جامعة الدول العربية ودور الإعلام في مواجهة الإرهاب

الأربعاء 04/أبريل/2018 - 02:21 م
طباعة جامعة الدول العربية
 
أكدت جامعة الدول العربية على أهمية تضافر الجهود الإعلامية في مواجهة ظاهرة الإرهاب التي تهدد أمن واستقرار دول المنطقة والعالم ، داعية في الوقت ذاته إلى ضرورة تفعيل القرارات الصادرة من قبل فرق العمل والاجتماعات الوزارية المعنية بدور الإعلام في التصدي لمحاربة الإرهاب.
جاء ذلك في كلمة مدير الأمانة الفنية لمجلس وزراء الاعلام العرب الدكتور فوزي الغويل أمام الاجتماع التاسع عشر لفريق الخبراء الدائم المعني بمتابعة دور الاعلام العربي في التصدي لظاهرة الإرهاب الذي انطلقت أعماله في الثاني من أبريل 2018 بمقر الجامعة العربية بمشاركة ممثلي الدول الأعضاء لدى الجامعة العربية وعدد من المنظمات والهيئات الممارسة لمهام إعلامية في منظومة مجلس وزراء الإعلام العرب.
وحذر الغويل من خطورة المرحلة التي تمر بها الأمة العربية ،مؤكداً أنها تستدعي العمل على تنفيذ كافة القرارات التي تصدر عن الفريق على أرض الواقع وترجمتها إلى برامج لمواجهة ظاهرة الإرهاب.
وقال إن فريق الخبراء المعني بمتابعة دور الإعلام في مواجهة الإرهاب تم تشكيله منذ عام 2006 ويزاول مهامه بانتظام ويأتي في إطار حرص الدول الأعضاء بالجامعة على متابعة المستجدات إزاء دور الإعلام لمواجهة ظاهرة الإرهاب .
ويناقش الاجتماع على مدى يوم واحد ما تم تنفيذه من التوصيات الصادرة للاجتماع الـ 18 للفريق والمستجدات المتعلقة بالشأن الإرهاب في المنطقة وبحث سبل تضافر الجهود العربية لمكافحته، إضافة إلى متابعة الخطوات التنفيذية للخطة المرحلية للاستراتيجية الإعلامية العربية المشتركة لمكافحة الإرهاب المتضمنة إقامة العديد من الفعاليات مثل ” مؤتمرات ، ندوات ، دورات تدريبية ، وملتقيات علمية ، واعداد دراسات وأبحاث علمية تتعلق بمكافحة الإرهاب ، مدتها الزمنية خمس سنوات.
جامعة الدول العربية
ومن قراءة متأنية للتراث العلمي الإعلامي العربي في السنوات الخمس الماضية، نجد أن ثمة اهتمامًا من الباحثين العرب بدور الإعلام في مكافحة الإرهاب ومحاصرة ثقافة التطرف عبر بحوث ومؤتمرات كثيرة ناقشت الظاهرة بأبعادها المختلفة، ساعيةً إلى نشر ثقافة التسامح والسلام الاجتماعي، حسب د. حسن علي محمد أستاذ الإعلام بجامعة المنيا في بحث له بعنوان "الإعلام والإرهاب الإشكاليات والتحديات"، والذي يؤكد فيه أن الباحث المدقق يواجه نقصًا ملموسًا في الدراسات التي تناقش دور الإعلام في دعم الإرهاب ونشر ثقافة التطرف، واستخدامات الإرهابيين للإعلام وما حققوه من نجاحات، وتنظيم داعش الذي طوَّر من أساليبه الإعلامية خاصةً في توظيف شبكات التواصل الاجتماعي.
ولهذا فإنه لا يمكننا إغفال الدور الذي لعبه الإعلام في تغذية العنف والإرهاب والتطرف من خلال استغلال الإرهابيين له في تسويق أغراضهم وغاياتهم وتوظيفها في تضليل الأجهزة الأمنية، واكتساب السيطرة على الرأي العام عن طريق نشر أخبار العمليات الإرهابية التي يقومون بتنفيذها، حيث يرون في التغطية الإعلامية لجرائمهم معيارًا هامًا لقياس مدى نجاح فعلهم الإرهابي؛ فتنساق وسائل الاعلام وراء نشر مجاني لما يبثونه في وسائل ووسائط إعلامهم.
