بعد اتفاق مصالحة بين "التبو وأولاد سليمان".. إيطاليا تلجأ لقبائل الجنوب الليبي لحمايتها

الثلاثاء 04/أبريل/2017 - 12:10 م
طباعة بعد اتفاق مصالحة
 
مع الفوضي التي تشهدها ليبيا الأن في ظل الصراعات الدائرة علي السلطة بين الحكومات المتنازعة في الشرق والغرب، يبدو أن الأزمة الليبية تتفاقم يوما تلو الأخري، وطالت قبائل الجنوب الليبي.
بعد اتفاق مصالحة
وتشهد منطقة جنوب ليبيا عدم الاستقرار تحت وطأة النزاعات الأهلية، ونقص الخدمات الأساسية، وانقسامات هذه المنطقة على هامش الحياة السياسية في ليبيا.
في هذا السياق، لجأت إيطاليا إلى قبائل جنوب ليبيا لوضع حد لأزمة الهجرة غير الشرعية بعد أن فشل المجلس الرئاسي في بسط سيطرته على البلاد. 
ووقع ممثلون عن قبيلة أولاد سليمان وقبيلة التبو، اتفاق مصالحة في العاصمة الإيطالية روما ينص على ضبط حدود هذا البلد الجنوبية حيث يتكثف نشاط مهربي المهاجرين.
وأعلنت وزارة الداخلية الإيطالية أول أمس في بيان لها، إبرام قبيلتي أولاد سليمان والتبو جنوب ليبيا اتفاق مصالحة في روما، ينص على ضبط الحدود الجنوبية الليبية حيث يتكثف نشاط مهربي المهاجرين.
وجمع اللقاء في روما حوالى 60 من شيوخ القبائل خصوصا التبو وأولاد سليمان بحضور ممثلين عن الطوارق وكذلك ممثل عن حكومة الوفاق الوطني الليبية التي تتخذ من طرابلس مقرا.
وتهدف مبادرة الوساطة الإيطالية إلى مكافحة الاقتصاد المبني على التهريب بحسب الوثيقة الختامية للاجتماع التي نشرتها صحيفة كورييري ديلا سيرا الإيطالية.
وتعاني ليبيا من أزمات طاحنة في أعقاب سقوط معمر القذافي 2011، حيث استغلت الجماعات الجهادية حالة الفوضي التي تشهدها البلاد وتوغلت إلي أراضيها.
وقال وزير الداخلية الإيطالي ماركو مينيتي، لصحيفة لا ستامبا، أنه "سيتم تشكيل قوة من حرس الحدود الليبيين لمراقبة 5000 كلم من الحدود في جنوب ليبيا"، وأضاف الوزير أن ضمان أمن الحدود الجنوبية الليبية يعني ضمان أمن الحدود الجنوبية الأوروبية.
وتهدف مبادرة الوساطة الإيطالية إلى مكافحة اقتصاد مبني على التهريب يؤدي إلى مئات القتلى في البحر المتوسط وآلاف البائسين الباحثين عن حياة أفضل، والتصدي لصعود الشعبوية في أوروبا، والتهديد الإرهابي في الصحراء، بحسب الوثيقة الختامية للاجتماع التي نشرتها صحيفة كورييري ديلا سيرا الإيطالية.
كما ينص الاتفاق على التعهد باستحداث فرص للتدريب المهني للشباب "لإبعادهم عن وسيلتهم الوحيدة للبقاء، أي حياة الجريمة".
وتسيطر قبائل الطوارق والتبو على المعابر البرية في الجنوب الغربي خاصة مع الجزائر والنيجر وتشاد، كما تنتشر قبيلة أولاد سليمان في مدينة سبها عاصمة إقليم فزان، وفي مناطق وسط الصحراء الليبية إلى غاية بلدة هراوة على ساحل البحر الأبيض المتوسط.
وتنتشر قبيلتي القذاذفة والمقارحة، المواليتين للنظام السابق، في سبها وبلدة براك الشاطئ، ولكن تم استبعادهما من الاجتماع، كما غابت قبيلة الزوي التي تنتشرة في بلدة الكفرة في أقصى الجنوب الشرقي بالقرب من الحدود مع السودان، مما يوحي أن الرهان الأكبر بالنسبة للاتحاد الأوروبي يتمثل في الجنوب الغربي أكثر من الجنوب الشرقي لليبيا.
حيث يتدفق أغلب المهاجرين غير الشرعيين من غربي إفريقيا إلى النيجر وتشاد ومنه إلى الحدود الجنوبية الليبية، قبل أن يتوجهوا إلى السواحل الغربية خاصة القره بوللي، وزوارة، ومنها إلى مالطا والسواحل الإيطالية القريبة من ليبيا.
