مقتل برهان واني.. الهند على أعتاب ثورة شعبية في كشمير

الإثنين 11/يوليو/2016 - 02:33 م
طباعة مقتل برهان واني..
 
يشهد إقليم كشمير المتنازع عليه بين الهند وباكستان، أعمال عنف وشغب في الجانب الهندي عقب مقتل زعيم الانفصاليين "برهان مظفر واني" على يد القوات الهندية في عملياة أدت إلى اشتعال الشارع الكشميري ضد القوات الهندية.

مقتل زعيم الانفصاليين:

مقتل زعيم الانفصاليين:
وفي أسوأ أعمال عنف تشهدها كشمير منذ عام 2010، قتل 20 شخصًا على الأقل وأصيب 200 شخص في منطقة كشمير المتنازع عليها بين الهند وباكستان، بعد اندلاع موجة من الغضب عقب مقتل "برهان واني" زعيم الشباب الانفصاليين بالإقليم على يد القوات الهندية.
ويُعتقد أن بلاغًا إلى السلطات هو ما أدى إلى وفاة واني واثنين من رفاقه في تبادل لإطلاق النار مع السلطات الهندية يوم الجمعة في منطقة كوكيرناج الجنوبية.
كان برهان واني "22 عامًا"- المسئول الإعلامي، ونجم وسائل التواصل الاجتماعي لجماعة حزب المجاهدين الانفصاليين- قد قُتل في عملية مداهمية بقفرية نائية جنوب كشمير على يد الأمن الهندية يوم الجمعة  8 يوليو 2016.
وفي 13 أبريل 2015 قتل خالد واني الأخ الأكبر لبرهان، أيضًا برصاص الجيش الهندي، في إحدى مدن كشمير.
وذكر مراقبون أن برهان واني، كان قلب المفاهيم لدى الشباب من خلال مواجهة الاحتلال الهندي لكشمير عبر التظاهرات السلمية والتنديد بقمع الأمن الهندي لشباب كشمير، عبر شبكات التواصل الاجتماعي، بعيدًا عن الحركات الجهادية المتشددة، وهو ما شكل ضغطًا كبيرًا على الحكومة الهندية؛ نظرًا لنجاح "واني" في أن يتربع على عرش المواطنين بكشمير في سنوات قليلة مقارنة بزعماء التنظيمات الجهادية.
لمدة أربع سنوات، "واني" ورفاقه من البارعين في أمور التكنولوجيا، في نشر صور وفيديوهات تدعم مطالب الكشمريين في الانفصال وتأسيس دولتهم بعيدًا عن الهند، عبر وسائل الإعلام الاجتماعي، وهو ما شَكَّل تهديدًا للحكومة الهندية.
وفي عام 2010، كان برهان واني وشقيقه خالد وأصدقائهما، يركبون دراجة نارية في مسقط رأسهم، عندما أوقفهم أفراد مجموعة العمليات الخاصة بالشطرة الهندية في كشمير. وطلب رجال الشرطة من واني ورفقائه جلب السجائر لهم. وعلى الرغم من الالتزام، تعرض واني ورفقائه لعمليات "إذلال" من قبل رجال الشرطة الهندية، وفقًا لتقارير في وسائل الإعلام بكشمير.
وبعد هذه الواقعة بأشهر اختفى برهان واني، لينضم للجماعات الانفصالية ويصبح في غضون أربع سنوات، قائد فرقة بحزب المجاهدين، وساعد على إجادته لوسائل الإعلام الاجتماعية ومقتل كبار المجاهدين المتشددين في أن يصبح نجم وزعيم الانفصاليين في كشمير، ويكون له جماهيرية كبيرة فاقت زعماء انفصاليين لهم شهرة واسعة.
وقد فشلت حكومة الهند في بناء مساحة ثقة مع جيل الشباب في كشمير والذي أصبح أكثر تطلعًا إلى الحرية والديمقرايطة، في ظل سياسية القمع التي يشهدها الإقليم من قبل حكومة نيودلهي، فعاش جيل "واني" حياته تحت التشدد والعسكرة.
وعلى مر السنين، قمعت الحكومة الهندية الاحتجاجات في كشمير بقبضة من حديد، والاستخدام التعسفي للقانون السلامة العامة (PSA) لحجز الشباب وأصبح هو القاعدة.
ويقال من قبل بعض الأوساط بأن البطالة دفعت الشباب الكشميري نحو التشدد، ولكن أولئك الذين انضموا إلى التشدد في الماضي القريب قد تأتي من أسرة سليمة اقتصاديا. وهناك عدد قليل اختار حتى إلى التخلي عن وظائفهم الحكومية للانضمام إلى جيل جديد من المتشددين.
ويقول نور أحمد بابا أستاذ العلوم السياسية بجامعة كشمير المركزية: "إن واني قد أصبح رمزًا للمقاومة والتحدي ضد الدولة الهندية؛ لأنه كان حادًّا في رسائله السياسية"، وأضاف قائلًا: "لقد أعاد إحياء التمرد في وقتٍ ابتعد فيه الناس عن الكفاح المسلح، وأصبح واجهة للشباب المتمرد وبطلًا للعديد من كبار السن وليس للشباب فقط".
كان واني معروفًا باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي ومقاطع الفيديو علنًا لتجنيد الشباب المحليين والتواصل مع الناس، وكان مصدرًا لإلهام رفقائه في المنطقة. 

