التشيع يضرب "الجزائر والمغرب" قبل بداية شهر رمضان الكريم
الأربعاء 01/يونيو/2016 - 02:17 م
طباعة
لا يتوقف الإيرانيون عن نشر التشيع في كافة أنحاء العالم دون مراعاة عادات وتقاليد الشعوب أو حتى مقدساتهم الدينية التي يشتركون معه فيها، والتي لها خصوصية كبيرة في كل دولة، ولكن المد الإيراني هذه المرة ضرب المغرب العربي بقوة؛ حيث حذر رجال دين في الجزائر من حملات تشيع من خارج حدود البلاد، وإن هذا الأمر يعد تدخلًا في إرث البلاد الديني والتاريخي وهو الأمر الذي دعا السلطات الجزائرية إلى اتخاذ إجراءات لحماية المرجعية الدينية لسكانها من موجات حركات التشيع التي تستهدف مناطق من البلاد، خاصة المناطق الحدودية الشرقية والغربية.
فيما حذر في أكثر من مرة ناشطون من حملات تشييع يتعرض لها الجزائريون في بعض المساجد والجامعات، لكن السلطات ظلت تقول إلى وقت قريب إن هذه الحملات "معزولة" و"مبالغ فيها". لكن مع بداية الأسبوع الجاري، اعترف وزير الشئون الدينية والأوقاف محمد عيسى بوجود هذا التهديد الفكري حقيقة قائلا: "هناك إرادة أجنبية تريد التشويش على الجزائر من خلال سعيها إلى نشر فكرة الطائفية وتقوية حركات التشيع، خاصة على مستوى الولايات الحدودية الشرقية والغربية للوطن، وإن تقوية هذه الحركات في الفترة الأخيرة يؤكد أن الجزائر مستهدفة، وإن حملات هذه الحركات تم كشفها من قبل جهاز التفتيش التابع لمختلف وسائل الدولة".
وحمل فاروق طيفور القيادي في حركة مجتمع السلم وزارة الشئون الدينية بالجزائر تأخرها في معالجة هذا الخطر القادم من خارج البلاد قائلا: "إذا صح تصريح وزير الشئون الدينية فهو اعتراف بحقيقة كان هو وغيره ينكرونها ولم يتجاوبوا مع الأصوات التي كانت تحذر من مثل هذه الظواهر التي أصبحت تهدد الأمن الفكري للجزائريين، وهكذا هي السلطة ومن يمثلها دائمًا تنهض متأخرة، وبدل أن تتحدث عن الاستهداف تتحدث لنا عن برامج الوزارة التي تشرف على 150 ألف مسجد لمواجهة هذا المد، وأن التشيع هو برنامج مستمر وليس بالجديد، فقد بدأ منذ انتصار الثورة الإيرانية وفي كل العالم الإسلامي، أما في الجزائر فإن كل المحاولات باءت بالفشل الذريع على اعتبار المناعة التي تميز التدين والمتدينين وما يتحدث عنه الوزير وغيره اعتقد أنه لا يشكل خطرًا، ولكن لا بد من برامج وخطط سياسات استباقية للوقاية من هذا المد المبرمج والذي أصبح يستخدم وسائل فعالة كالانترنت الفضائيات والتواصل الإلكتروني وبرمجة الزيارات إلى طهران."
