بعد هجوم "داعش" على النفط الليبي.. قوات دولية على أعتاب البلاد
الأربعاء 06/يناير/2016 - 02:31 م
طباعة
بعد أن اجتذب الذهب الأسود في ميناءي السدرة ولانوف، بليبيا، التنظيم الإرهابي "داعش"، حذر مراقبون من تحويل ليبيا إلى بؤرة إرهابية مركزًا على جذب المقاتلين الأجانب، وبالأخص في ظل حالة الفوضى التي تعيشها ليبيا منذ الإطاحة بمعمر القذافي في 2011؛ حيث استغلت الجماعات الإرهابية، انقسام البلاد، لتتخذ من المدن الليبية معاقل لها.
بؤرة الإرهاب
وكان اعتُقِلَ مقاتلان في منتصف نوفمبر الماضي، بعد الاشتباه في أنهما أرادا الانضمام لمعسكر تدريب يتبع تنظيم "داعش" في ليبيا قبل التوجه لسوريا؛ حيث كانت هذه أول قضية يعلن عنها بخصوص سفر مَن يشتبه أنهم مجندون لصالح التنظيم الدموي في ليبيا، بدلا من سوريا التي انضم فيها بالفعل مئات الفرنسيين لصفوف هذا التنظيم المتشدد.
ويرى مراقبون أن هذا المعطى يبين أن تضييق الخناق على داعش في سوريا، جعل التنظيم يلجأ إلى استقطاب مقاتليه الأجانب إلى ليبيا.
كان وزير الخارجية الليبي محمد الدايري قد حذر سابقًا من أن تتحول ليبيا إلى مركز لاستقطاب العناصر المسلحة وعلى رأسهم تنظيم "داعش" الإرهابي، مؤكدًا أن قرابة 5 آلاف متشدد أجنبي يقاتلون ضمن صفوف داعش في ليبيا، وهو ما يشكل خطرًا حقيقيًّا على أمن دول الجوار.
ويتدفق بشكل يومي مقاتلون متشددون من أكثر من 10 دول عربية وإفريقية وغربية إلى ليبيا قادمين من تونس وموريتانيا ومالي والنيجر.
من جانبها ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية اليوم الأربعاء أن شركة النفط الوطنية الليبية طلبت المساعدة لإطفاء الحريق الذي اندلع في صهاريج تخزين النفط؛ بسبب استئناف عناصر تنظيم داعش الإرهابي هجماتهم ضد أحد خطوط إنتاج النفط في شرق ليبيا.
وأشارت الصحيفة إلى أن الهجمات أثارت مخاوف متزايدة من أن تكون صناعة النفط في ليبيا هي هدف التنظيم الإرهابي القادم.
وتحت شعار "غزوة الشيخ ابن المغيرة القحطاني"، لقب التنظيم الإرهابي "داعش" عمليته الأخيرة في ليبيا؛ حيث قام التنظيم الدموي على مدار اليومين السابقين، بشن هجوم على منطقة الهلال النفطي، في ميناءي السدرة ورأس لانوف، ونجح في السيطرة على أجزاء منه قبل أن يضطر إلى الانسحاب بعد اشتباكات عنيفة استمرت ساعات مع عناصر جهاز حرس المنشآت مدعومين بأهالي منطقة إجدابيا المجاورة وسكان محليين، وبغطاء جوي لطائرات سلاح الجو الليبي التي أغارت على مواقع المهاجمين انطلاقاً من قاعدة مصراتة الجوية.
هجمات شرسة من "داعش"
وكان متحدث باسم شركة النفط الوطنية الليبية قد صرح بأن حريقًا اندلع أمس الثلاثاء في صهريج لتخزين النفط الخام إثر هجوم تنظيم داعش على ميناء السدر النفطي لليوم الثاني على التوالي، كما اندلعت النيران في منشأة نفطية أخرى بعد أن قصفت العناصر الإرهابية ميناء رأس لانوف، ويقع الميناءان على بُعد أكثر من 400 ميل شرقي العاصمة طرابلس.
وقالت وول ستريت: إن ميناءي السدر ورأس لانوف التي تبلغ طاقتهما التصديرية نحو 560 ألف برميل بترول يوميًّا أي ما يقرب من نصف طاقة ليبيا التصديرية للنفط أُغلقا منذ أكثر من عام، غير أن هناك كميات كبيرة من النفط الخام لا تزال موجودة في الميناءين.
ويقول مسئولون ليبيون: إن الصهاريج التي أصابتها النيران تحتوي على نحو مليون برميل من البترول، وقد أعلنت شركة النفط الوطنية الليبية على موقعها الإلكتروني عجزها عن مواجهة أعمال التخريب المتعمدة التي أصابت المنشآت النفطية، وحثت من وصفتهم "بالمواطنين الشرفاء" على الإسراع لإنقاذ ما تبقى من موارد البلاد قبل أن يفوت الأوان. وفق تعبيرها.
وكانت الشركة الوطنية الليبية قد طلبت المساعدة من المجتمع الدولي عندما اندلع حريق سابق في صهريج لتخزين النفط أثناء القتال بين الفصائل المتناحرة منذ أكثر من عام.
الصحيفة تابعت بأن صناعة النفط الليبية تواجه هذه المرة هجمات شرسة من جانب عناصر تنظيم داعش التي تسيطر على بعض المناطق في شرق ليبيا، مشيرة إلى أن التنظيم الإرهابي بدأ في شن هجمات في ليبيا عقب الانتكاسات التي مُني بها في معاقله في العراق وسوريا.
