"تيران" و"صنافير".. وجماعة الإخوان المسلمين

الخميس 14/أبريل/2016 - 01:30 م
طباعة تيران وصنافير.. وجماعة
 
لا شك أن الرأي العام المصري قد شغله خلال الأيام القليلة الماضية اتفاقية ترسيم الحدود بين المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية، وانفعل الرأي العام المصري بتوقيع تلك الاتفاقية بين الجانبين لاعتقاده الراسخ بأن جزيرتي "تيران وصنافير" جزيرتان مصريتان في الأساس، وإن لم يكن بالجغرافيا فبدم المصريين الذي ارتوت به أرض الجزيرتين، وأعقب التوقيع على الاتفاقية هجوم على الحكومة المصرية والرئيس عبد الفتاح السيسي وطالب البعض بالنزول إلى الشوارع يوم غد الجمعة 15 أبريل 2016، وقد تحدد 30 موقعًا ما بين مسجد وميدان لانطلاق المسيرات التي ترفض هذه الاتفاقية، ليس هذا فقط، بل وصل الأمر عند البعض إلى المطالبة برحيل الرئيس عبد الفتاح السيسي تحت دعوى إسقاط حكم العسكر. 
هذا الشعار الذي صكته جماعة الإخوان المسلمين إبان خلافاتهم مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة حينما كان يدير شئون الدولة فيما سمي بالمرحلة الانتقالية، ومن هنا كان وجود جماعة الإخوان ضروريًّا فهي فرصة ذهبية لإعادة ظهورها على المشهد السياسي واستغلال حالة الغضب الشعبي؛ بسبب اتفاقية ترسيم الحدود مع المملكة السعودية؛ حيث استغلت جماعة الإخوان «الإرهابية»، الدعوة التى أطلقها نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعى بالتظاهر ضد اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والمملكة العربية السعودية، لتحريض المواطنين ضد الدولة وإثارة الفوضى لإسقاط النظام.
وانتشرت الدعوات بالتظاهر عبر صفحات إلكترونية، تديرها عناصر إخوانية ومنها «نبض الإخوان، وشباب ضد الانقلاب، ونحن الشرعية نحن الثورة الشارع ملكنا، ورابعة»، لنشر الرسائل التحريضية.
وقالت الجماعة الإرهابية فى بيان لها أمس، للدعوة للخروج غدًا الجمعة: «نتقدم نحن جماهير مصر المخلصة الوفية بدعوة عامة لكل طوائف الشعب المصرى المناضل من أجل التمسك بكل شبر من أرض مصر، وبطلب رسمى للخروج غدًا للمطالبة بضرورة تغيير القيادة المصرية بما يحافظ على أمن هذا الوطن وسلامة أراضيه».
وأضافت: «نحن جموع وجماهير الشعب المصرى مدعوون للخروج للشارع والميادين، من أجل التعبير عن غضبنا من قرارات القيادة، والتعبير عن رغبتنا فى إجراء التغييرات اللازمة فى القيادة المصرية بما يحافظ لنا جميعًا على مصالح واستقرار هذا الوطن وسلامة أراضيه»، على حد زعمها.
تيران وصنافير.. وجماعة
كما حرض عدد من قيادات جماعة الإخوان في الخارج على التظاهر، يوم الجمعة المقبلة، ضد قرار إعادة جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، في محاولة منهم لاستغلال موجة الرافضين لهذا القرار؛ من أجل العودة لصدارة المشهد من جديد. ونشر عدد من قيادات الجماعة وأنصارها بالخارج، بيانًا قالوا فيه: "نعلن انضمامنا للدعوات التي صدرت عن رموز وقوى وطنية لدعوة الشعب لكي يُعبر عن رفضه التنازل عن جزيرتي صنافير وتيران أو أي جزء من أرض مصر؛ وذلك يوم الجمعة الموافق 15 أبريل 2016، أمام مقار المحافظات في الداخل، وأمام السفارات والقنصليات في الخارج". وأضاف البيان: "ندعو إلى فتح مقار المحافظات والسفارات والقناصل لاستقبال المواطنين وعدم التعرض لهم بأذى". ووقع على هذا البيان كل من: ثروت نافع، وسيف عبد الفتاح، وعبد الرحمن يوسف، وحاتم عزام، وعمرو دراج، وطارق الزمر، وأيمن نور، وإيهاب شيحة، ويحيى حامد، ومحمد محسوب، وعماد شاهين، ومحمد كمال.  
