السياسة التركية الخارجية.. الكوارث والأخطار تحدق بأوروبا

السبت 09/نوفمبر/2019 - 01:06 م
طباعة السياسة التركية الخارجية.. محمود محمدي – محمد عبدالغفار
 
نظّم مركز دراسات الشرق الأوسط بباريس، الجمعة 8 نوفمبر 2019، ندوة تحت عنوان «السياسة الخارجية لتركيا ونتائجها الكارثية على أوروبا»، في العاصمة الفرنسية باريس.



وجاءت الندوة بمشاركة كل من: رئيس مجلس إدارة مركز دراسات الشرق الأوسط الدكتور عبد الرحيم علي، والمدير التنفيذي لمركز دراسات الشرق الأوسط الدكتور أحمد يوسف، والكتاب بيير بيرتولوه، ورولاند لومباردى، وجواكيم فليوكاس، وجارين شنورهوكيان.



كما حضر الندوة لفيف من الخبراء والمهتمين بشؤون الشرق الأوسط وأوروبا، وعدد من الصحفيين العرب والفرنسيين.

تجنيد أردوغان

وفي مستهل الندوة، أرجع الدكتور عبد الرحيم علي، رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط بباريس، العلاقة بين تنظيم الإخوان وأنقرة إلى أوائل ستينيات القرن الماضي، حينما نشر القيادي الإخواني التركي والأب الروحي للإخوان الأتراك «نجم الدين أربكان» البيان (المانيفستو)، الخاص بتأسيس فرع للجماعة في تركيا، والذي أطلق عليه آنذاك «ميللي جوروش»، وهي كلمة تركية تعني «الرؤية الوطنية»، هذا البيان الذي تأثر فيه أربكان بقيادي تنظيم الإخوان المصري سيد قطب.



وتابع «علي»، عقب ذلك البيان (المانيفستو) مباشرة أنشأ أربكان في ألمانيا، حركة تحمل نفس الاسم، والتي تحول اسمها عام 1995 ليصبح «المجتمع الإسلامي مللي جوروش» (IGMG) ثم انتشرت حركة المجتمع الإسلامي «مللي جوروش» في جميع أنحاء أوروبا، وبات لها العديد من الأفرع في هولندا وبلجيكا وفرنسا والنمسا والمملكة المتحدة، وفي كل تلك الدول تمتلك حركة الـ«ميللي جوروش»، وتسيطر على مئات المساجد.



وقال رئيس دراسات الشرق الأوسط بباريس، عام 1970 نظمت حركة الندوة العالمية للشباب الإسلامي (WAMY)، التي يسيطر عليها تنظيم الإخوان، أول معسكر شباب لها في شمال قبرص، كان أحد المسؤولين في حركة الندوة العالمية حينها، عضو تنظيم الإخوان المصري كمال الهلباوي، وكان أحد المشرفين على معسكر قبرص، وكتب الهلباوي تقريرًا سريًّا حول المعسكر قال فيه: إنه رأى اثنين من الشباب الأتراك يستشرف فيهما روح القيادة، كان هذان الرجلان التركيان الذي تحدث عنهما الهلباوي هما رجب طيب أردوغان وعبد الله جول.

انفصال أردوغان عن «أربكان»

وأوضح رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط بباريس: أنه منذ أن أسس أربكان حركة الـ«ميللي جوروش»، بدأ في تهيئة الأرضية المناسبة في تركيا لتمكين الإسلام السياسي، ففي عام 1970 أسس حزب النظام الوطني (MNP)، الذي لم يلبث وأن تم حله عام 1971، ومن ثم بدأ أربكان في تأسيس حزبه الثاني عام 1972 الذي عُرف باسم حزب السلام الوطني (MSP)، الذي كان مصيره الحل أيضًا عام 1980، عندما استولى الجيش التركي على مقاليد الأمور في البلاد.



ولكن «أربكان» لم ييأس، فقد عاد مرة أخري عام 1983 بحزب جديد أسماه حزب الرفاه (RF)، الذي حظرته المحكمة الدستورية العليا في تركيا بسبب انتهاكه لبنود الدستور التي تفصل بين الدين والدولة، وحينما كان أربكان وأردوغان وجول محظورين من ممارسة السياسة، قام أعضاء آخرون في حزب الرفاه بتأسيس حزب الفضيلة (FP)، وذلك في أواخر عام 1997، الذي تم حظره أيضًا عام 2001 عن طريق المحكمة الدستورية التركية.