وهو ما دفع ديفيد برودر، المراسل الصحفي في الواشنطن بوست، إلى المطالبة بحرمان الإرهابي من حرية الوصول إلى منافذ الوسائل الإعلامية؛ لأن تغطية العمليات الإرهابية إعلاميًا يعتبر مكافأة لهم على أفعالهم الإجرامية بإتاحة الفرصة لهم في مخاطبة الجمهور.
ويمكن حصر الأدوار التي أدتها تلك الوسائل الإعلامية في المساعدة في زرع العنف وتنمية فكر التطرف والإرهاب – بشكل مباشر أو غير مباشر – في الآتي:
•  مساحة الحرية المطلقة التي منحتها شبكة المعلومات الدولية لمعتنقي الفكر المتطرف والترويج له وإتاحة الفرص لنشر بياناتهم وتصريحاتهم وكتبهم وأفلامهم وتسجيلاتهم على امتداد العالم بسهولة ويسر غير مسبوقين.
•  التهويل والتضخيم في قوة الإرهابيين لتحقيق الإثارة الصحفية والإقبال الجماهيري بغرض الربح المادي في ظل المنافسة الشرسة.
•  هيمنة الطابع الإخباري على التغطية الإعلامية للإرهابيين وتغييب التغطية ذات الطابع التحليلي والتفسيري .
•  افتقار بعض هذه الوسائل إلى الخبراء والمتخصصين في المجالات الأمنية والاجتماعية والنفسية والتربوية؛ لإقناع المشاهد بحقيقة الحدث وعدم الانسياق وراء التضخيم الإعلامي.
•  قيام بعض القنوات الفضائية بعرض المناظر والمشاهد المأساوية وتصوير الأضرار بشكل متكرر ومبالغ فيه، إضافةً إلى بث وجهات نظر الإرهابيين دون إتاحة الفرصة لتعريتها والرد عليها.
وحول إشكالية تحرير مصطلح الإرهاب يقول د حسن علي: "ثمة إشكاليات في تناول موضوع الإعلام والإرهاب؛ أولها غموض وضبابية مصطلح الإرهاب؛ مما يثير عددًا من التساؤلات مثل:
• من الذي له الحق في وصف مقاومة المحتل بالإرهاب؟
• متى توصف مقاومة الاستبداد واحتكار السلطة بالإرهاب؟
• من الذي يسمي قتل الأبرياء بالجهاد؟ ويرمي الآثار الإنسانية المسجلة تراثًا عالميًا بالكفر ويفتي بتدميرها؟
إن المصطلح مراوغ، يتلون بألوان كثيرة، وتحريره واجب علمي حتى لا تتداخل السياسة في عمل الباحث المستقل؛ ومن ثم فإن للإرهاب صورًا تتداخل مع عنف محمود في مواجهة الاحتلال وعنف مذموم يؤذي المدنيين!!.
وحول كيفية دعم الإعلام للإرهاب يقول: "أن يحارب الإعلام الإرهاب أمر لا يحتاج إلى كثير بحث؛ فتوضيح الواضحات سوء ظن بالقاريء الذكي، أما ما يحتاج حقًا إلى البحث والتأمل هو تلك الظاهرة المتمثلة في دعم الإعلام للإرهاب، ثم نسمع حججًا وتفسيرات حول استخدامات الإرهابيين للإعلام لا تقنع الباحث المتشكك أو الباحث المدقق!.
