صمت الغرب الذي حَوَّل "داعش والسبايا" إلى "عار" لا ينتهي
الأحد 29/مايو/2016 - 04:05 م
طباعة
بعد أن صمت العالم والغرب على انتهاكات تنظيم "داعش" اللا إنسانية والخاصة بسبي النساء، وتمادى التنظيم الوحشي في جرائمه وتاجر بالنساء في الأسواق واستخدموهن "سبايا" و"جواري" للجنس، بل ووصل بهم الأمر مؤخرًا إلى اللجوء إلى الوسائل التقنية الحديثة من خلال بيع النساء الإيزيديات المختطفات على مواقع التواصل الاجتماعي وتحديدًا "فيسبوك".
فبحسب صحيفة "واشطن بوست" الأمريكية فإن أحد الدواعش واسمه أبو أسعد الألماني وضع صورة لامرأة وكتب تحتها جملة "للبيع" ولكل الإخوة من يفكر بشراء عبدة، هذه واحدة بقيمة 8000 دولار، وبعد ساعات نشر صورة أخرى لامرأة ثانية، وكتب "هذه أيضاً بحوالي 8 آلاف دولار. نعم أم لا؟".
وأشارت الصحيفة إلى أن الألماني، مالك الحساب على موقع "فيسبوك" يقيم في محيط مدينة الرقة معقل داعش في سوريا، وهو مطلع عن قرب على نشاطات التنظيم هناك، ويستخدم حسابه بشكل منتظم لجمع التبرعات وبعد نشره صور المرأتين دخل في حوار مع المشترين حول السعر، ورد على أحد المعترضين الذي اشتكى من المبلغ المرتفع وتساءل عن مهارات "السبية" بالقول: "ليس لديها مهارات استثنائية العرض والطلب هو ما يحدد السعر"
وهو الأمر الذي دفع إدارة موقع "فيسبوك" إلى حذف الصور بعد ساعات من نشرها، لتؤكد الصحيفة أنها لا تعرف إذا ما كان الداعشي يقوم بالبيع لصالحه فقط أم لمصلحة عناصر أخرى في التنظيم المتطرف من خلال الاستخدام التقني في التجارة بالنساء "أون لاين" الذي ازدهر بشكل كبير مؤخرا بين عناصر التنظيم؟ حيث تمتلئ حسابات الدواعش في مواقع التواصل الاجتماعي بالتجارة بالنساء ولا تكتفي فقط ببيع النساء، ولكنها تحمل "دليلاً" يقدم عرضاً عن المرأة وقواعد التعامل معها ومن بين تلك القواعد، بحسب الفقيه الداعشي بأنه من الجائز ممارسة الجنس مع السبايا المراهقات، وتعليمات تتعلق بالحدود المسموحة به لضربها.
هذا ويمارس على السبايا كافة أنواع العنف وهو ما دفع فقهاء «داعش» إلى إصدار فتوى مفصلة عن أحكام جماع «ملك اليمين»، في محاولة لكبح ما وصفوه بأنه انتهاكات في معاملة السبايا، وقال أحد الفقهاء في التنظيم: إن الفتوى لها قوة القانون وتتجاوز إصدارات سابقة للتنظيم بهذا الشأن، ويحاول التنظيم من خلال الفتوى إعادة تفسير نصوص دينية لتبرير «الاستعباد الجنسي للنساء» داخل الأراضي الخاضعة لسيطرته في العراق وسوريا.
ومن تلك الفتاوى فتوى تحمل رقم 64، وصدرت بتاريخ 29 يناير 2015 وهي صادرة عن لجنة البحوث والإفتاء في «داعش»، وتبدأ الفتوى بطرح سؤال عما إذا كانت هناك أي محاذير تتعلق بمسألة السبايا. وتشير إلى أن بعض «الإخوة ارتكبوا انتهاكات فيما يتعلق بمعاملة السبايا، وأن الشريعة الإسلامية لا تبيح هذا». وتستعرض الفتوى بعد ذلك 15 حالة وتستفيض في شرح بعضها، فعلى سبيل المثال تقول إنه إذا كان مقاتل يملك أمة وكانت ابنتها بالغة ووطأ الابنة فإن الأم لا تحل له، وتضيف أنه إذا وطأ الأم فإن الابنة تصبح محرمة عليه، وأنه يجب على من يملكون السبايا الرأفة بهن ومعاملتهن معاملة طيبة وعدم إهانتهن ولا تكليفهن بأعمال لا يمكنهن تنفيذها، كما لا يجب عليهم بيعهن إلى شخص يعلمون أنه سيسيء معاملتهن.