وتابع رئيس دراسات الشرق الأوسط بباريس، حينما تم السماح لأربكان وأردوغان وجول بالعودة إلى الحياة السياسية مرة أخرى، كان هناك انشقاق واضح بين الجيل القديم بزعامة أربكان والجيل الأحدث في الحركة مثل أردوغان وجول، لذا أصبح أربكان زعيم حزب السعادة عام 2001، بينما بدأ كل من أردوغان وجول في تأسيس حزبهما العدالة والتنمية (AK) في العام نفسه.



وأضاف «علي»، توفي أربكان عام 2011، ولكننا نستطيع أن نقول إن الفكر الإسلامي الذي كتبه أربكان في ستينيات القرن الماضي في بيانه الخاص (المانيفستو)، هو القاعدة الأساسية لحزب العدالة والتنمية الذي أنشأه وترأسه أردوغان فيما بعد، وهو ذاته الفكرة والأيديولوجية التي تستند إليها الحركة الإسلامية التي تحمل اسم «الميللي جروش» والتي أنشئت أساسًا في أوروبا، إلا أنها توسعت ونشطت في الولايات المتحدة وأستراليا، وخرج كل من أردوغان وجول من رحم الـ«ميللي جوروش» (MG)، إلا أنهما انفصلا عنها بسبب صراعات الدائرة الداخلية لأربكان التي كانت تركز على المكاسب المادية لحركة الـ«ميللي جوروش» في أوروبا؛ حيث بلغ دخلهم من الحركة مليون يورو شهريًّا من ألمانيا فقط.

مخطط غزو أوروبا

وكشف عبد الرحيم علي، عن إحدى برقيات السفارة الأمريكية في أنقرة عام 2004، وصفت المنتمين لحركة «ميللي جوروش»، بالصلف، وأنهم يعرضون الإسلام في مواجهة الديمقراطية، ويتعاملون مع العالم باعتباره متآمرًا ضد الدين الإسلامي، لافتًا إلى أنه في نفس البرقية أشارت السفارة إلى أن فرع الـ«ميللي جوروش»، المنتمي لحزب العدالة والتنمية يعتبر أقلية لا تأثير لهم بدون الحزب، إلا أنهم يظلون مؤثرين على المستوى الإقليمي داخل تركيا، أما بخصوص الدائرة الداخلية للعدالة والتنمية، فقد رصدت المخابرات الأمريكية أن عبد الله جول هو المقرب من الـ«ميللي جوروش» بأفكاره وأيديولوجيته، بينما يبتعد رجب طيب أردوغان أكثر إلى منطقة الوسط.



وأكد «علي»، أنه كان أحد أهم أولويات أردوغان هي إلحاق تركيا بالاتحاد الأوروبي، وأنه قال في حديث له عام 2004 أمام أكثر من 3 ملايين تركي أن تركيا بالفعل داخل أوروبا، مشيرًا إلى أن التقديرات تقول «آنذاك»: إن حوالي 7 -10 ملايين تركي يعيشون بالفعل في أوروبا، وبدأ أردوغان في ذلك الوقت الدفع بالفعل بتركيا إلى داخل أوروبا، وبالتزامن مع ذلك قام القائد العام للقوات المسلحة باتخاذ قرار عدم تدخل القوات المسلحة بعد ذلك في السياسة التركية، وكررها في كلمات واضحة وصريحة عام 2002 حينما أكد: «لن يحدث انقلابات عسكرية في تركيا مرة أخرى»، إذا كان ذلك ما تريده أوروبا لكي نلتحق بالاتحاد الأوروبي، وكان العسكريون يؤكدون للجميع أننا لن نتدخل مرة أخرى في السياسة التركية في مقابل إدخال تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، وإلا سيسيطر الإسلاميون على السلطة، ولكن يبدو أن أوروبا وأمريكا كانت لهم رؤية أخرى.

أسلمة المؤسسات التركية

وكشف رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط بباريس، أن أردوغان خلع قناع الوسطية عندما وجد أن أحدًا من القادة الأوروبيين لا يريد الاقتناع به، وسرعان ما انقلب الرجل ١٨٠ درجة على مبادئه الوسطية التي ظل يروج لها في صفوف مؤسسات صناعة القرار الأوروبية، وأظهر حقيقته الإخوانية المحضة كأحد أعضاء التنظيم الدولي للإخوان -الفرع التركي- المسمى «ميلي جروش».



