"الطيب" في برلين: "لا قتل للمرتد في القرآن والإسلام كفل حرية الكفر والإيمان"
الخميس 17/مارس/2016 - 01:23 م
طباعة
زيارة مهمة قام بها الدكتور أحمد الطيب شيخ الجامع الأزهر للعاصمة الألمانية برلين؛ حيث أجاب على أسئلة مهمة تشغل لرأي العام الأوروبي وترد على الكثير من جماعات العنف والتطرف التي تدعي انتماءها للإسلام، ورغم أن هناك قضايا ازدراء أديان كان الخصم فيها مؤسسة الأزهر وأن هذه القضايا تتناقض مع ما قاله شيخ الأزهر- إلا أنه يعتبر ما قاله في برلين يعد خطوة على طريق تصحيح مسار الخطاب الديني.
حيث كان من بين كلام الطيب: "إن العلاقة بين مذهبي الشيعة والسنة هي علاقة أبناء الدين الواحد، مشيراً إلى أن الإسلام موجود منذ ١٤ قرناً، لم يسجل التاريخ خلالها أي حروب بين المذهبين".
لا نعرف من أين استند الشيخ الطيب على هذه المقولة فقد شهد تاريخ الدولة الإسلامية كثيرًا من المعارك بين المذاهب الإسلامية، سواء كان بين السُّنة والشيعة أو بين السنة بعضهم البعض، وكتب التاريخ مليئة بتلك الأحداث، والتي من بينها حرب الحنابلة والأحناف على سبيل المثال، فهم أصحاب مذهب سُنِّي واحد، ورغم ذلك اقتتلوا لسيادة مذهب فريق منهم، ولا ننسى في هذا السياق محنة خلق القرآن والفتنة الكبرى وغيرها من الأحداث التي قسمت الأمة الإسلامية.
واستطرد شيخ الأزهر: " هناك فتناً تشتعل بين حين وآخر في معظم بلدان العالم، والدولة المصرية تتصدى دائماً لتلك المحاولات"، كما أكد أنه لا يوجد ما يسمى بـ«الإسلام الأوروبي»، قائلاً: «الإسلام واحد، الإيمان بالله وكتبه ورسله، وأركانه خمسة، تطبق في أي مكان ووقت، حتى لو في كوكب المريخ».
وأضاف رداً على تساؤلات أعضاء البرلمان الألماني: «الديانة المسيحية كانت الحاضنة الأولى للإسلام، ولولا الحبشة وحماية ملكها المسيحي للمسلمين ربما كان قضى على هذا الدين في مهده، والإسلام أمر المسلم أن يذهب بزوجته غير المسلمة للكنيسة، وينتظرها حتى تصلي؛ لأنه يؤمن بالمسيحية والمسيح والكنيسة، ولا يمكن وضع زوجة بدينها تحت تصرفات زوج لا يعترف بهذا الدين».
وهنا نسأل شيخ الأزهر: أين هذه السماحة من الكتب التي تدرس لأبنائنا في المؤسسة الأزهرية، ولماذا لم ترد المؤسسة الأزهرية على تلك الجماعات السلفية وقياداتها الذين يدعون إلى إقصاء الأقباط وعدم موالاتهم، أو إشراكهم في الحياة العامة؟
رغم هذا يبقى ما نُشِيد به من حديث شيخ الأزهر لمجلس النواب الألماني؛ حيث أوضح معنى آيات القتال وحكم المرتد وسماحة الديني الإسلامي.
وأضاف الطيب، رداً على أسئلة النواب حول الآية الكريمة {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ}: «هذا النص مقتضب ومبتور للآية السابقة لها؛ لأن الآية الكريمة تبدأ بـ{وَقَاتِلُوا في سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ}، وهذه الآية واضحة؛ لأن الإسلام لا يأمرني بالقتال إلا لو كنت أقاتل مَن يقاتلني، وأرجو أن تستمعوا لاستكمال الآية الكريمة: {وَقَاتِلُواْ في سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ}، فالاعتداء يوقف القتال، وبعدها {وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ}، وهنا الضمير يعود على من قاتلوني، وهنا الآية واردة في نوعية معينة من المشركين الذين يقاتلون المسلمين ويخرجونهم من ديارهم ويتعقبونهم».
وأوضح شيخ الأزهر أن الرسول الكريم لم يذهب بجيش ليحارب المشركين في مكة، وعندنا القتال للدفاع وصد العدوان وليس للكفر، وأن القرآن الكريم لم يرد فيه عقوبة معينة للذي يترك الإسلام بعد أن يدخله، لكن بعض الأحاديث تشير إلى أن من يدخل الإسلام ويخرج منه منشقاً عليه وخطراً على المجتمع هذا الذي يعاقب، متابعاً: «لدينا ملحدون ولا نقتل أحداً، وكفى ما سمعناه من القرآن الكريم {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ}، وقولوا لنا أين المشانق التي تعلق في الميادين لمن يرتد عن الإسلام ويُعدم؟ أين هذا الكلام؟ فالإسلام كفل حرية العقيدة، والقرآن لا توجد به عقوبة معينة لمن يترك الإسلام».
وطالب شيخ الأزهر خلال لقائه سفراء الدول العربية والإسلامية في العاصمة الألمانية برلين بضرورة العمل الجاد والمنظم؛ من أجل إيصال الصورة الحقيقية عن الإسلام، في ظل المحاولات المستمرة لتشويهه وإلصاق تهم الإرهاب والتطرف به.
وأهدى شيخ الأزهر رئيس البرلمان الألماني نوربرت لامرت كتاب الجامع الأزهر الشريف التوثيقي، بينما أعرب لامرت عن تقديره وإعزازه للإمام الأكبر وللأزهر الشريف، مؤكداً أنه سيضع هذا الكتاب في متحف البوندستاج تخليداً لزيارة الإمام وخطابه التاريخي في البرلمان الألماني.
