محاولات لإنعاش محادثات السلام.. واتهامات متبادلة بين الأسد ومعارضيه حول جدية المفاوضات
السبت 12/مارس/2016 - 10:30 م
طباعة
يسعى المبعوث الأممى للأزمة السورية ستيفان دى ميستورا إلى إنعاش محادثات السلام الروسية بالرغم من تباطؤ الأطراف المعنية، وعدم المساهمة بجهدها في دفع عملية السلام للأمام، وبالرغم من ذلك أعرب دى ميستورا عن تفاؤل حذر لمستقبل تسوية النزاع السوري، مشيرًا إلى أن "الخطة البديلة" الوحيدة عن المفاوضات هي العودة إلى الحرب، مؤكدا على ضرورة أن تعقد الانتخابات في سوريا في غضون 18 شهرًا، والعد التنازلي في هذه العملية سيبدأ في 14 من هذا الشهر، دون انتظار تقدم في تشكيل حكم انتقالي أو إيجاد صيغة سياسية مقبولة لدى الجميع، وإلا فسيكون هناك خطر لتأجيل هذه العملية إلى ما لا نهاية له.
أكد دي ميستورا في لقاء مطول مع صحيفة "لوتان" السويسرية أن الظروف التي تنطلق فيها الجولة الجديدة من المفاوضات السورية في جنيف تختلف عن تلك التي جرت فيها الجولة الأولى، موضحا انه يقصد قبل كل شيء نتائج لقاء المجموعة الدولية لدعم سوريا في ميونخ، حيث تم التوصل إلى اتفاق حول تسريع إيصال مساعدات إنسانية إلى أهالي المناطق السورية المنكوبة وحول وقف الأعمال القتالية.
شدد دى ميستورا على أن وقف القتال لا يزال صامدا رغم جميع الحوادث وأن الفضل في ذلك يعود إلى مركز التنسيق الروسي الأمريكي الذي يعمل في جنيف تحت إشراف الأمم المتحدة، وعلى الرغم من غياب وقف كامل لإطلاق النار، إلا أن الأهم هو توفر إمكانية لمنع التصعيد العسكري.
أوضح دي ميستورا أن الروس والأمريكيين تدخلوا مباشرا بعد هذه الأحداث، كل من جانبه، لمنع تصاعد القتال في المنطقة، دون أن يخوض في تفاصيل هذا التدخل، موضحا أن وقف الأعمال القتالية في سوريا لا يشمل تنظيمي "الدولة الإسلامية" داعش و"جبهة النصرة"، لكنه إذا كان أمر داعش واضحا تماما، فإن لحالة "النصرة" بعض الخصوصية، وذلك أن هذ التنظيم كثيرا ما ينشط على الأرض مع مجموعات أخرى أعلنت انضمامها إلى الهدنة، الأمر الذي قد يتيح للحكومة السورية مبررا لمواصلتها استهداف هذه المجموعات، من جهة أخرى قد يستفيد هذا التنظيم من الوضع الراهن للبقاء بجوار المجموعات المذكورة كي يتجنب الضربات أو التهديدات باعتبارها "خائنة" إذا تبرأت من أي اتصال مع "النصرة"، موضحًا أن هناك ازدواجية معينة بشأن هذا التنظيم ويجب العمل على تجاوزها، لأنها قد تستخدم ذريعة لتبرير الهجمات حتى وإن كانت غير كافية لوضع وقف إطلاق النار في الخطر.
وركز دي ميستورا على حسن نية روسيا باعتبارها حَكما وأحد أطراف النزاع السوري في آن واحد، معتبرا أن نشاطات وفد الولايات المتحدة في جنيف، إلى جانب وجود عسكريين وخبراء أمريكيين هناك، "تساعد كثيرا في استبعاد أي شبهات حول سوء نيات". مع ذلك فقد شدد المبعوث الدولي على أن الجانب الروسي يبدى "نية واضحة لجعل وقف إطلاق النار صامدا".
شدد على مسألة حضور ممثلين عن الأكراد السوريين في جنيف موضحا إنه لديه صلاحيات لإيجاد صيغ تضمن للمفاوضات أكبر قدر ممكن من "الشمولية"، مضيفًا أن الأكراد يشكلون عنصرًا مهمة من المجتمع السوري وبالتالي يجب إيجاد صيغة تتيح لهم الفرصة لإبداء رأيهم حول دستور بلادهم وحكومتها.
نوه دى ميستورا على أن هناك ظروفًا عدة جعلت تسوية النزاع المسلح في سوريا أكثر إلحاحا، ألا وهي أزمة اللاجئين التي "أيقظت القادة الأوروبيين والأمريكيين أيضا"، و"التدخل الروسي الذي غير موازين القوى هو الآخر"، وأخيرا تواصل تنظيم داعش في التقدم وقدرته على تنفيذ "هجمات في باريس أو في الولايات المتحدة أو في كندا".
ذكر دي ميستورا أن هناك اليوم مقدمات تتيح فرصا جدية لوقف الحرب في سوريا، من بينها تراجع وتيرة العنف في البلاد للمرة الأولى منذ اندلاع النزاع، وتقدم وصول المساعدات الإنسانية، كما "هناك شعور واضح بوجود توافق بين الولايات المتحدة وروسيا من أجل منع تحول النزاع في سوريا إلى حرب إقليمية".
وفى هذا السياق أكد وزير الخارجية السوري وليد المعلم أن وفد الحكومة السورية سيتوجه إلى جنيف الأحد، وشدد على رفض التدخل البري في سوريا من أي طرف.
