ردا على ياسر برهامي ودعوته الإرهابية: ابن تيمية إمام الإرهاب والقتل

الأحد 17/ديسمبر/2017 - 04:19 م
طباعة ردا على ياسر برهامي حسام الحداد
 
لم يصدقنا أحد حينما كنا نقول بأن الفصيل السلفي وذراعه السياسية "حزب النور" هم أشد خطرا على البلاد من غيرهم من فصائل تيار الإسلام السياسي، وها هو ياسر برهامي يؤكد على انتمائهم للعنف ومرجعياته ابن تيمية وغيره من أسلافه الذين أباحوا واستباحوا دماء وأموال وأعراض المسلمين قبل غيرهم، وها هو ياسر برهامي في حواره مع جريدة الفتح المنشور اليوم الأحد 17 ديسمبر 2017، يدافع عن ابن تيمية وفتواه حيث قال "نائب رئيس الدعوة السلفية، إن إلصاق تهمة الإرهاب بابن تيمية باطلة وافتراء محض؛ لأن ابن تيمية لم يستحل دماء المسلمين ولو كانوا من "أهل البدع". وأضاف برهامي، أن المالكية والحنابلة على نفس كلام ابن تيمية رحمهم الله جميعا، فهل هؤلاء إرهابيون أيضا؟! لافتا إلى أن الجعد بن درهم كان يقول بتناقض القرآن الكريم وقد قُتل خشية إحداث فتنة في الأرض.
وهذا قول كذب من برهامي ودعوته الإرهابية، وللرد على هذا القول الكذب من المفترض أن يكون لابن تيمية وحده مجلدات في تأصيله وتأسيسه لفقه العنف والتطرف، فهو الملهم للعديد من فقهاء العنف المحدثين، ولكن سوف نكتفي هنا بالإشارة إلى بعض فتواه في هذا الصدد، مع العلم بأن الجزء لا يغني عن الكل، ولأن كثيرًا من رجال الدين في المساجد والمدارس على امتداد العالم الإسلامي، وكذلك في البلاد التي يعتبرونها بلاد "كفار" يتحدثون عن فتاوى شن الحرب وفرض أحكام الشريعة.
قصدنا أن نأتي بمثالًا لتلك الفتاوى وهي فتوى "ماردين" التي ولد فيها ابن تيمية، أو فتوى "التترّس" التي تنصّ على قتل المسلمين من أجل الوصول إلى إقامة الخلافة.
ولا شك في أن ممارسات قطع الرؤوس وفرض الجزية وختان النساء، تستند إلى فتاوى منصوص عليها في العقائد السلفية، وتدرّس بشكل عادي جدًّا في مدارسنا كـ"التكفير"، وذلك على الرغم من محاولات إصلاح التعليم وإعادة النظر في المناهج.
وهذه الفتاوى يطبقها تنظيم "الدولة الإسلامية" ولا تلقى إدانة أو اعتراضا من المؤسسات الدينية الإسلامية، فهناك مناهج للتعليم الديني تستند إلى "التكفير" لا تزال تدرّس في مصر، وفي دول عربية أخرى.
وقد يسأل البعض عن سبب قيام طالب جامعي أو تلميذ مراهق بتنفيذ عملية انتحارية ضد الآخر، من دينه أو من ديانات أخرى، وعن سبب انخراط جماعات في حروب دينية مشتعلة في المنطقة، إلا أنه يحيلنا إلى نتيجة واحدة. فإذا سأل تلميذ عن تنظيم "داعش" أو مختلف التنظيمات الإسلامية السلفية والجهادية، فهل سيجيب المعلم أنهم آتون من مجتمعات همجية؟ أم أن هذه التنظيمات ولدت من رحم فتاوى معينة ومناخات متطرفة؟
هل سيقول: إن كل هذه الحركات تستمدّ عقائدها من الفتاوى المتشدّدة التي توجب الجهاد على المسلمين ضدّ من يسمّيهم ابن تيمية الكفّار والمرتدّين والمشكوك في إسلامهم وغيرهم، ومن هذا المفهوم يرى المتطرّفون أنّ عليهم إعلان الحرب وإقامة الخلافة الإسلاميّة. 
أما عن ابن تيمة وفتواه فقد ولد ابن تيمية سنة ٦٦١ هـ / ١٢٦٣ م وكانت تلك الفترة قد شهدت غزوات عدة من المغول والتتار للأناضول والشام، وقد استولى التتار على بلدة حران وهي مسقط رأس ابن تيمية، فخرج هو وأهله من البلدة متجهين صوب دمشق.
