"ديفيد أوتون" لبوابة الحركات: لماذا تقود الأديان الناس للحروب؟

الثلاثاء 26/يناير/2016 - 11:38 ص
طباعة ديفيد أوتون لبوابة
 
أمريكا: بوابة الحركات
على مدار ثلاثين عامًا شارك البروفيسور ديفيد أوتون أستاذ اللاهوت بجامعة سانت لويس الأمريكية في العديد من فعاليات حوار الأديان، كما أنه عضو في الكثير من المنظمات المهتمة بالحوار والعمل المشترك، ومن خلال عمله الأكاديمي وخبراته الحياتية امتلك رؤية متميزة نحتاج إليها في الشرق الأوسط؛ لذلك كان لنا معه هذا الحوار:
* في البداية كيف ساعدت دراساتك الأكاديمية وعضويتك بالمنظمات المختلفة في الإفادة بالعمل بمجال حوار الأديان؟
- أكاديميًّا حصلت على الدكتوراة في مجال علم اللاهوت بين بنا السلام والريادة الجماعيّة، وكان محور التساؤل: ما هي العلاقة بين الدين والسلم وبين الدين والحروب والريادة الجماعية وعمليًّا شاركت في فعاليات كثيرة تهدف للحوار بين قادة الأديان، من ذلك عضوية متحف الهولوكست والبرلمان العالمي للأديان واليوم السنوي للأديان وغيرها من منظمات تهدف لمعرفة الآخر ومحاولة فهمه.

* وما هو البرلمان العالمي للأديان؟
- تأسس هذا البرلمان لأول مرة بولاية شيكاغو وانعقد عام 1893 وكان عبارة عن مهرجان عالمي جلس فيه ممثلون عن أديان العالم بشكل متساو، وطرح موضوع "كيف التخلص من الحروب؟"، ولكن بعد انعقاده قامت الحرب العالمية الأولى وراح ضحيتها 20 مليونًا، ثم الحرب الثانية وراح ضحيتها 50 مليونًا، ووقعت بعد ذلك نحو 70 حربًا أخرى.
وبعد تاريخ الانعقاد الأول بـ 100 عام انعقد البرلمان للمرة الثانية في 1993 بحضور عشرة آلاف شخص، وقالوا: لن ننتظر 100 عام أخرى دعنا نلتقي كل خمس أو ست سنين. وشاركت بالحضور فيه، وفي عام 1999 عقد بجيب تاون جنوب إفريقيا، وفي 2004 عقد ببرشلونة، وفي 2009 عقد بأستراليا، وفي 2015 عقد بايتوا.
ويمثل فيه كل الديانات وهدفه الأساسي "كيف تجنب ويلات الحروب التي تندلع بسبب الأديان؟".
دعني أشاركك القول: تقام الكثير من ندوات ومؤتمرات ولقاءات للحوارات ولا نلمس نتيجة فعلية.
من خلال دراستي الأكاديمية وخبرتي وضعت خمس مستويات لحوار الأديان الصحيح، وبدون تطبيقها لا يكون هناك نتائج، وهذه المستويات أو القواعد هي:
أولًا: لا بد أن يكون هناك اتفاق على عدم الاتفاق بدون أن نؤذي بعضنا البعض، وهي خطوة لم يصل لها كثيرون.
ثانيًا: امتلاك القدرة على فهم الأشياء التي نختلف فيها مع الآخرين من خلال دراسة الأديان ونصوصها، والوصول إلى "أني لا أتفق مع وجهة نظرك ولكن الآن فهمت لماذا تؤمن بها".
ثالثًا: التعاون كيف يمكن أن نعمل معًا رغم اختلافنا؟
رابعًا: تقدير الأشياء من خلال البحث عما له قيمة في دينك المختلف، وتحقيق تبادل إبداعي مع بعضنا البعض، فلا تقارن بين مبدأ وأساسيات العقيدة التي تؤمن بها ولأن ممارسات دين آخر غير دينك من خلال فحوى الدين لا ممارسات الأشخاص.
خامسًا: إننا بشر على مستويات مختلفة من بعضنا البعض، وهي تعيدو إلى القاعدة الأولى.

 * ولكن لماذا يفشل حوار الأديان؟
- لأن البعض يخالط بين الحوار والمناظرة، ففي المناظرة أنا صح. وأنت خطأ، ولكن في الحوار أحاول أن أقول إني صح والآخر هو أيضًا صح، ونتعلم من بعضنا، وعندما يكون هناك اجتماع لقادة الأديان لا بد أن يكون حوارًا، وليس مناظرةً.

* ولماذا تنشأ الحروب بسبب الأديان؟
- لأن الأديان يمكن أن تعلم الناس أن الآخرين سنيين، وكل الحروب والنزاعات تبدأ من المتشددين دينيًّا أولا ثم السياسيين الذين يستخدمون نغمة المتشددين لفرض دين أو مذهب، وثالثًا يأتي الخلاف والصراع والحرب والريادة لنزع ما يعتقد البعض أنه سيئ.

* ما هي حقيقية الهولوكوست أكاديميًّا؟
- طبقًا لدراساتي ذهب ضحية الهولوكوست 5,8 ملايين يهودي، واليهود يقولون بالجمال ستة ملايين وهم يهود من بولندا وروسيا وألمان؛ حيث أذاع هتلر أن اليهود سبب هزيمة ألمانيا في الحرب العالمية الأولى، وهم سبب كل المشاكل الاقتصادية، فقرر إبادتهم، ومن الإبادة الحديثة ما حدث في البوسنة ورواندا ودارفور وكمبوديا وأماكن أخرى.

* مع المناداة بحوار الأديان تنتشر في العالم نظرية صراع وصدام الحضارات. كيف ترى الأمر؟
- الحضارات لا تبقى بدون تغير، وهي سوف تتطور وتأتي لحضارة عالمية سببها الإنترنت والموبايل والتكنولوجيا والسفر؛ حيث نصل لمرحلة إدراك أننا بشر، ونصل لحضارة إنسانية واحدة، ولكن هذا لن يحدث تلقائيا بل سوف يأخذ سنوات.

* ومع هذه الصراعات الطائفية والمذهبية هل أنت متفائل؟
- أنا متفائل إذا أخذنا على عاتقنا مهمة التغير، وبدأ كل دين حوارًا من طوائف ومذهب تنتمي إليه. انظر حروب الكاثوليكية والبروتستانت، وكم الضحايا الذين ذهبوا لأجلها الآن هم يتحاورن معًا، وقاموا بأخطاء 500 عامًا من القتل.
إذن هذا درس عملي لا بد أن يدركه المسلمون أيضًا ولا بد أن يكون هناك نظام وقانون عالمي، كل من يكسره يعاقب.

شارك