وبخصوص مدى تأثير هذا السلوك الإيراني على العلاقات بين البلدين، قال طيفور: إن "العلاقات الجزائرية الإيرانية لا تعتمد على ما هو ديني حتى يؤثر عليها؛ وذلك لعدة اعتبارات، منها ما هو متعلق بكفاءة المسئولين على الملف ومنها ما هو متعلق ببراجماتية السلوك الدبلوماسي الجزائري تجاه مثل هكذا قضاياه، والعلاقات الجزائرية الإيرانية علاقات تقليدية في تحالفات قديمة تنتمي إلى ما قبل الحرب الباردة؛ حيث لم تتأثر حتى لما كانت حملات تشيع قوية، لكن الخطر الجديد والمتطور، والذي يشتم منه رائحة التوظيف عندما يتعلق الأمر بالحدود وإن القضية لا علاقة لها بالتشيع بقدر ما لها علاقة بخطة استهداف استراتيجي يتعلق بوسائل الحرب بالوكالة، وهو ما يتطلب الحذر وتحيين وسائل الرقابة والوقاية، ومن أهم وسائل مواجهة هذا الفكر هو المزيد من نشر ثقافة وفهم أهل السنة والجماعة بالإسلام وقضايا التاريخ الإسلامي، وتمكين أهل العلم للاختصاص من التواصل عن طريق وسائل الإعلام ذات المصداقية بغرض تحصين المجتمع من مثل هذه الحملات".
ورد وزير الشئون الدينية والأوقاف محمد عيسى قائلا: "إن الدولة قامت باتخاذ إجراءات لتحصين البلاد ضد المد الشيعي من خلال المعلومات التي توفرها أجهزة التفتيش التابعة لمختلف مؤسسات الدولة، وإن هذه الاجراءات تم اتخاذها قبل شهر رمضان، بالنظر إلى تخوف السلطات دائمًا من استغلال هذه الحركات موسم رمضان الذي يعرف وجودًا أكبر للمصلين في المساجد في صلاتي التراويح والتهجد، وإنه تم إنشاء جهاز تفتيش يتولى مكافحة هذه الأفكار ومعرفة مواقع حركات التشيع، وذلك بالتنسيق مع الأجهزة مختصة، مشيرًا إلى استفادة أعضاء هذا الجهاز من دورات تكوينية في القريب العاجل، وإن تمسك الجزائريين بمرجعيتهم الدينية "الوطنية الأصيلة وموروثهم الحضاري"، وكذا التكوين العالي للأئمة هي العوامل "الكفيلة بتحصين الأمة من هذه الأفكار الدخيلة والرامية إلى تمزيق المجتمع الجزائري". ولكنه امتنع في الوقت نفسه عن توجيه الاتهام إلى طرف معين، لكن مراقبين يرون أن الأمر يتعلق بأمير موسوي الملحق الثقافي في السفارة الإيرانية بالجزائر الذي اتهم من قِبل عدة أطراف بالوقوف وراء حملات تشييع في الجزائر.
يذكر أن أغلب الجزائريين الذي يمثل فيهم المسلمين أكثر من 99 بالمائة من عدد السكان، يتبع المذهب السني في معظم محافظات البلاد، رغم وجود من يتبع بعض الطرق الصوفية والمذهب الإباضي جنوب البلاد ويضمن الدستور الجزائري حرية المعتقد، وتسمح قوانين البلاد بممارسة مختلف الشعائر الدينية للمسلمين ولغيرهم من باقي الديانات، إلا أن الحكومة تسمح ببناء المساجد ودور العبادة إلا بعد تكوين جمعية تحصل على ترخيص من السلطات.
وفي المغرب العربي نفى الأمن المغربي اختطاف رئيس جمعية "رساليون تقدميون" التي تتبنى الخط الرسالي الشيعي، مؤكدا أنه اعتقل بشبهة التورط في "اختلاس أموال عمومية".ونفت المديرية العامة للأمن الوطني في بيان نشرته وكالة الأنباء الرسمية "الادعاءات والمزاعم التي تتحدث عن واقعة اختطاف وهمية"، وأن توقيف المعني بالأمر كان بموجب أمر قضائي، للاشتباه في تورطه في قضية اختلاس أموال عمومية" وتم "تحت إشراف النيابة العامة المختصة".
وكان بيان صادر عن جمعية "رساليون تقدميون" زعم في وقت سابق أن رئيسها عبدو الشكراني "اختطف من قبل جهة قدمت له نفسها كجهة أمنية، وأن هذه الجهة حققت معه بخصوص الجمعية وقضايا أخرى".
