ألمانيا تواصل سياساتها الإنسانية تجاه اللاجئين.. وأنقرة تتحفظ
الخميس 05/مايو/2016 - 09:28 م
طباعة
اجتماعات اوروبية لحل ازمة اللاجئين
تحاول المانيا اتخاذ مسارات متعددة لحل أزمة اللاجئين دون غلق الحدود، ومحاولة إقناع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لاتخاذ قرارات جماعية فى هذا الأمر، في ظل تنامي المخاوف الأوروبية من تدفق مزيد من اللاجئين بما يؤدي إلى زيادة اللاجئين السوريين والأفارقة، وسط مخاوف من تسلل عناصر تنظيم داعش وسط المهاجرين.
يأتي ذلك فى الوقت الذى أكدت فيه المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أن الدفاع عن حدود الاتحاد الأوروبي "من المتوسط إلى القطب الشمالي" يشكل "تحديا لمستقبل أوروبا"، معتبرة أن احتمالية إعادة تطبيق الرقابة على الحدود في معبر برينر في النمسا ووصفت ذلك بأنه وسيلة خاطئة لمواجهة أزمة اللجوء.
وقالت ميركل في العاصمة الإيطالية روما: "سأفعل كل شيء من أجل حل المشكلة بشكل آخر غير الاضطرار لإغلاق الحدود، ولا يمكننا التخلي عن بعضنا البعض، بل وعلينا التعاون مع بعضنا البعض على نحو عادل"، مشددة على ضرورة دعم الدول الواقعة على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي بصفة خاصة مثل إيطاليا واليونان ومالطا وقبرص.
يذكر انه يزور قادة الاتحاد الأوروبي روما الجمعة لمناقشة هواجس ايطاليا ومقترحاتها حول المهاجرين وتسليم البابا فرنسيس جائزة شارلمان.
ازمة اللاجئين مستمرة
وبعد لقائه ميركل يستقبل رئيس الوزراء رينزي رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر، ورئيس المجلس الاوروبي دونالد توسك ورئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتز، ثم يعقد معهم مؤتمرا حول مستقبل الاتحاد الأوروبي في قاعة متحف الكابيتول حيث وقعت معاهدة روما عام 1957. وفيما يستعد الاتحاد الأوروبي لمناقشات صاخبة جديدة لدى استئناف الاجتماعات المخصصة للديون اليونانية والاستفتاء البريطاني حول البقاء في الاتحاد الأوروبي أو الخروج منه، تواصل إيطاليا التشديد على الطابع البالغ الأهمية للمعالجة الجماعية لأزمة المهاجرين.
وكرر وزير المالية الإيطالي الذي ينادي بسياسة التقشف بيير كارلو بادوان، القول إن إعادة طرح معاهدة شنغن على بساط البحث الذي تجلى كما تقول الحكومة الإيطالية بالتهديدات النمساوية بتشديد عمليات المراقبة في نفق برينر الاستراتيجي، "اشد خطورة من أزمة اليورو قبل سنوات"، مضيفًا أن التحدي الذي تطرحه أزمة الهجرة "ليس مجرد صدمة خارجية، بل تغيير من شأنه" أن يؤدي إلى تفشي التطلعات القومية في أوروبا.
وباتت إيطاليا التي استقبلت أكثر من 28.500 مهاجر منذ بداية السنة، على غرار ما حدث في 2014 و2015، البوابة الرئيسية المتوسطية، بعد إقفال طريق البلقان والاتفاق المثير للجدل حول إعادة المهاجرين الجدد إلى تركيا بعد وصولهم إلى اليونان.
ويرى محللون أن إيطاليا تتخوف من أن تضطر إلى أن تواجه وحدها، خلافا للسنوات السابقة التي كان خلالها أكثر من نصف الواصلين يتابعون طريقهم إلى أوروبا الشمالية، مسألة استقبال الواصلين الجدد، لأن التشدد الذي يفرضه الاتحاد الأوروبي في تحديد هوية الواصلين بات لا يتيح لهم تقديم طلبات اللجوء في بلد آخر، وفي المقابل، ما زالت منظومة توزيع المهاجرين في بلدان الاتحاد الأوروبي متعثرة، ولن يؤدي مشروع الغرامة البالغة 250 ألف يورو لكل طالب لجوء يرفض، إلى تغيير بالضرورة للواقع الذي تواجهه إيطاليا: فالسفن المتهالكة التي أنقذت هذه السنة قبالة السواحل الليبية، لم تكن تنقل سوريين وعراقيين ولا حتى إريتريين، وهي الجنسيات الثلاث الأساسية المعترف بها للتوزيع.