من جانبها، تخشى عدة دول من نشاط الجماعات الإرهابية وتحركها عبر الحدود، خاصة بعد طرد تنظيم "داعش" الإرهابي من جميع المدن الساحلية الليبية وتوجهه نحو الجنوب الغربي، حيث تنتشر عدة جماعات إرهابية في منطقة الساحل الإفريقي خاصة في شمالي مالي، أين تنتشر قوات فرنسية ودولية في المنطقة، وإلى جانب الهجرة غير الشرعية والإرهاب، يعتبر الجنوب الليبي منطقة عبور لجماعات تهريب السلاح والمخدرات في الصحراء الإفريقية الكبرى.
بعد اتفاق مصالحة
ووفق مصادر شهدت توقيع الاتفاق، تسعي  منظمة "اربتشي" الإيطالية، من خلال هذا الاجتماع أيضاً للتوصل إلى اتفاق مصالحة نهائي بين قبيلتي التبو وأولاد سليمان، التين تربط بينهما عداوات قبلية قديمة، خاصة في سبها.
وكانت اشتباكات قبلية اندلعت بين قبيلتي أولاد سليمان والتبو في سبها، في 10 يناير 2014، ما أدى إلى مقتل وجرح العشرات، كما اندلعت عدة اشتباكات بين التبو والطوارق، في بلدتي أوباري وغات، القريبتين من الحدود الجزائرية، واشتباكات أخرى بين التبو وقبائل الزوي بالقرب من الكفرة، خلال السنوات الثلاث الأخيرة.
جدير بالذكر أن رئيس وزراء مالطا جوزيف موسكات، أشار على هامش اجتماع أوروبي عقد في شباط الماضي، حول الهجرة غير الشرعية، أن الاتحاد الأوروبي يسعى إلى التعاون مع القبائل في جنوب ليبيا في استراتيجيته الهادفة إلى الحد من تدفق المهاجرين الذين يصلون إلى إيطاليا.
وفي وقت سابق ذكرت بوابة الحركات الإسلامية في تقرير لها، أن العاصمة القطرية الدوحة، شهدت يوم 23 نوفمبر 2015، توقيع اتفاق سلام تاريخي بين قبيلتي التبو والطوارق الليبيتين، لتنتهي بذلك الحرب الدامية بينهما والتي استمرت لعامين.
وكانت ذكرت بوابة الحركات الإسلامية أن الاشتباكات تدور متقطعة بين قبائل "التبو" و"الطوارق"، منذ الـ17 من سبتمبر عام 2014، سقط خلالها أكثر من 300 شخص، و2000 مصاب، لدى الطرفين، ببلدتي أوباري، ومرزق المجاورة، وذلك رغم الاتفاق الذي توصل إليه الطرفان في الـ22 من الشهر نفسه.
ووفق ما ذكرت بوابة الحركات الإسلامية في تقريرها، أن الطوارق، أو أمازيغ الصحراء، هم قبائل من الرحّل والمستقرين يعيشون في صحراء الجزائر، ومالي، والنيجر وليبيا وبوركينا فاسو، وهم مسلمون سنة، ولا توجد أرقام رسمية حول تعداد الطوارق في ليبيا، إلا أن بعض الجهات تقدر عددهم ما بين 28 و30 ألفًا، من أصل تعداد ليبيا البالغ حوالي 6.5 ملايين نسمة.
أما قبائل التبو "غير عربية" فهم مجموعة من القبائل البدوية تسكن جنوبي ليبيا، وشمالي النيجر، وشمالي تشاد، وقد اختلف المؤرخون في تحديد أصولهم، فقال بعضهم إنهم يرجعون في أصولهم التاريخية إلى قبائل "التمحو" الليبية القديمة، وذهب آخرون إلى أنهم قبائل "الجرمنت"، وهي قبائل كانت تسكن جنوبي ليبيا، بينما يقول فريق ثالث إنهم من قبائل ليبية قديمة كانت تسمى "التيبوس" وتسكن شمالي البلاد.
وينقسم المشهد العسكري والاجتماعي في أوباري بين قبائل التبو المؤيدة لمجلس النواب المعترف به دوليًا في طبرق، وقبائل الطوارق المؤيدة للمؤتمر الوطني العام في طرابلس، المحسوب على جماعة الإخوان.
ويشهد الجنوب الليبي بين الحين والآخر اشتباكات قبلية، لا سيما أن المنطقة تضم قبائل عربية وغير عربية كالطوارق وأمازيغ الصحراء، بالإضافة إلى التبو الذين يعيشون في جنوب شرق ليبيا وشمال النيجر وشمال تشاد.

شارك