مع محاولات "كسب ود" حكومة الشرق.. إيطاليا تسعي لاستعادة نفوذها في ليبيا

الأربعاء 08/فبراير/2017 - 02:06 م
طباعة مع محاولات كسب ود
 
لا زالت بعض الدول تستغل الأزمة الليبية للوصول إلي مساعيها في فرض نفوذها وهيمنتها في البلاد، حيث تحاول إيطاليا هذه الفترة "كسب ود" حكومة الشرق بقيادة عبدالله الثني، والتي يواليها الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، وتسعي إيطاليا لاستعادة نفوذها مجددًا في ليبيا.
مع محاولات كسب ود
وكانت إيطاليا أعلنت يناير الماضي عن فتح سفارتها في العاصمة الليبية "طرابلس"، الأمر الذي فسره محللون بأن إيطاليا تريد عودة فرض نفوذها في البلاد، وبالأخص مع تفاقهم الأزمة الليبية التي فشل الجميع في حلها، وكانت إيطاليا المحتلّ السابق لليبيا،هي من حثت باقي الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية على الإسراع في التحرّك العسكري في ليبيا.
وأعلن وزير الداخلية الايطالي ماركو مينيتي، إعادة فتح سفارة إيطاليا في العاصمة الليبية طرابلس يوم 10 يناير 2017.
ووفق التصريحات التي أدلي بها رئيس برلمان الشرق عقيلة صالح بعد لقائه السفير الإيطالي لدى ليبيا جوزيبي بيرونين، فإن هناك محاولات للتقرب من حكومة الشرق والتي تحظي بدعم روسي كبير، بينما حكومة الوفاق بدأت تفقد الدعم مع فشلها الذريع في حل الأزمة الليبية، لكنها تحظي بدعم إيطالي كبير.
وقال صالح عقب اللقاء إن السفير الإيطالي أكد استعداد بلاده لبحث موضوع فتح قنصلية في شرق ليبيا لتقديم الخدمة للمواطنين الليبيين في المنطقة، وهو الأمر الذي فسره البعض بأن هناك محاولات ايطالية للحصول علي "موطئ قدم" لها في ليبيا مجددًا.
صالح قال إن السفير بيروني أبدى استعداد بلاده لعلاج جرحى الجيش الليبي، مضيفا أن إيطاليا تدعم إرادة الشعب الليبي لتعديل الاتفاق السياسي، لكنها لا تريد حدوث فراغ سياسي.
يأتي ذلك، فيما اتهم المشير خليفة حفتر إيطاليا في وقت سابق، بأنها تنحاز لمدينة مصراتة المناوئة له، قائلا: من السيء أن بعض الإيطاليين اختاروا البقاء بجانب المعسكر الآخر. فلقد أرسلوا 250 جنديًا وطواقم طبية إلى مصراتة، دون إرسال أي مساعدات لنا، مشيرًا إلى وعود إيطالية بإرسال طائرتين لنقل مصابي الجيش للعلاج في إيطاليا وهو ما لم يتحقق حتى الآن.
في حين رد وزير الخارجية الإيطالي أنجلينو ألفانو، قائلا: إن إيطاليا كانت أول من اقترح إعطاء دور للمشير خليفة حفتر، وإقراره بأن الشعب الليبي واحد، مشيرا إلى أن رسالة بلاده هي الإيمان بوحدة ليبيا، مضيفًا أن بلاده ستقوم بإرسال مساعدات إنسانية للمرة الأولى إلى المناطق التي يسيطر عليها الجيش الليبي قبل أن يعلن حفتر رفضه لهذه المساعدات التي أكد أنه لن يقبلها قبل انسحاب القوات الإيطالية من مصراتة وسحب بوارجها المتمركزة قبالة العاصمة طرابلس.
وفي هذا السياق، قال عضو مجلس النواب الليبي صالح افحيمة، في تصريحات صحافية، إن السفير الإيطالي اجتمع عقب وصوله بأعضاء من البرلمان، مشيرا إلى أن الإطار العام للزيارة يهدف إلى "رأب الصدع" بين مجلس النواب والمجلس الرئاسي المنبثق عن اتفاقية الصخيرات، مضيفًا أنه وعدد من أعضاء البرلمان قاموا بمقاطعة الاجتماع احتجاجا على سياسة إيطاليا في ليبيا وتحديدا على تواجدها العسكري في منطقة مصراتة والاتفاقية الأخيرة التي وقعتها مع رئيس المجلس الرئاسي فايز السراج بخصوص الهجرة غير الشرعية والتي يرى الكثيرون أنها أبرمت مع جهة لا تحظى بأي شرعية داخلية. 
ويقضي الاتفاق الموقع بتمويل إيطاليّ لعملية إيواء المهاجرين من أفريقيا في مراكز ليبية قبل إعادتهم لبلدانهم ومنح ليبيا ستة زوارق بحرية لمساعدتها في مراقبة شواطئها، وذلك بناء على الاتفاق الليبي الإيطالي الموقع في عام 2008.