وتابع «علي»: «فقد أحدث أردوغان تغييرًا كبيرًا في المسار داخل وخارج تركيا عام 2007، عندما أصبح حزب العدالة والتنمية هو الحزب الحاكم، وأصبح أردوغان رئيسًا للوزراء، وزميله عبد الله جول رئيسًا لتركيا، وأرسل الرجل تعليمات وتوجيهات جديدة إلى السفارات التركية تقضي ببدء عملية أسلمة المؤسسات التركية، وعلى مستوى أقل، حصل أعضاء الـ«ميللي جوروش» على وظائف شبه حكومية، وامتلكوا الشركات في الغرب مثل شركة الخطوط الجوية التركية، كما تم توجيه السفارات بالتعامل والتنسيق مع الـ«ميللي جوروش»، في دول مثل ألمانيا وهولندا والنمسا وبلجيكا وفرنسا، ولم يقبل بعض السفراء تلك التوجيهات والقرارات الجديدة، وقدموا استقالاتهم، وطلب البعض الآخر بحق اللجوء السياسي في الدول التي كانوا يمثلون بلادهم بها.



أما على الجانب الدعوي، فكانت رئاسة الشؤون الدينية والمعروفة باسم ديانت، هي المعقل الأساسي ضد الإسلام السياسي داخل تركيا لكن منذ عام 2007، وبسبب التدفق الهائل لأعضاء حزب العدالة والتنمية وأعضاء الـ«ميللي جوروش» داخل ديانت، بات شبه مؤكد تغير مؤشر البوصلة فيها، وأصبحت حتى خطب الجمعة في المساجد التي تسيطر عليها رئاسة الشؤون الدينية والمساجد التي تسيطر عليها الـ«ميللي جوروش» واحدة، نفس النمط ونفس الأسلوب بل ونفس الأفكار، لم تعد ديانت هي الحصن والمعقل ضد الإسلام السياسي، بل أصبحت المنطلق والركيزة الأساسية في أدوات الإسلام السياسي للسيطرة على مساجد تركيا، وعلى الأتراك الموجودين في المهجر أيضًا، وكانت المشكلة الوحيدة أن الحكومات الغربية ليس لديها حل لما حدث واستمروا في التعامل مع ديانت، ولم يتعاملوا مع الميللي جوروش، لكن النتيجة واحدة، فكلهم أصبحوا سواء.

سقوط حلم الخلافة

وقال عبد الرحيم علي، إنه حينما وصل الإخوان إلى سدة الحكم في مصر عقب أحداث يناير 2011 سافر العديد من الأعضاء البرلمانيين للإخوان المصريين والمسؤولين الحكوميين للتدريب في تركيا، وأعطى ما سمي بالربيع العربي لأردوغان الأمل في أن تركيا سوف تلعب دورًا مهما في الشرق الأوسط، فبدأ في تحويل إسطنبول لكعبة التنظيم الدولي في جميع أنحاء العالم، فنظم العديد من التنظيمات التابعة للتنظيم الدولي العديد من الفعاليات والاتفاقيات في إسطنبول، ومن بين تلك المنظمات، المركز الأوروبي للفتوى والأبحاث، والاتحاد العالمي للعلماء المسلمين، واتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا.



وتابع «علي»، منحت تلك الاجتماعات التي عقدت في إسطنبول التنظيم الدولي للإخوان حرية واسعة في التعبير، والحديث بما يجول في صدورهم دون حرج من شيء؛ حيث إن اجتماعات أوروبا كانت دائمًا ما تكون مراقبة من الحكومات هناك، بينما في تركيا لا شيء يضغط عليهم ويضطرهم لاستخدام لغة ثنائية وبراجماتية كما اعتادوا على ذلك في أوروبا.



وأردف: أردوغان شارك في التخطيط للاستيلاء على مصر ضمن مشروع التنظيم الدولي للإخوان المسمى «بالخلافة الكبرى»، وفي هذا الإطار بدأ توافد رجال الأعمال الأتراك إلى مصر آملين في مستقبل مشرق، إلا أن طموحاتهم وآمالهم راحت أدراج الرياح بعد عام واحد، حينما قامت ثورة 30 يونيو، وانحاز الجيش المصري لمطالب الجماهير الغفيرة، وتم إنهاء حكم الإخوان بعد عام واحد فقط من حكمهم.

الأزمة السورية

وقال رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط بباريس: إن تركيا دخلت على خط الأزمة السورية في محاولة لإيجاد موضع قدم بعد فقدانها الأمل في مصر؛ حيث يمتلك الإخوان السوريون مقرًّا لهم في إسطنبول، وبدأ أعضاء الإخوان السوريين في ترتيب أوضاع دخول أردوغان لسوريا، وأصبح بعض من قيادات الجماعة زعماء لتنظيمات إرهابية في حماة وحلب وحمص، ورتبوا الأوضاع لاستقبال الأسلحة التي اشتروها من البلقان.



