حزب «بيجاك» سيف الأكراد لمواجهة إيران من أجل استقلال كردستان

الثلاثاء 14/يونيو/2016 - 03:44 م
طباعة حزب «بيجاك» سيف الأكراد علي رجب
 
لم يمر البيان الصادر عن الحرس الثوري الإيراني حول مقتل خمسة "متمردين" أكراد في شمال غرب إيران مرورًا عاديًّا، ذلك أن سياق الحدث في بعديه المحلي والإقليمي يكشف تطورات لافتة تنبه لها المراقبون لشئون المنطقة. ويشير إلى دخول منطقة كردستان إيران إلى حلبة الصراع والصدام مع الدولة وعدم الاستقرار في الإقليم الرابع للقومية الكردية؛ مما يشير إلى أن إيران مقبلة على مرحلة جدية من الصراع في إقليم الامردان والذي شهد أول دولة للأكراد في القرن العشرين؛ حيث تم تأسيس دولة مهاباد في 1946.

القوى الكردية المسلحة في إيران

القوى الكردية المسلحة
في المعلومات والمعطيات الجارية، أنّ حزب الحياة الحرة الكرستاني «بيجاك» يعلن استئناف القتال ضد إيران، وحزب «بيجاك» لم يظهر على الساحة فجأة أو خلال فترة قصيرة، فهو بدأ يتكون منذ عام 1999 من قبل لفيف من الشباب الكرد الجامعيين، الذين اتفقوا على تأسيس حركة سياسية في شرق كردستان، متأثرين بأفكار الزعيم عبد الله أوجلان، ومنذ انبثاق الحزب في 4 أبريل 2004 من قبل عبد الرحمن حاجي أحمدي، وهم يعلنون ويؤكدون باستمرار عبر بياناتهم وبلاغاتهم بأن «بيجاك» حزب مستقل من حيث الاقتصاد والقوة البشرية.
ويعد «بيجاك» امتدادًا لحزب العمال الكردستان في تركيا، ويمتد نشاطه العسكري إلى عمق الأراضي الإيرانية، ويتواجد في مناطق شمال غرب إيران، أو ما تسمّى من الزاوية الكردية "كردستان الإيرانية"، وتعد جبال قنديل الشاهقة بإقليم كردستان العراق، المعقل الرئيس ومقر القيادة لحزب الحياة الحرة الكردستاني (بيجاك) المناهض لإيران.
ويدعو الحزب إلى تحقيق النظام الكونفدرالي في إيران (على غرار إقليم كردستان العراقي الذي يتزعمه مسعود البارزاني) لتمكين شعوبها من التعايش السلمي فيما بينها وتحقيق الديمقراطية الحقيقية في البلاد.
وللحزب «بيجاك» الكردي مساحة عمليات واشتباكات مع مجموعات من قوّات الحرس الثوري الإيراني على طول الحدود العراقية الإيرانية، في مناطق شمال غرب إيران، وخاصة في مناطق: سردشت، برانشهر، واشنوية وغيرها.
وتتحدث المعلومات أنّ هناك ثلاثة معسكرات في الأراضي العراقية المحتلة تقدم المساعدات العسكرية واللوجستية المختلفة لهذا الحزب.
 ويتساوى هذا الحزب الكردي الإيراني العامل في شمال غرب إيران، مع حزب العمّال الكردستاني في الشمال العراقي، ومع مجموعات كردية انفصالية أخرى، في مناطق جنوب شرق تركيا، ومع مجاميع من الأكراد السوريين في الداخل السوري؛ حيث البعض منهم تحالف مع المعارضة السورية في الداخل والخارج، وعلى أمل تحقيق مكاسب سياسية لهم، لجهة الانفصال عن الوطن السوري الأم، كل هذه الفسيفيسائية الكردية الانفصالية، تتشارك في هدف واحد وهو: تأسيس دولة كردية تضم أجزاء كردستان الأربع، وحسب التسميات الكردية وهي: كردستان الإيرانية، كردستان العراقية، كردستان التركية، وكردستان السورية، والذي يعطّل هذا الهدف هو: الفيتو الإقليمي على الدولة الكردية، والمتشكل من:- إيران، العراق، تركيا، وسوريا.
وزعيم الحزب عبدالرحمن حاجي أحمدي، يحمل الجنسيّة الألمانيَّة، ويدير حزبه من العاصمة البلجيكيّة بروكسل. ولد أحمدي في إحدى قرى محافظة مهاباد، وتوجّه سنة 1964 إلى ألمانيا لإكمال دراساته العليا، لكنه انشغل، كمعظم الشباب الكردي، بالسياسة.
وقد عمل مع عبدالرحمن قاسملو في فرع «الحزب الديمقراطي الكردستاني» الإيراني. ثم انتقل إلى «حزب العمال الكردستاني»، وشارك مع عدد من البرلمانيين والشخصيّات الوطنيّة الكرديّة في تأسيس البرلمان الكردي في المنفى. وتولى مسئولية العلاقات الدبلوماسية في المؤتمر الوطني الكردستاني.
ويمثل الأكراد الإيرانيون- ومجموعهم سبعة ملايين- نحو عشرة بالمئة من السكان. ويعيش معظمهم في كردستان وهي منطقة في شمال غرب البلاد على الحدود مع العراق وتركيا .

