صرخة اللاجئين للقارة الأوروبية بحثًا عن النجاة...وغلق الحدود في مقدونيا يعقد الأزمة

السبت 12/مارس/2016 - 09:42 م
طباعة صرخة اللاجئين للقارة
 
تداعيات الاتفاق الأوروبي وتركيا حول اللاجئين مستمرة، وفى الوقت الذى تتزايد فيه الاتهامات الحقوقية للقارة الأوروبية بالانصياع لرغبات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، تظهر الرغبة الألمانية العارمة في دعم الاتفاق وتنفيذه والتخفيف عن كاهل دول الاتحاد الأوروبي للتخفيف من أزمة اللاجئين.
يأتي ذلك في الوقت الذى استبعد فيه الرئيس الفرنسي فرنسوا أولاند تقديم أي "تنازل" لتركيا سواء حول حقوق الإنسان أو بشان تأشيرات الدخول لمواطنيها إلى الاتحاد الأوروبي لقاء ضمانات بضبط تدفق المهاجرين منها إلى أوروبا، والإشارة إلى أنه يجب عدم تقديم أي تنازل على صعيد حقوق الإنسان أو معايير رفع تأشيرات الدخول"، وذلك قبل استئناف مفاوضات صعبة الأسبوع المقبل في بروكسل خلال قمة بين أنقرة ودول الاتحاد الأوروبي الـ28.

صرخة اللاجئين للقارة
من جانبه أعرب المعهد الألماني لحقوق الإنسان عن شكوك كبيرة حيال الاتفاق المزمع بين الاتحاد الأوروبي وتركيا والذي ينص على إعادة اللاجئين الذين يصلون إلى الجزر اليونانية إلى تركيا، وقالت بياته رودولف مديرة المعهد أن هذا الاتفاق سيكون مقبولا فقط في حال ضمان ألا تقوم تركيا بترحيل اللاجئين إلى دولة تضطهدهم، وطالبت بأن يكون لكل لاجئ قبل ترحيله من اليونان الحق في فحص حالته بشكل حيادي مع إتاحة الفرصة له للتقدم باعتراض ضد قرار ترحيله.
طالبت رودولف بأن يتم معاملة اللاجئين في حال إعادتهم إلى تركيا وفقا لنفس معايير اللجوء و المعايير الإنسانية المعمول بها في دول الاتحاد الأوروبي ومن بين ذلك على سبيل المثال الحق في العمل والتحاق الأطفال بالمدارس.
على الجانب الآخر أعرب وزير الداخلية الألماني توماس دي ميزير عن تأييده لتطبيق نظام جديد لتسجيل بيانات مواطني الدول الأخرى المسافرين من وإلى أوروبا، مؤكدا أنه في ظل الحرب على الإرهاب الدولي والعصابات الإجرامية والهجرة غير المشروعة، من الضروري أن نسجل موعد ومكان دخول وخروج مواطني الدول الأخرى غير الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إلى منطقة شنغن".

صرخة اللاجئين للقارة
وأكد دي ميزير على سريان مبدأ حرية السفر بين دول منطقة شنجن الـ26 داخل أوروبا ولفت إلى أهمية معرفة الأشخاص القادمين إلى منطقة شنجن ومعرفة موعد مغادرتهم، مشيرا إلى أنه لا يوجد حتى الآن نظام يكشف ما إذا كان الشخص دخل أو خرج فعليا من منطقة شنجن وقال إن "النظام الجديد ببيانات التأشيرة والبيانات البيومترية يمكنه أن ينبهنا في حال تجاوز مواطن من دولة أخرى لفترة إقامته".
من جانبها طالبت المستشارة الألمانية انجيلا ميركل اللاجئين في بلادها بأن يكونوا مستعدين للاندماج. يأتي ذلك قبل يوم واحد من بدء الانتخابات البرلمانية في ثلاث ولايات ألمانية غدا الأحد، هذه الولايات هي بادن فورتمبرغ وراينلاند بفالتس وسكسونيا آنهالت.
و قالت ميركل إن ألمانيا تقدم للباحثين عن المساعدة العديد من العروض في هذا المجال " وأنا أرى أن بوسعنا أن نقول أيضا، إننا ننتظر من اللاجئين أن يأخذوا بهذه العروض، وهذا واجب وليس خيارا".، ورأت ميركل أنه على المهاجرين الالتزام بنظام القيم الألمانية " فإذا كان رأي أحدهم مثلا أنه لا يجب الاعتداد بالمرأة، فإن هذا الشخص ببساطة جاء إلى البلد الخطأ".

