مخاوف تركية من اعتراف البرلمان الألماني بمذبحة الأرمن... وأردوغان يحذر

الثلاثاء 31/مايو/2016 - 10:37 م
طباعة مخاوف تركية من اعتراف
 
في الوقت الذي تتزايد فيه دعوات البرلمان الألماني بالاعتراف بمذبحة الأرمن الخميس المقبل، تبذل محاولات تركية وغربية لوقف هذا الاعتراف، وهو ما كشف عنه الرئيس التركي مؤخرا، من اجراء اتصالات موسعة لوقف اتخاذ القرار، من المقرر أن يتبنى النواب الألمان الخميس قرارًا يصف الجرائم التي تعرض لها الأرمن في عهد الدولة العثمانية بأنه إبادة جماعية، وهو ما سيثير لا محالة انتقادات حادة داخل تركيا وسط أجواء توتر سائدة مع برلين.

مخاوف تركية من اعتراف
ففي الوقت الذي صرح فيه رجب طيب أردوغان انه تواصل مع المستشارة الألمانية انجيلا ميركل وحضها على "التعقل"، معربا عن "قلقه" في حال تبني هذا القرار الذي يثير استياء أنقرة الشديد. أكد على انه "في حال تم تبني هذا النص ووقعت ألمانيا في الفخ،  فهذا الأمر قد يؤدي إلى تدهور كل علاقاتنا مع ألمانيا، حليفتنا في الحلف الأطلسي وحيث يعيش ثلاثة ملايين تركي".، موضحا أنه "بالنسبة إلى تركيا فإن هذا النص لا ينطوي على أي طابع ملزم استنادا إلى القانون الدولي".
وتعتبر فرص تبني مسودة هذا القرار التي حملت عنوان "إحياء ذكرى إبادة الأرمن وأقليات مسيحية أخرى قبل 101 عام" كبيرة جدا، وطرحتها كتل الأكثرية البرلمانية أي محافظو تكتل الاتحاد المسيحي الديمقراطي والاتحاد الاجتماعي الديمقراطي والحزب الاشتراكي الديمقراطي إضافة الى حزب الخضر المعارض.
ويؤكد الأرمن أن 1,5 مليون أرمني قتلوا بشكل منهجي قبيل انهيار السلطنة العثمانية، فيما أقر عدد من المؤرخين في أكثر من عشرين دولة بينها فرنسا وإيطاليا وروسيا بوقوع إبادة. 
وتقول تركيا إن هؤلاء سقطوا خلال حرب أهلية ترافقت مع مجاعة وأدت إلى مقتل ما بين 300 ألف و500 ألف أرمني فضلا عن عدد مماثل من الأتراك حين كانت القوات العثمانية وروسيا تتنازعان السيطرة على الأناضول.

مخاوف تركية من اعتراف
وحسب ما ورد بالغرفة السفلى في البرلمان الألماني أن "ما قامت به آنذاك حكومة تركيا والذي أدى إلى إفناء الأرمن بشكل شبه تام، وتعرب عن أسفها للدور المؤسف للدور الألماني الذي لم يفعل شيئا لوقف هذه الجريمة ضد الإنسانية،  كونه الحليف الرئيسي للدولة العثمانية".
وفي الذكرى المئوية لتلك الأحداث العام الفائت، كان الرئيس الألماني يواخيم غاوك أول من استخدم كلمة "الإبادة" لوصف المجازر التي قام بها العثمانيون وقضى فيها 1,5 مليون شخص بين 1915 و1917، وأثار الاعتراف الرسمي الألماني الأول غضب أنقره واتهم الرئيس التركي رجب طيب اردوغان غاوك بتأييد "مطالب تستند إلى أكاذيب أرمينية".
من جانبه اعتبر نائب رئيس الوزراء التركي نعمان كورتولموش أن على ألمانيا أن تكون "حريصة على علاقاتها مع تركيا"، وخصوصا أنها تعد بين سكانها نحو ثلاثة ملايين نسمة من أصول تركية يشكلون إحدى اكبر جاليات الشتات في العالم، ويهدد القرار بإضعاف العلاقات الألمانية التركية، المهتزة أصلا بسبب عدد من الملفات الخلافية، وعلى رأسها الاتفاق المبرم بين أنقرة والاتحاد الأوروبي حول الحد من تدفق اللاجئين إلى أوروبا.
ويعمل نواب في البوندستاغ الألماني على إعداد مشروع قرار يقر للمرة الأولى بتعرض الأرمن للإبادة خلال الحكم العثماني قبل نحو مئة عام، كما يعترف بان ألمانيا تتحمل "جزءا من المسؤولية" عن هذه الجرائم.
 وتقدم الائتلاف الحكومي في برلين الذي يضم اليمين واليسار على حد سواء بمشروع القرار بالتعاون مع حزب الخضر المعارض.

