كيف استفاد «داعش» من العملية العسكرية التركية في الشمال السوري؟

الأحد 20/أكتوبر/2019 - 06:58 م
طباعة كيف استفاد «داعش» معاذ محمد
 
تسببت العملية العسكرية «نبع السلام» التي تنفذها تركيا في الشمال السوري، والتي بدأتها منذ 9 أكتوبر 2019، في العديد من الخسائر لكلا الجانبين (أنقرة وقوات سوريا اليدمقراطية «قسد»)، غير أن هناك طرفًا ثالثًا استفاد منها بشكل كبير، ومن الممكن أن يكون هذا الأمر سببًا في انطلاقة جديدة له، وهو تنظيم داعش الإرهابي.
وفي هذا الصدد، أصدرت وحدة التقارير والدراسات بالمركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب، السبت 19 أكتوبر 2019، تقريرًا جديدًا تحت عنوان: «كيف استفاد تنظيم داعش من العمليات العسكرية للجيش التركي شمال سوريا؟»، كشف فيه عن المكاسب التي جناها التنظيم من تدخل أنقرة في الشمال السوري لإقامة ما يسمى بـ«المنطقة الآمنة».

علاقة «نبع السلام» بـ«البغدادي»
ووفقًا للتقرير، فإن عملية «نبع السلام» تزامنت مع دعوة زعيم تنظيم «داعش» أبو بكر البغدادي، في رسالة صوتية، 16 سبتمبر 2019، لعناصره إلى إنقاذ مقاتليه وعائلاتهم المحتجزين في السجون والمخيمات، متوعدًا بـ«الثأر» لهم.
وأوضح التقرير، أن الجيش التركي قصف محيط أحد السجون الذي يحتجز فيه أخطر عناصر تنظيم «داعش».
وقال مصطفى بالي، مدير مركز الإعلام لقوات سوريا الديمقراطية: إن السجن يأوي «أخطر الجهاديين»، الذين تم اعتقالهم في القتال ضد التنظيم.
وأشار تقرير المركز الأوروبي، إلى أن مجلة «دير شبيغل» الألمانية، أثبتت في 4 أبريل 2019 عبر عملية بحث استقصائية، عثر خلالها على «وثائق رسمية»، أن تركيا كانت «دولة العبور المثالي» بالنسبة لمقاتلى داعش، مؤكدة أن أكثر من 100 جواز سفر لمقاتلي التنظيم من 21 دولة، أسرتهم القوات الكردية، وأن الجوازات ليس بها خاتم خروج من تركيا، مما يعني أنهم لم يغادروا أنقرة رسميًّا.
وذكر التقرير، أن العلاقات المشبوهة بين تركيا وداعش ذهبت إلى احتفاظ التنظيم بتمثيل داخل أنقرة، يساعده على الاستمرار في استقبال المسلحين الأجانب، ويسهل مرورهم إلى المناطق الحدودية مع سوريا.
وشدد تقرير المركز، على أن السلطات التركية تغاضت عن بيع عناصر من «داعش» للنفط المهرب لمشترين أتراك، مما يؤكد أن أنقرة تمول التنظيم الإرهابي لتدمير المنطقة من جهة، وتمتلئ جيوب النظام بالأموال من جهة أخرى.

