"رعد الشمال".. سيف السعودية الجديد لمواجهة الإرهاب في المنطقة
الأربعاء 17/فبراير/2016 - 10:20 ص
طباعة
لا زالت المملكة العربية السعودية تواصل مساعيها لقطع رأس الإرهاب في المنطقة العربية؛ حيث أعلنت الرياض أمس الثلاثاء أن جنودًا من عشرين جيشًا من بلدان عربية وإسلامية سوف يشاركون في التمرين العسكري المعروف بـ "رعد الشمال"، إضافة إلى قوات ردع الجزيرة، وتستمر ثلاثة أسابيع، وتعد هي الأكبر من نوعها في المنطقة.
وأشار بيان سعودي إلى أن التمرين يكتسب أهمية نوعية بسبب عدد الدول المشاركة، والعتاد العسكري النوعي من أسلحة ومعدات عسكرية متنوعة ومتطورة، من بينها طائرات مقاتلة من طُرز مختلفة، تعكس الطيف الكمي والنوعي الكبير، الذي تتحلى به تلك القوات، موضحًا أن المناورات ستتضمن مشاركة واسعة من سلاح المدفعية، والدبابات، والمشاة، ومنظومات الدفاع الجوي، والقوات البحرية، في محاكاة لأقصى درجات التأهب لجيوش الدول الـ20 المشاركة.
وتشارك كل من السعودية والإمارات والأردن والبحرين والسنغال والسودان والكويت والمالديف والمغرب وباكستان وتشاد وتونس وجزر القمر وجيبوتي وسلطنة عمان وقطر وماليزيا ومصر وموريتانيا وموريشيوس.
وذكر "درع الوطن"، الحساب الرسمي الخاص بتغطية مناورات رعد الشمال، على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، بوصول قوات لثماني دول، مشاركة في التمرين، حتى مساء أمس الثلاثاء 16 فبراير 2016.
ووصلت كل من القوات القطرية، والسودانية، والدفعة الثانية من القوات العُمانية، فيما وصلت على مدار اليومين الماضيين، قوات من الأردن والإمارات وباكستان ومصر والكويت، والدفعة الأولى من القوات العُمانية.
وتهدف رعد الشمال إلى تعزيز التعاون العسكري بين الدول العربي والإسلامية بعد إنشاء التحالف الإسلامي العسكري، وتطوير كفاءة القوات العسكرية المشاركة في المناورات وتدريبها، بالإضافة إلى استفادة القوات العسكرية من بعضها وخاصة الجيوش القوية والمتطورة مثل الجيش المصري والسعودي، وتطوير قدراتها القتالية، والتدريب على الآليات العسكرية الحديثة والمتطورة من قبل القوات المشاركة.
ويعد الحفاظ على الأمن العربي وحماية الشعوب ضد أي محاولات من الأعداء لزعزعة أمنها واستقرارها من أهم الركائز، والحد من التدخلات الإيرانية في المنطقة وبالأخص في سوريا والعراق واليمن ولبنان والصومال، وتشديد الحصار على دورها في الساحة السياسية العربية والعالمية.
وكانت وكالة الأنباء السعودية الرسمية، قد وصفت في بيان سابق، التمرين العسكري رعد الشمال، بأنه الأهم والأكبر في تاريخ المنطقة، وأشارت إلى أنه سيتم خلاله محاكاة "لأعلى درجات التأهب القصوى" لجيوش الدول الـ 20 المشاركة به، مشيرة إلى أن التمرين سيتم تنفيذه في مدينة الملك خالد العسكرية بمدينة حفر الباطن، شمال المملكة، دون أن تحدد موعد انطلاقه على وجه الدقة.
وكان العميد الركن، أحمد عسيري، المستشار في مكتب وزير الدفاع السعودي، أعلن في تصريحات له يوم 4 فبراير الجاري، استعداد بلاده للمشاركة في عمليات برية، ضد داعش في سوريا، إذا ما أصبح هناك إجماع من قيادة التحالف الدولي، وبعدها بثلاثة أيام، أكد أنور بن محمد قرقاش، وزير الدولة للشئون الخارجية بالإمارات، ضرورة دعم جهود محاربة داعش، معرباً عن "استعداد بلاده للدعم بقوات برية، إذا ما طلب التحالف ذلك، على أن تلعب الولايات المتحدة دوراً قياديًّا".
جاء ذلك بالتزامن مع الإعلان عن مناورات تحت اسم رعد الشمال، وكشف العميد عسيري، أنها تمرينات عسكرية كبيرة، كان مرتباً لها منذ فترة، وتهدف إلى رفع الجاهزية القتالية، وتبادل المعلومات، والتنسيق بين الدول المشاركة.