الصراع مع إيران

الصراع مع إيران
وقالت وسائل إعلام أمس الاثنين 13 يونيو: "إن الحرس الثوري الإيراني قتل خمسة أفراد في جماعة كردية انفصالية شاركت في هجمات وقعت الشهر الماضي في شمال غرب البلاد".
وقال الحرس الثوري في بيان: "إن الخمسة قتلوا اثنين من أعضاء الحرس في سردشت الشهر الماضي ومهندسًا يعمل هناك". ولم يذكر متى قتل الخمسة.
ونقلت وكالة تسنيم للأنباء، عن بيان للحرس الثوري، قوله إنه "تم تحديد مكان خمسة من جماعة «بيجاك» الإرهابية في المنطقة قرب سردشت.. وقتلوا كلهم على يد الحرس الثوري".
وصرح القائد بالحرس الثوري الإيراني محمد باكبور، عن نشوب أشتباكات عنيفة بينهم وبين مقاتلي حزب الحياة الحرة الكردستاني PJAK.
جاء تصريحات"باكبور"لوكالة فارس الإيرانية الرسمية، بأن التمشيطات التي قامت بها قواتهم أسفرت عن فقدان 5 مقاتلين من حزب الحياة الحرة الكردستاني في المناطق الحدودية مع كردستان العراق، وأضاف باكبور بأن التمشيطات ما زالت جارية في المنطقة يرافقها أستمرار للاشتباكات بين الطرفين.
وقال القيادي بالحرس الثوري الإيراني: "إن حزب الحياة الحرة تأخذ دعمها بشكل مباشر من حزب العمال الكردستاني، وتعتبر الجناح الكردي المسلح للحزب في إيران". 
وأكد باكبور، أن من بين الذين فقدوا حياتهم مسئول في حزب الحياة الحرة الكردستاني، لافتًا أن قواتهم ما زالت مستمرة في تمشيط المنطقة حتى اللحظة، وتشهد اشتباكات بين الطرفين ما بين الحين والآخر.
وقد قتلت القوات الإيرانية في الثالث من سبتمبر 2011 مساعد قائد الحزب مجيد كاويان المكنى سمكو سرهلدان، والقتيل من مواليد 1982 من مدينة (بانة) في كردستان إيران والتحق منذ عام 1999 بصفوف حزبهم وانتهج نهج عبد الله أوجلان زعيم حزب العمال الكردستاني المعتقل لدى السلطات التركية.
وفي نوفمبر 2013 أعلن رئيس حزب الحياة الحرة (بيجاك) الكردي الإيراني المعارض إنهاء الهدنة الموقعة مع الحكومة الإيرانية، وأن الحزب «سيعاود قتاله ضد إيران»، متهمًا النظام الإيراني بالسعي لتوريط أكراد العراق في حرب كردية – كردية.
وقال عبد الرحمن حاجي أحمدي، رئيس الحزب في تصريحات نقلتها صحيفة «هاولاتي» الكردية المستقلة: إن «النظام الإيراني بإعدامه عددًا من أعضاء حزبه أخيرًا قد انتهك اتفاقية وقف القتال الساري بينهما منذ عامين، وبذلك فإن الهدنة تكون قد انتهت، ولم يعد هناك أي معنى للسكوت إزاء التهديدات والتجاوزات التي تحصل ضد الشعب الكردي وفي أي مكان كان، فلا مبرر لذلك مطلقًا». وقال أحمدي: «هناك مساع إيرانية لزج حكومة إقليم كردستان في أتون حرب كردية – كردية، وتحاول أن تستخدم كرد العراق للوقوف ضد حزبنا وتوريطهم في حربنا».

