ترقب حذر مع استمرار انسحاب القوات الروسية من سوريا.. والأكراد يُصعِّدون
الأربعاء 16/مارس/2016 - 11:07 م
طباعة
بعد الخطوة الروسية المفاجئة بشأن الانسحاب الجزئي من الأراضي السورية، لا تزال ردود الفعل تتوالى بشأن مستقبل هذه الخطوة، وتأثيرها على محادثات السلام السورية المنعقدة حاليا في جينيف، ويري مراقبون أن أقل بقليل من نصف القوة الجوية الروسية الضاربة في سوريا غادر البلاد خلال اليومين الماضيين فيما يشير إلى أن الكرملين يسرع وتيرة انسحابه الجزئي، بعد أن أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بسحب غالبية القوة العسكرية الروسية من سوريا بعد خمسة شهور من الضربات الجوية وقال إن الكرملين حقق معظم أهدافه.
استمرار انسحاب القوات الروسية
ويشير المتابعون إلى أن العدد الدقيق للطائرات الروسية التي كانت موجودة في قاعدة حميم الجوية في محافظة اللاذقية السورية سري، إلا أن صور التقطتها الأقمار الصناعية ولقطات للضربات الجوية الروسية وبيانات وزارة الدفاع الروسية في وقت سابق يشير إلى أن روسيا كانت تحتفظ بنحو 36 مقاتلة هناك.
وفى تحليل رويترز تمت الاشارة إلى لقطات بثتها محطات تلفزيون رسمية أن 15 على الأقل من هذه الطائرات ومن بينها مقاتلات طراز سوخوي-24 وسوخوي-25 وسوخوي-30 وسوخوي-34 قد غادرت في اليومين الماضيين.
من جانبه قال وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند إن بريطانيا غير متأكدة من جدية الانسحاب الروسي المعلن من سوريا، مضيفا بقوله "إذا تبين أنه انسحاب حقيقي - ونحن لا نعرف ذلك..." لكنه لم يكمل العبارة!
أوضح هاموند إنه لو تأكد الانسحاب "سيكون من المهم أن نرى إلى متى تستطيع قوات النظام السوري الحفاظ على قدراتها بوسائلها الخاصة."
بينما قال متحدث باسم التحالف الأمريكي الذي يقاتل تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" إن التحالف لاحظ مغادرة بعض الطائرات الحربية والجنود الروس سوريا منذ أعلنت موسكو انسحاب معظم قواتها من هناك لكنه أوضح أن القوة القتالية الروسية لم يطرأ عليها تغيير يذكر وتشارك في بعض العمليات.
أبلغ الكولونيل ستيف وارين وزارة الدفاع الأمريكية البنتاجون من العراق أن التحالف شاهد مغادرة ما يتراوح بين ثماني وعشر طائرات روسية وأن عددا من الوحدات الأرضية الصغيرة قرب المطار تجهز للعودة لبلادها.
وقال إن طائرات روسية شاركت في الوقت نفسه في طلعات منذ إعلان الانسحاب لكنها لم تشن ضربات جوية. وأضاف أن وحدات مدفعية روسية تساعد القوات السورية في مهاجمة الدولة الإسلامية عند تدمر لا تزال في مواقعها، مشيرا إلى انه من الصعب معرفة نوايا الروس. لم نكن نتوقع هذا الإعلان في المقام الأول ولذلك عندما نقارن أقوالهم بأفعالهم يتعين علينا الانتظار لننظر في التطورات."
وتوقع دبلوماسيون غربيون أن يكون هدف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هو الضغط على الرئيس الروسي بشار الأسد لقبول تسوية سياسية للحرب القائمة منذ خمس سنوات.
بشار الجعفري
من جانبه قال ماكسيم شيبوفالينكو وهو ضابط سابق في الجيش الروسي يشغل حاليا منصب نائب مدير مركز تحليل الاستراتيجيات والتكنولوجيات في موسكو إن هذه الطائرات نفذت ما يتراوح بين 75 و80 في المئة من بين أكثر من تسعة آلاف طلعة جوية للطيارين الروس.