كما استولى التتار على بلدة ماردين، وكان أهل ماردين أغلبهم من المسلمين، وكان التتار، بحسب رؤية ابن تيمية، من المعتدين الكفار.
فأصبحت ماردين بلدة أغلبها مسلمين ويحكمها غير المسلمين، وكان فقهاء الإسلام يقّسمون البلاد إلى دار إسلام أو دار كفر، وحسب أوضاع ماردين في تلك الفترة، فلم يكن من الواضح في أي صنف هي، فسئُل ابن تيمية عن هذه المسألة.
نص الفتوى
السؤال
"سئل رحمه الله عن بلد ماردين هل هي بلد حرب أم بلد سلم؟ وهل يجب على المسلم المقيم بها الهجرة إلى بلاد الإسلام أم لا؟ وإذا وجبت عليه الهجرة ولم يهاجر، وساعد أعداء المسلمين بنفسه أو ماله، هل يأثم في ذلك؟ وهل يأثم من رماه بالنفاق وسبه به أم لا؟ فأجاب:
"الحمد لله. دماء المسلمين وأموالهم محرمة حيث كانوا في ماردين أو غيرها، وإعانة الخارجين عن شريعة دين الإسلام محرمة، سواء كانوا أهل ماردين، أو غيرهم. والمقيم بها إن كان عاجزًا عن إقامة دينه، وجبت الهجرة عليه. وإلا استحبت ولم تجب، ومساعدتهم لعدو المسلمين بالأنفس والأموال محرمة عليهم، ويجب عليهم الامتناع من ذلك، بأي طريق أمكنهم، من تغيب، أو تعريض، أو مصانعة. فإذا لم يمكن إلا بالهجرة، تعينت. ولا يحل سبهم عمومًا ورميهم بالنفاق، بل السب والرمي بالنفاق يقع على الصفات المذكورة في الكتاب والسنة، فيدخل فيها بعض أهل ماردين وغيرهم.
وأما كونها دار حرب أو سلم، فهي مركبة: فيها المعنيان، ليست بمنزلة دار السلم التي تجري عليها أحكام الإسلام، لكون جندها مسلمين. ولا بمنزلة دار الحرب التي أهلها كفار، بل هي قسم ثالث يعامل المسلم فيها بما يستحقه، ويقاتل [ويعامل] الخارج عن شريعة الإسلام بما يستحقه.
ولقد وقع اختلاف في نص الفتوى، وخصوصًا الجزء الأخير منه؛ حيث قال: «ويعامل المسلم فيها بما يستحقه ويقاتل الخارج عن شريعة الإسلام بما يستحقه»، غير أن الصواب هو «ويعامل المسلم فيها بما يستحقه ويعامل الخارج عن شريعة الإسلام بما يستحقه»، وقد جاء هذا التصحيح بعد الرجوع إلى المخطوطة في المكتبة الظاهرية بدمشق (رقم ٢٧٥٧، مكتبة الأسد) وهي النسخة الوحيدة الموجودة. كما نقله ابن مفلح تلميذ ابن تيمية على الصواب (ويعامل) في كتابه «الآداب الشرعية والمنح المرعية».
ويبدو أن هذا التصحيف اشتهر بعد ما ظهر في طبعة «الفتاوى» التي أخرجها فرج الله زكي الكردي عام ١٣٢٧ هـ، ثم تبعه بعد ذلك الشيخ عبدالرحمن القاسم في «مجموع الفتاوى».
ورغم مرور ما يزيد عن سبعة قرون على إصدار هذه الفتوى، فإنها ما تزال تشكل نقطة حوار وجدال.. قيل: إن بعض التنظيمات الجهادية استخدمت الفتوى الماردينية لتبرير عملياتها، من ضمنها اغتيال الرئيس المصري أنور السادات.
وقد عُقد في مارس ٢٠١٠ م بماردين، مؤتمر حول الفتوى، شارك فيه علماء وفقهاء من العديد من الدول من بينهم عبدالله بن بيه ومصطفى سيريتش وعبدالوهاب الطريري، وجاء في بيان المؤتمر عدة نقاط منها أن «فتوى شيخ الإسلام ابن تيمية في ماردين لا يمكن بحال من الأحوال أن تكون متمسكًا ومستندًا لتكفير المسلمين والخروج على حكامهم.. بل هي فتوى تحرم كل ذلك».
