عمليات عسكرية على الأرض وتهديدات متبادلة بين طالبان وواشنطن

الخميس 12/سبتمبر/2019 - 12:42 م
طباعة عمليات عسكرية على حسام الحداد
 
أعلن الجيش الأفغاني مقتل اثنين من كبار قادة حركة "طالبان" في إقليم فرياب شمال أفغانستان إثر غارة جوية، ونقلت وكالة أنباء "خاما برس" الأفغانية اليوم الخميس 12 سبتمبر 2019، عن بيان لـ"فيلق شاهين 209" التابع للجيش الأفغاني، أنّ قوات الأمن نفذت الغارة الجوية في مقاطعة ألمار بإقليم فرياب، موضحا أنّ الغارة أسفرت عن مقتل الملا دامالا ساروار رئيس حكومة الظل لطالبان في مقاطعة ألمار، إضافة إلى مقتل الملا قطب الدين قائد الوحدة الحمراء لطالبان في الإقليم نفسه.
وأشار الفيلق إلى أنّ الغارة أسفرت أيضا عن مقتل 3 مسلحين آخرين من الحركة، إضافة إلى تدمير مركبة تابعة لها، فيما نفذت القوات الخاصة الأفغانية سلسلة من العمليات خلال الأربع وعشرين ساعة الماضية، أسفرت عن مقتل واعتقال 15 مسلحا من عناصر حركة طالبان.
وأوضحت القوات الأفغانية في بيان اليوم، أنّ القوات الخاصة قتلت مسلحين اثنين من طالبان واعتقلت اثنين آخرين كما تمكنت من تدمير مخزن صغير للأسلحة في إقليم بلخ شمال أفغانستان، مشيرة إلى مقتل اثنين من مسلحي طالبان واعتقال 4 آخرين خلال عملية نفذتها القوات الأفغانية في إقليم بغلان شمالي البلاد.
وأوضحت القوات الأفغانية أنّ القوات الأفغانية الخاصة تمكنت من تدمير مخزن للأسلحة تابع للتنظيم المسلح في إقليم أوروزجان جنوب أفغانستان، كما اعتقلت 5 مسلحين آخرين خلال عملية شنتها في إقليم لوجار جنوب البلاد، بينما لم تعلق الجماعات المسلحة المناهضة للحكومة الأفغانية -ومن بينها طالبان- على هذه الأنباء حتى الآن.
وقد كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد حذر أمس الأربعاء من أن ما يصفه بأنه هجوم عسكري أميركي لم يسبق له مثيل على طالبان في أفغانستان سيستمر، بعد خمسة أيام فقط من إلغاء محادثات السلام مع هذه الحركة.
وقال ترامب في حفل بمناسبة الذكرى 18 لهجمات 11 سبتمبر، إن القوات الأميركية "ضربت خلال الأيام الأربعة الماضية ... عدونا بصورة أقوى مما تعرضوا له من قبل وستستمر في ذلك".
وقال إن الأمر بشن الهجوم صدر بعد أن ألغى محادثات السلام السرية مع طالبان في نهاية الأسبوع ردا على هجوم أسفر عن مقتل جندي أميركي الأسبوع الماضي.
وكان ترامب قد أعلن الاثنين أن مفاوضات السلام بين الولايات المتحدة وحركة طالبان الأفغانية انتهت إلى غير رجعة وباتت بحكم "الميتة".
وجاء هذا الإعلان بعد إلغاء ترامب خطة سرية لنقل قادة طالبان جوا إلى واشنطن لإجراء محادثات مباشرة في منتجع كامب ديفيد الرئاسي خلال عطلة نهاية الأسبوع.
وحتى عطلة نهاية الأسبوع، كانت التوقعات تشير إلى التوصل لاتفاق يخفض عدد الجنود الأميركيين في أفغانستان، مقابل تقديم طالبان ضمانات أمنية لإبقاء الجماعات المتطرفة خارج البلاد.
وفي أول رد فعل لها على إعلان الرئيس دونالد ترامب إيقاف محادثات سرية، قالت حركة طالبان الأحد 8 سبتمبر 2019، إن قرار الرئيس ترامب إلغاء محادثات السلام مع قادتها سيؤدي إلى إزهاق أرواح مزيد من الأميركيين وخسارة مزيد من الأصول الأمريكية. 
