للدعوة السلفية والبرلمان.. ان لم يكن التعليم علمانيا فماذا يكون؟

الأربعاء 01/فبراير/2017 - 12:44 م
طباعة للدعوة السلفية والبرلمان..
 
لا شك ان التعليم في مصر يعاني ما تعانيه باقي الوزارات من فساد وتخلف وامراض لا حصر لها، فهو جزء من المنظومة التي نحاول جاهدين معالجتها، وهناك العديد من المؤتمرات واللجان سواء على مستوى البرلمان المصري او الوزارة نفسها تحاول مناقشة قضية التعليم لوضع استراتيجية جادة للنهوض به، لأنه كما يعلم الجميع ان التعليم هو القاطرة الحقيقية لنهوض أي دولة، ولكن الوضع مختلف لدى الدعوة السلفية وزراعها السياسية "حزب النور" فهم يريدون لنا التخلف والعودة الى الماضي ونبذ كل المعارف والعلوم التي حققتها الام وتطورت من خلالها، وهذا يتضح جليا من الصدام الجديد الذي نشب بين الدعوة السلفية، ولجنة التعليم بالبرلمان، بعدما اتهم قيادي سلفي بارز، محاولات تطوير المنظومة التعليمية بعلمانية التعليم، وزعم أن الحرب الحقيقية في المنطقة هي في المدارس، في الوقت الذى رد فيه أعضاء لجنة التعليم بالبرلمان، بأنها اتهامات باطلة، وأن كافة المقترحات التي تمت دراستها ما زالت لم تقر، وأن منظومة التطوير لن تمس الثوابت الدينية. لكن من الواضح أن نواب البرلمان اصبحوا في موقف الدفاع بعدما أطلق السلفيون "سهامهم اليمينية" والمحافظة على المجلس.
للدعوة السلفية والبرلمان..
والغريب في الأمر انه لا احد من هؤلاء البرلمانيون ولا السلفيون يعرف ماهي تلك الثوابت التي يتحدثون عنها، وبالتالي لم يقدم احدهم تعريفا لهذه الثوابت التي لن تمس في عملية التطوير فمثلا من الثوابت لدى السلفيين عدم تعليم المرأة لان المرأة خلقت من اجل امتاع الرجل فهل نعلم المرأة كيفية ممارسة الجنس وافضل الطرق والأليات لإسعاد الرجل ويكون هذا من الثوابت؟ وهذا ليس من عندنا فمن اراد الزيادة حول أراء الدعوة السلفية في المرأة فليراجع ما كتبناه عن ابو اسحاق الحويني والدعوة السلفية وقضايا المرأة فمثلا يقول الحويني في احد لقاءاته على موقع يوتيوب المرأة جاهلة ولا علم لها وانما العلم للرجال وان المرأة كلها عورة حتى وجهها ففم المرأة كفرجها. هل هذا هو العلم وهذه هي الثوابت التي لن تمس ويتشدق بها رجال الدين في الأزهر او في الدعوة السلفية؟ 
الشيخ أسامة شحادة
الشيخ أسامة شحادة
وبداية الصدام عندما شن الشيخ أسامة شحادة، القيادي السلفي، وعضو مجلس شورى الدعوة السلفية، هجوما عنيفا على محاولات تطوير منظومة التعليم فى مصر، واصفا إياها بالفاشلة ومحاولة عملنتها.
وقال شحادة في مقال له عبر الموقع الرسمي للدعوة السلفية: "بعد جولات عديدة من الصراع مع الأمة المسلمة أدرك الأعداء أن الإسلام هو منبع قوتها وحياتها وبقائها، ولذلك توجَّهت سهامُهم لحرب الإسلام في نفوس وعقول المسلمين من خلال العبث بالتعليم.
وبهذا تخلق الدعوة السلفية وحزبها عدو مجهول وتؤكد على نظرية المؤامرة وتقوم على تقسيم العالم الى دارين "دار الكفر" و "دار الايمان" وبهذا تنتج اعداء لها من لا شيء مستندة الى فتاوى ابن تيمية وابن عبد الوهاب فيتحول العالم خارج اطار الجماعة السلفية الى دار للكفر يجب محاربتها وهكذا تؤسس الدعوة السلفية وقياداتها لبناء داعش وامدادها بجنود جدد يتبنون وعيا وفكريا ماضويا عنصريا قائم على العنف.
ويستمر عضو مجلس شورى الدعوة السلفية في تأسيسه للأفكار الداعشية: "في هذه المرحلة شهدنا ترويج ثقافة الاستهانة بالمعلِّمين وخاصة مُعلِّم الدين واللغة العربية، واليوم تتجدد الدعوة للعبث بالتعليم ، فتتكاثر التصريحات بضرورة تغيير المناهج لتنتج جيلًا جديدًا يحمل فهمًا للإسلام يقبل به الأعداء".
وزعم عضو مجلس شورى الدعوة السلفية، :"ما نشهده اليوم من عبث وتغيير في المناهج التعليمية في عدد من الدول الإسلامية لنزع الإسلام منها أو تخفيفه أو تحريفه -بحجة حرب التطرف- المقصود الحقيقي منها محاربة الإسلام " – على حد قوله - .