وكان الحزب قد توصل قبل عامين بوساطة من قيادات حزب العمال الكردستاني والحزبين الكرديين العراقيين (الاتحاد الوطني والديمقراطي الكردستاني) إلى اتفاق يقضي بوقف القتال واستمرت الهدنة إلى ما قبل شهر حين وجه الحزب الكردي المعارض تحذيرات إلى السلطات الإيرانية من مغبة تنفيذ حكم الإعدام بعدد من ناشطيه المعتقلين، لكن تلك السلطات لم تأخذ التحذيرات على محمل الجد، ونفذت حكم الإعدام بناشطين اثنين من الحزب.
وأكد قيادي في الحزب أنه «في حال معاودتنا القتال مع إيران فإننا قادرون على توجيه ضربات موجعة إليها داخل العمق الإيراني، فقد سبق لمقاتلينا أن وصلوا إلى مدن كبيرة داخل إيران وقاموا بعمليات نوعية ضد قوات الباسييج والجيش الإيراني، وبذلك فإن الخاسر في الحرب المقبلة ستكون إيران بكل تأكيد». وحول مساعي إيران لزج أكراد العراق في حربها مع الحزب، قال القيادي: «أعتقد بأن القيادة السياسية الكردية في إقليم كردستان أكثر وعيًا من الانجرار بهذا المخطط، وأن تجارب العقود الماضية أثبتت بأن المتضرر الوحيد من مثل هذه المواجهات هو الشعب الكردي وقضيته القومية العادلة».
كما اتهم المرشد الأعلى للثورة الإسلامية الولايات المتحدة آية الله علي خامنئي، في 2009، بتدريب من وصفهم بالإرهابيين في محافظة كردستان الإيرانية للعمل على زعزعة الاستقرار هناك.
وقال خامنئي- في خطاب بمدينة سقز في غرب إيران- إن طهران حصلت على معلومات عن قيام ضباط أمريكيين بتقديم المال والسلاح لـ"جماعات إرهابية" خلف الحدود الغربية لإيران للعمل على زعزعة الاستقرار وجمع المعلومات في محافظة كردستان.
وأضاف أن الأمريكيين يسعون لتنفيذ مخطط خطير بهدف زعزعة الأمن في المنطقة والاستيلاء على مقدرات الأكراد في إيران.