ودعا المعلم المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا إلى التحلي بالموضوعية والحياد لأنهما وصفة النجاح الفعلية للمحادثات، مؤكدا أن سوريا ملتزمة بإنجاح محادثات جنيف المقرر استئنافها الاثنين 14 مارس، معتبرا أن الشعب السوري متفائل ونحن ذاهبون إلى جنيف من أجل إنجاح الحوار وهذا يعتمد ليس علينا فقط بل على الأطراف الأخرى أيضا وإذا كان لديهم أوهام باستلام السلطة في جنيف بعد أن فشلوا في الميدان فهم سيفشلون"، مضيفا "سنذهب إلى جنيف ولا نعرف مع من سنتحاور ووفدنا بعد 24 ساعة إن لم يجد أحدا سيعود ويتحمل الطرف الآخر مسؤولية الفشل".
أوضح المعلم أن دمشق تلقت رسالة من دي ميستورا تحدد يوم الاثنين المقبل موعدا للقائه مع الوفد السوري في مبنى الأمم المتحدة، معربا عن أمله بأن يجري الحوار مع أكبر شريحة ممكنة من المعارضة لا سيما المعارضة التي لم ترتبط بأجندات خارجية.
وجدد المعلم رفض دمشق تقسيم البلاد، لافتا إلى أن الرئيس السوري بشار الأسد أكد دوما على تحرير كامل الأراضي السورية، قائلا: نحن السوريون نرفض الحديث عن الفيدرالية ونؤكد على وحدة سوريا".، مضيفا بقوله "لا أحد يجرؤ على التدخل بريا في سوريا ومن لم يفلح في اليمن لن يفلح في سوريا.
شدد بقوله " ليس هناك شيء في وثائق الأمم المتحدة يتحدث عن مرحلة انتقالية في مقام الرئاسة ولذلك لا بد من التوافق على تعريف المرحلة الانتقالية وفي مفهومنا هي الانتقال من دستور قائم إلى دستور جديد ومن حكومة قائمة إلى حكومة فيها مشاركة مع الطرف الآخر".
بينما اعتبر محمد علوش المفاوض الكبير بالمعارضة السورية إن المعارضة تهدف إلى الاتفاق في جنيف على تشكيل هيئة حكم انتقالية لا مكان فيها للرئيس السوري بشار الأسد، مضيفا بقوله " حضرنا لتشكيل هيئة انتقالية من دون وجود الأسد في السلطة."
كان علوش الذي يرأس المكتب السياسي لجماعة جيش الإسلام يتحدث باسم الهيئة العليا للمفاوضات التابعة للمعارضة السورية.
في حين اتهمت الهيئة العليا للمفاوضات الحكومة السورية بوقف محادثات السلام قبل أن تبدأ وذلك بعد أن رفض وزير الخارجية السوري وليد المعلم مناقشة مسألة انتقال السلطة ووصف الرئيس بشار الأسد بأنه "خط أحمر"، وقال منذر ماخوس المتحدث باسم الهيئة السورية المعارضة ل تعليقا علي تصريحات المعلم وزير الخارجية السوري بشأن وجود بشار السد في السلطة "أعتقد أنه يضع مسامير في نعش جنيف وهذا واضح، المعلم يوقف جنيف قبل أن يبدأ.
من جانبه أكد أليكسي بورودافكين، مندوب روسيا الدائم لدى مقر الأمم المتحدة في جنيف، إن على المعارضة السورية المتشددة أن تتخلى عن مطالبها بالتنحي الفوري للرئيس السوري بشار الأسد من منصبه.
يأتى ذلك في الوقت الذى رصد فيه المركز الروسي للمصالحة في سوريا، أن نظام وقف القتال في سوريا لا يزال صامدا، على الرغم من رصد المركز 10 انتهاكات له خلال الساعات الـ24 الأخيرة، وذلك في أرياف دمشق وحلب وحمص.
وجاء في بيان للمركز نشرته وزارة الدفاع الروسية، أن مواقع القوات الحكومية السورية تعرضت للقصف المدفعي خمس مرات من جهة المناطق الواقعة تحت سيطرة "الجيش السوري الحر"، أما فصائل وحدات حماية الشعب الكردية في ريف حلب فتعرضت هي الأخرى لنيران المدفعية والهجمات من قبل مسلحي "الجيش الحر" من ناحية بلدات جبرين وإعزاز وكفر خاشر. كما أشار المركز إلى استمرار قصف الأراضي السورية من الجانب التركي.
وأكد المركز أن الطيران الروسي والسوري لم يستهدفا المجموعات المسلحة التي أعلنت التزامها بالهدنة، مضيفا أن عدد البلدات في سوريا التي تم التوصل إلى اتفاقات مصالحة مع إداراتها قد بلغ 44 بلدة، وتجري حاليا مفاوضات مع إدارات 3 بلدات أخرى.
وبالرغم من سريان الهدنة، كشفت تقارير اعلامية عن طلب المعارضة المسلحة من الأطراف الداعمة لها في الخارج ومنها السعودية تزويدها بصواريخ مضادة للطائرات للتصدي للطائرات الحربية السورية والروسية، وتقول المعارضة إنها لم تحصل على هذه الأسلحة حتى الآن مما يشير إلى مخاوف من سقوطها في أيدي جماعات مثل تنظيم الدولة الإسلامية "داعش".