وعرض التلفزيون الروسي لقطات لأربع طائرات من الطراز سوخوي-25 وخمسة طائرات من الطراز سوخوي-24 غادرت في اليومين الماضيين. ويعتقد محللون عسكريون أن روسيا كان لديها 12 طائرة من كل طراز في سوريا. كما شوهدت أيضا خمس طائرات من الطراز سوخوي-34 وواحدة من الطراز سوخوي-30 وهي تغادر.
بينما يري روسلان بوخوف مدير مركز تحليل الاستراتيجيات والتكنولوجيات إنه يعتقد أن روسيا ستسحب على الأقل نصف قوتها الضاربة لكي يعتبر انسحابها الجزئي حقيقا، وما لم يحدث ذلك سيقول الناس داخل روسيا و-بدرجة أكبر- خارجها إن الأمر ليس حقيقيا وإنه ببساطة إعادة تنظيم للقوات."
وعلى صعيد آخر يستعد أكراد سوريا لإعلان نظام اتحادي في المناطق الخاضعة لسيطرتهم في شمال سوريا في خطوة من المرجح أن تزيد من تعقيد مباحثات السلام التي تجري في جنيف بهدف إنهاء القتال المستمر منذ أكثر من خمس سنوات.
ويرى محللون أن الأكراد يتجهون لإدارة شؤونهم بأنفسهم بعد استبعادهم من مباحثات جنيف -التي بدأت يوم الاثنين الماضي- وقرروا ضم ثلاث مناطق يسيطرون عليها تتمتع بإدارة ذاتية فيما سموه "النظام الاتحادي الديمقراطي لروج آفا- شمال سوريا".
وقال مسؤولان كرديان بارزان إن هذا الإجراء الذي يدعمانه سيثير بالتأكيد حفيظة دول مجاورة مثل تركيا التي تخشى أن يؤدي النفوذ المتنامي للأكراد في سوريا إلى إثارة مشاعر انفصالية بين الأقلية الكردية الموجودة على أراضيها.
بينما قال مسؤول بوزارة الخارجية التركية "الوحدة الوطنية لسوريا وسلامة أراضيها أمر جوهري بالنسبة لنا. أي شيء بخلاف ذلك سيعد قرارات أحادية لا تتمتع بالشرعية."
المتحدث باسم الخارجية الأمريكية مارك تونر
في حين أكد المتحدث الرسمي باسم الخارجية الأمريكية، مارك تونر، أن الولايات المتحدة لن تعترف بأي منطقة حكم ذاتي للأكراد في سوريا.
وقال تونر، إن واشنطن تؤيد وحدة أراضي سوريا، مشيرا إلى أن البحث في قضية الأكراد بالبلاد سيجري في المرحلة السياسية المقبلة، ومن قبل السوريين أنفسهم، موضحا أن واشنطن ترى "خلال اليومين الماضيين تراجعا ملموسا للعنف وعدد الهجمات على المدنيين في سوريا"، مضيفا أن أطراف الهدنة تلتزم عموما بنظام وقف إطلاق النار.
وتعد وحدات حماية الشعب الكردية السورية حليفا مهما للولايات المتحدة ودول أخرى في حملة عسكرية ضد تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا لكن هذا الأمر يمثل نقطة خلاف بين الولايات المتحدة وتركيا حليفتها في حلف شمال الأطلسي.
وعلى صعيد تطورات الأحداث في محادثات السلام السورية، رفض بشار الجعفري الذي يرأس الوفد السوري في المباحثات بدوره أي حديث عن نموذج اتحادي في سوريا واستبعد التفاوض المباشر مع الهيئة العليا للمفاوضات التي تمثل فصائل معارضة
أوضح الجعفري إن إعلان بوتين سحب جزء من قواته المسلحة من سوريا الماضي لم يكن مفاجئا للحكومة السورية ووصفه بأنه قرار مشترك اتخذه بوتين والأسد.
تابع "لقد رأينا من قبل في أوكرانيا روسيا تتحدث عن انسحاب ويتبين بعد ذلك أنه مجرد تناوب بين القوات."
