويشكو العراق من قيام تركيا بنشر جنود ودبابات في قاعدة شمال البلاد الأسبوع الماضي دون موافقتها، ما أثار أزمة دبلوماسية بين بغداد وأنقرة. وتصر تركيا على أن الهدف من نشر قواتها حماية المدربين الذين يعملون مع القوات العراقية في الموقع، إلا أن بغداد طالبت مرارا بسحب الجنود والمعدات التركية.
ودعت مجموعات من الحشد الشعبي المؤلفة في معظمها من ميلشيات شيعية مدعومة إيرانيا، إلى التظاهرة ضد التواجد العسكري التركي.
من جانبه قال هادي العامري النائب الشيعي بمجلس النواب وأحد قادة الحشد الشعبي "نحن نعتبر أي تواجد عسكري على الأراضي العراقية عدوانا أجنبيا واجب التصدي له بقوة وبكل الوسائل المتاحة"، في حين قال أمجد سالم القائد المحلي بمنظمة بدر في البصرة وهو يلوح بمسدسه تجاه صورة للرئيس التركي طيب أردوغان "نحن في حالة الإنذار القصوى ننتظر الأوامر من قادتنا لكي نحرق الأرض تحت أقدام الجنود الأتراك".
على الجانب الآخر هدد أبو منذر الموسوي القائد المحلي في جماعة عصائب أهل الحق المتشددة تركيا قائلا "إذا كان الأتراك يعتقدون بأن العراق منشغل بمحاربة داعش وأنه بذلك يستطيع استغلال هذه الفرصة لنشر جنوده فعليهم أن يفكروا مليا قبل أن يرتكبوا مثل ذلك الخطأ"، مهددا باستهداف الجنود الأتراك.
ويري محللون انه في إطار التراشق الروسي التركي، دخلت موسكو في الأزمة الأخيرة بين بغداد وأنقرة، وأعلنت وقوفها إلى جانب بغداد.
وقالت وزارة الخارجية الروسية أن موسكو عبرت عن موقفها الحاسم بدعم سيادة العراق وسلامة أراضيه."
من جانبها كشفت السفيرة الأميركية في الأمم المتحدة سامنثا باور أن العراق وجه رسالة إلى مجلس الأمن الدولي ليحتج على نشر أنقرة مئات الجنود والدبابات في محافظة الموصل شمال البلاد، وسلم السفير العراقي في الأمم المتحدة محمد علي الحكيم هذه الرسالة إلى باور بصفتها رئيسة المجلس في ديسمبر لتوزعها على الدول الـ14 الأعضاء الأخرى.
وقالت باور إن العراق "لم يتقدم بطلبات محددة" ولم يطلب اجتماعا طارئا لمجلس الأمن الدولي، لكنه عبر عن القلق المتزايد لحكومته" من هذا الوضع الذي لم تتم تسويته".
أكدت السفيرة الأمريكية أن الولايات المتحدة تؤكد على أن نشر أي قوات في العراق يجب أن يتم بالاتفاق مع الحكومة العراقية ذات السيادة، وأهمية استمرار الحوار بين الحكومتين العراقية والتركية للتوصل إلى حل بالتراضي".
ودعا العراق مجلس الأمن الدولي إلى مطالبة تركيا بسحب قواتها من شمال العراق بشكل فوري وغير مشروط، ووصف التوغل العسكري التركي بأنه "خرق صارخ" للقانون الدولي .
وقال السفير العراقي محمد علي الحكيم في رسالة العراق "ندعو مجلس الأمن إلى مطالبة تركيا بسحب قواتها فورا.. وعدم خرق السيادة العراقية مرة أخرى".
وفى سياق متصل دعت المرجعية الشيعية العليا في العراق بزعامة علي السيستاني دول الجوار العراقي ودول العالم إلى احترام سيادة العراق والامتناع عن إرسال قوات عسكرية بدون موافقة الحكومة المركزية.
وقال أحمد الصافي معتمد المرجعية الشيعية "من المعروف أن هناك قوانين ومواثيق تنظم العلاقة بين الدول واحترام سيادة كل دولة وعدم التجاوز على أراضي الدول وليس لأي دولة حق إرسال جنودها إلى أراضي دولة أخرى بذريعة مساندتها في محاربة الإرهاب ما لم يتم الاتفاق على ذلك بين حكومتي البلدين بشكل واضح وصريح".
أضاف بقوله ومن هنا فإن المطلوب من دول جوار العراق وجميع الدول أن تحترم سيادة العراق وتمتنع عن إرسال قواتها إلى الأرض العراقية وبدون موافقة الحكومة المركزية وفقا للقوانين النافذة للبلد والحكومة العراقية مسؤولة عن حماية سيادة العراق وعدم التسامح مع طرف يتجاوز عليها مهما كانت الدواعي والمبررات".
وأوضح أن على الحكومة العراقية "اتباع الأساليب المناسبة في حل ما يحدث من مشاكل وعلى الفعاليات السياسية أن توحد مواقفها وتراعي في ذلك مصلحة العراق وحفظ استقلاله وسيادته ووحدة أراضيه".
وقال الصافي "إن العراق يسعى لأن تكون له أفضل العلاقات مع جميع دول الجوار ويرغب بالمزيد من التعاون في مختلف الصعد والمجالات وهذا يتطلب رعاية حسن الجوار والاحترام المتبادل للسيادة".
وحتى الآن وبالرغم من ردود الأفعال الدولية لا يزال الموقف التركي صادمًا، وسط التصعيد العراقي، في ضوء عدم وضوح الموقف الأمريكي مقارنة بمواقف سابقة شهدت تدخلات من هذا النوع.