وأجرت منظمة «هيومن رايتس ووتش» تقريرًا في أبريل 2016 استند إلى مقابلات مع 20 امرأة فررن من التنظيم، وقلن: إن «داعش» تفصل الشابات والفتيات عن الرجال والفتيان والمسنات.. إن مقاتلي التنظيم عملوا منهجيًا على فصل الشابات والمراهقات عن أسرهن وعن بقية الأسرى ونقلوهن من موضع إلى آخر داخل العراق وسوريا، وأرغموهن على الزواج أو تم بيعهن، وأن عدد النساء الإيزيديات اللواتي يحتجزهن داعش يقارب 1800 امرأة وفتاة.
بالإضافة إلى ذلك هناك العديد من الروايات المفجعة على جرائم داعش منها ما روته الإيزيدية خاتو أولو البالغة من العمر 70 عامًا بقولها إنها "بعد معاناة ومشقة تمكنت مع أقرانها من الوصول إلى نقطة (مكتب خالد) الفاصلة بين قوات البيشمركة ومسلحي داعش بالقرب من كركوك، وكنا قد اعتقلنا من قبل داعش في أغسطس 2016م عندما هاجموا مجمعنا التابع لقضاء سنجار، وأخذوا شبابنا ورجالنا إلى مكان مجهول ولا نعلم مصيرهم لحد الآن، أما نحن النساء والأطفال والفتيات فأخذونا إلى قضاء تلعفر (غرب الموصل)، كان عددنا 20 فردًا، وتم سجننا نحن النساء في مدرسة، ثم نقلونا إلى سجن بادوش (قرب الموصل) حيث بقينا عدة أيام، ومن ثم أعادونا إلى تلعفر مرة أخرى، وبقينا هناك نحو شهرين، كانوا يعتدون علينا يوميا، ويغتصبون الفتيات والنساء، كانوا يمنعون عنا الطعام لأيام، واقترفوا بحقنا جرائم بشعة كثيرة وبعدها نقلونا إلى الموصل؛ حيث أخذوا فتياتنا ونساءنا الشابات والأطفال والشباب إلى سوريا، وأبقونا نحن المسنين فقط وأخذوا بناتي الاثنتين مع أطفالهما. التنظيم أخذ 9 فتيات ونساء وأطفالا من عائلتي إلى سوريا ولا أعرف مصيرهم".
وعن هذه الظاهرة قال ستيفن ستالينسكي المدير التنفيذي لمعهد إعلام بحوث الشرق الأوسط في واشنطن: "رأينا قدرًا كبيرًا من وحشية التنظيم، لكن ما نشره خلال العامين الماضيين فاجأ الجميع وتجاوز الشرور، وبيع النساء عبر مواقع التواصل ليس سوى مثال على وحشية التنظيم".
يذكر أن تنظيم داعش يحتجز عددًا كبيرًا من النساء ممن يعتبرهن "جواري" وسبايا"، ومع تصاعد الضغط ومحاصرته فإن معاناة هؤلاء النسوة ستتضاعف؛ حيث سيتعرضن للبيع والشراء بوتيرة أسرع، كما سيعانين من الضرب أو يقتلن بسبب القصف، بحسب تقارير جماعات حقوق الإنسان.
من خلال ما سبق نستطيع التأكيد على أن صمت العالم والغرب على انتهاكات تنظيم داعش اللا إنسانية والخاصة بسبي النساء هو ما دفعه إلى التمادي في جرائمهـ والمتاجرة بهم وتحويلهم إلى "سبايا" و"جواري" للجنس؛ وبالتالي لم يكن مستغربًا بيعهن على مواقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك".