وقال ذبيح الله مجاهد المتحدث باسم الحركة في بيان "سيعاني الأميركيون أكثر من أي طرف آخر بسبب إلغاء المحادثات". وأضاف أن المحادثات كانت تجري بصورة سلسة حتى أمس السبت، وأن الجانبين اتفقا على عقد محادثات بين الأفغان في 23 سبتمبر أيلول.
ومن جهته قال مكتب الرئيس الأفغاني أشرف غني اليوم الأحد إن السلام الحقيقي لا يمكن أن يتحقق إلا عندما توقف حركة طالبان العنف وتجري محادثات مباشرة مع الحكومة.
وفاجأ الرئيس الأميركي دونالد ترامب الجميع مساء السبت 7 سبتمبر الجاري، بإعلانه إلغاء إجتماع قمة كان مقررا عقده سرَّا مع قادة حركة طالبان الأفغانية ووقف "مفاوضات السلام" الجارية معهم منذ عام، في وقت بدت على وشك التوصل إلى اتفاق تاريخي ينهي نزاعا مستمرا منذ 18 عاما.
وكشف ترامب أنه كان من المفترض أن يلتقي "قادة طالبان الرئيسيين وبشكل منفصل رئيس أفغانستان (أشرف غني) بشكل سرّي الأحد في كامب ديفيد".
وكان هذا اللقاء غير المسبوق سيعقد قبل أيام من الذكرى الثامنة عشرة لاعتداءات 11 سبتمبر 2011 التي أدت إلى الغزو الأميركي لأفغانستان بهدف إسقاط نظام طالبان لاتهام الحركة بإيواء تنظيم القاعدة. ويعد مجرد طرح إمكانية عقد مثل هذا اللقاء وجها لوجه تأكيدا لـ"دبلوماسية القمة" التي ينتهجها ترامب.
وكتب الرئيس الأميركي على تويتر "كانوا في طريقهم الى الولايات المتحدة هذا المساء" لكن "ألغيتُ الاجتماع على الفور". 
وأوضح مبررا قراره "وضع حد لمفاوضات السلام" أن طالبان "اعترفوا للأسف باعتداء في كابول أسفر عن مقتل أحد جنودنا العظماء و11 شخصا آخر، سعيا منهم لتكثيف الضغط". 
وأضاف "أي نوع من الناس يقتلون هذا العدد من الاشخاص من أجل تعزيز موقعهم التفاوضي؟ لم يحققوا ذلك، بل جعلوا الأمور أسوأ". وختم "إن لم يكن باستطاعتهم قبول وقف إطلاق نار خلال مفاوضات السلام هذه البالغة الأهمية، وهم في المقابل قادرون على قتل 12 شخصا بريئا، فهم على الأرجح لا يملكون الوسائل للتفاوض على اتفاق مجد" متسائلا "عن مدى كم من العقود يريدون الاستمرار في القتال؟". 
وكان الاعتداء الذي وقع الخميس ثاني عملية خلال أيام في العاصمة الأفغانية يتبناها المتمردون رغم "الاتفاق المبدئي" الذي أعلن المفاوض الأميركي زلماي خليل زاد التوصل إليه معهم خلال مفاوضات الدوحة. وعرض خليل زاد هذا الاتفاق في مطلع الأسبوع على الرئيس غني في كابول.
وكان ترامب الذي وعد بـ"وضع حد للحروب التي لا تنتهي"، أعطى الضوء الأخضر قبل عام لعقد هذه المفاوضات المباشرة غير المسبوقة مع طالبان، مقتنعا بضرورة سحب جنوده قبل خوضه انتخابات 2020، من نزاع كبّد الولايات المتحدة كلفة طائلة بالأرواح والأموال.
هذا الأمر أثار مخاوفا لدى قسم من المراقبين ومن الطبقة السياسية الأميركية من أن يوقع الرئيس "اتفاقا سيئا" سعيا منه لتسريع الأمور قبل خوض حملته الانتخابية، وذلك رغم الإجماع العام على ضرورة وضع حد للنزاع. وحذر عدد من السفراء الأميركيين السابقين في أفغانستان في رسالة مفتوحة الثلاثاء من انسحاب عسكري تام قبل إحلال السلام فعليا في البلاد.

شارك