"أردوغان" يدعم التطرف عبر إدراج جماعة "كولن" تنظيمًا إرهابيًّا
الخميس 02/يونيو/2016 - 02:11 م
طباعة
يبدو أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قرر إعطاء درسًا قاسيًا لكافة المعارضين له أو من يحاول زعزعته من الحكم، وبدأ يطيح في الجميع بحجة الحفاظ على أمن واستقرار بلاده، وكانت الضحية الأخيرة التي لم تسلم من أنياب الرئيس التركي، هو رجل الدين التركي المقيم في أمريكا، فتح الله كولن، مؤسس جماعة "كولن"؛ حيث صنف أردوغان الحركة كمنظمة إرهابية.
وتعد جماعة كولن من أهم الجماعات التي تحمل الفكر الوسطي والتي تحارب التشدد والتطرف وتحظى بقبول غربي من خلال برامجها وأفكارها التي تدعم السلام وتحارب الإرهاب؛ ما يؤكد أن أردوغان يدعم التطرف بعد أن صنف هذه الحركة بالإرهابية.
وفي أعقاب تصنيف الجماعة بالأرهابية، أشار الرئيس التركي بأنه سيتعقب أعضاءها الذين يتهمهم بمحاولة قلب الحكم، وفق وصفه، حيث قال أردوغان لمؤيديه في مدينة أزمير الساحلية حيث سيشهد تدريبات عسكرية: "لن ندع أولئك الذين يقسمون الأمة من دون عقاب في هذا البلد".
ويرى محللون أن أردوغان يستخدم هذا التصنيف في الضغط على واشنطن لتسليم كولن، وهي خطوة من غير المرجح أن توافق عليها السلطات الأمريكية من دون أساس ملموس.
وأغلقت شركات إعلامية مرتبطة بكولن أو فرضت الوصاية القضائية عليها واعتقل المئات، كما فقد الآلاف من أنصار غولن في الشرطة والقضاء وظائفهم أو أبعدوا إلى مواقع أخرى.
والجدير بالذكر أن كولن كان من حلفاء أردوغان، ولكنه يتهم الآن بالتخطيط للإطاحة بالحكومة التركية وبناء دولة موازية من خلال أنصاره في الشرطة والقضاء والإعلام والأعمال، وهي تهمة ينكرها كولن نفسه، وتطلع أردوغان في وقت من الأوقات إلى حركة "كولن" للحصول على مساعدتها في نشر النفوذ الثقافي التركي والتجارة في الخارج.
ويصف أردوغان نفسه الحركة منذ مدة طويلة بأنها منظمة إرهابية، لكن الوصف الرسمي الذي صدر في قرار مجلس الوزراء يضعها على قدم المساواة مع المقاتلين الأكراد الذين يحاربون الجيش التركي ومقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية العاملين في البلاد.
وبدأت الخلافات بين أردوغان وكولن، تظهر حول قضايا من بينها عملية السلام مع المقاتلين الأكراد وبلغت ذروتها في ديسمبر من العام 2013 عندما فتحت الشرطة والادعاء تحقيقا في قضايا فساد في الدائرة المصغرة من المحيطين بأردوغان.
وكانت تناولت بوابة الحركات الإسلامية في عرض توضيحي لحياة كولن، أن الصراعات بدأت بين كولن والسلطات التركية؛ حيث غادر الأول إلى أمريكا دون أسباب معلنة، وفي 18 يونيو 1999 تحدث في التليفزيون التركي، وقال: كلاما اعتبره البعض انتقادًا ضمنيًّا لمؤسسات الدولة التركية، وبعد ذلك بدأ المدعي العام للدولة تحقيقًا في تصريحات كولن، وآنذاك تدخل رئيس الوزراء التركي بولنت أجاويد ودعا الدولة إلى معالجة الأمر بهدوء، بدلا من فتح الموضوع للنقاش على المحطات التلفزيونية التركية، كما دافع عن كولن وعن مؤسساته التعليمية وقال: "مدارسه تنشر الثقافة التركية حول العالم، وتعرف تركيا بالعالم، مدارسه تخضع لإشراف متواصل من السلطات".