مكاسب المقاتلين الأجانب
وبحسب التقرير، فإن بول فان تيجشيلت، رئيس الوكالة المعنية بتقييم المخاطر الأمنية في بلجيكا، أعلن أن 2 من مقاتلي «داعش» من ذوى الجنسية البلجيكية  المحتجزين في شمال سوريا تمكنا من الفرار، بعد شن تركيا هجومها في الشمال السوري.
كما أكد  جان إيف لو دريان، وزير الخارجية الفرنسي، أن 9 فرنسيات هربن من مخيم خاضع لسيطرة الأكراد في شمال غربي سوريا، إضافة إلى أن عناصر تنظيم «داعش» المحتجزون في سجن عين عيسى بريف الرقة الشمالي شنوا عصيانًا انتهى بإحراق السجن، وتمكن العديد منهم من الفرار.
وكانت صحيفة «ديلي بيست» الأمريكية، نقلت في 16 أكتوبر 2019، عن كريستيان إستروسي، رئيس بلدية مدينة «نيس» الفرنسية، تحذيره من تجدد الهجمات في باريس، موضحًا أن «الجهاديين مثل أدريان جيهال، والذين حملوا السلاح ضد فرنسا، قادرون على إعادة تنظيم أنفسهم والبدء من جديد».
ووفقًا للصحيفة، فإن «جيهال» كان «صوت داعش» الذي أعلن مسؤوليته عن العديد من الهجمات الإرهابية الكبرى، وبحسب الصحيفة فإنه تم اكتشاف بريد إلكتروني مشفر استخدمه شخص مطلع عليه، أشار إلى أن خمسة أشقاء فروا من سجن القامشلي الذي يسيطر عليه الأكراد، وأن أحدهم كان «أبو أسامة الفرنسي الاسم المستعار لجيهال».
وكانت قوات سوريا الديمقراطية «قسد»، أعلنت في 25 مايو 2018، أنها اعتقلت أدريان جيهال، الذي كان مجموعة تابعة لتنظيم «داعش» في سوريا، وشارك في هجمات باريس ونيس بفرنسا عامي 2015 و2016.

3 معسكرات لـ«داعش» بالمنطقة
وأكد التقرير، أن السبب الأساسي لعملية «نبع السلام» هو الحول دون أن يرسخ الأكراد وجودهم في الشمال السوري، ولا يستطيعون إنشاء ممر موازي للحدود مع تركيا، إضافة إلى بناء المنطقة الآمنة داخل سوريا، يمكن توطين مليوني لاجئ سوري تستضيفهم في الوقت الراهن بها.
وشدد المركز الأوروبي في تقريره، على أن الهدف من العملية ليس مكافحة تنظيم  «داعش»، مما سيؤثر سلبًا على علاقات الرئيس التركي بالغرب، منوهًا إلى أن المنطقة التي تستهدفها أنقرة بها ثلاثة معسكرات محتجز بها عناصر التنظيم وعائلاتهم  .

إعادة تنظيم الصفوف
وشدد التقرير، على أن الهجمات التركية على مناطق احتجاز مقاتلي التنظيم، قد تؤدي إلى فرار المئات منهم، مما سيشكل سبباً لانتعاش «داعش» وتنظيم صفوفهم مجدداً، مشيرًا إلى أنه من الممكن أن يستغلوا فرارهم من السجون للقتال بجانب تركيا ضد الأكراد، أو ينتقلون إلى العراق، أو العودة إلى أوطانهم الأصلية لاسيما أوروبا.
وأكد المركز الأوربي، أنه في ظل الغزو التركى قد تتعرض أوروبا لموجة جديدة محتملة من المهاجرين واللاجئين، ولن تستطيع دول القارة السيطرة عليها .
وشدد التقرير، على ضرورة وقف العملية العسكرية التي تقوم بها تركيا في الشمال السوري، والعودة إلى السبل الدبلوماسية، إضافة إلى فرض سلسلة من العقوبات على أنقرة ومسؤولين أتراك حاليين وسابقين، وإعادة النظر في علاقات دول الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو مع تركيا.
وبجانب ذلك، أكد المركز الأوروبي في تقريره، عدم الموافقة على أي مبيعات جديدة لأسلحة عسكرية قد تكون عُرضة للاستخدام في الهجوم ضد الأكراد في سوريا، ووقف المفاوضات بشأن اتفاق دخول أنقرة إلى الاتحاد الأوروبي.
وأعلنت تركيا وأمريكا، الخميس 17 أكتوبر، عن تعليق العمليات العسكرية التي أطلقتها أنقرة في سوريا، لمدة 120 ساعة، بعد لقاء مايك بنس، نائب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، غير أن قوات سوريا الديمقراطية «قسد» كشفت السبت 19 أكتوبر 2019، عن اتساع اعتماد أنقرة في الأيام الحالية على عناصر تنظيم «داعش» الفارين من السجون، لتنفيذ عمليات عسكرية ضد مواقع ومدن شرق الفرات، ضمن محاولة لخرق اتفاق وقف إطلاق النار.

شارك