ويتابع عضو مجلس شورى الدعوة السلفية حربه الوهمية على العلمانية تلك العلمانية التي اعطت له الحق في التحدث بهذه اللهجة واعطت له الحق ان يكون ممثلا في البرلمان المصري ذلك البرلمان الذي يعادونه على مواقعهم ويكفرونه ويكفرون الدولة نفسها حيث يقول علاء بكر احد القيادات السلفية على "موقع صوت السلف" "الدولة الإسلامية" ليست دولة "مدنية"؛ فـ"الدولة المدنية" دولة علمانية تفصل بين الدين - أي دين - والسياسة، ولا تلتزم بأحكام الدين - أي دين - وتشريعاته.
والدولة المدنية دولة ديمقراطية تعطي الشعب الحق أن يحكم نفسه بنفسه، بما يرى فيه مصلحته دون التقيد بشرع الله -تعالى-، وهذا ينافي الدولة الإسلامية الملتزمة بأحكام الدين وتشريعاته.
ولا يُناسب "الدولة الإسلامية" أن يقال: "هي دولة مدنية ذات "مرجعية إسلامية"، فهذا تناقض واضح! فكيف هي "مدنية" تستبعد الدين، ولها "مرجعية إسلامية" تأخذ بأحكام الدين؟!
إن تقييد "الدولة المدنية" بكونها ذات مرجعية إسلامية يعني: أن الدولة المدنية تتصف بكونها ليست دينية، وليست إسلامية، فقيدت بهذا القيد، وهذا يكفي في رفض هذا المصطلح ـمصطلح: "الدولة المدنية"ـ؛ لأنه يناقض الدولة الإسلامية.
فقولهم: "دولة مدنية ذات مرجعية إسلامية" هو: محاولة للتوفيق بيْن متناقضين دون النظر في سبب هذا التناقض والتعارض.
هذا ما يؤكده برلماني حزب النور بصيغة مخففة حين يقول: "لا يعترض على تطوير التعليم عاقل، لكن ما علاقة تطوير التعليم بإقصاء الإسلام والدعوة لتعليم "العلمانية" والأديان الأخرى لأبناء المسلمين، ونظريات فاشلة علميًا كنظرية دارون؟ ولمصلحة من يتم تقليص مساحة التربية والتوجيه من المناهج ودور المعلم؟، فالواقع التعليمي يكشف عن ضعف شديد في مهارات القراءة والكتابة عند أساتذة الجامعات، وليس طلبة المرحلة التأسيسية فقط، فأين التطوير والإصلاح هنا؟
وقال: "من المشاكل التي تسبب بها عبث الأعداء بالتعليم مساواة الرجال والنساء في التعليم؛ مما خلق تفاقمًا في مشكلة البطالة، وتضخم حجم ميزانية التعليم، وضعضعة استقرار الأسرة في المجتمعات الإسلامية، وغيرها من المشاكل الأخلاقية نتيجة الاختلاط المُنفَلِت والحلول الشيطانية كاقتراح فتح قاعات "سينما" في الجامعات!"
النائب عبد الرحمن
النائب عبد الرحمن برعي
ولا تقف المشكلة في البرلمان المصري عند هذا الحد بل المشكلة الحقيقية في دفاع اعضاء البرلمان المصري وابعاد العلمانية عنهم وكأنها تهمة وكأنهم يسيرون في فلك الدعوة السلفية حيث نفى النائب عبد الرحمن برعي، وكيل لجنة التعليم بالبرلمان، اتهامات القيادي السلفي لتطوير منظومة التعليم، موضحا أن التطوير في المناهج لا يمس الثوابت الدينية في شيء، موضحا أن التطوير يشمل التربية الدينية والتربية الوطنية والاخلاقية، لا يقترب من الدين الإسلامي.
وتساءل برعي، قائلا: "ما هو الشيء الذى وضعته لجنة التعليم في تطوير منظومة التعليم ويدعو للعلمانية!، وما يطرح من مقترحات حول إلغاء بعض القصص التاريخية الإسلامية وا إسلاماه أو عقبة بن نافع هي مقترحات ولم يتم تطبيقها على ارض الواقع".
واستطرد عضو مجلس شورى الدعوة السلفية :"نحن عقيدتنا إسلامية ولم يتطرق أحد إلى أن يشمل تطوير المنظومة التعليمية الثوابت الدينية، ونحن لدينا امين اللجنة من حزب النور ولم يشهد أي شيء يمس الثوابت الدينية".
وفى ذات الصدد، قالت الدكتورة ماجدة نصر، عضو لجنة التعليم بالبرلمان، إن اللجنة بالفعل تلقت مقترح لحذف قصة واسلاماه، ولكن هذا مقترح ولكل نائب حرية الرأي في إبداء مقترحه ورأيه، والأمر ما زال طي الدراسة، ولكن نحن لن نستغنى عن أي قصص تاريخية، ولكن قد يحدث تطوير أو تنقيح ولكن لا يمكن محو التاريخ الإسلامي أو التاريخ المصري.
وأضاف عضو لجنة التعليم بالبرلمان،  :"نحن في لجنة التعليم نرسخ التدريس بطريقة صحيحة للتربية الدينية، وليس صحيح أنه يتم علمنة تطوير منظومة التعليم، والبرلمان لم يحذف أي قصص دينية من المناهج".
والسؤال الجوهري والذي نطرحه على البرلمان المصري ولجنة التعليم به، لن لم يكن التعليم علمانيا فماذا يكون؟ 

شارك