بعد ذلك اعتذر كولن علانية عن تصريحاته، إلا أن بعض العلمانيين ظلوا متشككين في أهدافه، ولاحقًا وجهت له اتهامات بمحاولة تحقيق مكاسب سياسية على حساب مؤسسات الدولة بما في ذلك الجيش.
وجاء في نفس التقرير التوضيحي، أن كولن له تصريحات عديدة يهاجم فيها سياسية حزب العدالة والتنمية برئاسة أردوغان، حيث قال: "إن حزب العدالة والتنمية التركي" وعد بدفع المسيرة الديمقراطية إلى الأمام، وبناء دولة القانون حين أتى أول مرة إلى الحكم، إلا أنه بعد الانتخابات البرلمانية سنة 2011 غير مجرى سيره نحو إقامة "دولة الرجل الواحد" وبالتالي ابتعد عن ذاته، وأضاف كولن بأن الناخبين من حركة الخدمة، قد "دعموا الحزب الحاكم في البداية إلا أنهم بعد ظهور هذا التغيير الملاحظ في مسيرة الحزب اتخذوا تجاهه موقفًا مناقضًا له، بعدما "تبينت محاولة حزب العدالة والتنمية ربط كل شيء بالسلطة التنفيذية.
واعتبر كولن انقلاب أردوغان على حركته "أسوأ عشرات المرات" مما واجهته الحركة بعد الانقلابات التي قام بها الجيش العلماني.
ورد أردوغان على اتهامات كولن الفاضحة بتشديد سيطرة الحكومة على المحاكم، ونقل الآلاف من ضباط الشرطة ومئات المدعين والقضاة، فيما يقول مناصروه إنه مسعى لتطهير القضاء من نفوذ كولن.
ولم يكتف أردوغان بتصنيف جماعة كولن بالإرهابية، بل يسعى الرئيس التركي الآن إلى تضييق الخناق على حليفه السابق عبر محاولة إقناع عدد من الدول الإفريقية بضرورة محاصرة مصالحه؛ حيث توجه أردوغان، منذ يومين، إلى أوغندا في مستهل جولة إفريقية تقوده إلى كينيا، ويعقبها أوغندا، وهي المرة الأولى التي يزور فيها الرئيس التركي البلدين.
فيما يرى مراقبون أن زيارة الرئيس التركي إلى العاصمتين الإفريقيتين، لن تسعى إلى زيادة حجم التبادل التجاري فحسب، بل تستهدف القضاء على نفوذ الداعية الإسلامي "كولن" الذي ظلت شبكته منذ فترة طويلة أداة لقوة تركيا الناعمة في أفريقيا.
وتربط بين تركيا وأفريقيا علاقات اقتصادية وثيقة تكرّست منذ وصول حزب العدالة والتنمية إلى الحكم أواخر العام 2002.
ويقول محللون: إن تركيا تحاول التوسع إفريقيا، بحثًا عن حلول أخرى للحصار الروسي وتكون بديلية عن خيار عدم قبولها في الاتحاد الأوروبي.
وأدت سياسات العدالة والتنمية في السنوات الأخيرة إلى تضاعف أعداء تركيا في الخارج؛ وذلك بسبب استعدائها لعدد من الدول العربية وعلى رأسها مصر وخلافاتها مع روسيا وإسرائيل والولايات المتحدة.
وقال مسئولون: إن هذه حركة "كولن" تنظم نفسها بسرعة في الدول التي تذهب إليها عبر استغلال اسم تركيا وهيبتها، ونتيجة لذلك تتاح لها الفرص، مضيفًا: من خلال هذه الرحلات سيتم توضيح أن هذه منظمة إرهابية تضر بتركيا وأن أنقرة لا تؤيدها.
