صراع المحافظين والإصلاحيين-.. إيران علي حافة ربيع فارسي

السبت 13/فبراير/2016 - 12:28 م
طباعة صراع المحافظين والإصلاحيين-..
 
اشتعل الصراع السياسي بين المحافظين والإصلاحيين في إيران، قبيل أيام من انتخابات مجلس قيادة الخبراء، وانتخاب 290 عضوًا بجلس الشورى الإسلامي، بينما يتطلع الرئيس روحانى لاستثمار إنجاز إبرام الاتفاق النووي، ورفع العقوبات لتعظيم نفوذه وتياره الإصلاحى داخل النظام في قادم الأيام، عبر انتزاع أكبر عدد من المقاعد في البرلمان ومجلس الخبراء، يرنو المرشد خامنئىي إلي تكريس هيمنة التيار المحافظ، وتعزيز شرعية الولى الفقيه عبر اقتناص الأغلبية البرلمانية، وزيادة نسبة المشاركة، بالتزامن مع انتخابات مجلس الخبراء، التي ظلت الأدنى بين نسب المشاركة في تاريخ عمليات الاقتراع الإيرانية.

رفسنجاني يهاجم:

رفسنجاني يهاجم:
 فقد حض رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام في إيران والداعم القوي لتيار الاصلاحي هاشمي رفسنجاني، مواطنيه علي المشاركة في انتخابات مجلسَي خبراء القيادة والشورى (البرلمان) المرتقبة في 26 فبراير الجاري، إذ اعتبرها «مصيرية»، داعياً إلي منحهم «حق اختيار مرشحيهم». لكن أصوليين تحدثوا عن إحباط مجلس صيانة الدستور مخططاً انتخابياً يقوده رفسنجاني.
تصريحات الرئيس السابق وردت خلال كلمة انتخابية بثّها التلفزيون الرسمي الإيراني، الجمعة 12 فبراير2016، في خطوة تُعتبر سابقة منذ الاحتجاجات التي تلت انتخابات الرئاسة عام 2009، وتأييد رفسنجاني الزعيمين الإصلاحيين مير حسين موسوي ومهدي كروبي.
وخلال مشاركة رفسنجاني في ذكري إعلان الجمهورية الإسلامية "11 فبراير" في طهران رفع عناصر مؤيدة لخامنئي شعارات ضد رفسنجاني وأجبروه علي ترك مكانه 
ولفت إلي أن «أهداف الانتخابات لم تتحقق خلال السنوات الماضية، في بُعدها الشعبي المتمحور حول آلية رفض أهلية المرشحين، أو قبولها»، إضافة إلي القضايا المتعلقة بالدعاية الانتخابية. وحض الإيرانيين علي التصويت في «الانتخابات المصيرية، بسبب الظروف التي تمرّ بها المنطقة، والحروب والأزمات التي تعاني منها دول مجاورة، وأخطار حروب إقليمية كبرى محتملة»، لافتاً إلي أن ذلك «يدعم مكانة إيران في الخارج».
كما حذر رفسنجانى، في تصريحات سابقة، المتشددين في السلطة من عصيان شعبي في البلاد وصفه بـ"الشر"، رداً علي هندسة الانتخابات، كما حذرهم، قبيل الانتخابات الرئاسية لعام 2009، التي تمخضت عن الاحتجاجات الواسعة التي تلتها، في إشارة إلي العصيان الشعبي أو الثورة الجماهيرية ضد ما وصف حينها بعمليات تزوير انتخابي لصالح فوز الرئيس الإيراني السابق، محمود أحمدي نجاد، لولاية ثانية.
وبدوره، انتقد الرئيس الإيراني، حسن روحاني، مجلس صيانة الدستور بعد إقصائه معظم المرشحين الإصلاحيين للانتخابات النيابية المرتقبة، معتبراً أن استبعاد ممثلين عن ملايين المواطنين يجعل مجلس الشورى مخصصاً لـ "فصيل واحد".
في يوم 9 فبراير، اضطر مجلس صيانة الدستور الذي خضع إلي ضغوط كبيرة من قبل الرئيس «روحاني» وغيره من الإصلاحيين والوسطين إلي إعادة 1400 مرشحا لمجلس الشورى، كان قد تم رفض تقدمهم في البداية. لن يتم إعلان القائمة النهائية أمام الجمهور قبل يوم 16 فبراير.