وتابع «علي»: «تلك الأسلحة الموجودة في ليبيا دخلت أيضًا من تركيا، ولم يكتف أردوغان بذلك، وإنما حول تركيا إلى ملاذ آمن للإخوان المصريين، الذين فروا من مصر عقب سقوط حكمهم على الرغم من وجود مقر لهم في لندن، إلا أن السواد الأعظم توجه إلى إسطنبول؛ حيث أتيح لهم الإمكانات اللازمة لإنشاء العديد من المنافذ الإعلامية، وحسابات مواقع التواصل الاجتماعي لاستخدامها في الهجوم المستمر على النظام المصري، الذي تحول إلى شوكة في ظهر أحلام أردوغان للسيطرة على المنطقة.



واستطرد رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط: «كما أصبحت تركيا هي ملتقى المنظمات التابعة للتنظيم الدولي للتنسيق فيما بينهم، والتخطيط لغزو أوروبا».

«لومباردي»: روسيا منعت تغلغل الأفكار المتطرفة وأردوغان لم يعد مدعومًا سوى من دويلة قطر



بدوره، قال رولاند لومباردي، الباحث في شؤون الشرق الأوسط: إن الإخوان والحركات السلفية ممنوعة في روسيا منذ عام 1970، والحركات الصوفية هي السائدة في روسيا منذ تلك الفترة حتى الآن.



وأكد «لومباردي» أنه خلال الفترة الماضية كانت هناك عدة صراعات بين العالم المعاني، مشيرًا إلى أن الثورات العربية أضافت بعض هذه الصراعات للتاريخ الفترة الماضية، مؤكدا أن تركيا دعمت هذه الثورات العربية؛ لنشر الفوضى، وسوريا أبدت شيئا من القلق تجاه هذه التحركات التركية نحو الشرق الأوسط، وتركيا كانت تسعى إلى قلب النظام، ووضع عنصر لجماعة الإخوان في سوريا، لافتًا إلى أن أردوغان من الإخوان المسلمين في تركيا.



وأردف «لومباردي» أن تركيا دعمت الإخوان في سوريا والحركات المسلحة والجماعات الإرهابية خلال الفترة الماضية.



وأردوغان لم يعد مدعومًا إلا من دويلة قطر، رغم أن هناك أيضًا حديثًا في تركيا وإيران، وكلاهما ضعيف أكثر مما نتوقع، كما أقول في الأخير أن التأثير التركي في العالم العربي والإسلامي محدود جدًّا بالمقارنة مع التأثير الذي يبديه المحور المصري والإماراتي والسعودي، والذي يظهر كنموذج في الوطن العربي.



وأكد أن روسيا دعمت الرئيس السوري؛ لأنهم لم يجدوا أي حلول أخرى يمكن أن يقوموا بها، كما دفعوا الأكراد للتواجد مع الجيش السوري خلال الفترة الأخيرة، لذا ذهب أردوغان وتحرك بصورة سريعة، كي يمنع التواصل والتفاهم ما بين الأكراد والحكومة السورية عبر روسيا، وهو ما تم في الفترة الأخيرة في شمال سوريا.



الرئيس الأسد كان يرفض إعطاء تقرير المصير للأكراد رغم  دحرهم لتنظيم داعش الإرهاب، ولكني أعتقد أن خروج أمريكا من المنطقة وذهاب الأكراد إلى الروس، فإننا سوف نرى تعاونًا أكبر ما بين الأكراد والجيش السوري، وهو ما يدفعنا للتساؤل حول مصير منطقة كردستان، لذا فإن الأكراد الآن في وضعية ضعيفة، ولن يستطيعوا سوى الانصياع لما تقوله موسكو، والدبلوماسيين الروس استطاعوا جمع كل الأفراد على نفس الطاولة، وهو أمر جيد بالنسبة لهم.



إن ما تسمى المعارضة السورية لم تعط أية صورة منظمة لنفسها، وظهرت في الأخير في صورة ميليشيات إرهابية تسعى لإقامة ما تدعوه دولة الخلافة، لذا فإن سقوط نظام الرئيس بشار الأسد فيعني وصول هؤلاء المتشددين للحكم.