وأعلن رئيس الوزارء الإيطالي باولو جينتيلوني، دعم مجلس رئاسة حكومة الوفاق الليبية مذكرة التفاهم للسيطرة الإيطالية على حركة المهاجرين غير الشرعيين من ليبيا باتجاه السواحل الأوروبية.
وجاء ذلك في مذكرة تفاهم وقعها عن الجانب الليبي، رئيس مجلس رئاسة الحكومة الليبية فائز السراج، ورئيس الوزراء باولو جينتيلوني، في العاصمة الإيطالية روما.
من جانبه رفض الناطق باسم "عملية الكرامة" في شرق ليبيا أحمد المسماري الاعتراف بمذكرة التفاهم التي وقعها رئيس الحكومة فائز السراج مع إيطاليا بشأن مكافحة الهجرة غير الشرعية، مؤكدا أن السراج لا يمثل الدولة الليبية.
وقال المسماري على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك": "إن ليبيا لن تكون ملزمة بأية تعهدات وقعها فائز السراج، وإنه كان على إيطاليا توقيع هذا التفاهم مع مجلس النواب، الممثل الشرعي لليبيا"، على حد قوله.
ويرى مراقبون أن مذكرة التفاهم هي المرحلة الأولى من ترسيخ الوجود الإيطالي في جنوب ليبيا، والذي من الممكن أن يتحول إلى عسكري، إذا ما أقدمت روما على إنشاء قاعدة عسكرية لها.
مع محاولات كسب ود
ويتوقع مراقبون أن إيطاليا تسعى للحد من هيمنة اللواء المتقاعد خليفة حفتر على جنوب البلاد، عبر مزاحمة فرنسا التي تؤيده من خلال تزويده بمستشارين عسكريين في شرق البلاد.
وفي بداية عام 2016، أعلنت السلطات الأمنية الايطالية أن قرار التدخل عسكريا في ليبيا لا يمكن أن ينتظر حلول فصل الربيع المقبل، حيث صرحت وزيرة الدفاع الإيطالي روبيرتا بينوتي في حوار لها إنذاك بأن إيطاليا إلى جانب الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا يدرسون خيار التدخل العسكري في ليبيا للعمل على استقرار الأوضاع بها .
وتشهد ليبيا حالة فوضى منذ الإطاحة بالرئيس الليبي معمر القذافي عام 2011، وتمكنت الجماعات الإرهابية وعلي رأسهم تنظيم "داعش" من السيطرة على مناطق عديدة في البلاد، وكانت الأمم المتحدة قد توسطت في ديسمبر 2015 للتوصل لاتفاق لتشكيل حكومة وحدة وطنية.
وردت ليبيا آنذاك علي إعلان إيطاليا باحتمال إرسال بلادها قوات برية إلى ليبيا برفض وتحذيرات ليبية واسعة من أي تدخل أجنبي في البلاد.
في هذا الصدد، قال وزير الخارجية الايطالي انجلينو ألفانو، اليوم الأربعاء 8 فبراير 2017، إن الحوار قد بدأ بين بلاده وروسيا بخصوص ليبيا، مشيرًا في مقابلة مع صحيفة "لا ستامبا" الايطالية إلي وجود إشارات إيجابية برزت خلال لقاء الجمعة الماضية مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، الذي سيجتمع وإياه مرة ثانية في الـ16 من الشهر الجاري في بون، بألمانيا.
أضاف ألفانو الذي أجرى بشأن ليبيا اتصالات عديدة، شملت الإمارات وقطر أيضا، لمست رغبة بالتعاون، فالجميع يدرك أن لليبيا أهمية إستراتيجية لا يمكن الاستهانة بها، سواء أكان على صعيد الهجرة بالنسبة لنا، أم من ناحية الأمن بالنسبة لآخرين.
ولفت الوزير إلى أن ما سلف ذكره لا يعني أننا قادة عملية جديدة، بل أن الدبلوماسية تعترف بضرورة معالجة المسألة بتركيز أوسع بكثير من إطار الاتفاق بين إيطاليا وليبيا، قائلا: على الجميع القيام بواجبهم لخلق التآزر، دون الاستناد كثير للصيغ المتبعة، لأن هذه هي الطريق نحو السلام.
ويرى مراقبون أن ورقة الوساطة التي دخلت بها إيطاليا تهدف بالأساس إلى تبديد مواقف السلطات في شرق البلاد التي تعتبر أن إيطاليا وقفت في صف حكومة الوفاق التي هيمنت عليها طيلة الفترة الماضية أطراف مناوئة للجيش الوطني ولمجلس النواب.
ويتوقع مراقبون أن إيطاليا تسعي للتقارب من جميع الأطراف والأمساك بالعصا من المنتصف، حتي تكسب ود جميع الأطراف سواء الجيش الليبي أو المجلس الرئاسي المنبثق من اتفاق الصخيرات، لعودة نفوذها مجددًا.

شارك