انقسامات جبهة النصرة.. "أبوأشداء" يكشف فضائح "الجولاني" داخل الهيئة

الجمعة 13/سبتمبر/2019 - 01:59 م
طباعة انقسامات جبهة النصرة.. أميرة الشريف
 
أعلنت "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً) اعتقال القيادي البارز في صفوفها، أبو العبد أشداء، بعد مقطع فيديو ظهر فيه أشداء كاشفاً عن فساد واسع في الهيئة التابعة للقاعدة، وكذلك انشقاقات بالجملة.
وظهر أبو أشداء في فيديو تحت عنوان "كي لا تغرق السفينة"، والذي انتقد فيه قادة الهيئة بشكل كبير، الكثير من الخلاف في أوساط الهيئة ومؤيديها، فمنهم من اعتبر "أبو العبد أشداء" محقاً في انقاده، ومنهم من اعتبر أن توقيت ظهوره، قد يتسبب بشق الصف، غير أن الكثيرين تسائلوا من هو "أشداء" هذا.
وفي تسجيل مصور مدته 20 دقيقة، كشف فيه أخطاء الهيئة وخباياها، وحمّل قادتها الهزيمة التي لحقت بجميع الفصائل، والتي أدت إلى سيطرة النظام على كامل ريف حماة ومدينة خان شيخون بريف إدلب ، الأمر الذي دفع مراقبين للشك بوجود انقسام كبير داخل الهيئة، وخروج زمام الأمور من قبضة "الجولاني"، بينما اعتبرها آخرون خطة لبدء حل الهيئة من الداخل.
وتردد اسمه للمرة الأولي في بداية عام ٢٠١٤، في وسائل الإعلام اسم "مجاهدو أشداء" عندما بثت الكتيبة تسجيلاً مصوراً يظهر قائدها أبو أحمد الحلبي، برفقة بعض عناصره وهم يجلدون اثنين من أصحاب المحال التجارية في حي السكري بحلب.
لم تكن الكتيبة معروفة قبل ذلك خارج الحي الذي تأسست فيه على يد قائدها الحلبي، الذي قال في الفيديو إن سبب جلد الرجلين هو عدم إغلاق متجريهما خلال وقت صلاة الجمعة، وإن هذا هو حكمهما الصادر عن الهيئة الشرعية في حلب، لكن الأخيرة أنكرت علمها بالقضية، بينما تبرأت حركة أحرار الشام الإسلامية من الحادثة، ما جعل الكتيبة تغادر الفصيل بصمت، لتنضم إلى حركة الفجر الإسلامية.
وبدأ اسم "لواء مجاهدو أشداء" يتردد على نطاق أوسع خلال العامين ٢٠١٥ و٢٠١٦، على الرغم من إصابة قائده أبو أحمد الحلبي واعتزاله العمل العسكري في وقت لاحق.
وقالت بعض الحسابات المقربة من الهيئة في بيان لها، "تم القبض على أبو العبد أشداء بعد رفضه تسليم نفسه للقضاء العسكري للنظر في أمره، عقب صدور الكلمة المرئية له"، التي فضح فيها أيضاً خفايا اتفاقات سرية، منها تواطؤ قيادات كبيرة بالهيئة قبل هجوم للنظام السوري.
وفصلت الهيئة أشداء، وهو قائد "كتلة حلب" في صفوف هيئة تحرير الشام والإداري العام لـ"جيش عمر بن الخطاب"، ويعتبر من قادة الصف الأول في الهيئة التي لا تزال تسيطر على مساحات من إدلب في سوريا، وكذلك أحيل للقضاء العسكري قبل أن يتم توقيفه لرفضه تسليم نفسه وفق البيان.
وتحت عنوان "كي لا تغرق السفينة"، ويقصد بذلك الحفاظ على التنظيم متماسكاً، تحدث القائد المفصول عن ما قال إنها خفايا اتفاقات سرية وعلنية وسرقات اقتصادية وإدارة فاشلة للمنطقة التي تسيطر عليها النصرة، منتقداً سياسة الهيئة في عدة مجالات، ومنها سوء الحالة الاقتصادية للمقاتلين والمدنيين على حد سواء من خلال أساليبها في سحب المقدرات التي تدر دخلاً على المناطق الخاضعة لسيطرة "تحرير الشام" في الشمال السوري، وفق قوله.