«بيجاك» والأكراد

«بيجاك» والأكراد
ويعتقد خبراء في الشئون الكردية أن اندفاع مسعود البارزاني رئيس إقليم كردستان في العراق نحو المطالبة باستفتاء لاستقلال الإقليم، وتوسع حراك الأكراد في سوريا كما في تركيا، يعمقان اعتقادًا لدى الحركات السياسية الكردية في المنطقة بنضوج “اللحظة الكردية” بعد 100 عام على اتفاقات سايكس بيكو التي يرون أنها حرمتهم من دولتهم المستقلة.
وترى هذه الأوساط أن عودة النشاط العسكري الكردي إلى إيران قد يكون عائدًا إلى قرار مصدره قيادة حزب العمال الكردستاني بقيادة عبدالله أوجلان في جبال قنديل، ليتّسق مع الحراك الميداني السياسي الذي يقوم به حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي التابع لـحزب العكمال الكردستاني"بي كا كا" في تركيا.
وتذكر أوساط كردية أن حزب بيجاك يعتبر امتدادًا لحزب العمال الكردستاني في تركيا. وكان قد سحب في التسعينيات مقاتليه وكوادره من الأراضي الإيرانية ولجأ إلى الأراضي العراقية بالاتفاق مع الحزبين الرئيسين بإقليم كردستان العراق، لكن معلومات جديدة تؤكد أن الحزب أعاد مؤخرا المئات من المقاتلين إلى العمق الإيراني بعد أن أعاد تدريبهم وتجهيزهم.
وتشير تقارير إلى أن الحزب يعد أحد اجنحة حزب العمال الكردستاني، أو على الأقل حليف قريب لحزب العمال الكردستاني الذي يشن هجمات مماثلة على تركيا.
بينما يقول" آزاد هوراز"، عضو الهيئة القيادية لحزب الحياة الحرة الكردستاني: (لسنا على علاقة رسمية أو غير رسمية لا مع الأحزاب الكردستانية ولا مع حكومة الإقليم، ولا نتلقى منها أي مساعدات، فنحن حزب مستقل يناضل في الجزء الشرقي من كردستان (كردستان إيران)، ومصادر تمويلنا في جميع المجالات اللوجستية والمادية والتسليحية هي شعبنا في ذلك الجزء، الذي يمدنا بالمقاتلين والمؤيدين).
كما يعتبر خبراء عسكريين غربيين، أن تقاطع موسكو وواشنطن في دعم "قوات سوريا الديمقراطية"، رغم التحفظات التركية أغرى أكراد إيران بتنشيط حركتهم تحريا لتأييد دولي موعود.

قوائم الإرهاب

قوائم الإرهاب
على الرغم من أن إيران تتهم أمريكا بدعم حزب «بيجاك» إلا أن وزارة الخزانة الأمريكية قد وضعت في شهر فبراير 2009 حزب الحياة الحرة الكردستاني على قائمة المنظمات الإرهابية وجمدت أمواله، في حين يوجد حزب العمال الكردستاني على القائمة ذاتها في دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
كما قامت الحكومة العراقية عام 2011، بوضعه ضمن قائمة "الجماعات الإرهابية"، ولكن المتحدث باسم حزب الحياة الحرة الكردستاني شيرزاد كمانكر قال: "إن هذا حصل عقب زيارة وكيل وزارة الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي إلى بغداد". مبيناً أن هذه الخطوة جاءت تحت ضغط من الحكومة الإيرانية ولم يكن مطلباً عراقياً.

المشهد الكردي

المشهد الكردي
وتتوقف أوساط دبلوماسية حول اعتراف طهران بوجود حراك عسكري كردي على أراضيها بصفته أول تطور لافت يفيد بانتقال حراك المنطقة، لأول مرة إلى داخل أراضيها.
وقد شهد إقليم كرستان الإيراني أول دول للأكراد في العهد الحديث؛ حيث استغل بعض الأكراد التوغل السوفيتي في إيران، وقام قاضي محمد مع مصطفى البارزاني بإعلان جمهورية مهاباد في 22 يناير 1946، والآن مع ظهور تنظيم "داعش" وحالة الفوضي في منطقة الشرق الأوسط والصراع بين الأكراد والدول التركية وجنوح أكراد العراق إلى الاستقلال، مع وضع أفضل لأكراد سوريا- جاء الدور على أكراد إيران لإكمال مربع الدولة الكردية الكبرى.
ويرى مراقبون أن إعلان الحرس الثوري عن مقتل 5 أكراد من حزب "بيجاك"، يعكس تفاقم التوتر بين الحكومة الإيرانية والمناطق ذات الغالبية الكردية، ما يؤشر إلى تمدد "الحالة" الكردية إلى إيران بعد تطور تفاصيلها في تركيا وسوريا والعراق.. فهل سنشهد حرب شوراع جديدة بين الحرس الثوري والأكراد في كردستان الإيرانية، مما يعد ضربة جديدة لإيران في عمقها الاستراتيجي؟

شارك