قلق المحافظين

قلق المحافظين
وإذ سيتم إجراء الاستحقاقين المقبلين في ظل هيمنة واضحة من قبل التيار المحافظ علي مجرياتهما: فمن جهة، يسيطر المحافظون علي المجلس المكلف بالإشراف علي العملية الانتخابية برمتها، حيث تجري الانتخابات المرتقبة تحت إشراف المرشد الأعلى، والحرس الثوري الإسلامي، وغيرهما من دوائر السلطة غير المنتخبة عبر وسائل مختلفة. 
وقد تم إعادة تعيين آية الله أحمد جنتي المحافظ المتشدد والمناهض للإصلاحيين، أمينا عاما لـ "مجلس صيانة الدستور"، فضلا عن انتخاب لجنة مراقبة الانتخابات البرلمانية رجل الدين المحافظ المتشدد ذاته، رئيساً للهيئة المركزية المشرفة علي الانتخابات التشريعية وانتخابات مجلس خبراء القيادة. فهاتان الخطوتان الأخيرتان توجهان رسالة واضحة إلي جميع المرشحين المحتملين من خارج التيار المحافظ.
ويعتقد أصوليون بأن مجلس صيانة الدستور أحبط مخططاً يقوده رفسنجاني، بواسطة انتخابات مجلس الخبراء الذي يختار المرشد، وذلك من خلال رفض أهلية مرشحين، بينهم حسن الخميني، حفيد الإمام الخميني. ويعتبر هؤلاء أن الرئيس السابق يسعى إلى انتخاب شخص قريب من أفكاره، مرشداً، في حال فراغ المنصب.
ويتخوف المتشددون وبعض فصائل المحافظين، من أن الكتلة الوسطية حول روحاني ورفسنجاني، المتحالفة ربما مع الإصلاحيين، قد تتمكن من حيازة السلطة في الانتخابات. وقد اتهم المتشددون رفسنجاني وسياسيين آخرين بالتورط في "تحريض" مدعوم خارجياً، لتقويض "الجمهورية الإسلامية".
وحذّر زعيم المحافظين والمرشح الرئاسي في انتخابات العام 2013 محسن رضائي، من الاحتجاجات علي فقدان أهلية المجلس: "كل الاعتراضات علي العملية الانتخابية يجب أن تمر عبر القنوات القانونية.. والسبب خلف التحريض علي (المظاهرات الجماهيرية التي اندلعت عقب انتخابات العام 2009 الخلافية) كان لأن الناس أخذوا احتجاجهم إلي الشارع بدلاً من القنوات الشرعية".
كما حذر الملا أحمد خاتمي عضو هيئة رئاسة مجلس الخبراء رفسنجاني من عدم الحركة خلاف خط الولاية بضربه العناصر الحزب اللهية . 
وقال يوم الخميس 11 فبراير: «هناك البعض لم يستخدموا كلمات ”الفتنه والبصيرة والنفوذ“ منذ عام 2009 ولحد الآن حتى مرة واحدة. بينما هذه الكلمات هي كلمات وكلمات الدلالة تشير إلي خط الولاية وأن ضرب عناصر الولاية بوصفهم المتشددين فهذا هو خلاف لخط الولاية ومن المتوقع أن يكون الجميع هم أصحاب الولاية».

الحرس الثوري:

الحرس الثوري:
وترى مصادر أن رفسنجاني يقود تحركاً سياسياً في إيران ضد الأصوليين المتشددين، من خلال تهجمه علي مراكز القرار، مثل «الحرس الثوري» ومجلس صيانة الدستور.
ورد الحرس الثوري الإيراني، علي رئيس الجمهورية الأسبق، ورئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام هاشمي رفسنجاني، بعد هجوم الأخير علر المرشد الأعلي، علي خامنئي وتحذيره من ثورة شعبية في البلاد.
فقد وصف نائب مندوب المرشد في الحرس الثوري، رجل الدين عبدالله حاجي صادقي، تصريحات رفسنجاني، بأنها "أشبه بتصرفات الأعداء"، مشددا علر أن "أقوال رفسنجاني غير صحيحة" علر حد تعبيره.
وأضاف صادقي: "على رفسنجاني أن يعلم أن الأكبر منه لم يستطع أن يعمل شيئا أمام الثورة المرتبطة بقوتين عظميين هما الولاية والشعب".
كما اتهم نائب مندوب المرشد في الحرس الثوري، رفسنجاني بترجيح فريقه علر القانون، في إشارة إلي حسن خميني، القريب من رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام فقال: "بات هاشمي رفسنجاني اليوم يرجح أقاربه وقبيلته علي القانون".
كما علق أحد مؤسسي الحرس الثوري ووزير الطاقة الأسبق المتشدد البارز محمد غرضي، علي تصريحات رفسنجاني واتهمه بأنه "يعتبر البلاد ملكه"، مضيفا: "إن السيد هاشمي رفسنجاني يمنح نفسه حق الأولوية، ويعتبر البلاد ملكه، وله تعليقات مختلفة حول مختلف الأمور".
ونقل موقع "ديجربان" الناطق بالفارسية والمتخصص في رصد وسائل الإعلام التابعة للمتشددين في إيران عن مصدر إعلامي متشدد أن "جمعية رجال الدين المناضلين" قررت علي ضوء احتجاج رفسنجاني اللاذع علي عدم تأييد أهلية حسن خميني، حذف اسم هاشمي رفسنجاني من قائمتها الانتخابية.