نعم، ثمة صراع شرس على الجمهور ومنافسة طاحنة على كعكة الإعلانات، وأموال ساخنة تتدفق في شرايين كثير من الفضائيات والصحف وشبكات التواصل الاجتماعي؛ مما جعلها تجنح إلى الإبهار، وما يبثه الإرهابيون من مقاطع فيديوهات تبهر المتلقي في الإخراج والتصوير بتقنيات عالية، كما في حرق الطيار الأردني معاذ الكساسبة، وذبح الضحايا المصريين ونحرهم وقطع رقابهم في ليبيا وكأنها أفلام سينمائية، إضافةً إلى ملابسهم السوداء والاكسسوارات والأسلحة عوامل لإقناع الشباب بأنهم مصدر قوة، معتمدين على أن اللقطة المصورة الواحدة في الإعلام تغني عن ألف كلمة، ويدركون أنها خير وسيلة للتأثير على الشباب، فضلًا عن السرعة في استغلال سرعة تداول الأخبار، وسهولة التخلص من حسابات فيسبوك وتويتر، وصعوبة وصول الجهات الأمنية إلى المصدر، أسباب جعلت المنظمات الإرهابية تتخذها واجهة إعلامية لتوصيل رسائلهم بعيدًا عن الرقابة والتدخل؛ مما يساعدهم في التعبئة وتجنيد إرهابيين جدد, وهذا الأمر يحافظ على استمرار الخلية وبقائها، وهم يستغلون تعاطف الآخرين من مستخدمي الإنترنت مع قضاياهم ويجتذبون الصغار بعبارات حماسية مثيرة خاصةً من خلال غرف الدردشة الالكترونية.
جامعة الدول العربية
ومن تجليات الدعم الإعلامي للإرهاب حسب د. حسن علي، التهديد الإلكتروني حيث تعددت الأساليب الإرهابية في التهديد عبر الإنترنت من التهديد بالقتل لشخصيات عامة، إلى التهديد بتفجيرات في مراكز حيوية أو تجمعات رياضية، والتهديد بإطلاق فيروسات لإتلاف الأنظمة المعلوماتية في العالم. و القصف الإلكتروني وهو أسلوب للهجوم على شبكة المعلومات عن طريق توجيه مئات الآلاف من الرسائل الإلكترونية إلى مواقع هذه الشبكات؛ مما يزيد الضغط على قدرتها على استقبال رسائل من المتعاملين معها، والذي يؤدي إلى وقف عمل الشركة.
ومثال لمواقع تعرضت للقصف الإلكتروني هو «موقع شركة أمازون» لبيع الكتب على الإنترنت، وأيضًا موقع شبكة «سي إن إن» للأخبار على الإنترنت؛ مما أدى إلى بطء تدفق المعلومات لمدة من الوقت.
وكذلك تدمير أنظمة المعلومات وهي محاولة اختراق شبكة المعلومات الخاصة بالأفراد أو الشركات العالمية أو المؤسسات العامة؛ بهدف تخريب نقطة الاتصال أو النظام عن طريق تصنيع أنواع من الفيروسات الجديدة التي تسبب كثيراً من الضرر لأجهزة الكمبيوتر والمعلومات التي تم تخزينها على هذه الأجهزة.
والتجسس الإلكتروني ومن أمثلة القرصنة المعلوماتية التي مارستها بعض الجهات الإرهابية للحصول على المعلومات العسكرية المخزنة في ذاكرة الحاسبات الآلية التابعة لوزارات الدفاع بالدول المستهدفة، ما حدث في صيف ١٩٩٤م، عندما تمكنت إحدى هذه المنظمات الإرهابية من سرقة معلومات عسكرية تتعلق بالسفن التي تستعملها الجيوش التابعة لدول أعضاء حلف شمال الأطلسي من أنظمة الحاسبات الآلية الخاصة بسلاح البحرية الفرنسية.
ومن الأمثلة الأخرى على نجاح ذلك الإرهاب الرقمي، ما قامت به حركة «الشباب الإسلامية» الصومالية التي استقطبت أشخاصًا للقتال عبر تلك الشبكات من أجل مهاجمة مركز تجاري في العاصمة الكينية - يروبي - في مارس ٢٠١٢م؛ الأمر الذي نتج عنه مقتل ٦٢ شخصًا واحتجاز عدد من الرهائن، وكان بعض منفذي تلك العمليات مواطنين أمريكيين، جندتهم الحركة عبر الإنترنت، وكانت منشورات تلك الجماعة على «تويتر» خلال الهجوم مصدراً لأخبار وسائل الإعلام، ووكالات الأنباء العالمية. 
إن الأمر جد مهم، ودعك من كيف يحارب الإعلام الإرهاب، وانتبه إلى كيف يدعم الإعلام الإرهاب، وكيف يستخدم الإرهابيون الإعلام عامة والإعلام الجديد خاصة، وذلك وحده بحاجة إلى جهود الباحثين لحماية الحضارة الإنسانية من أفكار مارقة حارقة ومنع تدفقها عبر وسائل الإعلام ووسائطه.

شارك