جنازة شعبية:

جنازة شعبية:
وخلال جنازته التي تمت يوم السبت الماضي، تدفق آلاف الكشميريين إلى شوارع سريناجار وبلدات في أنحاء كشمير. وعقدت صلاة الغائب في كثير من الأماكن، وكانت هناك تقارير عن احتجاجات استمرت طوال الليل في المناطق الجنوبية من أنانتناج، بولواما، ومسقط واني لترال.
ويرى المراقبون أن مشاركة آلاف الكشميريين في جنازة "برهان واني" لم تحدث في المسيرات الجنائزية لقيادات الانفصاليين منذ سنوات، وكان أكبر الجنازات حضورًا من قبل الجماهير هي تشييع جثمان قائد جبهة تحرير جامو كشمير، أشفق المجيد واني، في عام 1990.

إشعال ثورة:

إشعال ثورة:
والسبت أوقفت السلطات خدمات الانترنت والمحمول والقطار في كشمير. ووضعت أبرز الزعماء الانفصاليين الكشميريين، بما في ذلك "مير واعظ عمر فاروق وياسين مالك"، تحت الإقامة الجبرية. وتوقف الحج الهندوسي السنوي إلى امارناث الضريح.
واحتشد الآلاف في ترال للمشاركة في صلاته الجنازة، أطلق خلالها أعضاء حزب المجاهدين ورفقاء "برهان واني" الرصاص تحية لروح قائدهم.
وبالرغم من حظر التجول ووجود أوامر بمنع التجمعات في الأماكن العامة، قام عشرات الآلاف من الأشخاص أمس - بتشجيع من الزعماء الانفصاليين - بتحدي حظر التجول للمشاركة في جنازة واني في ترال التي تبعد 24 ميلاً جنوب سريناجار، المدينة الرئيسية في كشمير، وكان هذا الحدث مميزًا بالمشاعر المعادية للهند؛ حيث هتف الناس "ارحلي يا هند" و"نريد الحرية"، ثم قاموا بإطلاق النيران تحية لقائدهم.
وبعد فترة وجيزة، اندلعت الاشتباكات في عدة أحياء جنوب كشمير؛ حيث قام المواطنون بإلقاء الحجارة على القوات الهندية، والتي قامت بدورها بالرد باستخدام الرصاص الحي والخرطوش والغاز المسيل للدموع، وانتشرت الاشتباكات لتصل إلى سريناجار وعشرات الأماكن على الأقل في وسط وشمال كشمير.
واتسعت المواجهات التي اندلعت خلال الليل بين قوات الأمن والمتظاهرين، عندما أحرق المتظاهرون مراكز للشرطة ورشقوا جنوداً بالحجارة خلال احتجاجهم على مصرع واني التي قتلتها قوات الأمن الجمعة الماضي.
وقال رئيس الشرطة الاستخباراتية المحلية، شيف ساهي: "إن سبعة أشخاص قد قُتلوا في "عمل انتقامي" قامت به القوات الحكومية، بينما غرق رجل آخر أثناء محاولته الفرار من القوات، وأصيب 60 مدنيًا على الأقل في تلك الاشتباكات". وأضاف ساهي أن المتظاهرين قد قاموا بالهجوم على عدة مواقع للشرطة والأمن، مما أدى إلى إصابة 90 شخصًا من القوات الحكومية بجروح.
وردًّا على هذا العنف، تم تعليق خدمات الهاتف والانترنت والقطارات في أجزاء من كشمير، ودعا الانفصاليون إلى إضراب عام أدى إلى إغلاق المحلات التجارية والشركات والمكاتب الحكومية.

