«ما بعد السَّلفيّة» يكتب نهاية أصدقاء «الإخوان»

الجمعة 29/يونيو/2018 - 03:26 م
طباعة «ما بعد السَّلفيّة» وليد منصور
 
أثار كتاب «ما بعد السلفية»، لمؤلفيّه «أحمد سالم أبوفهر»، وعمرو البسيوني، جدلًا واسعًا داخل المجتمع السلفي؛ خاصةً أنه حكم بانتهاء ما يُسمى بالسلفية في الفترة المقبلة، وقفول نجمها، بعد أن وصلت ذروة مجدها عقب ثورات الربيع العربي، واستطاعت أن تشارك في الحياة السياسية، وأن تكون أحد أهم المناهج المعاصرة التي تحتاج دراسة ورؤية.


ويناقش الكتاب مستقبل «المنهج السلفي»، وأهم القضايا التي يثيرها السلفيون من حين إلى آخر، كما يسلط الضوء على السلفية في مصر والسعودية، ويتكون من مقدمة، وإضاءة، وسبعة فصول، مقسمة على النحو التالي: «مصطلح السلفية، ومفهومها عند أتباعها، ونسبة السلفية إلى القرون الثلاثة الأولى، وعهد النبي ثم التابعين، وتابعي التابعين، وفهم السلفية، والمفهوم الصحيح للفرقة الناجية».


ويوضح الكتاب في مقدمته، أن السلفية لم تحل مشكلة كبرى، وهي عدم قدرتها على حل التنازع التأويلي للكتاب والسُّنَّة بالرد لأقوال السلف، ويرجع سبب ذلك إلى اختلاف وعدم ضبط أقوال السلف الصالح أنفسهم، ويحاول الكاتب في هذه المقدمة أن ينفي عن «المنهج السلفي»، أنه شامل ومتكامل، كما يدعي المنتسبون له.


ويذكر الكتاب أن السلفية متعددة بداخلها، وأصولها، ولها أنواع عدّة، وهي: «سلفية علمية، ودعوية، وجهادية، وحركية»، ويتحدث عن تنوع السلفيين وتفرقهم وتشتتهم، إلى العديد من الجماعات، وكل منهم يدعي الارتباط بمنهج السلف، وهو ما يشير إلى اختلافهم في فهم السلفية؛ ما سيؤدي إلى اندثارهم وانقسامهم في الفترة المقبلة، مستشهدًا بقوله تعالى في سورة الأنعام: «إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ»، وهنا لم يفرق الكاتب بين المنتسبين للسلفية والمنهج السلفي.


وينتقل الكتاب بعد المقدمة إلى جزء من الإضاءات، وهي كلام لعدد من الأعلام، منهم عبدالوهاب المسيري، الذي قال: إن الحداثة بالنسبة للإسلاميين، هي الحداثة الغربية بعد أن نكتب عليها «بسم الله الرحمن الرحيم»، كما نقل الكاتب عن الفيلسوف جان بودريار قوله: «إن كل فكرة ندافع عنها مشكوك في أمرها، وكل فكرة لا تدافع عن ذاتها بنفسها تستحق الموت»، ويحاول الكاتب بهذا، التشكيك في الفكر السلفي وثباته، في ظل المتغيرات الحديثة التي تطرأ عليه.


ويشير الفصل الأول، إلى «مفهوم السلفية»، بأنها كل ما كان عليه صحابة الرسول –صلى الله عليه وسلم- وينوّه بأن المقصود بالسلف هم أهل الحديث، كما عَرَّفَ السلفية بالشرع والاصطلاح.


وتطرق -في الفصل ذاته- إلى إمكانية تطبيق «مفهوم السلفية»، على «السلفية المعاصرة»، بكل فرقها وتجمعاتها، كما يشير إلى حقيقة مفهوم السلفية عند الفِرَق والجماعات، التي تطلق على نفسها لفظ أتباع السلف.


ويوضح الكتاب مفهوم الفرقة الناجية، التي ذكرها النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله: «ما أنا عليه اليوم وأصحابي»، كما يروي شعارات السلفيين عن السلفية، مثل: «كل خير في اتباع مَن سلف، وكل شر في ابتداع مَن خلف»، و«كتاب وسُنَّة بفهم سلف الأمَّة»، و«لن يَصلح آخِرُ هذه الأمة إلا بما صلَح به أوَّلها»، ويشير الكاتبان هنا إلى أن هذه الشعارات تختلف عما يحدث في الواقع.