لذا رفض الروس التخلي عن الأسد؛ لأن وجود نظام إسلاموي سوف يدفع دول القوقاز التابعة لهم إلى التفكير في تكرار التجربة، ووضعوا بعض الجداول بأسماء في الأستانة بأسماء جماعات إسلامية ترفض دخولهم في أية مفاوضات.



الدول الأوروبية كذلك حاولت البحث عن بديل للرئيس الأسد، ولكن ليس هناك أطر بارزة للحل في الأزمة السورية، وتحظى بمصداقية الدول الأوروبية، الكل يبحث عن أهدافه في العلاقات الدولية، لا أحد يتصرف بعاطفية.

فليوكاس: تركيا تدعم المدارس الدينية المتطرفة والأئمة يتجسسون على مواطنيهم في فرنسا



على صعيد متصل، قال الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية جواكيم فليوكاس في ندوة مركز دراسات الشرق الأوسط في باريس: إن هناك 800 مسجد تدعمه تركيا في فرنسا من أكثر من 2000 مسجد، وقاموا بتنظيم لجنة للتنسيق بين المسلمين الأتراك في فرنسا، ويتبعون الرئيس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية وهو تركي الجنسية، وهذا أمر غريب في هذا التنظيم، ويجب علينا أن نلاحظ أن أردوغان من الناحية الأوروبية، أسس الاتحاد الديمقراطي الأوروبي التركي في 2005، وحضر الافتتاح هو أردوغان بنفسه.



وهي نسخة مبسطة تركية من جماعة الإخوان الإرهابية، وأردوغان أسس 250 مسجدًا في أوروبا، وكلها تقترب من التفكير الخاص بجماعة الإخوان، وكلهم حلفاء مع جمعية الاتحاد الإسلامي في فرنسا، وهي جمعية من تأسيس التنظيم، وهناك 150 إمامًا تركيًّا تم إرسالهم من تركيا لتأطير الفكر الإسلامي في فرنسا بما يتناسب معهم، وهو أكثر مما تساهم به المغرب والجزائر مثلًا لمسلميهم هنا.



وكذلك الأساتذة الأتراك الذين يتواجدون لتعليم اللغة التركية، ولكن بصورة غير مباشرة فإنهم يقومون بإجراء تأثير كبير لصالح أنقرة، لقد تم اتهامهم من قبل النيابة العامة في ألمانيا بأنهم يتجسسون على الأتراك في برلين، سواء كانوا أساتذة أو أئمة، وهذا الأمر يحدث في باريس أيضًا.



وقال الباحث في شؤون جماعات الإسلام السياسي: إن تركيا تدعم مؤسسات لإدارة العديد من المدارس، وكل عام يتم زيادة عددها بصورة كبيرة في فرنسا، فهناك المدرسة الابتدائية التي تُدعى يوسف سلطان وبها مسجد، ومدرسة النور وبها 225 تلميذًا و12 فصلًا، ويتم توسعتها قريبًا في مدن أخرى، وهناك حوالي 100 مدرسة بالبلاد، وكلها مدارس ناجحة.



لذا بطبيعة الحال يجب أن نفهم أن الأتراك يتجولون بحرية في شرق فرنسا، وكلها مؤسسات يجب أن تبعث على القلق، وما يبعث على القلق أنها معترف بها من قبل الدولة الفرنسية.



وهذه المدارس تقدم فكرًا وتعليمًا دينيًّا بصورة كاملة، وهم يتقدمون بصورة صامتة، ولا أحد يتحدث عن هذه المشاريع التي يتم العمل عليها من قبل الدولة التركية.



أما فيما يتعلق بجمعيات التأثير، هناك جمعية جوكيب من أجل السلام، وهي جماعة للضغط والتوجيه، ولديهم محلات ومؤسسات تجارية خاصة بهم، ولهم بعض البرامج الموجهة على التلفاز والخاصة بالأتراك، ويستخدمون كل وسائل التواصل الاجتماعي، وتأسيس جمعيات تسيطر عليها جماعة الإخوان المسلمين، وتم تأسيسها عام 1992.



وأكد أن هناك كتابًا يسمى تطور الإسلام السياسي في تركيا، وقام بإصداره مصطفى بيكوز، الباحث في علم الاجتماع، ويعطي هذا الكتاب العديد من المعلومات عن الوضع في تركيا، ويظهر خطر الإخوان وفكرهم في تركيا، ومدى وجودهم كفكر بين الدعاة والأئمة.



