دراسة.."ملف الملالي للصواريخ الباليستية" لايقل خطورة عن ملفها النووي

الجمعة 31/مايو/2019 - 09:49 ص
طباعة دراسة..ملف الملالي روبير الفارس
 
بدأت إيران في تطوير منظومتها الصاروخية في فترة ما قبل الثورة الإيرانية، فقد اتفق الشاه مع إسرائيل على تطوير صواريخ قصيرة المدى، بعدما رفضت واشنطن منحه صواريخ لانس، قدمت إيران التمويل وقدمت إسرائيل التكنولوجيا، في ذلك الوقت كانت إيران هي القوة العسكرية الجوية الأكبر في منطقة الخليج العربي، بامتلاكها “400” طائرة مقاتلة، لكن في فترة ما بعد الثورة، ونتيجة للقيود الغربية، فقد بدأت إيران تركز على تطوير الصواريخ الباليستية، هذا الأمر تم بوضوح منذ الحرب العراقية الإيرانية في ثمانينات القرن الماضي، وتمتلك إيران بالفعل واحدة من أكبر ترسانات الصواريخ الباليستية في منطقة الشرق الأوسط، إن لم تكن هي الأكبر بالفعل حول الوضع الحقيقي لهذه الصواريخ والمجالات الارهابية الايرانية التى تستخدم فيها كتب الباحث فراس الياس المتخصص في الشؤون الايرانية دراسة مهمة تحت عنوان "الصواريخ الباليستية… ذراع إيران الضاربة في الشرق الأوسط "نشرها مركز العراق الجديد  اكد خلالها تمكن  إيران من تطوير قدرتها على إطلاق الأقمار الصناعية لتكون واحدة من بين دولتين، الثانية هي إسرائيل، في منطقة الشرق الوسط التي تملك هذه القدرات المتطورة، وإن كانت إسرائيل تتفوق في قدرات الصواريخ الباليستية، لكنها تملك كمية صواريخ أقل مما تملكه إيران، فغالبية الصواريخ الباليستية مصدرها من خارج البلاد، وتحديداً من كوريا الشمالية، وأعلنت إيران مسبقاً أن سقف قدرات صواريخ أرض-أرض التي تملكها يبلغ حوالي “2000” كيلومتر، هذا المدى يتخطى بكثير المدى اللازم لوصول الصواريخ لإسرائيل والذي يبلغ “1200” كيلومتر فقط، بهذا أصبحت إيران الدولة الوحيدة التي تقوم بتطوير صاروخ باليستي بهذا المدى، دون أن تملك قدرات تسليح نووي
ويضيف الباحث قائلا بالإضافة إلى كون منظومة الصواريخ البالستية الإيرانية متقدمة نسبياً، إلا أن قوة إيران الجوية المتواضعة، وقدراتها البحرية الرمزية، جعلها تعتمد بشكل كبير على الصواريخ البالستية في قدرتها على تحقيق الضربات بعيدة المدى حيث  تبلغ الصواريخ الباليستية الإيرانية مديات مختلفة تتراوح مابين “45”2000- كيلو متر.
 قتل اليمنيين 
ووفقاً للموقع الرسمي للحرس الثوري الإيراني قال العميد حاجي زاده قائد القوة الجوية الفضائية التابعة للحرس الثوري الإيراني، في كلمة له في جامعة الإمام الحسين العسكرية، إن “إيران زادت من دقة الصواريخ وإنتاجها بناء على توصيات القائد العام للقوات المسلحة” أي المرشد علي خامنئي، وبينما ينص قرار “2231” الأممي على حظر إيران لإجراء التجارب الباليستية، وتطويرها الصواريخ بعيدة المدى، أو الصواريخ القادرة على حمل رؤوس نووية، أعلن رئيس هيئة الأركان الإيرانية في نوفمبر 2016، عن إنشاء مصانع للصواريخ تابعة للحرس الثوري الإيراني في سوريا، كما جربت إيران على الأقل “4” مرات تجارب على صواريخ حاملة رؤوس نووية، ولم تختصر تهديدات الصواريخ الإيرانية على التجارب الباليستية فحسب، فقامت تزويد الحوثيين في اليمن وحزب الله في لبنان بها، وكانت الميليشيات الحوثية ولا زالت تطلق صواريخ إيرانية الصنع ومن مختلف المديات على المملكة العربية السعودية إلى جانب تزويد مليشيا حزب الله في العراق بمجموعة من صواريخ مورتر إيرانية الصنع، والتي إستهدفت بها المملكة العربية السعودية في نوفمبر 2013.