وحول تزامن إعلان السعودية والإمارات، استعداداتهما لإرسال قوات برية لمحاربة داعش مع مناورات رعد الشمال، قال المحلل السياسي الإماراتي، عبد الخالق عبد الله، في تصريح سابق: المناورات لها زمان ومكان مهم جداً وهو شمال السعودية، بالقرب من العراق، وليس ببعيد عن إيران وسوريا، فاختيار المكان يحمل رسالة لأطراف إقليمية قريبة وبعيدة، هدفها إظهار التحالف الذي سمعنا عنه، هناك 20 دولة ستشارك بقطع وبقوات وبأسلحة مختلفة، فضخامتها رسالة بأننا في معركة، وربما حرب قادمة ولا بد من الاستعداد لها، وربما تكون أقرب مما كنا نعتقد.
فيما يرى محللون بأن المناورات، لا علاقة بينها وبين التدخل البري، ولكن بعض الدول المشاركة، هي في التحالف ضد داعش، لكن لم يقل أحد أن الـ 150 ألف جندي الذين سيشاركون في المناورات، هم الذين سيذهبون إلى سوريا.
من جانبها ألمحت مجلة ناشيونال انترست الأمريكية إلى أن نية الجيش السعودي بالتدخل برا في الحرب السورية، يشير إلى أن الممكلة ربما تتبنى خطة شليفن الشهيرة التي وضعها الكونت الألماني ألفرد شليفن ونفذتها ألمانيا في الحرب العالمية الأولى.
وأضافت المجلة: "إن السعودية درست الخطة جيدا لتفادي الوقوع في الأخطاء التي وقعت فيها ألمانيا حينها، وليس إعلانها عن تدريبات رعد الشمال الضخمة سوى خطوة أولى في طريق مرسوم مسبقا، لا يستهدف تنظيم داعش فحسب، إنما نظام الرئيس السوري بشار الأسد وإيران وميليشياتها كاملة."
وأشارت المجلة إلى اختلاف بين أمريكا والسعودية وحلفائها الذين يرون أن إيران أنتجت ميليشيات شيعية أكثر وحشية من تنظيم داعش الذي تعدّه الرياض من صنع النظام السوري.
وترى المجلة أن تدريبات رعد الشمال التي تجريها القوات السعودية بمشاركة عشرين دولة عربية وإسلامية وبـ 150 ألف جندي، ما هي إلا نواة لجيش أضخم سترسله السعودية وتركيا، عبر الحدود التركية لمواجهة الأعداء المشغولين في سوريا، لتفرض على الأزمة السورية ومعادلتها المعقدة رقمًا صعبًا سيقلب موازين القوى على الأرض.
المجلة تشير إلى أن السعوديين والأتراك شكلوا مؤخرًا لجنة لتنسيق الشئون العسكرية والتخطيط لعمليات واسعة النطاق في المستقبل بسوريا عبر الحدود التركية، مع تجهيز سرب من الطائرات السعودية في قاعدة أنجرليك التركية تمهيدًا لهذا الاحتمال، وأن السعودية تعلم جيدا أن إدارة أوباما سترضخ لمباركة ودعم هذا التحالف “الإسلامي، الذي سيحقق أحلام أوباما ويخرجه من مأزق داعش والقاعدة الذي يؤرق إدارته منذ سنوات، خصوصًا وأنه يضم حليفين محوريين تركيا والسعودية.
وكانت المملكة السعودية عبرت دائمًا عن تأييدها للغارات الجوية على تنظيم داعش، وهذا ما أكده وزير الدفاع محمد بن سلمان في بروكسل مؤخرًا، ولكن ليقينها بأن الغارات الجوية مهما كانت قوتها فلن تقضي على تنظيم داعش، ولن تفي بالغرض السعودي الذي ينظر إلى ما هو أكثر من داعش، إيران والأسد وأتباعهما.
ويرى محللون أن مناورات رعد الشمال رسالة واضحة من المشاركين بأنهم يقفون صفا واحدا لمواجهة التحديات والحفاظ على السلام والاستقرار في المنطقة والعالم.
وأعلنت الرياض في ديسمبر 2015 عن تشكيل التحالف الإسلامي العسكري لمواجهة كافة التنظيمات الإرهابية في المنطقة، كما أن السعودية تقود منذ مارس 2015 تحالفا عربيا في اليمن ضد الحوثيين.