حزب المجاهدين:

حزب المجاهدين:
يُعتبر حزب المجاهدين أحد أكبر الجماعات الانفصالية المسلحة في كشمير، أسس في عام 1989 بقيادة سيد صلاح الدين، ويضم حوالي عشرة آلاف مسلح، من قادته محمد إحسان دار، والشيخ عبد الواحد، ومحمد أشرف دار، وعلي محمد دار.
ويسعى حزب المجاهدين- الذي تقيم قيادته في الأراضي الباكستانية ويتولى مقاتلون كشميريون مناصبه القيادية المتعددة- إلى جعل الإقليم جزءًا من باكستان. ويعد الحزب الأقوى من بين المنظمات التي تقاتل الحكم الهندي لكشمير.
حزب المجاهدين مُدرج على قائمة الجماعات الإرهابية من قِبَل الحكومات الهندية والأمريكية والبريطانية، ويُعتقد أن واني أحد أصغر قادة الفرق الموالية لباكستان.
وفي 2000 أمرت نيودلهي الجيش الهنديبالكف عن قتال حزب المجاهدين، أكبر الأحزاب الانفصالية في كشمير، وذلك بعد إعلان الحزب في وقت سابق من الأسبوع الحالي عن التزامه بوقف أحادي الجانب لإطلاق النار.
ودخلت الحكومة في مفاضات سلام مع أبرز الحركاتن الانفصالية، لكن هذه الاتفاقية بين الحكومة الهندية وحزب المجاهدين لم تصمت كثيرًا أمام الحركات الانفصالية في إقليم كشمير.
وبالرغم من اندلاع العنف، رحب العديد من المسئولين في الهند بوفاته، وقال المفتش العام سيد جاويد مجتبى جيلاني: "إن مقتله أكبر نجاح ضد المسلحين في السنوات الأخيرة".
وقال سياسيون: "إن تلك الاحتجاجات "مؤسفة". وقال غلام نبي أزاد زعيم المعارضة في مجلس الشيوخ: "يجب ألا يتغاضى الناس عن مقتل الإرهابيين، فهم مسئولون عن قتل المئات من الأبرياء".
ومع ذلك، دعا بعض السياسيين في كشمير إلى "التعقل"، وحذّر عمر عبد الله رئيس الوزراء السابق لولاية جامو وكشمير من أن "قدرة برهان على تجنيد المسلحين في قبره، تفوق ما كان بإمكانه أن يفعله في وسائل التواصل الاجتماعية".
للمزيد عن "جيش محمد".. مليشيات إرهابية في كشمير اضغط هنا 
للمزيد عن "عسكر طيبة".. "تنظيم إرهابي" في شبه القارة الهندية اضغط هنا

المشهد الكشميري:

المشهد الكشميري:
تعتبر كشمير، بؤرة مشتعلة للتوترات بين باكستان والهند الدولتين المسلحتين نوويًا، الهند وباكستان، اللتان خاضتا حروبًا عديدة من أجل تلك المنطقة؛ حيث تطالب كلا البلدين بكشمير، لكنهما تحكمان أجزاءً منفصلة منها، ففي الجانب الهندي نجد سياسيين انفصاليين ومتمردين يرفضون الحكم الهندي على المنطقة ويطالبون بالاستقلال أو الانضمام لباكستان منذ عام 1989.
ويرى مراقبون أن مقتل "واني" وفي ظل الثورة التكنولوجية قد يؤدي إلى اشتعال ثورة شعبية كبيرة لا تستطيع الحكومة والجيش الهندي مواجهتها، ويعطي فرصة قوية لجماعات الجهاجية في العودة مر أخرى إلى العنف، والذي تراجع  خلال السنوات الماضية، وهو ما يشير إلى أن الهند قد تشهد ربيعًا كشميريًّا يهدد السيادة الهندية على الإقليم.

شارك