وذكرت الصحيفة أن مسئولين أمريكيين أعربوا عن اعتقادهم بأن تنظيم داعش ربما يحاول تكرار سياسة الهجوم على الصناعة النفطية في ليبيا على غرار ما قام به في سوريا والعراق.
وكان حجم إنتاج النفط في ليبيا قد تجاوز 1.5 مليون برميل يوميا، إلا أنه أصبح اليوم أقل من ثلث هذه الكمية بسبب القتال بين الفصائل المتناحرة.
أكدت صحيفة ميرور البريطانية في تقرير لها، أن الحكومة البريطانية تستعد لإرسال قوات خاصة إلى ليبيا، لتمهيد الطريق أمام وصول قوات دولية قوامها نحو 6 آلاف، لوقف تقدم تنظيم داعش الإرهابي نحو الحقول النفطية، وذلك بالتزامن مع تحرك التنظيم داخل منطقة السدرة للاقتراب من موانئ تصدير النفط في منطقة الهلال النفطي.
قوات دولية على أعتاب ليبيا
وفيما توقع المبعوث الأممي إلى ليبيا، مارتن كوبلر، نشر قوات دولية في ليبيا لمواجهة عناصر تنظيم داعش، كذلك قالت صحيفة دايلى ميرور البريطانية، أمس الأول: إن نحو 1000 من القوات البريطانية الخاصة سينتشرون في ليبيا، لتمهيد الطريق أمام دخول قوة دولية قوامها نحو 6 آلاف جندي لوقف تقدم مسلحي داعش في ليبيا نحو مناطق الحقول النفطية والمقدر عددهم بنحو 5 آلاف عنصر إرهابي.
وأوضحت الصحيفة أن القوة ستشكل من أمريكا ودول أوروبية، وقوات مشاة البحرية وتقودها إيطاليا، والدعم الرئيسي سيكون مقبلاً لها من بريطانيا وفرنسا.
وقالت الصحيفة: إن القوة الخاصة البريطانية التي قوامها نحو 1000 جندى تشمل خبراء عسكريين وقوات استطلاع، وستعمل إلى جانب القادة العسكريين الليبيين، وتقدم لهم المشورة فيما يتعلق بإدارة العمليات والمعارك، مشيرة إلى أنه من المتوقع أن يتم توجيه طائرات راف الحربية إلى قبرص؛ لتكون إلى جانب الطائرات الحربية الموجودة هناك والمشاركة في العمليات العسكرية ضد تنظيم داعش في سوريا والعراق.
ورصدت تقارير أمنية ثلاثة طرق رئيسية يستغلها المتطرفون للتسلل إلى ليبيا، بغية الالتحاق بالتنظيمات المتشددة هناك وعلى رأسها تنظيم الدولة الذي أعلن عن نفسه بتبني العديد من الهجمات الإرهابية النوعية، وأول هذه الطرق الحدود بين مصر وليبيا، وثاني الطرق الحدود بين تونس وليبيا وتستغل في تسلل العديد من العناصر الإرهابية وقادة الكتائب الموالية، إما لأنصار الشريعة أو مؤخرا لداعش، وثالثها الحدود النيجرية الليبية؛ حيث يعبر الملاحقون قضائيا وكبار شخصيات الجماعات الجهادية الصحراء الفاصلة بين النيجر وليبيا، للانضمام إلى جبهات القتال في سرت ودرنة وغيرها من المدن.
ويؤكد مراقبون أن ارتفاع عدد المقاتلين الأجانب في صفوف التنظيمات الإرهابية في ليبيا، يعود أساسًا إلى التضييق الشديد المفروض على تدفق المتشددين في المنافذ التي تربط العراق وسوريا بباقي الدول، وهو ما حول الشريط الحدودي الفاصل بين ليبيا ودول شمال إفريقيا إلى ملاذ آمن لهؤلاء المقاتلين.
أبرز القياديين في داعش ليبيا
وفق إحصائيات يوجد حاليًا في ليبيا أكثر من 80 قيادة إرهابية تابعة لتنظيم داعش والقاعدة، ويتصدر هذه القائمة السائق الخاص بـ"بن لادن" الذي أصبح قائد كتيبة أنصار الشريعة في مدينة درنة، وهو الرجل الأول للتنظيم هناك، يليه المدعو "سالك البراني دربي"، وهو أحد أفراد تنظيم القاعدة كان ملاحقًا من قبل نظام القذافي بعد رجوعه من أفغانستان، وبقي متخفيًا في جبال بنغازي منذ سنة 1996، وأصبح الآن أميرًا لكتيبة الشهداء في بنغازي.
أما الرجل الثالث لداعش فهو عبد الباسط عزوز يعد من أشرس أعضاء القاعدة باعتباره المستشار الأول لأيمن الظواهري والقائد الميداني للقاعدة في درنة والمسئول عن تسهيل إدخال مجموعات مقاتلة إلى درنة، وكان من بينهم العناصر الإرهابية التي ظهرت في فيديو ذبح المصريين.
عبد الحكيم الحصاد، هو القيادي الرابع؛ حيث خرج من ليبيا سنة 1995 خوفًا من القذافي، وقد استقر في أفغانستان بعد أن التحق بالقاعدة، حاليًا هو القائد لكتيبة شهداء أبو سليم التي تعد أكبر الكتائب الإرهابية في درنة.
ويتواصل هؤلاء المقاتلون، الذين استغلوا الفوضى والانفلات الأمني لاختراق حدود ليبيا، مع قيادات تنظيم داعش في مختلف أنحاء ليبيا.