ولمواجهة خطر الصواريخ الباليستية الإيرانية، شدد تقرير أعده باحثون في المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية، على أهمية نشر نحو “55” بطارية باتريوت في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي، لحمايتها من خطر الصواريخ الباليستية الإيرانية، مقترحين إستخدام نظام “ثاد” أيضاً لتحقيق فاعلية قصوى، وأكد البروفسور توبي دودج، وهو زميل أول وباحث إستشاري بالشرق الأوسط في المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية، خلال ندوة نظمها المعهد بمناسبة صدور تقريره حول “مشروع الدفاع الصاروخي في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية ضد تهديدات ومخاطر الصواريخ الباليستية الإيرانية”، أن الصراعات في المنطقة سواء في سوريا أو في اليمن توفر مختبراً جيداً لإيران، لإختبار صواريخها في حروب حقيقية، وقال: “يمثل حزب الله والحوثيون معامل جيدة للتجارب الإيرانية”، لكن دودج أكد أن إيران عندما تستخدم صواريخها الباليستية ضد دول مجلس التعاون لن تكون الوحيدة التي تطلق الصواريخ في الخليج، في إشارة إلى تدخل الولايات المتحدة ودول حليفة، إضافة إلى منظومة الدفاع الجوي المتطورة التي تمتلكها دول المجلس وعلى رأسها المملكة العربية السعودية للرد على الصواريخ الإيرانية، وتطرق إلى مثال واقعي للصواريخ المصنعة إيرانياً، فنظام الدفاع الجوي السعودي إستطاع أن يعترض جميع الصواريخ التي تم إطلاقها من اليمن بنجاح، وتابع:”كلما كان هناك نسبة تكامل كانت النتائج أفضل”، وأضاف أن أفضل طريقة لمنع إيران من إطلاق الصواريخ وردعها، هي فرض مزيد من العقوبات عليها، بسبب برنامجها للصواريخ الباليستية، داعياً دول الخليج لبناء منظومة دفاعية لإعتراض صواريخ إيران الباليستية، وردع أي هجوم صاروخي قد تقوم به إيران، وقال دودج:”في عالم ما بعد الإتفاق النووي، فإن شراء إيران لهذا النوع من الصواريخ سيزيد”، منوهاً إلى أهمية الإتفاقية العسكرية بين دول مجلس التعاون، مثل قوات درع الجزيرة التي تتخذ من المملكة العربية السعودية مقراً لها، والتي يمكن البناء عليها في زيادة التكاتف العسكري بين دول المجلس.
كما نشر معهد الشرق الأوسط الروسي دراسة تناول من خلالها برنامج الصواريخ الباليستية الإيرانية، التي تعتبرها الولايات المتحدة وإسرائيل تهديداً مباشراً للأمن والإستقرار العالمي، ومحاولة من إيران للسيطرة على منطقة الشرق الأوسط، وقد ورد في ملخص الدراسة أن السلطات الإيرانية تعتبر الصواريخ الباليستية مصدر قوّتها الوطنية، وأحد أهم مكونات القوة المسلحة الإيرانية التي تمكن إيران من الدفاع عن نفسها أمام أي هجمات محتملة من قبل الأعداء المتربصين بها، في المقابل تعدّ الولايات المتحدة وحليفتاها الرئيسيتان في الشرق الأوسط؛ المملكة العربية السعودية وإسرائيل، إمتلاك إيران لهذه الصواريخ مبرراً لمحاولة ردعها والحد من نفوذها، وفقاً لما ذكر آنفاً تعمل إيران بإستمرار على تحسين ترسانتها الصاروخية، كما تعمل على توسيع مدى صواريخها وتحسين أدائها، ومع ذلك لا تزال قدرة إيران على التصنيع منقوصة؛ إذ تعجز عن تحديد الأهداف البعيدة بدقة؛ وهو ما كشفت عنه عمليات إطلاق مجموعة من الصواريخ البالستية من داخل الأراضي الإيرانية بإتجاه مدينة دير الزور السورية في 18 يونيو 2017، لذلك يعمل الإيرانيون على تحسين أنظمة التحكم التي تمكنهم من الوصول إلى الأهداف البعيدة بدقةٍ عالية
 وقال فراس  ان موضوع تطوير الصواريخ الباليستية الإيرانية يحظي بأهمية كبيرة، إذ أعلن أمير علي حاجي زاده قائد القوة الجوية الفضائية عن إنهاء العمل على بناء ثالث منشأة لصناعة الصواريخ الباليستية تحت الأرض في مدينة ديزافول الإيرانية، والتي شهدت معارك شراسة أثناء الحرب العراقية الإيرانيةهذا إلى جانب تأكيده على الإستمرار بتطوير القدرات الصاروخية لإيران، حتى الوصول إلى حالة الردع المطلوبة إيرانياً..