تيران وصنافير.. وجماعة
كما أصدر محمد منتصر المتحدث الإعلامي باسم جماعة الإخوان تصريحًا صحفيًّا جاء فيه: 
"تؤكد جماعة الإخوان المسلمين أن ما ارتكبه المجرم عبدالفتاح السيسي ونظامه بالتنازل عن جزيرتي صنافير وتيران خيانة عظمى لوطننا الحبيب مصر.. ونؤكد أن ما يفعله المجرم الانقلابي من جرائم متتالية بحق هذا الوطن كتهجير أهالي سيناء والتواطؤ في ملف النيل وبيع أراض مصرية لهو مخطط صهيوني ينفذه هذا الخائن وعصابته.. ونطالب كل مصري حر شريف بأن يواجه سرقة مصرنا الحبيبة، وأن لا يعترف بقرارات هذا الخائن.
ونؤكد أن كل من يتعاون مع خيانة هذا الخائن يضع نفسه في مأزق مع المصريين أجمع. إننا كمصريين لا نعترف بكل هذه الاتفاقيات الخائنة، ولا بمن وقعها، إن ثرواتنا وأرضنا لهي حق لشعبنا ولأبنائنا من بعدنا.
الوطن يضيع على يد الخونة فهل نسلمه لهم؟".
تيران وصنافير.. وجماعة
القارئ لفكر الجماعة وتنظيرها السياسي وتعليقها على الأحداث يجد أن فكرة (الوطنية) ليست في قاموس فكر الجماعة، فالجماعة تتبنى طرحا أمميّا يهدف إلى إحياء الخلافة الإسلامية التي تحكم العالم الإسلامي كله، وفي سبيل هذا الهدف، وتنفيذا لهذه الفكرة، تبنت فتح فروع لها في غالب الأقطار العربية، فالجماعة تنظيم عابر للحدود التي يرى أن الاستعمار هو من وضعها، وعلى الأمة تحطيم هذه الحدود والوحدة تحت راية الخلافة الإسلامية الجامعة، وهذه الفكرة والهدف يعد من أبجديات فكر تنظيم الإخوان، وهو معلن في كتبهم وتنظيراتهم، ويلخص تلك الفكرة مقولة سيد قطب «جنسية المسلم عقيدته»، وقد أبان عنها بوضوح مهدي عاكف مرشد الجماعة السابق، ففي مقابلة أجرتها روز اليوسف في عام 2006 معه، سأله الصحفي سعيد شعيب «هل ترضى لمصر بحاكم مسلم غير مصري أم مسيحي مصري؟»، فأجاب مهدي قائلا: «إنه يقبل بحاكم مسلم لمصر، ولو كان ماليزيا»، وحينما استغرب الصحفي، فكيف يرضى بمثل هذا لمصر، قال قولته الشهيرة: «طز في مصر، واللي في مصر، واللي جابوا مصر»، فمهدي عاكف منسجم تمامًا مع فكر الجماعة الأممي العابر للحدود غير المعترف بفكرة الأوطان القطرية الذي يرى أن الحدود بين الدول الإسلامية وضعها المستعمر، قارن هذه الفكرة الأممية التي تعد من أصول الفكر الإخواني بالشجب والاستنكار في بيان الإخوان الأخير عن ترسيم الحدود المائية مع السعودية، فقد جاء بيانهم قاسيًا في أسلوبه، وحادًّا في عباراته، ينضح بالغيرة على الوطن القطري؛ بسبب أنه ستُقتَطع منه جزيرتان صغيرتان هما في الأصل ليستا منه، وعلى فرض أنهما منه فهما ستذهبان لقطر إسلامي وعربي الذي هو في عرف الجماعة وأدبياتها جزء من الوطن الإسلامي الذي تهدف إلى توحيده تحت راية واحدة، ومؤدى هذا كله أن هذا الغضب ليس صادرا عن غيرة وطنية، فالعقل الإخواني لا يؤمن بالوطن والحدود القطرية، وإذا كان الأمر كذلك، فما سبب هذا الغضب العاصف الذي أبدته الجماعة؟ الأمر باختصار شديد فتش عن مصلحة الجماعة، فحيث تكون مصلحتها تكون المبادئ والقيم، والدليل على أن الأمر لا علاقة له بالوطنية أن صفحة حزب الحرية والعدالة في الفيس بوك كتبت في نوفمبر 2015 تتحدث أن في البحر الأحمر جزيرتين سعوديتين (تيران) و(صنافير)، والمفترض على السعودية حمايتهما بدلا من هجوم طائراتها على اليمن!

شارك