ويتطرق الفصل الثاني إلى «تطور السلفية»، بدايةً من القرون الأولى، وهي: «عصر النبي -صلى الله عليه وسلم- وعهد الصحابة، ثم عهد التابعين»، وكذلك الجيل الرابع، وبدء تأسيس العقائد السلفية، بعد ظهور الفرق التي ضلت في مسائل العقيدة، مثل الخوارج، والشيعة.


ويتكلم الكاتبان في الفصل الثالث، عن مراحل تطور «السلفية المعاصرة»، وعن المملكة العربية السعودية، كمنصة لإطلاق السلفية في العصر الحديث، وعن كيفية انتقال السلفية إلى مصر، عن طريق محمد رشيد رضا ومجلته «المنار»، وكيف كانت الدولة السعودية الثالثة بقيادة عبدالعزيز آل سعود، هي المسؤولة عن السلفية في العالم كله.


«أنصار السُّنَّة» ونشر السلفية
كما يتحدث الكتاب عن دور «أنصار السُّنَّة المحمدية»، في انتشار السلفية في مصر، وعن كونها سببًا رئيسيًّا في تخريج علماء السلفية الموجودين الآن في مصر، أمثال محمد إسماعيل المقدم، ومحمد حسان، وكيف كانت الثورات العربية عاملًا في ازدهار التيارات السلفية ومشاركتها السياسية، كما أنها علامة على تراجع الانتماء إلى السلفية بعد وصولها للقمة، وبداية تشرذمها إلى كيانات وجماعات صغيرة، وستكون بداية الانهيار لها، كما ذكر حال السلفية في أوروبا وآسيا، وتونس وليبيا والسودان.


وتحدث الكتاب عن جماعة الإخوان، وما حدث في ثورة 30 يونيو 2013، وما كان بين السلفية والإخوان طول فترة الصحوة الإسلامية، والحركة الطلابية في منتصف السبعينيات.


ويذكر في الفصل الرابع، واحدًا من أهم أعلام السلفية، وهو الإمام ابن تيمية، الذي يُعتبر أحد أهم المجددين في الإسلام بالنسبة للسلفيين، كما يذكر سيرة الإمام محمد بن عبدالوهاب، وأثرها في تجدد التمسك بالسلفية قبل مائتي عام، وأثر الاتحاد الذي حدث بين الإمام «ابن عبدالوهاب» والدولة السعودية الأولى.


وفي ذات الفصل، يتكلم عن التكوين المعرفي للسلفية، وإشكالياته، واشتغال السلفيين بعلوم الفقه والحديث، وعلوم العربية، والعلوم الإنسانية بشكل عام.


وفي الفصل الخامس، تناول الكتاب السلفيات الموجودة في العصر الحديث؛ كالسلفية العلمية، والسلفية الجهادية، وتحدث عن رؤية الجماعات السلفية للعمل السياسي، والعمل المسلح، والحركات الثورية، كما تحدث عن علاقات السلفيين بالمجتمع والبيئة المحيطة.


وفي الفصل السادس، يتناول الكتاب عوامل تراجُع السلفية، أو كما يسميها عوامل «أفول السلفية»، ويُرجع هذه الأسباب إلى ضعف الأتباع، وفقدان السلفية لرموزها مثل «ابن باز، وابن عثيمين، والألباني»، كما أرجع تدهور حال السلفية في الفترة القادمة، إلى الانقسامات بين التيارات المنتمية للسلفيين، إضافة إلى دور الحكومات العربية والغربية في مواجهة السلفية.


وفي الفصل السابع والأخير، خصَّصاه للحديث عن «ما بعد السلفية»، وهو الفصل الذي حمل الكتابُ عنوانَه؛ يتحدث فيه عن البدائل التي ستُطرح بعد تراجع السلفية، وما هي الاتجاهات والمناهج التي ستحل محل المنهج السلفي، وأوضحا أن هناك دلائل تشير إلى سيطرة المنهج الأشعري والجماعات الصوفية، ورشح أنهم سيصبحون الأكثر انتشارًا في المستقبل، بعد انتهاء وتراجع السلفية.

شارك