عملت إيران على إجراء العديد من التجارب الصاروخية خلال فترات متعددة، منها التجربة التي قامت بها في 27 يوليو 2017، إذ أعلنت إيران عن نجاح تجربة إطلاق صاروخ باليستي نوع “سيمروغ”، والقادر على على حمل قوة تفجيرية تزن “250” كبلوجراماً، وبإرتفاع يصل إلى “500” كيلوا متراً، علما أن هذه التجربة جاءت بعد أيام من فرض واشنطن عقوبات على طهران، بسبب خرقها لبنود الإتفاق النووي، كما أن هذه التجربة جاءت متزامنة مع الإحتفال الذي أقيم خلال إفتتاح “مركز الإمام الخميني للفضاء”، حيث تعمل إيران على إستثمار هذا المركز في مجال الصناعات الخاصة بتطوير الصواريخ الباليستية. 
وشهدت عمليات الإطلاق المستمرة للصواريخ الباليستية التي تقوم بها إيران، حالة من الإستقطاب الدولي، خصوصاً من جانب الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا والمانيا وبريطانيا، والتي طلبت بدورها الأمم المتحدة بإتخاذ خطوات أشد تأثير حيال العمليات الإيرانية الإستفزازية، وضرورة إلزامها بالتقييد ببنود الإتفاق النووي، إذ وصفت هذه الددول الأربع بأن التجربة الصاروخية التي قامت بها إيران في 27 يوليو 2017، لاتتفق مع قرارات مجلس الأمن الدولي الصادرة بحق إيران عام 2015، وأن على الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتبرس، أن يمارس أدواره بالحفاظ على الأمن والسلم الدوليين من تهديدات إيران الصاروخية
الأمر الذي لابد من الإشارة إليه، هو أن التصاعد الإيراني في تطوير الصواريخ الباليستية، يمثل هدف إستراتيجي إيراني بعيد المدى، إلى جانب كونه إحدى مصادر القوة التي تستند إليه العقيدة القتالية للقوات المسلحة الإيرانية، نظراً لرؤية صانع القرار الإيراني بأنها يمكن أن تكون البديل الناجع عن البرنامج النووي الإيراني، بل أن الواقع الدولي اليوم يشهد خلافاً إيرانياً إقليمياً دولياً متصاعداً عنوانه “ملف إيران للصواريخ الباليستية”، بنفس القوة والتأثير والحراك الذي أثاره ملفها النووي، وبالـتأكيد هذا سينعكس سلباً على دورها الإقليمي ومكانتها الدولية، نتيجة العقوبات الدولية المستمرة التي تفرض عليها، فبعد الرفع الجزئي للعقوبات الدولية على إيران على إثر توقيع الإتفاق النووي مع القوى الكبرى، جاءت معظم قررات الإدانة الدولية الصادرة عن مجلس الأمن الدولي بحق إيران، نتيجة تجاربها الصاروخية المستمرة، والتي بدأتها مع الإيام الأولى لتولي ترامب للسلطة، فالتصعيد الأمريكي حيال إيران بفعل صواريخها الباليستية أخذ هو الآخر منحاً تصاعدياً، سواءً على مستوى التحركات الأمريكية في الشرق الأوسط، أو على مستوى القدرات التسليحية للقوى الإقليمية كالمملكة العربية السعودية، التي تمتلك اليوم أحدث منظومة دفاع جوي في المنطقة، أو حتى على مستوى العقوبات المفروضة على إيران، فمستوى العقوبات تحول من عقوبات إقتصادية ومالية، إلى تحشدات عسكرية في مضيق هرمز اليوم، وبالتالي هذا ما سيجعل إيران تدخل في دوامة جديدة من الضغوط الدولية والإقليمية، وهو ما سينعكس على أوضاعها الداخلية الصعبة، فضلاً عن فرض مزيداً من القيود على تحركاتها الدولية، بوصفها دولة مهددة للأمن والسلم الدوليين، ودخول هذا المتغير كمحدد أخر لإستراتيجيتها الإقليمية.

شارك