الهدف من التنظيم هو إيجاد خليفة وفقًا لما ذكره الكتاب، وهو العمل المباشر الذي يجب أن يقوم به كل سياسي مهما كان صغيرًا دوره في المجتمع؛ لأن هذا هو أمر جيد وفعال، وخدمة كبيرة للدين.



وهناك السيد علي جوديك أوغلو، وهو يتحدث في وسائل الإعلام التركية للهجوم على جميع معارضي أردوغان الموجودين في فرنسا، وكلهم قاموا برفع دعاوى قضائية عليه، وهنا يجب أن نفهم ضرورة القيام بعدة أعمال ضد هؤلاء المؤيدين للأتراك.

برتلو: تركيا تتنصل من مذبحة الأرمن وعلينا مواجهة تهديداتها لأوروبا بإطلاق اللاجئين



في السياق ذاته، قال الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية بيتر برتلو، في ندوة مركز دراسات الشرق الأوسط في باريس: هناك العديد من الدول التي تعترف بمذابح الأرمن، منها مصر، وألمانيا، وفرنسا، وهذا أمر جيد بالنسبة لهذه القضية، لذا فإن إبادة الأرمن كان قرارًا سياسيًّا تركيًّا صعبًا، لقد قرروا إبادة الأرمن والأقليات المختلفة، وحسب الأرقام هناك مليون ونصف أرمني قتل في هذا الوقت.



ورغم ذلك ما زال أردوغان يحاول التنصل من ذلك، واعتبر أنه لن يعترف بالقرار الأمريكي الأخير حول الأرمن، لذا يجب أن نتذكر أن تركيا تكرر نفس الأمر في الشمال السوري تجاه الأكراد، الذين شاركوا قديمًا في هذه المذبحة مع الحكومة التركية، والآن ينقلب الأمر ضدهم.



أردوغان يريد أن يقضي على الأكراد؛ لأنه اعتقد أن بإمكانه دخول الشمال السوري بعد الانسحاب الأمريكي، وهناك آلاف المهجرين من هذه المناطق الشمالية في سوريا.



ويجب أن نتساءل لماذا لا تعترف تركيا بهذه الإبادة؟ والإجابة أن النظام الجديد في تركيا بعد تأسيس الدولة العلمانية كانوا مسؤولين في هذه الإبادة، وشاركوا بها، لذا كان عليهم إعطاء تعويضات للعائلات الأرمينية الذين فقدوا أحباءهم في الإبادة، لذا فإن تركيا لا تريد إعطاء أية تعويضات لهذه العائلات.



ومن الناحية الجيوسياسية فإن أرمينيا دولة صغيرة جدًّا، وليس لها أي تأثير، وهذا ما يجعل الأتراك يرفضون الاعتراف بما حدث، ويصرون على إبقاء الأوضاع على حالتها.



ولم يتوقفوا عند هذا الحد، ولكنهم يحاولون تزييف الحقائق والقول بأن الأرمن هم من حاولوا الهجوم على الأتراك، ويحاولون أن يشرحوا للعالم هذه الكذبة، وإقناعهم بها، وهو أمر مستحيل.



هناك مليون لاجئ سوري في ألمانيا، وهناك العديد منهم في فرنسا، واستطاعوا إجراء تغيير كبير في طبيعة الأحزاب في ألمانيا، ورؤيتهم للأوضاع، ورغم ذلك فإن تركيا ما زالت تهدد الدول الأوروبية والاتحاد الأوروبي بإطلاق اللاجئين السوريين تجاه الحدود الأوروبية، وتحاول الحصول على نتائج جيدة في المفاوضات بسبب هذه الأمور، ولا أفهم كيف يمكن أن يحدث ذلك؟ يجب أن نواجههم بما يكفي.

شنورهوكيان: إرهابيو النصرة كانوا سيحكمون سوريا لولا التدخل الروسي



كما قال الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية جارين شنورهوكيان، في ندوة مركز دراسات الشرق الأوسط في باريس: يجب أن نفهم أن النصرة كانت سوف تصل إلى منصة الحكم، ونرى التجربة الليبية مرة أخرى في سوريا، لولا تدخل الروس في القضية السورية.



الروس كانوا أوفياء لحليفهم في السلطة، لكن لم نكن أوفياء في باريس، هناك قضية أنابيب الغاز القطرية، والتي كان من المقرر أن تسيرها فرنسا عبر شركة توتال داخل سوريا، ولكن هذا لم يحدث، الأمريكان يبحثون عن النفط السوري، ولكنهم يظهرون العداء لإيران، وأتوقع الدعم الفرنسي لهم.

شارك