ترقب فرنسي في مواجهة التهديدات التركية بترحيل الدواعش

الخميس 14/نوفمبر/2019 - 02:04 م
طباعة ترقب فرنسي في مواجهة شيماء حفظي
 
تواجه فرنسا تهديدًا كبيرًا بعدما أعلنت تركيا ترحيل معتقلي تنظيم «داعش» إلى بلدانهم، في وقت تتحفظ الدول الأوروبية على تلك الخطوة.


وأعلن وزير الداخلية الفرنسي كريستوف كاستانير الثلاثاء 12 نوفمبر 2019، أن بلاده ستستعيد 11 فرنسيًّا يشتبه بأنهم متشددون من تركيا، مضيفًا أمام البرلمان: «نتطلع إلى إعادة 11 فرنسيًّا إلى الوطن في هذا الإطار»، وأوضح أن نحو 250 فرنسيًّا عادوا إلى فرنسا بموجب الاتفاق المبرم مع تركيا منذ عام 2014.


وتقول تركيا: إنها تحتجز 287 متشددًا في شمال شرق سوريا؛ فضلًا عن مئات آخرين من المشتبه بانتمائهم لـ داعش، فيما تُصر فرنسا على أنها لن تستقبل الذين انضموا إلى داعش في سوريا.

وتحتجز قوات سوريا الديمقراطية «قسد»، ما بين 400 و500 فرنسي في سجونها، بينهم نحو 60 مقاتلًا سابقًا، وتريد باريس أن تُبرم اتفاقًا مع العراق بشأن استقبال مواطنيها بعد خروجهم من سوريا ومحاكمتهم.


وقالت صحيفة «لوفيجارو» الفرنسيَّة، الأربعاء 13 نوفمبر: «إن باريس تواجه خطرًا إرهابيًّا، وقلقة إزاء عودة الجهاديين من تركيا»، مشيرة إلى أن أجهزة الأمن الفرنسية تهتم في نفس الوقت بمراقبة الإرهابيين الفرنسيين المحتجزين لدى الأكراد، وبالأخطار التي يمكن أن تأتي للبلاد.


ونقلت الصحيفة عن مصدر أمني، أنه قبل أيام قليلة من إحياء ذكرى هجمات باريس التي وقعت في 13 نوفمبر 2015، أثار إعلان أنقرة ترحيل الجهاديين الأجانب وعائلاتهم، مخاوف في وقت يبقى التهديد الإرهابي «مرتفعًا للغاية» في فرنسا.


ووضع الجهاديين الفرنسيين في تركيا معروف، وهو محل تنسيق بين باريس وأنقرة، إذ يتعلق بـ10 إلى 15 فرنسيًّا لاحقهم القضاء التركي ويقبعون في السجون التركية وحوكم عدد منهم، ولكن الـ11 جهاديًّا التي أعلنت أنقرة عن قرب ترحيلهم إلى فرنسا ليسوا جزءًا من هذه المجموعة، بحسب الصحيفة.


وتخلص «لوفيجارو» إلى أن وضع الجهاديين الفرنسيين في تركيا «تحت السيطرة»، بينما يشكل وضع الجهاديين الفرنسيين في السجون الكردية بسوريا مصدر قلق.


وتقول صحيفة «لوباريزيان» الفرنسية: إنه استنادًا إلى أجهزة الاستخبارات الفرنسية، فإن 119 مُتطرفًا في فرنسا خرجوا من السجون تحت رقابة مشددة وعن قُرب.


وقال مصدر استخباراتي للصحيفة: إن تنظيم داعش لم يعد قادرًا على تنفيذ هجمات في فرنسا أو في أوروبا بحجم هجمات باريس التي استهدفت مسرح «الباتاكلان» في باريس و«ستاد دو فرانس»، وخلفت 130 قتيلًا؛ لكن المصدر يرى أن الخطر يأتي من الدواعش الفرنسيين أو الأجانب الذين قاتلوا في سوريا والعراق.


ووفقًا لبيانات حكومية، فإن 1700 فرنسي سافروا للانضمام لتنظيم داعش، قتل منهم 300، وتنتظر فرنسا ترحيل 700 رجل، و500 طفل، يهددهم أردوغان بالترحيل إلى باريس.


في يونيو 2019، قالت وزارة الخارجية الفرنسية: إن 12 طفلًا من أبناء الإرهابيين الفرنسيين، نُقلوا إلى بلادهم، وكان سن أكبر هؤلاء الأطفال 10 سنوات، ما يعزز توجه عدم استقبال البالغين، كما تتحفظ على عودة الأمهات اللائي اتُهم بعضهن بالعمل كدعاية  لداعش.


ويسيطر توجه في الشارع الفرنسي ضد عودة الدواعش بما فيهم الأطفال، وهو ما يفسره تشارلز ليستر، مدير برنامج مكافحة الإرهاب والتطرف في معهد الشرق الأوسط في واشنطن، بأن العديد من الأوروبيين لا يوافقون على جهود الإعادة إلى الوطن ويرون حتى الأطفال مخاطر محتملة.

