«القضاء المسيس» يُسقط «أردوغان» من قطار الأحلام الأوروبي

الخميس 14/نوفمبر/2019 - 02:02 م
طباعة «القضاء المسيس» يُسقط محمد عبد الغفار
 
لا يخفي على القاصي والداني، الرغبة المتزايدة والعميقة لدى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بالانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وذلك بهدف استغلال ذلك في تحقيق مكاسب سياسية واقتصادية، تضمن له أولًا ولحزبه "العدالة والتنمية" ثانيًا، البقاء والدعم الجماهيري لسنوات طوال.

ومع الحذر والتدقيق الأوروبي في جميع التفاصيل المتعلقة بانضمام دولة جديدة إلى الاتحاد، والأزمات التي أدخل "أردوغان" نفسه فيها مرة تلو الأخرى، حتى أشتهر برعاية الإرهاب الدولي، وباتت بلاده محطة عبور وإقامة للتنظيمات الإرهابية كافة، فشلت طموحاته في الالتحاق بقطار الاتحاد.

لم يكن الدعم التركي للتنظيمات الإرهابية وحده هو السبب في تلاشي أحلام أردوغان الأوروبية، ولكن كان هناك سبب رئيسي في استغلال نظام "العدالة والتنمية" للانقلاب المزعوم في يوليو 2016، لصالح القضاء على الحريات، وقمع سلطة القضاء بصورة أساسية.

ولم تتوقف الأحكام المسيسة، ضد القضاة المعارضين للرئيس التركي، حيث قضت محكمة، الأربعاء 13 نوفمبر 2019، بالسجن 11 عامًا و9 أشهر على قاضٍ سابق، متهمة إياه بالانتماء لتنظيم إرهابي مسلح يقوده المعارض فتح الله جولن، الموجود في الولايات المتحدة الأمريكية.

ووفقًا لصحيفة "صباح" التركية، فإن الدائرة التاسعة بالمحكمة العليا في أنقرة قضت بسجن عثمان يورداقول، والذي كان عضوًا سابقًا في المحكمة نفسها، ورغم نفي القاضي لكل التهم فقد تم تأكيدها عليه.

وتشهد أنقرة موجة من الأحكام الصادرة ضد عناصر قضائية، حيث حكمت المحكمة العليا بالسجن 10 أيام بحق القاضي شريف بك، عضو المحكمة الإدارية العليا السابق، بعد اتهامه بالانضمام لجماعة فتح الله جولن، وهي التهمة نفسها التي وجهت إلى القاضي أحمد بربر أوغلو، عضو المجلس الأعلى للقضاة والمدعي العام السابق، وتم الحكم بسجنه لمدة 12 عامًا و9 أشهر.


رغم إعلان الرئيس التركي في بداية عام 2019، سعيه إلى إقرار وثيقة الإصلاح القضائي، بهدف استخدامها في محاولاته الرسمية للدخول إلى الاتحاد الأوروبي بعد طول انتظار، فإن الواقع يشير إلى عكس هذا، إذ شهدت أنقرة فصل 4260 قاضيًا، وإدانة 634 بتهم متعلقة بالمشاركة في تنظيمات إرهابية، بالإضافة إلى محاكمة 1546 محاميًا، والحكم على 311 فردًا منهم بالسجن لمدة 1967 سنة بصورة إجمالية، وفقًا لما ذكرته وكالة "رويترز"


ورغم إعلان "أردوغان" جاء في يناير 2019، فإن الشهر ذاته شهد فصل 17 قاضيًا ومدعيًا عامًا، بعد اتهامهم بصورة رسمية بالانضمام إلى تنظيم فتح الله جولن.

لم يقف الاتحاد الأوروبي مكتوف الأيدي أمام كل ما يفعله رجب طيب أردوغان، إذ أعلنت المفوضية الأوروبية في بيان رسمي، في مايو 2019، تراجع فرص أنقرة في الدخول إلى الاتحاد، بعد أن شهدت البلاد قيودًا متزايدة على حرية التعبير وحرية القضاة في ممارسة عملهم.

واعتبرت المفوضية أن النظام القضائي التركي شهد المزيد من التراجعات الخطيرة، بعد أن تدخلت السلطة السياسية بصورة واضحة في مهام عمله، وعمدت إلى فصل العديد من مناصبهم بتهم واهية.

ورأي الرئيس السابق للمحكمة الدستورية في تركيا "هاشم كيليتش" في تصريحات صحفية لجريدة "زمان" المعارضة، أن القضاة الموالين لنظام "أردوغان" فقدوا ضمائرهم، واتبعوا أهواء السلطة، وظهر ذلك بوضوح في تأثير السياسة على أحكامهم.
وأضاف "كيليتش" أن القضاة يخافون من اتهامات الخيانة والانتماء لتنظيمات ما، ما دفع البعض منهم وخصوصًا الموالين لـ«العدالة والتنمية» إلى تجاهل القواعد الدولية والإنسانية والحكم بما يتلاءم مع أهواء السلطة، مشيرًا إلى أن السلطتين التشريعية والتنفيذية تمارسان انتهاكات واضحة ضد المنظومة القضائية، على الرغم من أنها ملاذ المظلومين، معتبرًا أن ما يحدث لن يحقق الأمن القانوني، وهو ما يؤثر بدوره على الاقتصاد والاستثمار.

شارك