ومنذ سنوات عديدة دعمت الحركة خدمة المساعي التركية لتعميق العلاقات التجارية خاصة في مجال الانفتاح على إفريقيا والشرق الأوسط وآسيا، بعد أن تولى حزب العدالة والتنمية ذو الجذور الإسلامية الذي أسسه أردوغان السلطة في العام 2002.
وظلت مدارس الحركة التي يقترب عددها من المئة في أفريقيا جنوب الصحراء وحدها مصدرا للنفوذ والإيرادات للحركة ومهدت السبل لاكتساب المصالح التجارية التركية موطئ قدم في أسواق جديدة، وتعلم أبناء وبنات النخب السياسية في مدارس الحركة.
في هذا الصدد، قال إكرام توفان أيتاف نائب رئيس جمعية الصحفيين والكتاب، التي تربطها صلات بكولن وسبق أن تحدثت باسم حركة خدمة في الماضي: إن المساعي السابقة لإغلاق مؤسسات الحركة كان لها رد فعل عكسي في إفريقيا ولم تلق نجاحًا يذكر، مضيفا أن مسئولو الحكومات الأفريقية يرسلون أولادهم إلى تلك المدارس، وهم من الذكاء بحيث يسمحون بالتالي لهذه المدارس بالاستمرار.
وقال مصدر من مكتب أردوغان نحن نعتبر شبكة كولن تهديدا للأمن الوطني، ومسألة نفوذها يتم التطرق إليها بانتظام في مباحثاتنا مع القادة الأفارقة وغيرهم، ومن المفترض أن الرئيس سينقل تلك الرسالة إلى نظرائه في الأيام المقبلة.
ولهذا الصراع على النفوذ له تداعيات لها أهميتها في التجارة وفي العلاقات السياسية، فقد تزايدت الصادرات التركية لأفريقيا إلى أكثر من 7 أمثالها منذ تولي العدالة والتنمية السلطة، فارتفعت إلى 12.5 مليار دولار العام الماضي من 1.7 مليار في 2002، ومن أبرز القطاعات الرئيسية في هذه الصادرات المنسوجات والمواد الغذائية والبنية التحتية.
والجدير بالذكر أنه في 21 مايو الجاري أمرت محكمة تركية، بتوقيف 14 شخصًا من أنصار كولن أو ما يعرف في تركيا بـ"الكيان الموازي".
وجرى اعتقال الأشخاص خلال عملية أمنية في أزمير، كما أمرت المحكمة بمنع 16 شخصا آخرين من السفر خارج البلاد في إطار القضية ذاتها.
ووجهت النيابة العامة إلى الموقوفين تهمًا، أبرزها "تأسيس منظمة إرهابية مسلحة وإدارتها"، و"الانتماء إلى منظمة إرهابية مسلحة"، و"تنفيذ أنشطة باسم منظمة إرهابية"، و"تأمين المال لمنظمة إرهابية".
وفي سياق آخر، قال رئيس الوزراء التركي، بن علي يلدريم، اليوم الخميس: إن حزب العدالة والتنمية الحاكم سيسعى لإجراء تعديل دستوري من خلال البرلمان لإقرار نظام رئاسي للبلاد، لكنه سيلجأ إلى صناديق الاقتراع إذا حدث مأزق سياسي بهذا الشأن
وأضاف يلدريم في كلمة لمسئولي الحزب إن المهمة الأكبر للحزب هي صياغة دستور جديد.
وكما أشرنا في السابق، تعتبر جماعة كولن من أهم الجماعات التي تحمل الفكر الوسطي والتي تحارب التشدد والتطرف وتحظي بقبول غربي من خلال برامجها وأفكارها التي تدعم السلام وتحارب الإرهاب، ما يؤكد أن أردوغان يدعم التطرف بعد أن صنف هذه الحركة بالإرهابية.
للمزيد عن العدالة والتنمية.. اضغط هنا
وللمزيد عن فتح الله كولن.. اضغط هنا
