ذكرى رحيل "مِس هيلين".. الهولندية التي خدمت فقراء "طما"

الإثنين 16/مايو/2016 - 10:48 ص
طباعة ذكرى رحيل مِس هيلين..
 
تمر هذه الأيام الذكرى الثانية لموت راهبة عظيمة قدمت لمصر الكثير، ومع ذلك لا تحظى بأي شهرة بين أغلب المصريين.. وتستحق تخليد ذكراها باستمرار وهي السيدة "هيلين فورهوفة"، أو "مِس هيلين"، أشهر الراهبات  بصعيد مِصر، بعدما رحلت عن عالمنا، في مايو 2014 عن عمر يناهز 102 عام، والتي كرَّست حياتها للخدمة في قرى الصعيد الفقيرة، وملاجئ الأطفال، وشارك في مراسم الجنازة، التي استمرت نحو ثلاث ساعات، مندوب عن السفارة الهولندية بمِصر، ورئيس مجلس محلي مدينة طما، ومدير الإداره التعليمية، وعدد من القيادات المسيحية من الطوائف الثلاثة. 
ولدت "هيلين" عام 1912 في لاهاي بهولندا، وهي السادسة بين ثمانية أبناء (خمس بنات وثلاثة أولاد )، وفي السابعة عشر من عمرها فاتحت والدها خادم الإنجيل "يوهانز فورهوفة"، في أمر الذهاب إلى مِصر؛ لخدمة الفقراء والمحتاجين، الأمر الذي قابله بالاستحسان، إلا أنه اشترط عليها شرطًا واحدًا أن تبقى بهولندا لحين إتمام سن الـ25. 
ثم التحقت بمدرسة "المعلمات" بهولندا سنتين، و عملت كمُدرِّسة بمدرسة الإخوة بلاهاي لمدة عام، ثم عملت في ملجأ أطفال في ألمانيا لمدة سنة، والتحقت بعدها بدورة طبية في إنجلترا خاصة بالمرسلين، ثم بأخرى في سويسرا. 
وبعد إتمام سن الـ25، وصلت إلى مِصر للمرة الأولى، وذلك في العام 1937، ومكثت بالقاهرة لمدة عامين، حتى أتقنت اللغة العربية، ثم انتقلت إلى مِنطقة طما بمحافظة سوهاج، لتبدأ رحلة إرساليتها عام 1941، معتبرةً سدَّ احتياج المحتاجين "مسئولية" شخصية تسلمتها من الله مباشرة. 
نجحت "هيلين" في تغيير أحوال كثير من الأسر، وتبديل حزنهم إلى فرح، فزارت المنازل، وعملت على سد احتياج الفقراء، وعملت اجتماعًا باسم "طابيثا" أي "غزالة" للسيدات، وفي عام 1951، أسست مدرسة "بيت إيل"، وافتتحتها عام 1954، ومُنحت وسام الفروسية من ملكة هولندا سنة 1955، كما أنشأت دار "النور" لعقد الاجتماعات عام 1958، والذي تحوَّل إلى "مدرسة النور"، بعد عام من إنشائه. 
تعرضت عام 1970 للترحيل من مِصر، ثم عادت مجددًا لتستكمل رسالتها، وكانت آخر رحلةٍ لها إلى هولندا عام 1997، وقررت بعدها البقاء في مِصر. 
في 12 ديسمبر 2008م سقطت على الأرض وأصيبت بكسر في عظمة الفخذ، أجريت لها بسببها عملية جراحية بعدها تراجعت صحتها، إلا حسها الروحي لم يتراجع أبدا. 
وفي حياتها  أثبتت أن قيمتها ليست في طولها، مع أنها "طالت" إلى 102 عام، 
بل في "عمق" تأثيرها، وفي "عرض" المجال الذي كانت سبب بركة فيه.
إنها قدوة لكل شاب وشابة، ولكل رجل وامرأة، ولكل شيخ وشيخة.. لقد عملت هيلين على ترجمة معاني المسيحية السامية بالعمل وسط الفقراء والمنسيين.. تركت الرفاهية الكاملة في بلادها الأوروبية، واختارت حياة متواضعة، فأصبحت أفضل من الكثيرين من رجال الدين الذين يوعظون ولا يفعلون.. وقد ابتليت حياتنا بهم. 

شارك