المعارض الكردي «دميرطاش».. سجين يخيف أردوغان من وراء القضبان

الثلاثاء 17/سبتمبر/2019 - 03:17 م
طباعة المعارض الكردي «دميرطاش»..
 
في ظل ما تعانيه تركيا من انقسامات تضرب حزب «العدالة والتنمية» الحزب الحاكم، وتحت ضغط الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد، إضافة لسياسة الفساد المستشري في البلاد والقمع والاعتقالات التي يواجهها المعارضون لسياسة الرئيس التركي «أردوغان»، يستميت الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في محاولات لا تتوقف للحفاظ على شعبيته التي تتهاوى يومًا بعد آخر، ولا يجد أردوغان لاستعادة بريقه المفقود سوى التنكيل بأي شخص يعارضه، وتحديدًا بالمعارضين من الأكراد الذين يرفضون بشدة سياسات الرئيس التركي.
دميرطاش.. الصيد الجديد لأردوغان
يأتي السياسي الكردي «صلاح الدين دميرطاش» كصيد جديد في شباك أردوغان، حيث ترفض السلطات التركية الإفراج عنه رغم صدور حكم من محكمة الاستئناف بتركيا بالإفراج عن «دميرطاش»، ونقضها حكم السجن الصادر بحقه، الأمر الذي دفع بمحاميه يوم 14 سبتمبر الحالي، بمطالبة سلطات تركيا بإطلاق سراح «دميرطاش» فورًا، بعد أن أمضى ثلاث سنوات في السجن، استنادًا لقرار سابق صدر عن محكمة في أنقرة يقضي بإطلاق سراحه.
ففي مطلع سبتمبر الجاري أمرت محكمة منطقة سنجان الواقعة قرب أنقرة،، أثناء جلسة لم يحضرها «دميرطاش» بالإفراج عن السياسي الكردي المتهم بقيادة منظمة إرهابية وبـالدعاية الإرهابية والتحريض على ارتكاب جرائم، ووضع على إثرها في الحبس المؤقت في إطار المحاكمة في نوفمبر 2016 وإذا ثبتت التهم بحقه كان سيواجه عقوبة تصل إلى السجن لـ142 عامًا.
ورفضت محكمة الجنايات بالعاصمة أنقرة، طعن النيابة العامة، على قرار الإفراج عن «دميرطاش» الذي كان يرأس حزب الشعوب الديمقراطي الكردي، وأيدت الدائرة الـ19 من المحكمة نفسها، رفض طلب الطعن، مؤكدة أن قرار الإفراج عنه صحيح ويتوافق مع الأصول والقوانين. لذا فإن هذا الأمر يثير تساؤلًا حول أسباب التعنت التركي في عدم الإفراج عن السياسي الكردي البارز «صلاح الدين دميرطاتش»؟.
متهم بالمعارضة
يذكر أن «دميرطاش» صدر في حقه حكم نوفمبر عام 2016 بتهمة "الدعاية لتنظيم إرهابي"، بالسجن 4 سنوات و8 أشهر، وتأتي هذه التهمة بعد أن تحدث السياسي الكردي  في البرلمان عن أن «أردوغان» كان على علم مسبق بالانقلاب، لكنه انتظر وقوعه حتى يستفيد من نتائجه.
بيد أن «دميرطاش» كان رئيس حزب الشعوب الديمقراطي الذي تم تأسيسه عام 2012، وخاض الحزب تحت رئاسته انتخابات البرلمان عام 2015 كحزب مستقل، وتحدى «أردوغان» حينها قائلًا: "لن نسمح لك بفرض النظام الرئاسي"؛ وحقق الحزب نجاحًا في انتخابات نوفمبر 2015 بالحصول على ما نسبته 13,01 % ليمثله 57 نائبًا في البرلمان، دفع ذلك الرئيس التركي لمعاقبته على نجاح الحزب، وأخضعه للتحقيقات بتهم هزلية من قبيل «احتقار أردوغان» و"تبني أجندة حزب العمال الكردستاني". 
وزج «أردوغان» به إلى السجن بتهم ملفقة حتي يستطيع أن ينفذ سياسته بدون أية معارضة، لكن ذلك لم يمنع «دميرطاش» من الترشح لانتخابات الرئاسة التي عقدت في يونيو 2018 وقاد حملته الانتخابية من خلف القضبان، وانتهت الانتخابات بفوز «أردوغان» مجددًا بالرئاسة، ليتحول نظام الحكم في البلاد عقب ذلك إلى النظام الرئاسي الذي وسع من صلاحيات الرئيس على حساب البرلمان.
وقد هاجمه «أردوغان» على الترشح للانتخابات الرئاسية، قائلًا «هل حزب الشعوب يعاني من إيجاد مرشح للانتخابات الرئاسية، واندفع إلى تقديم مرشح إرهابي من المعتقل»، ورد عليه «دميرطاش»، قائلًا :إن "أردوغان مجرد شخص يرى في السياسة وسيلة لتحقيق سلطة شخصية، ويرى نفسه زعيمًا دينيًّا للخلافة الإسلامية".
المحكمة الأوروبية تطالب بإطلاق سراحه
بعد أن قضي مدة من الحكم، بعث «دميرطاش» بشكوى إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، حول انتهاك حريته الشخص، وحرية التعبير، والأمن، وحقه في الانتخاب والترشح، وفي نوفمبر 2018، أمرت المحكمة الأوروبية تركيا بإطلاق سراحه في أسرع وقت ممكن، معتبرةً أن توقيفه المطول يأتي في سياق "الهدف غير المعلن، بخنق التعددية في تركيا"، وقضت المحكمة الأوروبية بأن تركيا انتهكت حرية تعبير المعارض الكردي بإدانته جنائيًّا بسبب إبداء وجهة نظره خلال مقابلة تلفزيونية.
وقالت المحكمة إنها بعد التحقق من تصريحات تلفزيونية لـ"دميرطاش" تعود لعام 2005 "رأت أن تلك التصريحات بمجموعها لا يمكن النظر إليها على أنها تتضمن دعوة لاستخدام العنف، أو دعوة للمقاومة المسلحة أو التمرد، ولا يمكن اعتبارها خطابًا محرضًا على الكراهية".
دلالات التعنت التركي
ما سبق يوضح أن «أردوغان» يواصل استهداف المكون الكردي، وذلك باتخاذ إجراءات للحد من نفوذهم السياسي وتهدف إلى توجيه تهم تتعلق بالإرهاب لقيادات كردية دون دليل واضح، فإضافة لاعتقال السياسي الكردي «دميرطاش» قد قام في أغسطس الماضي بإقالة رؤساء بلديات من مدينة «ديار بكر» الكردية وتعيين موالين له.
ولتوضيح أسباب هذا الأمر، أشار «أحمد العناني» الباحث المتخصص في الشأن التركي في تصريح لـ«المرجع»، الى أن «أردوغان» لا يحترم مؤسسات الدولة ويلقي القبض على أي معارض بتهم باطلة من أجل ضمان عدم معارضته.
وأضاف «العناني» أن السياسي الكردي «دميرطاش» من أكبر معارضيه، والرئيس التركي يخشي إذا أطلق سراحه، أن تجتمع حوله المعارضة في الداخل والخارج، مما قد يؤثر بشكل كبير على شعبيه «أردوغان»؛ خاصة في ظل الانقسامات الواقعة داخل حزبه الحاكم، ولهذا يعمل الرئيس التركي على خطف الدولة لصالحه، ورأي أن الوسيلة المناسبة هي التوسع من صلاحياته وقمع المعارضة.

شارك