وجاء في الشريط المصور الذي بثه أشدّاء قال القيادي المفصول "لم تعد هيئة تحرير الشام مشروع أمة ولا أصحاب منهج ولا جماعة ولا تيارا، بل استبد بها أشخاص حول الفصيل لحقل تجارب شخصية أقاموا حكومة ومجالس صورية ومن يخالفهم الرأي يتم تهميشه وتخوينه، كما أن الهيئة لم تحترم عقول المشايخ وعلمهم وقامت بتزوير انتخابات مجلس الشورى".
كما اتهم قيادة الهيئة بـ"سطحية نظرتها في إدارة شؤون المناطق الخاضعة لسيطرتها، وتهميش ومعاداة أهل الكفاءة والخبرة، وحولت قيادة الهيئة الفصيل إلى مملكة خاصة لهم وأقربائهم وأصدقائهم يعينونهم في أهم الفصائل، ما أدى لانشقاقات بالجملة على شكل مجموعات وأفراد وكوادر"، وفق تعبيره.
وأضاف أن "معيار التعيين الذي تتخذه الهيئة هو معيار الولاء للقيادة، وعند حصول أي شكوى أو ظهور فساد أحد الأمراء تقوم الهيئة بعملية الكرسي الدوار، وهي تغيير منصب الأمير أو نقله من قطاع لآخر أو من مفصل لآخر، والأمير صاحب الولاء التام للهيئة من الممكن أن يحصل على عشرة مناصب".
في سياق متصل، اتهم القيادي مسؤوليه في الهيئة بأنهم "كانوا على علم بنية هجوم النظام على محور قلعة المضيق وكفرنبودة قبل شهرين ولم يقوموا بالإجراءات والتجهيزات المناسبة".

أما في الشق المالي والاقتصادي فقال إن "الهيئة أول تشكيلها تسلمت مبلغاً قدره 100 مليون دولار أميركي"، دون أن يفصح عن الجهة الداعمة، ووصف الهيئة بأنها "من أغنى الكيانات (..) لكن التكلم في الحقوق والأموال خط أحمر، كلما طالبنا الهيئة والقطاعات والمفاصل العسكرية بالأموال تقول إن الأموال تذهب في كذا وكذا ثم يتبين مع الأيام عدم المصداقية".
أيضاً، كشف أشدّاء أن "هم الهيئة جمع المكوس وفرض الضرائب وجمع الزكاة ومصادرة أموال المنظمات واحتكار التجارات".
وبحسب مراقبين فإن كشف خبايا الهيئة وأخطاء قادتها وتقاعسهم في الدفاع عن الشمال في هذا الوقت، ربما يكون مقدمة لانقلاب داخلي على القائد العام للهيئة "الجولاني"، فقد ركز "أشداء" على تحميل كافة الأخطاء للقيادة العليا في الهيئة مؤكداً تفاني الجنود في القتال على الجبهات.
ويري أخرون أن فيديو "أشداء" لا يعدو كونه خطة من خطط "الجولاني" ذاته، حيث يكون خروج قيادي بهذا الحجم لكشف أخطاء الهيئة،  عبارة عن إرهاصات لحلها بشكل كامل، نزولاً عند رغبة "الشعب" أمام الإعلام، وهو في الحقيقة نتيجة الضغوطات من الضامن التركي.
تصريحات أبو أشداء جاءت بالتزامن مع حديث عن شرط روسيا على تركيا، حل الهيئة بشقيها العسكري والسياسي، مقابل وقف الحملة على الشمال.

شارك