كتاب: «داخل جيش الرعب».. شهادات حول تصعيد «داعش»

الثلاثاء 01/أكتوبر/2019 - 01:15 م
طباعة كتاب: «داخل جيش الرعب».. نهلة عبدالمنعم
 
في ظل التقارير المتواترة عن احتمالية عودة «داعش» أو بالأحرى أيديولوجيته العنيفة التي تتبلور من جماعة إلى أخرى، قدم الكاتبان «مايكل فايس» و«حسن حسن» مطبوعتهما «داعش: داخل جيش الرعب»، والتي جاء بها حصيلة معايشتهما للأوضاع بالداخل السوري، فالأول كان مسؤولاً عن تغطية الأحداث في البلد التي مزقتها الحرب، أما الباحث الثاني فهو سوري الأصل من منطقة البوكمال الحدودية التي شهدت معارك عنيفة.
بدأ الكتاب الصادر عن مؤسسة «Phaidon Press» العالمية للنشر، مقدمته بالإشارة إلى نهايات عام 2011، وما خلفته الثورة السورية وباقي ما عرف بثورات الربيع العربي من سقوط للدول وللأنظمة السياسية والأمنية والجيوش الوطنية؛ ما ترك فراغًا يسمح بتمدد التنظيم الذي كان بالأساس موجودًا، وفي طور التنامي بسبب ما نجح به الاحتلال الأمريكي للعراق في تأجيج الصراع «السني - الشيعي»، وخلق مبررات للاقتتال والحشد تحت استراتيجية محاربة العدو الأجنبي.
الأساس القاعدي
لفت كتاب «ISIS: Inside The Army of Terror» إلى أن تنظيم القاعدة ومبعوثه في العراق «أبو مصعب الزرقاوي» مهدا لداعش ووحشيته، فالأصل هي فكرة بناء تنظيم دولي يستحوذ على السلطة في الأراضي الشاسعة بالعراق وسوريا استغلالًا للأوضاع.
وبحلول أواخر التسعينيات قرر تنظيم القاعدة، بالاتفاق بين أسامة بن لادن ورفاقه، تجهيز أحد الرجال المناسبين لإحياء التنظيم بالعراق واستغلال الحرب الأمريكية هناك لحشد العناصر باسم الدفاع عن الإسلام، وتأجيج الصراع الطائفي بين السنة والشيعة، واستنادًا لما تلقاه الزرقاوي من تدريب عسكري وتأهيل استخباراتي وفرته له خصيصًا معسكرات القاعدة على الحدود الباكستانية، استطاع تكوين مجموعة مدربة ومؤهلة عسكريًّا بشكل جيد لتنفيذ الخطط الإرهابية.
وبعد التربية المتطرفة لـ«أبي بكر البغدادي» وبعض العناصر الخطرة على يد الزرقاوي في سجن بوكا أثناء الاحتلال الأمريكي في العراق، بات التنظيم جاهزًا عسكريًّا وأيديولوجيًّا للانضواء تحت لواء الجماعة الإرهابية الأقوى، ونظرًا لاستفحال قوة «داعش» بالداخل انضم لها الكثير من العناصر المؤهلة قاعديًّا بالأساس.
الدور الإيراني في تصعيد داعش
وجه الباحثان إلى ضرورة عدم نسيان الدور الإيراني في تمهيد أرض العراق لاحتضان الميليشيات الإرهابية، إذ لفت الكتاب إلى إدارة طهران حرب بالوكالة ضد واشنطن في العراق، فمن خلال احتضان عناصر القاعدة، ومنحهم الدعم الأمني لاستكمال تدريباتهم العسكرية لدخول البلاد تم تقوية شوكة التنظيم بالبلاد.
بالإضافة إلى ذلك، يأتي دور طهران في زراعة ميليشيات شيعية متطرفة بالداخل لقيادة حرب طائفية بالبلاد تزيد الصراعات الداخلية، وتسبب خسائر أفدح للقوات الأمريكية ما أنهكها بالفعل، وتسبب في خسارة كبيرة لها سواء مادية أو بشرية، وعلى المستوى الوطني أدى ذلك إلى تفتت القوى الأمنية والمجتمعية للبلاد، وسمح للعناصر المتطرفة بالتوغل ونشر أيديولوجياتهم للعناصر الأخرى؛ ما دعم ظهور داعش بالنهاية.
الأيديولوجية الإخوانية
وشكل ظهور أبو بكر البغدادي في 2014، وإعلانه قيام دولته المزعومة في سوريا والعراق صدمة للأوساط السياسية والإعلامية، ولكنه طبقًا لما سبق استفاد من المقدمات المضطربة بالبلاد، ومن أبرز المتغيرات في هذا الشأن، ذكر الكتاب استنادًا على شهادات العديد من الباحثين والصحفيين العاملين بالعراق أن البغدادي كان خلال فترة دراسته الجامعية على علاقة ما بـ«جماعة الإخوان».
وأدى ذلك الانخراط إلى تكوين مفاهيم «البغدادي» حول السلفية الجهادية ومحاربة الأنظمة وإسقاط الدول وتفتيت جيوشها الوطنية، كما أنه خلال تلك الفترة تعرف على أحد أقطاب الجماعة ممن سافروا في التسعينيات من القرن الماضي إلى أفغانستان للمشاركة في الحرب التي كانت دائرة هناك، وانضم فيما بعد للمجموعة التي أسسها هذا الإخواني بعد عودته للبلاد، وكان البغدادي أبرز عناصر هذه المجموعة.
فالفترة التي قضاها البغدادي بسجن بوكا وتعامله مع عناصر وقيادات القاعدة لم تكن كبيرة، لذا يعول الباحثان على جماعة الإخوان في تنشئة البغدادي على هذا النهج، وجعله أكثر ليونة من حيث تقبل الأفكار الإرهابية.
سقوط سوريا

