بعد القضاء على داعش.. هل باع «ترامب» الأكراد لـ«أردوغان»؟

الأربعاء 09/أكتوبر/2019 - 01:57 م
طباعة بعد القضاء على داعش.. شيماء حفظي
 
تقوم السياسة بشكل عام على لغة المصالح، تلك التي تتغير وفقا لمتطلبات وقتية، لكن قوات سوريا الديمقراطية المعروفة بـ"قسد" - التي تحمي مخيمات الدواعش – ربما لم تحسب تغير موقف واشنطن تجاهها بهذه السرعة، إذ تواجه صدمة كبيرة حاليًا، بسبب تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الداعمة للتدخل التركي في الشمال السورى، والتي سينتج عنها بشكل أساسي تضرر الأكراد.
هذا الموقف يأتي بعد أشهر قليلة من إعلان التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة هزيمة تنظيم "داعش" في العراق وسوريا، والذي كان قائمًا بدعم أساسي من القوات الكردية.
ووسط أنباء عن اجتياح تركي للحدود، تعتزم "أنقرة" إقامة "منطقة آمنة" في الشمال السوري، والهدف عمليًا هو إقامة شريط بعمق 30 كيلو مترًا وبطول نحو 500 كلم، يمتد من الفرات إلى الحدود العراقية، ويفصل بين الحدود التركية ومواقع قوات سوريا الديمقراطية، لكن الإشكالية هي أن تركيا تعتبر الأكراد إرهابيين مثل تنظيم داعش، وتراهم امتدادًا لحزب العمال الكردستاني الذي يخوض تمردًا ضدها مستمر منذ عام 1984.

وفي حين يهدد الرئيس التركى رجب طيب أردوغان بتلقين الأكراد درسًا، تتعهد أنقرة بمنع إنشاء منطقة كردية تتمتع بالحكم الذاتي على طول الحدود مع سوريا، بدعم مساعي من تصفهم أنقرة بــ«المعارضة السورية»، للسيطرة على واحدة من المناطق الحدودية الأخيرة التي لا تسيطر عليها وحدات حماية الشعب الكردية.

وطردت تركيا مقاتلي وحدات حماية الشعب من منطقة "عفرين" السورية ومناطق أخرى غربي نهر الفرات في حملات عسكرية خلال العامين الماضيين، وتهدد الآن باجتياح المناطق الواقعة شرقي النهر، الأمر الذي تجنبته قبل ذلك لأسباب من بينها تحاشى المواجهة المباشرة مع القوات الأمريكية.

مع تراجع حدة التصريحات الأمريكية – التي ترى الآن دوافع للقلق التركي بشأن حدودها – وتعهد أنقرة بتولي حماية الحدود بعد الانسحاب الأمريكي، ربما يضع  ذلك وحدات حماية الشعب الكردية في المواجهة المباشرة، خاصة في مدينة "منبج".

وبسبب التهديدات التركية، سبق وانسحبت قافلة من المقاتلين الأكراد من "منبج" المضطربة في الشمال السوري، بالقرب من أراضٍ تسيطر عليها تركيا، بعد تهديدات أنقرة باجتياجها بريًا.

وتشغل البلدة الواقعة على بعد نحو 30 كيلومترًا من الحدود التركية، موقعًا حساسًا على خريطة الصراع السوري، لقربها من ملتقى مناطق نفوذ كل من روسيا وتركيا، و- حتى الآن- الولايات المتحدة .

والمنطقة الآمنة، مقترح "ترامبى"؛ كتبه فى تغريدة على موقع التواصل "تويتر" الإثنين 7 أكتوبر، قائلًا: «سنهاجم مجددًا من قاعدة مجاورة حالية إذا أعادت عناصر داعش تشكيل صفوفها.. سندمر تركيا اقتصاديًّا إذا ضربت الأكراد.. أقيموا منطقة آمنة بعرض 20 ميلًا.. وبالمثل، لا نريد أن يستفز الأكراد تركيا».

وترى قوات سوريا الديمقراطية أن الدعم الأمريكي لأطماع "أروغان" هو "عدم وفاء" أمريكي بالتزاماتها تجاه الأكراد، محذرة من الفراغ الذي سيتركه سحب القوات الأمريكية من المنطقة.

ويحتد الصراع داخل الإدارة الأمريكية، حول دعم الأكراد ضد أطماع أردوغان، منذ نحو 10 أشهر، حين أعلن الرئيس الأمريكي في يناير الماضي، نيته الانسحاب من سوريا وتسليم راية مواجهة "داعش" إلى الرئيس التركي.

ورغم إعتراضات كثيرة طالت استعانة "ترامب" بـ"أردوغان"؛ لكن الأول أصر على أن تركيا تستطيع وسط ضمان أمريكي التعامل مع الداخل السوري في ظل وساطة بينها وبين قوات سوريا الديقراطية تشمل الأكراد هناك، ولذا فإن الأوضاع التركية المحلية حاليًا قد تعطل حتى تنفيذ هذا الاتفاق.

وتسعى الولايات المتحدة إلى سحب قواتها الخارجية سواء في سوريا أو أفغاستان، بعد حروب دامت لنحو 17 عامًا.

يقول الكاتب الصحفي كون كولين في صحيفة "ديلي تيليجراف" البريطانية، إنه لا يمكن التخلي عن الأكراد، والغرب مازال بحاجة للقوات الكردية، التي كان لها دور أساسي في القضاء بشكل كامل على تنظيم "داعش"، لكنهم يخشون اليوم هجومًا من تركيا.

وأضاف أن الأكراد أثبتوا للغرب خلال الفترة الطويلة التي قاتلوا فيها التنظيم أنهم من أكثر الحلفاء ولاءً، وأشار إلى أن تعاون الأكراد مع الأمريكيين والقوات البريطانية الخاصة ساهم في تحرير أكثر من 99% من الأراضي الذي كان يسيطر عليها التنظيم في شمالي العراق وسوريا.

وأردف كاتب المقال: أن هناك الكثيرَ الذي يجب القيام به لمنع إعادة ترتيب التنظيم أوراقه واستعادة نشاطه، مضيفًا أن الجماعات الكردية لها دور مهم وحيوي في التصدي لبقايا التنظيم.

وأوضح الكاتب الصحفي كون كولين، أن الأتراك يخشون أن يتجرأ الأكراد بعد نجاحهم على أرض المعركة بالعمل على إحياء حملتهم للمطالبة بالاستقلال بعد انسحاب وانتهاء مهمة قوات التحالف، كما رأى أن تنظيم "داعش" سيكون المستفيد الأول لأن أولولية المقاتلين الأكراد هي الدفاع عن أراضيهم في حال شعروا بأنهم مهددون من الجيش التركي.

شارك