واقترحت إيطاليا على الاتحاد الأوروبي خطة للهجرة تشدد على مساعدة بلدان المنشأ وعلى التعاون مع بلدان المرور، من خلال التوصل على سبيل المثال إلى اتفاق مع ليبيا شبيه بالنموذج الذي تم التوصل إليه مع تركيا.
يذكر أن المفوضية الأوروبية أوصت بإلغاء تأشيرة السفر إلى دول الاتحاد الأوروبي بالنسبة للمواطنين الأتراك، ولكن بشرط تنفيذ أنقرة لشروط الاتحاد الأوروبي.
وتعد إلغاء تأشيرة دخول المواطنين الأتراك قضية مثار جدل بين أعضاء الاتحاد الأوروبي. لكن بروكسل تضغط للحفاظ على المعاهدة مع تركيا في وقت تجد فيه أوروبا صعوبة في التعامل مع أسوأ أزمة لاجئين تشهدها منذ الحرب العالمية الثانية.
العالقون فى تركيا
واعتبرت المفوضية أن تركيا أوفت بغالبية الشروط الـ72 لإدراجها ضمن قائمة الدول المعفية من تأشيرات الدخول للزيارات القصيرة أقصاها 90 يوما في إطار عائلي والزيارات السياحية أو زيارات العمل، واقترحت المفوضية على الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي تبني هذا القرار بحدود يونيه المقبل.
وانطلقت المفوضية من قناعة أن "السلطات التركية ستلتزم بتطبيق المهام الملحة والشروط التي تمّ إقرارها في 18 من مارس الماضي" والتي تشمل مراقبة صحة الأوراق الثبوتية إلى احترام الحقوق الأساسية.
كانت تركيا قد وضعت إعفاء مواطنيها من تأشيرات الدخول إلى فضاء شنغن كشرط أساسي للاستمرار في تطبيق الاتفاق المثير للجدل بشأن اللاجئين.
من جانبه استبق وزير الخارجية التركي مولود شاووش أوغلو قرار المفوضية الأوروبية بالتأكيد على أن بلاده بصدد الانتهاء من الإجراءات اللازمة التي اشترطتها المفوضية، وقال شاووش أوغلو "نحن بصدد إكمال كل الإجراءات الفنية الضرورية بما في ذلك ما يتعلق بجوازات السفر، نريد أن نرى كل ذلك في تقرير المفوضية الأوروبية".
وتقتصر قواعد السفر لأوروبا دون تأشيرة دخول حاملي جوازات السفر الإلكترونية فحسب، وهو النظام الذي لم يتم تعميمه في تركيا بشكل كامل حتى الآن، وقال شاووش أوغلو "إذا كانت هناك أوجه قصور فإن هذه عملية تشبه عضوية الاتحاد الأوروبي، وأوجه القصور هذه يمكن التغلب عليها بإصرار تركيا في الفترة المقبلة".
البحث عن الامان
وفي هذا الإطار صادق البرلمان التركي في وقت متأخر على تشريع مهم يزيل بعض العقبات المتبقية وذلك بالمصادقة على قانون يمكن من تحديد كيفية تأديب أو عقاب ضباط إنفاذ القانون لأي جرائم يرتكبونها وذلك من خلال لجنة رقابية، وذلك قبل أن يوافق أيضا على تشريع يتعلق باتفاق أنقرة مع الاتحاد الأوروبي لاستعادة اللاجئين الذين انطلقوا من تركيا إلى الاتحاد.
وفي خطوة موازية وافقت الحكومة التركية على إلغاء تأشيرات الدخول للزائرين القادمين من كل دول الاتحاد الأوروبي بمجرد أن تخفف أوروبا متطلباتها للحصول على تأشيرة من الأتراك وهو معيار آخر من 72 معيارا ينص عليها الاتفاق، وهي الخطوة التي أشادت بها المفوضية الأوروبية في اجتماعها الأخير.
وبات على أنقرة احترام المعايير المتبقية لحصول رعاياها على إعفاء من التأشيرات بحلول نهاية يونيو، الموعد الذي حددته المفوضية الأوروبية للدول الأعضاء، ولكن، حتى وان أعطت المفوضية الضوء الأخضر التام، لن يكون الإعفاء من التأشيرات مكتسبا لأن على البرلمان الأوروبي إبداء رأيه كما الدول الأعضاء في أجواء من انعدام الثقة حيال النظام التركي.