أضاف الكتاب أن سقوط الأراضي السورية بقبضة تنظيم داعش جاء عن طريق إرسال مجموعة من ثمانية أشخاص، من بينهم أبو محمد الجولاني إلى محافظة الحسكة في شمال شرق البلاد في أغسطس 2011، وذلك بمساعدة أجهزة استخبارات بعض الدول؛ لاستكشاف وتمهيد الأوضاع لبلورة التنظيم، ومنذ ذلك الحين، بدأ الجولاني ومجموعته في التجهيز لإنشاء فرع للتنظيم بسوريا؛ استغلالًا للأوضاع المضطربة هناك، ومن ثم إعلان الدولة المزعومة بسوريا والعراق، بينما تطور الأمر إلى هيئة تحرير الشام التي أعلنها الجولاني، فيما بعد هيئة إرهابية مستقلة، ولكنها لاتزال تنفذ أجندات خارجية بالبلاد.
شهادات داخلية
شهادات حصل عليها المؤلفان من عناصر تم أسرها من قبل التنظيم أو بعض الصحفيين الذين نجوا من هذه المعركة، وتمت الإشارة إلى أن قيادات داعش عند حديثها عن الدين بدت لكثير من المتعايشين مع الأوضاع كمؤلفين لدين جديد لا يمت للإسلام الصحيح بصلة، ولكنها أفكار خاصة بعقيدتهم فقط، ليتمكنوا من خلالها من السيطرة على المواطنين هناك.
ويلزم هذه الأفكار الغريبة «قوة إقناع»، وهو ما أكدته الروايات المختلفة، فالتنظيم اختار بعناية مجموعة لديها ملكة الإقناع والتأثير؛ من أجل إلقاء الخطب للناس، والتأثير عليهم إعلاميًّا أيضًا، وهو ما ظهر بقوة في فيديوهات الجماعة، والتي انتشرت بشدة إبان سيطرة داعش.
كما استطاع التنظيم من خلال هذا النهج أن يسيطر على بعض العناصر التي لم يكن لديها ارتباط حقيقي بالشريعة الإسلامية، حتى إن بعض المنضمين لم يكن مسلمًا بالأساس، ولكن الإبهار اللفظي والحركي الذي اعتمده التنظيم نجح في استقطاب الكثيرين.

شارك