صرخة اللاجئين للقارة
وفى سياق أخر قال المتحدث باسم مفوضية شؤون اللاجئين بوريس شيشيركوف ، إن تركيبة اللاجئين المتدفقين تحولت في الآونة الأخيرة، إذ أصبحت تصل أعداد أكبر من النساء والأطفال، ووصلت نسبتهم الآن إلى 60 %، في سبتمبر 2015 كان الأطفال يشكلون نسبة ضئيلة، أي طفل واحد من كل تسعة وافدين، الآن أصبح الأطفال يشكلون واحدًا من كل ثلاثة لاجئين. 
أضاف بقوله " الكثيرون يحاولون الالتحاق بذويهم وأقربائهم في المنطقة، فمن العار أنهم لا يستطيعون القيام بذلك بطرق آمنة ومضطرون لركوب قوارب وبدء رحلات خطيرة، يجب إيجاد بديل ملائم، ففي غياب ذلك لن يجد الأشخاص اليائسون بدا من اللجوء إلى شبكات التهريب".
وحسب التقارير الرسمية، عبر أكثر من مليون لاجئ ومهاجر عبروا البحر إلى أوروبا السنة الماضية، 800 ألف من هؤلاء عبروا بحر إيجة من تركيا إلى اليونان، ويصل معظمهم إلى جزيرة لسبوس، لحد الآن وصل إلى لسبوس وحدها 70 ألف شخص هذا العام وإذا قارننا ذلك بالعام الماضي فهو عدد مرتفع.
وتؤكد المفوضية السامية لشؤون اللاجئين أن 91 %ممن يصلون إلى اليونان ينحدرون من 10 دول هي الأكثر تصديرا للاجئين في العالم. معظم الوافدين هربوا من سوريا وأفغانستان والعراق. في الوقت الذي يعرف فيه تدفق اللاجئين إلى أوروبا ارتفاعا قياسيا لم تشهده القارة العجوز منذ الحرب العالمية الثانية، ولم يسبق في التاريخ أن انتقل هذا الكم الهائل من الناس حول العالم، فالأرقام تشير إلى وجود 60 مليون لاجئ ونازح حول العالم.
أضاف شيشيركوف بقوله "أوروبا هي أغنى اتحاد في العالم، وتستطيع التعامل مع هذه الوضعية. ولا ينبغي تبني حالة الطوارئ"
صرخة اللاجئين للقارة
وتتأزم معاناة اللاجئين يوما بعد يوم، ويرى مراقبون أنه مع إغلاق دول البلقان حدودها أمام اللاجئين، تقطعت السبل بأكثر من 13 ألف شخص على الحدود اليونانية المقدونية، فيما طلبت اليونان من الاتحاد الأوروبي 480 مليون يورو على نحو طارئ للمساعدة في إيواء مئة ألف لاجئ. 
وتظاهر اليوم العشرات من المهاجرين في إيدوميني، حيث لا يزال نحو 14 ألف مهاجر عالقين، مطالبين بإعادة فتح الحدود مع مقدونيا، من بينهم لاجئ سوري بدأ إضرابا عن الطعام. حيث جلس نحو 200 لاجئ، وخصوصا سوريين وعراقيين مع أطفالهم على خط السكة الحديدية عند الحدود، هاتفين "افتحوا الحدود"، وفق ما أفاد مصور لوكالة فرانس برس. ويتكرر هذا النوع من الاحتجاجات في إيدوميني، حيث الحدود بين اليونان ومقدونيا مغلقة منذ أسبوع.
وبدأ السوري ناظم سرحان إضرابا عن الطعام أمام خيمته في إيدوميني، وهو يسافر مع أولاده الثلاثة، ويريد الانضمام إلى زوجته المصابة بالسرطان وابنه الرابع اللذين يعيشان في ألمانيا. وقال "أريد رؤيتهما ليوم واحد فقط".
وأعرب نائب وزير الدفاع اليوناني ديمتريس فيستاس المكلف تنسيق الجهود لاحتواء تدفق المهاجرين عن أمله في أن يتحسن الوضع في إيدوميني "في غضون أسبوع، من دون اللجوء إلى القوة". وأوضح في حديث إلى تلفزيون "ميغا" أن الحكومة ستحاول "إقناع" اللاجئين بالانتقال إلى السكن داخل مراكز استقبال تتوزع في أنحاء البلاد.
وتم توزيع منشورات بالعربية والفارسية للاجئين، تدعوهم إلى "التعاون مع السلطات لنقلهم إلى مراكز استقبال". 
ويضيق مخيم إيدوميني بنحو 12 ألف مهاجر ولاجئ وفق أرقام رسمية نشرت السبت، فيما يخيم آلاف آخرون في حقول مجاورة، ويعيش هؤلاء في ظروف صحية مأساوية، وأصيبت فتاة في التاسعة بالتهاب الكبد A ونقلت إلى مستشفى في مدينة سالونيك القريبة، وفق ما أفاد مركز "كيلبنو" للوقاية من الأمراض.

شارك