وقال في مقابلة صحفية: «لقد قرأ الناس أي شيء يتعلق بتنظيم داعش باعتباره سلبيًا كتهديد ـ كتحدي ـ كتكلفة ـ كخطر، وأظهر استطلاع للرأي صدر في فبراير أن ثلثي الشعب الفرنسي يعارضون إعادة الأطفال إلى وطنهم».



يقول المحلل السياسي التركي، محمد زاهد جول في لقاء تليفزيوني: إن الجدل بشأن أسرى داعش قضية مدتها 5 سنوات أو أكثر، وهذه الأعداد تتزايد مع مرور الزمن، لكن دخول  تركيا طرف فاعل جاء نتيجة تعهدها للولايات المتحدة بتولي زمام الأمور فيما يتعلق في 3 مناطق رئيسية يتواجد فيها المعتقلين الإرهابيين.

وأضاف جول، أن مخيمات الاعتقال بؤرة حقيقية لنشر الفكر المتطرف، فهناك أكثر من 72 ألف إنسان في "مخيم الهول" وإن لم يكن ممكنا إدانتهم جميعا فإنهم بالتأكيد يحملون أفكارًا متطرفة، وبالتالى فإننا أمام قنابل موقوتة يمكنها أن تنفجر في أي مكان في العالم.

فيما أشار فولكمار كابش، الصحفي الاستقصائي المختص في الجماعات المتطرفة، إلى أنه يمكن النظر بأنه من حق تركيا ترحيل السجناء الدواعش إلى أوروبا؛ لكن الصعوبة الأكبر من وجهة نظر الأجهزة الأمنية الأوروبية هو «ماذا فعل من يقبعون في السجون والمعتقلات هناك، من أجل أن يتم محاكمتهم في البلاد الأوروبية، وهذا بسبب القوانين في تلك البلاد».

وقال في حوار مع فضائية «دويتش فيله» الألمانية: إن الأجهزة الأمنية الأوروبية ومن بينها ألمانيا وفرنسا، ليست على الأرض في سوريا أو العراق، لتتمكن من جمع معلومات عن طبيعة الأعمال الإرهابية التي قام بها هؤلاء الإرهابيين، لكن أن الأجهزة الأمنية يمكنها أن تحصل على ملفات هؤلاء الأشخاص وتحاكمهم.

ويرى أن مهمة الحكومات الأوروبية بشكل أساسي وخاصة فرنسا وألمانيا التعامل مع الدواعش، ومحاكمتهم.


يقول مصطفى الطوسة، الكاتب المختص في الشؤون الأوروبية في حوار متلفز: «كانت هناك قناعة بأن تركيا ستقف عند تهديدها أوروبا بالدواعش لكنها لن تتخذ أي قرار بالفعل، الكل كان يعتقد بأن التصريحات التركية ستكون على مستوى التلويح والتهديد وليس مستوى التنفيذ».

وتقول فرنسا: إنه يجب أن يكون هناك تعاون «تركي ـــ فرنسي» بهذا الشأن وأن هناك بروتوكول تعاون مشترك بين الجانبين بموجبه يتم ترحيل الأشخاص بالتنسيق، لكن على جانب آخر ترغب تركيا في فرض واقع سياسي وأمني على الدول الأوروبية وبينهم فرنسا، بحسب «الطوسة».


وأضاف، أن فرنسا لديها عقيدة أمنية أنه يجب محاكمة الأشخاص في المناطق التي مارسوا فيها عمليات إرهابية، أى بموجب القانون العراقي والسوري، وليس في فرنسا، مؤكدًا أن تصاعد التهديدات التركية  للأوروبيين، سببه رفض الدول الأوروبية للعملية التركية في الشمال السوري.

يذكر أن وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي وقعوا الاثنين 11 نوفمبر 2019، على الإطار القانوني الذي يسمح بفرض عقوبات على تركيا على خلفية أنشطة التنقيب عن الغاز التي تقوم بها قبالة سواحل قبرص.


ويهدف القرار لمعاقبة أنقرة على انتهاك المنطقة الاقتصادية البحرية القبرصية بالحفر قبالة الجزيرة المقسمة.

وتعكس هذه الخطوة تدهور علاقات الاتحاد الأوروبي مع تركيا، كما أنها تأتي بعد قرار منفصل بوقف مبيعات السلاح الجديدة من حكومات الاتحاد لأنقرة بسبب توغلها يوم التاسع من أكتوبر الماضي في شمال شرق سوريا.


وبهذا القرار سيكون بمقدور الاتحاد الأوروبي فرض حظر سفر وتجميد أصول بحق أفراد وكيانات على صلة بأنشطة التنقيب في المياه الإقليمية لقبرص.


ووفقًا لبيان للاتحاد الأوروبي، فإنه في حالات المياه الإقليمية المتنازع عليها، يمكن أن تستهدف العقوبات الأنشطة التي قد تعرض للخطر، أو تعرقل التوصل لاتفاق بشأن ترسيم الحدود.


وتدهورت علاقات الاتحاد الأوروبي مع تركيا، بعد تعثر مسعى أنقرة المستمر منذ سنوات للانضمام للأسرة الأوروبية، ومع حملة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على المعارضين، إذ تقول العديد من دول الاتحاد إن تركيا لم تعد مؤهلة لأن تكون مرشحة للعضوية، او عضوة بسبب عدم التزامها بمعايير الديمقراطية.

شارك