مخاوف تركية من اعتراف
ويشير مشروع القرار أيضا إلى "ترحيل وإبادة مدبَّرين لأكثر من مليون أرمني"، كما يعرب مشروع القرار عن أسفه "للدور المؤسف الذي قام به الرايخ الألماني الذي، بصفته الحليف العسكري الأساسي للسلطنة العثمانية ورغم المعلومات الواضحة من دبلوماسيين ومبشرين ألمان تتعلق بالترحيل والإبادة بحق الأرمن، لم يتخذ أي خطوة لوقف هذه الجرائم ضد الإنسانية".
ويدور النقاش حول إقرار هذا المشروع منذ أكثر من عام داخل أروقة البرلمان الألماني، غير أن مكتب المستشارية ووزارة الخارجية سعتا إلى إرجاء التصويت في أكثر من مناسبة، كان آخرها في أبريل من العام الماضي، حين قدم حزب الخضر توصية بهذا الشأن حملت عنوان "الإبادة الجماعية".
وحذر وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير من الإقدام على هذه الخطوة التي من شأنها زعزعة العلاقات الألمانية التركية وذلك في وقت في غاية الحساسية بالنسبة لأوروبا التي تعتمد على تركيا في عملية وقف تدفق اللاجئين بموجب الإتقاق التركي الأوروبي حول الهجرة.
وتتهم تركيا الذين يعتبرون أن ما حصل في تركيا أعمال إبادة بأنهم "يدعمون المطالب القائمة على الأكاذيب الأرمينية.
وكان البرلمان الأوروبي قد دعا الشهر الماضي إلى الاعتراف بأن المذبحة التي جرت قبل قرن من الزمان وراح ضحيتها زهاء 1.5 مليون أرمني كانت إبادة جماعية وذلك بعد بضعة أيام من استخدام البابا فرنسيس نفس المصطلح.

مخاوف تركية من اعتراف
وأيد أعضاء البرلمان الأوروبي وبأغلبية كاسحة القرار الذي يقر بأن "الأحداث المأساوية التي جرت في الفترة 1915 - 1917 ضد الأرمن في أراضي الإمبراطورية العثمانية تمثل إبادة جماعية"، ودافع نواب البرلمان الأوروبي عن البابا فرنسيس الذى يعد أول رئيس للكنيسة الكاثوليكية يصف قتل الأرمن علنا بأنه "إبادة جماعية" مما دفع تركيا إلى استدعاء سفير الفاتيكان كما استدعت أنقرة سفيرها لديه.
وقال العضو عن الحزب الديمقراطي المسيحي الألماني إيلمار بروك "علينا ألا ننسى أن هؤلاء الناس قتلوا وأن هذه الأحداث توصف بشكل صحيح على أنها إبادة، أعتقد أن ذلك يجب أن يؤدي إلى اعتراف إضافي من جانب تركيا بحدوث إبادة جماعية تحت حكم الإمبراطورية العثمانية.".

شارك