ومسألة أخرى لا تقل أهمية عن الفتوى السابقة تعبر عن فقه العنف والدم الذي تبناه ابن تيمية وهي مسألة موقف هذا الفقه من الآخر المسيحي حسب المرجعية الأساسية لهؤلاء كما يحبون تسميته شيخ الإسلام "ابن تيمية" حيث يقول ابن تيمية في كتابه "مسألة في الكنائس" تحت عنوان، استغناء المسلمين عن النصارى وأمثالهم: 
"وليس المسلمون محتاجين إليهم- ولله الحمد- فقد كتب خالد بن الوليد إلى عمر بن الخطاب-رضي الله عنهما- يقول له: إن بالشام كاتباً نصرانياً، لا يقوم خراجُ الشام إلا به. فكتب إليه: لا تستعمله!
فكتب: إنه لا غناءَ بنا عنه. فكتب إليه، لا تستعمله!
فكتب إليه: إذا لم نولّه ضاع المالُ. فكتب إليه عمر رضي الله عنه: مات النصرانيُّ، والسلام". (ذكره ابن القيم في أحكام أهل الذمة 1/211، عن معاوية بمثله مختصراً).
وذكر أن بعض عمال عمر كتب إليه يستشيره في استعمال الكفار فقال: إن المال قد كثر، وليس يحصيه إلا هم، ما كتب إلينا بما ترى، فكتب إليه: لا تدخلوهم في دينكم، ولا تسلموهم ما منعهم الله منه، ولا تأمنوهم على أموالكم، وتعلموا الكتابة، فإنما هي حيلة الرجال. 
ويستطرد ابن تيمية في كتابه قائلا: وثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم: أن مشركاً لحقه ليقاتل معه، فقال له: "إني لا أستعين بمشرك" (هو في صحيح مسلم من حديث عائشة- رضي الله عنها وعن أبيها- في كتاب الجهاد وباب كراهة الاستعانة في الغزو بكافر رقم 1817.)
ويقول: "وكما أن الجندَ المجاهدين إنما تصلح، إذا كانوا مسلمين مؤمنين، وفي المسلمين كفايةٌ، في جميع مصالحهم-ولله الحمد".
ودخل أبو موسى الأشعري على عمر بن الخطاب- رضي الله عنهما- فعرض عليه حساب العراق, فأعجبه ذلك. وقال: ادْع كاتبك يقرأه عليَّ. فقال: إنه لا يدخل المسجد. قال: ولم؟ قال: لأنه نصراني! فضربه عمر-رضي الله عنه- بالدرة. فلو أصابته لأوجعته. ثم قال: لا تعزّوهم بعد أن أذلهم الله. ولا تأمنُوهم بعد أن خوَّنهم الله. ولا تُصدّقوهم بعد أن أكذبهم الله.
هذا الفقه الذي تستند إليه جماعات الإسلام السياسي على اختلاف مشاربها وألوانها، وعرقياتها وجنسياتها إنما هو المحدد للتعامل مع الآخر المسيحي، وليست تلك معضلتنا ولكن مشكلاتنا الأساسية في كيفية مواجهة هذا الفقه الذي بات مقدسًا هو وحامله وقائله، وأصبح هو النص الأساسي الذي يحكم علاقات المسلمين بالعالم منحيا النص الأصلي "القرآن" جانبًا، والذي في آيات كثيرة منه يؤكد على حرية العقيدة في أكثر من موضع {لكم دينكم ولي دين}، وكذلك {وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر}، وغيرها من الآيات التي تحمل قدرًا كبيرًا من الحرية، وكذلك تلك الآيات التي تخاطب الرسول صلى الله عليه وسلم في أساليب الدعوة إلى الله {ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء} وكذلك {أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} وغيرها من الآيات، ولأننا لا نجيد تمثيل دور الفقيه نكتفي بهذا القدر من عرض الآيات الدالة على حرية الاعتقاد وكيفية التعامل مع الآخر في النص الأساسي "القرآن" بعيدًا عن تلك المرويات ظنية الثبوت والدلالة، ويفجر هذا الموضوع لدينا سؤال مهم نتمنى الإجابة عنه من المؤسسات الدينية التي تدعي الوسطية والاعتدال، أين أنتم من فقه ابن تيمية وفتاواه التي تحرض على الإقصاء تارة وقهر الآخر بل قتله في أحيان كثيرة؟

شارك