مخاوف من ربيع فارسي

مخاوف من ربيع فارسي
ونتيجة لسياسية المحافظين، أبدى قائد قوى الأمن الداخلي الإيراني الجنرال حسين اشتري، الجمعة 12 فبراير، خوفه من الانتفاضات الشعبية خلال مهزلة الانتخابات وأعلن حظر أي تجمع في الشوارع والاجتماعات. 
وفي مقابلة أجرتها معه وكالة "تسنيم" تنسيم، وردا علي سؤال هل اقامة "الاجتماعات والتجمعات في الشوارع" أمر مسموح به أم لا قال اشتري ان هذه التجمعات والاجتمعات أمر محظور. 
وأضاف بلغة التهديد: قوى الأمن الداخلي تعمل حسب ما يفرضه واجبها الذاتي والقانوني في تأمين الأمن للانتخابات والتعامل بالمخالفات الانتخابية... في الوقت الحاضر كافة الضوابط باتت محددة وأن قوى الأمن الداخلي تعمل حسب هذه الضوابط.
كما ابدي اللواء محمد علي جعفري قائد قوات الحرس الثوري الإيراني، هو الآخر الذي جدد تألم نظام خامنئي من انتفاضة عام 2009 واعترف بصريح العبارة: «إن فتنة عام 2009 للثورة الإسلامية كانت أخطر من الحرب التي طالت ثمان سنوات وكان هدفها ازاحة وإضعاف الثورة. أما هذه الفتنة كانت تنوي أن تستهدف قلب الثورة».
وبعده جاءت تصريحات وزير الداخلية الإيراني عبد الرضا رحماني فضلي ليؤكد بدوره في جلسة مجلس التنسيق لمخابرات النظام أنه «لا يجب أن نكون غافلين ونقول جاوزنا فتنة عام 2009 أنها كانت حادثة مرة، إذا استطاع العدو فيقوم بخلق مثل هذه الاحداث ثانية...أن وضع المنطقة غير مستقر ومتغير، ويشكل هذا الموضوع تغييرات حيث تستطيع ان توثر علي بعض مجالاتنا الداخلية».

إيران.. المشهد الأن

إيران.. المشهد الأن
المؤشرات الأولية المتعلقة بانتخابات مجلس الشورى الإسلامي في إيران تشير إلي أن حرص التيار المحافظ والمتشدد في إيران علي تحجيم وتقويض فرص التيار الاصلاحي واضحة مع نجاح الأخير بقيادة الرئيس حسن روحاني في التوصل مع الغرب لإتفاق يساهم في رفع المعاناة الاقتصادية عن الشعب الإيراني، في الحصول علي اغلبية برلمانية مع استبعاد معظم مرشحي التيار من خضو الانتخابات بزعم عدم الاهلية.
استبعاد المرشحين الاصلاحيين وهندسة الانتخابات المقبلة لصالح التيار المحافظ تهدد إيران بثورة خضراء جديد، ربما يدخلها في "ربيع فارسي" يغير من شكل السلطة في البلاد.. إذا خرج الأمور من يد المحافظين والحرس الثوري والذي لدي نفوذ أمني وسياسي كبير بالبلاد..
يبدو أن نام خامنئي يخافون بشدة من انتفاضة تقف علي الابواب، انتفاضة أكثر توسعا وشمولا وحدة مما اندلع عام 2009، .. انتفاضة لا قدرة لقوة الحرس الثوري أن يتصدى لها.. إيران الأيام القادمة حبلي بالكثير بالتغيرات والمفاجآت فهل سينتهب القائمين علي الأمور أم أن إيران ستشهد ربيعا جديدا في المنطقة.

شارك