لكن بحسب بيان الأمن المغربي فإن "مصالح ولاية أمن مكناس أوقفت المعني بالأمر يوم الخميس 26 مايو 2016م، بناء على مذكرة بحث صادرة في حقه على الصعيد الوطني منذ 13 مايو 2016م؛ وذلك للاشتباه في تورطه في قضية تتعلق باختلاس أموال عمومية وتم تسليم المشتبه فيه لمصالح الأمن بمدينة تاونات، باعتبارها الجهة الأمنية المختصة، من أجل مواصلة البحث وعرض المعني بالأمر على قسم جرائم الأموال بمحكمة الاستئناف بفاس، يوم الاثنين 30 مايو 2016م.
لكن بيانًا صدر مساء الجمعة عن جمعية "رساليون تقدميون" زعم أن "التهديدات بالفبركة كان يتلقاها عبد الرحمن الشكراني منذ حوالي شهر مارس، وقد أحاط بعض أعضاء مكتب الجمعية بذلك وتشرح الجمعية توجهها الشيعي عبر موقعها الرسمي لـ"الخط الرسالي بالمغرب" (رسالي دوت كوم) بالقول إنها تتبنى "الخط الفكري للمرجع الراحل السيد محمد حسين فضل الله"، المرجع الشيعي اللبناني الراحل كما سبق لرئيسها أن كشف للإعلام المحلي في وقت سابق مذهبه الشيعي وطموح جمعيته للدفاع عن معتنقي المذهب في المغرب.
يذكر أن المغرب قطع علاقاته الديبلوماسية مع إيران احتجاجًا على «تنامي النشاط الشيعي»، وأعطت وزارة الداخلية تعليمات لمختلف مصالحها بالمدن والأقاليم بتنظيم حملات مراقبة على مختلف المكتبات العمومية ومصادرة الكتب التي لها علاقة بالفكر الشيعي أو بإيران وحزب الله اللبناني، وحسب إحصائيات غير رسمية هناك أكثر من 20 ألف شيعي مغربي ببلجيكا من بين 30 ألف معتنق لهذا المذهب ينحدرون من إيران والعراق ولبنان وتركيا وسوريا، وقد عملت إيران على خلق بنية استقطاب دعوية تتمثل في إنشاء مراكز وجمعيات ومساجد ومكتبات، وبالأخص في بروكسيل ولييج وأنتويربن.
وكان ممثلون عن الجالية المغربية في بلجيكا قد عبروا- قبل سنوات- عن قلقهم إزاء انتشار المذهب الشيعي بين بعض أبنائهم الذين يتبعون تقليديًّا المذهب السني المالكي. وجاء هذا تزامنًا مع تحذير أصدره عبد الله بوصوف الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج، من أن أربعة مساجد كبيرة للجالية المغربية في العاصمة البلجيكية بروكسل أصبحت تتبع المذهب الشيعي ويتحدث ممثلون عن الجالية في بلجيكا خصوصًا عن انتشار جمعيات ومراكز شيعية وتنظيمها أنشطة دعوية متنوعة خصوصًا خلال شهر رمضان ونهاية كل أسبوع، حتى إن إمامًا مغربيًّا شهيرًا قد
أعلن اعتناقه للمذهب الشيعي، ويتعلق الأمر بالإمام الورداسي المنحدر من مدينة طنجة، وهو يعتبر الآن أول إمام شيعي مغربي، مما أدى إلى تشيع العديد من المترددين من المغاربة على مسجده؛ نظرًا لمكانته في صفوف الجالية المغربية. كما أن هناك حاليًا في بروكسيل عدد لا بأس به من الأئمة المغاربة الشيعة. وهذا النشاط تحديدا كان له تأثير مباشر على التحول إلى المذهب الشيعي في المغرب وخاصة بمدن الشمال.
مما سبق نستطيع التأكيد على أن جهود الإيرانيين لن تتوقف عن نشر التشيع في كافة أنحاء العالم دون مراعاة عادات وتقاليد الشعوب أو حتى مقدساتهم الدينية، وأن المغرب والجزائر ليست ببعيدة عنهم.
